نص الشريط
الدرس 29
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 29/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 29
مرات العرض: 2983
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (425)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في ان البلوغ المأخوذ موضوعا في اخبار من بلغ، كقوله من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله من الثواب على عمل فعمله هل يشمل فتوى الفقيه، وذكرنا ان هناك وجهين لمنع الشمول الاول ان يقال ان البلوغ ظاهر في الاخبار الحاكي وفتوى الفقيه رأي وليس اخبارا حاكيا، وذكرنا انه اجيب عن ذلك في المنتقى انه لو كانت الفتوى رأيا لا حكاية للزم من ذلك عدم جواز البقاء على تقليد الميت لزوال رأيه بموته والصحيح انها اخبار وعليه يجوز البقاء على تقليد الميت.

وما افيد محل تأمل من جهتين:

الاولى ان فتوى الفقيه وان كانت اخبارا عن الحكم الشرعي، الا انها تارة تكون حكاية عن الحكم الواقعي واخرى تكون تحيدا للوظيفة العملية فاذا كان مستند الفقيه في الفتوى هو دليلا اجتهاديا كخبر او اجماع، او شهرة او اشباه ذلك فهنا يكون الفتوى اخبارا عن الحكم الواقعي، واما اذا كان مستند الفقيه في مقام الافتاء البراءة عند دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين او اصالة التخيير عند دوران الامر بين المحذورين او منجزية العلم الاجمالي في موارده او الاستصحاب بناءً على ان مفاده وظيفة عملية وليس امارة، ففتوى الفقيه في هذه الموارد ليست اخبارا عن الواقع وانما هي تحديد للوظيفة العملية في حال الشك في الحكم.

وعليه فلابد ان نرى ان قوله من بلغه عن النبي هل هو مطلق يشمل كل اخبار عن حكم شرعي ام انه منصرف الى الاخبار عن الواقع، فلا يشمل ما لو كانت الفتوى تحديدا للوظيفة العملية، ولا يحرز اطلاق هذا الاسناد وهو قوله من بلغه عن النبي لما اذا كان تحديدا لوظيفة عملية، عند الشك في قول النبي ص.

ولكن لو اخترنا ان فتوى الفقيه مجرد اعمال نظر وليست اخبار وحكاية، فما افاده من ان لازم ذلك عدم جواز البقاء على تقليد الميت لزوال رأيه بموته هذا الكلام مبني على ان موضوع الحجية الرأي الفعلي، هذا مما لا برهان عليه فان موضوع الحجية المستفاد من السيرة العقلائية هو حدوث الرأي لا الرأي الفعلي فالعقلاء لا يتوقفون عن العمل برأي طبيب قبل 20 سنة وان لم يحرزوا ان هذا رأيه الفعلي فليس موضوع الحجية الرأي الفعلي كي يقال بانه اذا مات الفقيه زال رأيه

غايته انه لو شك انه لازال حجة حتّى بعد موته فبناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية يجري استصحاب حجية رأيه الحادث.

هذا بالنسبة للوجه الأول لمنع شمول البلوغ لفتوى الفقيه.

الوجه 2 ما تعرض له صاحب المحكم ومحصله ان يقال بناءً على ان مفاد اخبار من بلغ جعل الامارية والحجية فان المنصرف من ذلك جعل الامارية كالامارية العقلائية وبما ان الامارية العقلائية للخبر الحسي ولا تشمل الخبر الحدسي فما هو حجة وامارة ل العقلاء الاخبار الحسي عن الواقع وولا يشمل الاخبار الحدسي وحيث ان فتوى الفقيه اخبار حدسي لا حسي اذا فلا شمول في اخبار من بلغ لما اذا كان البلوغ بفتوى الفقيه،

ثم قال وقد يؤيد ذلك بما انه ظاهر البلوغ عن النبي انه حسي لا يحرز شموله للبلوغ الحدسي.

ولكنه ناقش في ذلك قال اما انصراف هذه الجملة من بلغه عن النبي من الثواب على عمل فعمله انصرافها للاخبار عن حس فهذا لا وجه له فانها مطلقة لكل اخبار عن النبي سواء كان اخبار اخبارا حسيا او حدسيا، واما بالنسبة الى نكتة الاستدلال فلاحظ عليها هناك فرق بين ادلة حجية خبر الثقة وبين مفاد اخبار من بلغ فان ادلة حجية خبر الثقة واردة في مقام الامضاء للمرتكز العقلائي القائم على الحجية فلأجل انها في مقام الامضاء انصرفت الى ما عليه المرتكز العقلائية في حدود الحجية والمرتكز العقلائي في حدود الحجية يرى ان الحجة ما كان اخبار عن حس لا حدس بينما مفاد اخبار من بلغ هو جعل حجية تعبدية، للخبر البالغ لا انها في مقام الامضاء للحجية العقلائية وبما ان مفادها جعل حجية تعبدية اذا فنحن نمشي على اطلاق ادلته ومقتضى اطلاق من بلغه انه يشمل البلوغ سواء كان اخبار حسيا عن النبي صلى الله عليه واله او كان اخبار حدسيا.

ولكن المفروض ان المستدل يدعي احتفاف اخبار من بلغ بالمرتكز العقلائي، ويرى ان احتفاف اخبار من بلغ بالمرتكز العقلائي اوجب ضيق دلالتها من اول الامر بحيث لا يحرز اطلاقها للاخبار عن حدس فلابد في مقام الجواب عن هذا الاستدلال بان اقال انه بناءً على ان مفادها اي اخبار من بلغ جعل الحجية او استحباب الانقياد او استحباب العمل بملاك يفهم من سياقها، اي ملاك الترغيب في تحصيل الثواب والترغيب في تحصيل الملاكات الشرعية المتناثرة فاذا كان سياقها سياق الترغيب فمقتضى سياقها عمومها لكل اخبارعن النبي صلى اله عليه واله حسيا كان او حدسيا فما لم نستفد عن سياقها انها في مقام الترغيب نحو طلب الثواب من موارده فلا يمكننا ان ندفع اشكال المشكل ان هذه الاخبار وان كان مفادها تعبدياً الا ان احتفافها بالمتركز العقلائية اوجب انه لم نحرز اطلاقها لما اذا كان اخبارها عن حدس.

وعلى فرض شمول اخبار من بلغ للبلوغ بفتوى الفقيه فما هي الثمرة المترتبة على ذلك، ذكرنا في اوائل الدروس في بحث هذه القاعدة، انه هل يمكن الفقيه ان يفتي العام باستحباب العمل من دون ان يخبره بالصغرى فلو اخبره بالصغرى وقال ورد خبر يدل على ترتب الثواب على من فطر صائما مثلاً وبعد اخباره بالصغرى افتاه بان افطار الصائم مستحب هذا لا اشكال فيه.

ولكن اذا لم يخبر الفقيه العامي بالصغرى فهل يصح له ان يفتي العامي ان افطار الصائم مستحب ام لا، ذكرنا الاشكال فيما سبق انه بناءً على ان البلوغ حيثية تقييدية في ثبوت الحجية او ثبوت الاستحباب فمن يكون الخبر الضعيف حجة في حقه هو من بلغه الخبر الضعيف ومن يكون العمل المتضمن في الخبر الضعيف مستحبا في حقه هو من بلغه الخبر الضعيف، وبالتالي فكيف يفتي الفقيه العامي بمفاد خبر لم يبلغه وحيث انه لم يلغه لا يكون حجة في حق العامي كي يكون ضمونه مما يجوز الافتاء به.

واجبنا عن ذلك انه يمكن ان يتحقق البلوغ في حق العامي بنفس فتوى الفقيه ولا يرد اشكال السيد الشهيد في أحد تقريريه من ان لازم ذلك تقدم فعلية الحكم على فعلية موضوعه وهو محال حيث قلنا ان هناك حكما وهو الحجية اي حجية الخبر الضعيف في مفاده او ان هذا الحكم هو استحباب العمل الذي ورد وهو افطار الصائم وموضوعه بلوغ الثواب على ذلك، فاذا افترضنا ان الفقيه افتى بالثواب، فقال الفقيه افطار الصائم ذو ثواب او غسل المسترسل من اللحية ذو ثواب فافتى بترتب الثواب حينئذٍ بالنسبة للعامي اصبح الموضوع فعليا بوصول فتوى الفقيه وفي طول ذلك رتبة لا زمنا صار العمل مستحبا في حقه او صار هذا البلوغ حجة في حقه وهذا هو المصحح لفتوى الفقيه فلو قيل للفقيه ما هو المسوغ ان تفتي العامي باستحباب العمل مع ان الخبر لم يبلغ العامي فان الفقيه المصحح لي للفتوى بذلك ان بوصول فتواي له سوف يتحقق الموضوع وفي طول ذلك رتبة سوف يكون مستحبا في حقه.

فان هذه الثمرة التي ذكرناها تترتب على شمول اخبار من بلغ للبلوغ بفتوى الفقيه ولا تتوقف على ان البلوغ هل يشمل المدلول الالتزامي او المطابقي لامكان ذلك بافتاء الفقيه بنفس الثواب.

هذا تمام الكلام في هذا التنبيه ال 7

التنبيه ال 8

ما تعرض اليه سيد المنتقى من ان مفاد اخبار من بلغ تشمل الامر الضمني ام لا، فلو وردنا خبر ضعيف يقول افتتح التشهد في صلاتك ببسم الله وبالله.. الخ، فهل تشمل اخبار من بلغ مثل هذا الخبر وهل يثبت بها الامر الضمني بهذه الجملة في افتتاح التشهد وثمرة ذلك هي تحقق قاعدة التجاوز بالدخول في هذه الجملة فلو دخل في هذه الجملة في هذه الجملة ثم شك في انه سجد السجدة ال 2 اجرى قاعدة التجاوز لأنّه بناءً على ثبوت الامر الضمني في التشهد يصدق انه تجاوز محل المشكوك بالدخول فيما يرتتب عليه شرعا بخلاف لما اذا لم يثبت.

ثم افاد ان هناك وجهين لإثبات شمول اخبار من بلغ لورود الامر الضمني الوجه الاول: ان يقال ان سياق اخبار من بلغ سياق امضاء الخبر الضعيف حيث قال فهو كما بلغ، من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له ذلك وان لم يكن كما بلغه فان ظاهر هذا السياق ان اخبار من بلغ تمضي ما بلغ كما بلغ فاذا كان مفاد ما بلغ هو الامر الضمني اذا مقتضى الامضاء ثبوتت الامر الضمني ايضا.

ولكن سيد المنتقى قال هذا مردود بوجوه 3، اما اولا فلان موضوع اخبار من بلغ هو بلوغ ثواب استقلالي على العمل والامر الضمني لا ثواب استقلالي له فان الثواب ليكون للمركب الموزع على اجزائه ومنها هذا الامر الضمني فليس للماموربه الضمني ثواب مستقل كي تمشله اخبار م بلغ، فان ظاهرا بلوغ ثواب مستقل عليه.

وثانيا لو اننا عممنا وقلنا لا خصوصية للثواب المستقل وانما يبلغك ثواب هذا هو المهم، فان مفاد اخبار من بلغ بلوغ ثواب معين، لا بلوغ مطلق الثواب، حيث قال شيء من الثواب الظاهر منه ان المراد ثواب معين ومن الواضح ان الامر الضمني فان هذا غاية ما يدل على ان في هذه البسملة ثوابا ولكن لم يذكر ثوابا معينا،.

فعلى ما سبق بيناه ان قلنا بان ظاهرا الثواب المعين فلا تشمل الامر الضمني وان قلنا بان ظاهرها مطلق الثواب خصوصاً على مبناه ان مفادها الوعد بالثواب، فان مقتضى ورودها في سياق الوعد بالثواب شمولها لما اذا كان البالغ ثوابا معينا او مطلق الثواب.

ثم قال وثالثا سلمنا ان الخبر الوارد ورد بثواب معين لنفترض انه قال من افتتح التشهد.. فهو كفارة سنة، مع ذلك لا يفيدنا بلحاظ انه غاية ما يستفاد منه ان البسملة في اول التشهد مستحب اما انه مأمور به بامر ضمني او انه مستحب في التشهد بحيث يكون التشهد ظرفا منه لا جزءا منه، فمجرد ان الخبر يقول افتتاح التشهد بالبسملة كفارة سنة لا يعني انه عمل مستحب اما انه مستحب في ظرف التشهد فهذا مما لا يثبته الخبر.

ولكن مدعى المستدل هو انه بناءً على ان مفاد اخبار من بلغ امضاء ما بلغ كما بلغ، والمفروض ان ما بلغ كونه جزءا من التشهد اذا مقتضى ان مفادها الامضاء هو ثبوت الامر الضمني نعم اذا ناقشتم في اصل ذلك فهذا مناقشة في اصل المبنى، وانما مفادها حجية الخبر الضعيف مثلاً بمقدار اثبات الثواب لا اكثر من ذلك اما كون منشأ ثبوتالثواب ان العمل بح بذاته مستحب فهذا مما لا تتكفل اثباته.

نقول حتّى على تقدير انه ثبت بذلك ان البسملة مما يفتتح به التشهد على نحو الامر الضمني لا يعني ذلك جريان قاعدة التجاوز لأنّه لابد من الرجوع الى دليلها هل يستفاد منها ان المناط مطلق الدخول في الغير الشرعي اي في الغير المتعلق بامر او المستفاد منها الدخول المترتب شرعا على المشكوك بالعنون الاولي، فان قلنا ان ظاهر سياق الامثلة في صحيحة زرارة شك في الركوع السجود ان سياقها يوجب انصرافها الى ما كان الغير مما هو مترتب شرعا على الشكوك بالعنوان الاولي فلا تمشل ما ثبت الامر الضمني به ولكن بالعنوان الثانوي وهو مما بلغ عليه الثواب، بخلاف ما اذا عممنا مفاد كلمة الغير في قاعدة التجاوز او ان البلوغ مجرد حيثية تعليلية والا فالثابت بها استحباب العمل بعنوانه الاولي لا بعنوان ما بلغ.

الدرس 28
الدرس 30