نص الشريط
الدرس 26
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 24/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 26
مرات العرض: 3140
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (255)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا ان السيد الشهيد افاد ان الخبرين الدال احدهما على الفعل والآخر على الترك، سواء كانا تعبديين او توصليين او كانا مختلفين فانهما لا يشملهما اخبار من بلغ، والسر في ذلك انه تحتاج المقربية الى ميزة في الفعل على تركه او الترك على الفعل وهنا حيث ان كليهما مستحب ومتساويان احتمالا ومحتملا، فحينئذٍ لا توجد ميزة لاحدهما على الآخر فلا تشملهما اخبار من بلغ لعدم امكان التقرب باي منهما واما بالنسبة الى الجامع فالمفروض ان الجامع ضروري الحصول فتعلق الامر القربي به طلب للحاصل ويلاحظ عليه:

اولا ان المختار عدم اعتبار ان يكون للعمل العبادي ميزة على تركه، بل يكفي في عبادية العمل وقربية العمل الحسن الفاعلي والفعلي، فالحسن الفاعلي باضافة العمل الى الله، والفعلي بان يكون العمل محبوبا في نفسه سواء كان له ميزة على تركه ام لا.

فمتى ما كان محبوبا في نفسه واضافه العبد الى الله اصبح قربيا وعبادة ولذا يمكن للعبد التقرب باي من الفعل والترك وان كانا متساويين احتمالا ومحتملا>

وعلى فرض اعتبار الميزة فان الفعل له ميزة على تركه، لأنّه لو دار الامر بين الصوم القربي لعاشوراء والترك القربي لصوم عاشوراء فالصوم القربي له ميزة على الصوم غير القربي والترك القربي له ميزة على الترك غير القربي وبالتالي فحيث ان لكل منهما ميزة على تركه في نفسه فهذا كاف في العبادية حتّى على مبنى السيد الشهيد، من اعتبار الميزة.

وثالثا: يمكن توجه الامر القربي الى الجامع القربي فكون المكلف مضطرا للجامع لا يعني انه مضطر للجامع القربي فيقول له المولى انت مطلوب منك توجه قربي، اما بالصوم او بتركه، فالجامع القربي بين الصوم وبين تركه هذا ليس مضطرا لحصوله فان ما هو مضطر لحصوله اصل الجامع وهو انه لا يخلو حاله اما صائم او لا، اما الجامع القربي بان يكون له توجه قربي اما بالصوم او تر?ه فهذا الجامع ليس مضطرا له، وعليه يمكن توجه الامر العبادي لهذا الجامع.

ورابعا الظاهر انه لا يعتبر في قربية العمل، وعبادية العمل اكثر من اطلاق العزم، فمتى ما حصل اطلاق العزم وان كان المكلف مضطرا للعمل فان القربية حاصلة

بيان ذلك لو فرضنا ان شخصا سجينا والسجن يمنعه من مزاولة المعاصي فلا يمكن له ان يزني او يشرب الخمر، فهو مضطر لترك هذه المعاصي على كل حال، فلو قال هذا الانسان انني وان كنت مضطرا بمعنى انني عاجز عن مساورة المعاصي، فانني وان كنت عاجزا عن مساورة المعاصي الا ان لدي عزما على تركها امتثالا لامره تعالى حتّى لو تمكنت من فعلها فهو وان كان فعلا مضطرا لترك هذه المعاصي الا ان عزمه على امتثال امر الله مطلق، فهو يقول انا عازم على ترك المعصية حتّى لو تمكنت من فعلها.

فهذا العزم المطلق كاف في قربية تركه، فيقال ان هذا العبد متقرب الى الله بترك المعاصي وان كان عاجزا عن مساورتها، فهذا الاطلاق في العزم كاف لصدق القربية على ما يحصل له اضطرارا.

مساورة احدهما وان كان مضطرا له على كل حال الا انه عازم على اضافة هذا الجامع الذي هو مضطر الى الله تعالى، ولو تمكن من الانفكاك عنه ولو على فرض محال، وعلى كل حال اطلاق العزم باضافة العمل الى الله تعالى كاف في صدق القربية على هذا العمل.

هذا تمام الكلام في هذا التنبيه، وقد تبين ان الحق فيه مع السيد الخوئي.

التنبيه الخامس: ما اذا كان للخبر الدال على الاستحباب ما يدل على خلافه، ولهذه المسالة صور:

الصورة الاولى ان يكون الخبران ضعيفين، بمعنى ان هناك خبرا يدل على الاستحباب وخبرا ينفي الاستحباب او يدل على الحرمة او الكراهة معارض لهذا الخبر وكلاهما في حد نفسه ضعيف، فهل تشمل اخبار من بلغ الخبر الضعيف الدال على الاستحباب مع وجود معارض له ام لا، فهنا ذكر سيد المنتقى وجهين لبيان عدم الشمول:

الاول ان يقال بان موضوع اخبار من بلغ البلوغ من بلغه الثواب او شيء من الثواب والبلوغ فرع الحجية فاذا لم يكن هذا الخبر حجة بالفعل لوجود المعارض له فحينئذٍ لا يصدق عنوان البلوغ.

ولكنه ناقش في هذا الوجه وقال هناك فرق بين حجية الصدور وحجية الظهور، فان تعارض الخبرين او كون الخبر ضعيفا او معلوم الكذب مثلاً فان كل ذلك عامل يسقط حجية الصدور فلا يكون هذا الخبر حجة من حيث صدوره لأنّه معلوم الكذب، ضعيف، معارض.

واما حجية الظهور فيكفي لشمولها لاي خبر ترتب اثر عملي على هذه الحجية، فمتى ما ترتب اثر عملي على حجية ظهوره اخذنا به وان كان معلوم الكذب، فهناك انفكاك بين حجية الظهور والصدور.

فمثلا لو كان لدينا نعلم بكذبه ليس حجة صدورا وانما هو حجة ظهورا اذ يترتب على حجية هور اعتبار المتكلم كاذب، لان كذبه فرع ظهور خبره في معنى من المعاني ليعلم ان هذا المعنى مطابق للواقع او لا، فنقول بما ان هذا الخبر ظاهر في ان معناه مراد جدي للمتكلم فهو حجية في كاشفيته عن المراد الجدي للمتكلم ولان مدلول الخبر مخالف للواقع نحكم عليه بالكذب فالحكم عليه بالكذب فرع حجية ظهوره أي كاشفية المراد الاستعمال عن المراد الحجي فاذا لحجية الظهور اثر

كذلك الامر في المقام لو وردنا خبر ضعيف او معلوم الكذب او معارض بخبر اخر ينفي الاستحباب يكفي في حجية ظهور هذا الخبر صدق عنوان البلوغ الذي يكون موضوعا لاخبار من بلغ، فنقول مقتضى حجية ظهوره ان يكون هذا الخبر مصداقا لعنوان البلوغ وعليه ترتب عليه مفاد اخبار من بلغ.

فهذا الوجه لا يصلح للمنع.

الوجه الثاني الذي هو اختاره ان يقال ان النسبة بين الخبرين بحيث يقال هذان الخبران متعارضان او هذان الخبران متألفان احدهما حكام على الآخر او مقيد له او مخصص له او قرينة عليه كل نسبة بين الخبرين من تعارض وتألف او انضمام كل نسبة بين خبرين انما تتم لدى المرتكز العرفي فرع انتسابهما لمتكلم والا الخبران الصادران عن متكلمين لا تلاحظ النسبة بينهما، ملاحظة النسبة بين الخبرين كونما متعارضين او متألفين لا معنى له عرفا وانما يقال كل خبر في حد ذاته يبحث عن شرائط الحجية، توفرت فيه او لا، فانما تلاحظ النسبة بين الخبرين اذا كانا منتسبين لمتكلم واحد، فاذا لم تثبت حجيتهما لكونهما ضعيفين فحينئذٍ حيث لم يثبت انتسابهما لمتكلم واحد وهو المعصوم بلحاظ ان المعصومين بحكم متكلم 1 حينئذٍ لا معنى لملاحظة النسبة بينهما فيقال متعارضان متآلفان احدهما قرينة على الاخر هذا لا معنى له فان هذا فرع انتسابهما.

ولكن مجرد عدم ثبوت الانتساب للمتكلم ال 1 او من هو بحكمه لا يمنع من ترتيب اثار الظهور عليهما فالظهور بمعنى انعقاد المراد الاستعمالي وهو لا يتوقف تحققه ولا تحقق اثاره على تحقق الانتساب او تحقق الصدور وجدانا او تعبدا، فانه متى ما كان احد الظهورين حاكما على الظهور الآخر او مقيدا له او مخصصا له، او معارض له، فحينئذٍ تترتب اثار الظهور وان لم يثبت لنا وجدانا او تعبدا انتساب هذين الخبرين لهذا المتكلم الواحد او من هو في حكمه لأنّه يكفي في ملاحظة العرف هذه الاثار شرطان:

الأول انعقاد الظهور وهو قد انعقد

الثاني الانتساب العرفي للمتكلم وان لم يتحقق الانتساب الواقعي أي العلم وجدانا او تعبدا يكفي انه اسن خبران لمتكلم ولو كانا ضعيفين وكان بين هذين الخبرين تعارض يقال هذان الخبران متعارضين عرفا، ولم يثبت انتسابهما واقعا بعلم او علمي الا انهما حيث اسندا الى هذا المتكلم ال 1 كفى هذا الاسناد عرفا لترتيب اثار الظهور

والنتيجة شمول اخبار من بلغ للخبرين الضعيفين المتعارضين بان يقال تشملهما اخبار من بلغ ونتيجة الشمول التعارض لانهما في الاساس متعارضان في مدلوليهما، فالحكم بالتعارض لا يتوقف على الثبوت الواقعي مع وجود الاسناد العرفي

نعم لا يمكن ترتيب الاثر العملي على الظهور ما لم يثبت صدوره

لذلك لابد من التفكيك بين هذين الامرين

الصورة الثانية لسيد المنتقى، ان يحصل لدينا خبران ضعيف وخبر صحيح ولكن بينهما عموم وخصوص بمعنى ان الخبر الضعيف اعم مثلاً ووورد عليه خبر صحيح مخصص له، فهل نخصص الخبر الضعيف العام بالخبر الصحيح المخصص له ام لا، فقد افاد قده انه لا يصدق بلوغ الخاص مع وجود خبر صحيح مخصص.

مثلاً لو كان الخبر الضعيف عام، بان قال مثلاً يستحب غسل الجمعة وجاء خبر صحيح خاص وقال يستحب غسل الجمع قبل الزوال لا يصدق بعد تخصيص الاول ب ال2 لا يصدق بلغنا الخاص أي استحباب غسل الجمعة لان هذه الحصة خرجت بحكم الصحيح المخصص، اذا بعد خروج هذه الحصة ببركة المخصص لا يصدق انه بلغنا الثواب عليها.

الدرس 25
الدرس 27