نص الشريط
الدرس 24
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 20/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 24
مرات العرض: 2565
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (302)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق ان التكليف بالحمل الشائع متقوم بالمحركية نحو المتعلق في حد ذاته، من دون فرق في ذلك بين كونه وجوبيا او ندبيا، ولأجل ذلك كما لا تزاحم في المستحبات فلا تزاحم في الواجبات، اي ان الخطابات الوجوبية والندبية فعلية في حال التزاحم، ولكن هذا هو مقتضى حكم العقل، واما بالنظر الى مقتضى الروايات او النصوص الشريفة فان عند ملاحظتها يتبين لنا ان القدرة بالمعنى الاخص، شرط في فعلية التكليف، وذلك بلحاظ امور 3 مستفادة من الروايات:

الاول اذا لاحظنا قوله ما من شيء حرمه الله، الا وقد احله لمن اضطر اليه، وقوله صلى الله عليه واله رفع عن امتي ما اضطروا اليه، وقوله عزوجل ما جعل عليكم في الدين من حرج، فان هذه النصوص بنكتتين تدل على ان القدرة المأخوذة في التكليف اخص من القدرة التكوينية، فان القدرة التي ترتفع بالاضطرار ومجرد الحرج اخص من القدرة التكوينية، كما ان ورود هذه الادلة في مقام الامتنان يكشف عن انها ليست ارشادا لما يحكم به العقل، من قبح ادانة العاجز، والا لو كانت ارشادا لم يكن وجه للامتنان، فورودها في سياق الامتنان، دال على ان مفادها شرط شرعي، هو اشتراط فعلية الخطاب وجوبيا او ندبيا بقدرة خاصة فلنعبر عنها بالقدرة العرفية او التامة، التي ترتفع بالاضطرار او الحرج.

الامر ال 2، بما ان التكليف يرتفع بالاضطرار لأجل ذلك مقتضى احتفاف هذه النصوص نحو قوله ما من شيء حرمه الله الا وقد احله لمن اضطر اليه بالمرتكز العقلائي هو عدم شمول فعلية الخطاب لحال الاشتغال بمزاحمه، بيان ذلك انه اذا كان الخطابان متفاوتين بحسب الاهمية، فان العرف يرى ان من اشتغل بالاهم فهو مضطر لترك المهم، والاضطرار رافع للتكليف اذا فلا فعلية للمهم، حين الاشتغال بالاهم.

بخلاف ما لو اشتغل بالمهم فان العرف لا يراه مضطرار لترك الاهم فالاهم فعلي وان اشتغل بالمهم، كما انه اذا كانا مستاويين فان المرتكز العقلائي يرى ان الاشتغال باحدهما مصداق للاضطرار لترك الآخر فهو مضطر لترك احدهما والاضطرار رافع للتكليف، ولذلك لا خلاف بين الفقهاء في انه اذا كان الجمع بين الامتثالين حرجيا، بان كان كل منهم في حد نفسه ليس حرجيا ولكن الجمع حرجي فان دليل لا حرج يشمل احدهما على البدل وكذلك لو كان الجمع بينهما ضرريا.

وهذا يعني ان فعلية التكليف مشروطة بعدم الاشتغال بالاهم او عدم الاشتغال بما لا يقل اهمية عنه، اي ان فعلية التكليف مشروطة بالقدرة التامة، كما هو مشروط بالقدرة على متعلقه في حد ذاته، واستفدنا اعتبار القدرة التامة لا من حكم العقل بل من النصوص الشريفة.

الامر 3 بناءً على ما ذكرنا ان فعلية التكليف منوطة بالقدرة العرفية او التامة الا ان هذا انما يتم في التكاليف الالزامية، لا في التكاليف الندبية لان الدال على هذا المقيد هو هذه النصوص وهذه النصوص واردة في التكاليف الالزامية، والا فالتكليف الندبي حتّى لو كان في امتثاله حرج لا يسقط اذ لا يصدق الحرج في دليل هو بنفسه يرخص في الترك فاذا كان الدليل بنفسه مرخصا في الترك فلا يقال بانه اوقعك في الحرج.

كما ان دليل الاضطرار لا يشمل التكليف الندبي اذ لا يصدق انت مضطر لتركه بل انت مختار في تركه لأنّه متضمن للترخيص في الترك.

فحيث ان هذه النصوص الدالة على اناطة فعلية التكليف بعدم الاضطرار وعدم الحرج واردة في التكاليف الالزامية فمقتضى ذلك ان التكاليف الندبية فعلية وان قصرت القدرة عن الجمع بينها فحتى لو اشتغل المكلف بزيارة الحسين يوم عرفة فان الخطاب الندبي بالحج فعلي في حقه، وثمرة فعليته انه لا يدعو الى الجمع كي يقال ان طلب الجمع محال، ولا يدعو الى الصرف كي يقال ان الصرف قبيح وانما الغرض منه انه يدعو لمتعلقه في حد ذاته لما لهذا المتعلق في حد ذاته من ملاك فحيث ان المتعلق ذو ملاك حتّى مع الاشتغال بالاخر صحت فعلية الندبي حتّى مع الاشتغال بالاخر بغرض المحركية نحو ذات المتعلق لا بغرض اخر.

اذا فالنتيجة ان الصحيح ما ذهب اليه السيد الخوئي من انه لا تزاحم في المستحبات بمعنى ان الخطابات الندبية فعلية حتّى مع قصور القدرة عن الجمع بين الامتثالات.

هذا تمام الكلام مع السيد الصدر في المقدمة الاولى من كلامه.

المقدمة ال 2 افاد قده، في اول بحث التعارض في الفرق بين التعارض والتزاحم، انه لا يكون التكليفان من المتزاحمين الا اذا كانا واجدين لشرطين والا كانا من المتعارضين

الاول تقيد كل تكليف بعدم الاشتغال بما لا يقل اهمية عنه، والثاني القول بامكان الترتب.

فاذا انكرنا هذين الشرطين صار باب التزاحم من باب التعارض بلا فرق اصلا.

بيانه اذا كان لدينا خطابان وهو قوله ازل النجاسة عن المسجد وقوله اقم الصلاة في ضيق الوقت فنحن بين هذين الخطابين هل هم من باب التعارض ام التزاحم فيقول السيد لاشهيد لابد من قيدين كي يدخلا في باب التزاحم الأول ان كل واحد منهما مقيد لبا بحكم العقل بان لا تشتغل بواجب اخر اي بواجب لا يقل اهمية، والسر في هذا التقييد اننا لو انكرنا هذا المقيد لوقع التعارض بين الاطلاقين، لان كل واحد منهما مثلاً ازل النجاسة يقول انا الفعلي في حال التزاحم، لأنّه لا مكافيء لي في حال الاهمية فكل من الخطابين بمقتضى اطلاقه يجر النار الى قرصه فكل منهما يقول انا الفعلي في حال قصور القدر لأنّه لا مكافي لي فيحال الاهمية اذ لو كان لي مكافي لقيد خطابه المولى.

فلو كان هناك مكافيء لقال ازل النجاسة ان لم تقم الصلاة، اذا مقتضى عدم تقيد كل منهما بعدم الآخر ان كلا منهما هو الفعلي وانه لا مكافيء له من حيث الاهمية لذلك يقع التعارض بين الاطلاقين ويخرج عن باب التزاحم.

بخلاف ما اذا قلنا ان كلا منهما مقيد لبا بحكم العقل بان لا تشتغل بما لا يقل اهمية، فبعد هذا المقيد ان احرزنا اهمية ال 2 او احرزنا مساواته علمنا ان ال 1 لا اطلاق لفرض الاشتغال بال 2 بمقتضى هذا المقيد اللبي وان شككنا ان ال 2 لا يقل اهمية او انه اقل اهمية فلا يصح التمسك بالطلاق ازل النجاسة لأنّه تمسك بالدليل بالشبهة المصداقية لمقيده اللبي لأنّه تقيد لبا بان لا تشتغل بما هو اقل اهمية ونحن لا ندري ان الاشتغال بال 2 هل هو اشتغال بما اقل اهمية ام لا.

فان كان ال 2 اهم او مساو فالاول مقيد لا مطلق وان كان ال 2 مشكوكا فلا يصح التمسك بالاول لأنّه التمسك بالشبهة المصداقية، فيخرج الاطلاقان او الدليلان بهذا المقيد اللبي بهذا التعارض.

المقيد ال 2 القول بالترتب فاننا حتّى لو اخذنا بالمقيد الاول لا يكفي لرفع التعارض فلابد من الاخذ بالمقيد ال 2.

بيانه انه لو سلمنا بالمقيد الاول وهو ان قوله ازل النجاسة مقيد بان لا تشتغل بالصلاة واقم الصلاة مقيد بان لا تشتغل بازل النجاسة فمقتضى تقيد كل منهما بعدم الاشتغال بالاخر انه لو لم يشتغل بكل منهما صار كلاهما فعليين لان كلا منهما فعلي بفعلية شرطه، فرجع التعرض مرة اخرى، فان مقتضى فعلية هذا وهذا وقوع التعارض بين الاطلاقين لحال عدم الاشتغال باي منهما، فنحن مضطرون لتقييد اخر غير تقيد كل منهما بعدم الاشتغال بالاخر وهو القول بالترتب.

فنقول ان المهم متقيد بعدم داعوية الاهم تركت او فعلت وان كلا من المتساويين متقيد بعدم داعوية الآخر، فمع تقيد المهم بعدم داعوية الاهم، والمفروض ان داعويته لا تسقط بتركه، وتقيد كل منهما بعدم داعوية الآخر ارتفاع هذا التعارض في فرض عدم الاشتغال باي منهما.

وعليه فكلي يدخل الخاطبان الذان قصرت القدرة عن الجمع بينهما في التزاحم لابد من توفر هذين الشرطين.

وبناءً على هذا افاد السيد الشهيد تبعا للمحقق العراقي انّ التزاحم متقوم بالترتب فما لا يعقل فيه الترتب ليس من باب التزاحم في شيء فلكي نعرف ان المقام من باب التزاحم لابد ان نبحث ان الترتب ممكن ام لا.

المقدمة ال 3 بناءً على ان التزاحم متقوم بالترتب فالنتيجة انه هل يتصور الترتب في المقام، الذي فرضه السيد الخوئي وهو ما اذا كان لدينا خطاب بالفعل واخر بالترك وكان احدهما تعبدياً ولنفترض ان التعبدي هو الفعل مثلاً فاذا ورد علينا خبران احدهما يدل على رجحان صوم عاشوراء، وهذا امر تعبدي لان صوم عاشوراء بناءً على رجحانه تعبدي،

وخبر يدل على رجحان الترك الا انه توصلي لا يشترط فيه القربة

هنا افاد الخوئي ان التزاحم متصور، لوجود شق 3 وهو ان يصوم عاشوراء لا على نحو القربية فهو لم يعمل لا برجحان الفعل ولا الترك لأنّه صام عاشوراء صوما ليس بقريبي، يوجد شق 3 لهما.

السيد الصدر يقول لو تزاحم الخطابان المستحبان المكروهان المختلفان، فانه يتصور بينهما التزاحم الا اذا كانا فعلا وتركا، فان في الفعل والترك لا يتصور التزاحم حتّى وان كان احدهما تعبدياً.

والسر في عدم التزاحم هو عدم الترتب انه لا يتصور ترتب في البين والوجه في عدم الترتب انه لو افترضنا ان المولى قال اترك صوم عاشوراء فان لم تترك فصمه صوما قربيا فانه لا يصح هذا القول ولو على نحو الترتب لأنّه بمجرد ان يترك ترك صوم عاشوراء سوف يكون فاعلا لصوم عاشوراء. لان ترك الترك فعل فمجرد ان يقول له اترك صوم عاشوراء فان لم تترك فصم قربيا يكون قوله فصم قربيا على نحو الترتب مما لا معنى له.

لأنّه ان كان متعلقا باصل الصوم فيلزم منه تحصيل الحاصل لان المكلف في حال ترك الترك صائما بالضرورة وان كان متعلقا بالحصة اي الصوم القربي لا اصل الصوم فالمفروض ان اصل الصوم موجود في رتبة سابقة وحينئذٍ جعل هذا الصوم الذي وجد غير ممكن، لأنّه لايعقل ايجاده وهو موجود بقصد القربة فبعد افتراض وجود لا يعقل طلب ايجاده وان كان على نحو القربة.

يقول المكلف قد وجد مني الصوم بالضرورة وكان الداعي من ايجادي له هو الضرورة فكيف يتصور ان اوجده بقصد القربة وهو موجود.

اذا هذا الامر بالصوم القربي على تقدير ترك الترك غير معقول وعليه اذا كان الترتب غير معقول اذا بالنتيجة لا تزاحم حيث التزاحم فرع امكان وحيث لا ترتب لا تزاحم فلا محالة يدخل قوله صم عاشوراء واترك صوم عاشوراء في باب التعارض فقولنا السيد الخوئي انه اذا كان احدهما تعبدياً تصور التزاحم ليس تاما.

نعم لو كان كلاهما تعبدياً بان قال صمه قربة وارتكه قربا

هنا يتصور التزاحم لأنّه يتخلص عن الصوم القربي بصوم غير قربي ويستطيع ان يتخلص من الترك القربي بترك غير قربي فلو قال له المولى اترك صوم عاشوراء تركا قربيا فان لم تتركه تركا قربيا فصمه لا يكون الامر بالصوم تحصيلا للحاصل لانه اذا لم يتركه تركا قريبا فهو لم يصم بعد وانما ترك الترك القربي لا انه ترك اصل الترك فاذا ترك ترك الترك القربي فلا يكون مساوقا للفعل كي يكون امره بالصوم تحصيلا للحاصل، فما ذكره يتم فيما لو كان كلاهما تعبدياً لا اذا كان احدهما تعبديا، هذا تمام كلامه.

الدرس 23
الدرس 25