نص الشريط
الدرس 54
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 20/6/1435 هـ
تعريف: أصالة التخيير 23
مرات العرض: 2606
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (410)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

الكلام انه هناك نكتتين تفيدان منجزية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية، او وجوب الموافقة الاحتمالية، وكانت النكتة الأولى مبنية على انه اذا دار الامر بين المخالفة القطعية، وبين الموافقة القطعية، فحرمة المخالفة اهم من وجوب الموافقة،

والنكتة 2 لو اغمضنا النظر وقلنا بان الطرفين متساويان، من حيث الأهمية، حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية ولكن مع ذلك لا يمكن في محل الكلام ان تصل النوبة الى الموافقة الاحتمالية التي هي عبارة عن رعاية حرمة المخالفة القطعية، وبيان ذلك، انه لو علم اجمالا بوجوب الصوم غدا او حرمته بعد غد، وفي نفس الوقت علم اجمالا بحرمة الصوم غد او بوجوبه بعد غد، فهناك علمان اجماليان متعاكسان.

والمخالفة القطعية لاحدهما موافقة قطعية للآخر، فلنفترض ان المخالفة القطعية والموافقة القطعية، على حد سواء من حيث الأهمية.

ولكن يقال بانه لو كان عدم وجوب الموافقة القطعية لعدم تنجز العلم الإجمالي، أي ان العلم الإجمالي قاصر في نفسه وليس بيانا مثلاً، فهنا اذا كانت النكتة في عدم وجوب الموافقة القطعية ان العلم الإجمالي قاصر وليس بيانا فحينئذٍ لا فرق بين ان نفرط في الموافقة القطعية او نفرط في عدم المبالات بالمخالفة القطعية، لأنّه كليهما على حد سواء.

اما اذا قلنا بان عدم وجوب الموافقة القطعية لا لقصور العلم الإجمالي عن البيانية فهو بيان تام في المقام لتعدد الواقعة غاية ما في الباب ان الموافقة القطعية غير مقدورة، فالسر في عدم منجزيتها عدم مقدوريتها لا ان العلم الإجمالي ليس بيانا فاذا كان السر في عدم المنجزية عدم القدرة، فتتنزل الاطاعة الى الموافقة الاحتمالية.

واما سر عدم القدرة، فهو أن العقل عندما يحكم بوجوب الموافقة القطعية فهو يحكم لا لموضوعية فيها، بل لان في الموافقة القطعية حفظا لغرض لزومي للمولى يقرر العقل لزومها والا فلا موضوعية لها.

وعليه فلو لزم من الموافقة القطعية للعلم الاجمالي تفويت غرض لزومي للمولى اذا فالموافقة القطعية الحافظة للغرض اللزومي غير مقدورة..

كما هو الحال فيما نحن فيه فانه لو اردنا الموافقة القطعية للعلم الإجمالي 1 وهو وجوب الصوم يوم 1 او حرمته يوم 2 فانه تستلزم المخالفة القطعية للعلم الإجمالي 2، فانها تفوت غرض لزومي للمولى

فحيث ان الموافقة القطعية بمعنى حفظ الغرض اللزومي غير مقدورة اذا يتنزل العقل في مقام الاطاعة من الحكم بها الى الحكم بالموافقة الاحتمالية حيث ان في الموافقة الاحتمالية بان يترك الصوم في كلا اليومين او يفعلها في كلا اليومين تحرزا عن تفويت غرض لزومي للمولى.

فحتى لو لم نقل بان حرمة المخالفة القطعية اهم من الموافقة القطعية نقول بتعين رعاية حرمة المخالفة القطعية لان الموافقة القطعية الحافظة للغرض اللزومي غير مقدورة.

هاتان نكتتان لبيان انه اذا علم اجمالا في كل يوم بحرمة الصوم او وجوبه فانه ليس التخيير بينهما تخييرا استمراريا بان له ان يصوم في يوم ويترك في يوم اخر، بل يتعين عليه التخيير البدوي وهو انه ما اختاره في اول يوم يستمر له في اليوم التالي،

ولكن هنا ايرادان احدهما للمحقق العراقي، والآخر للأصفهاني.

اما الأول فمحصله أولا باننا لا نسلم بهذا المبنى وهو التفاوت في الأهمية بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية، فانه على مبنانا في منجزية العلم الإجمالي ان العلم الإجمالي علة تامة لكليهما، حرمة المخالفة ووجوب الموافقة، فانه على مبنانا السر في الانكشاف سواء كان تفصيلا او اجماليا اذ لا فرق بين العلم التفصيلي والاجمالي الا في الصورة المتعلقة للعلم، والا فكلاهما علم وانكشاف غاية ما في الباب ان متعلق هذا الانكشاف في العلم التفصيلي صورة واضحة، ومرآة صافية، بينما متعلق الانكشاف في العلم الإجمالي صورة مغشوشة، فلأجل ذاك لا تتميز المعلوم في النوع 2 والا فالانكشاف 1.

وبما ان الملاك في الانكشاف فحينئذٍ نقول كما ان التكليف اذا انكشف تفصيلا فان العقل يقول الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، فلا فرق بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية، اذ المطلوب بعد الانكشاف الفراغ اليقيني ولا يتحقق الا بالموافقة القطعية، فكما ان العلم التفصيلي كذلك فالعلم الإجمالي كذلك لأنّه انكشاف..

فعلى مبنانا لا فرق بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية فهما على حد سواء في اقتضاء الانكشاف لتفرعهما.

وثانيا على المبنى الآخر وهو مبنى المحقق النائيني، الذي يفرق بين حرمة المخالفة ووجوب الموافقة فيقول بالعلية في 1 والاقتضاء في 2، يقول العراقي انه وقع خلط بين مورد الجواز الظاهري وبين مورد الجواز الواقعي..

وعندما نقوم بتقديم احد الطرفين على الآخر، أي المخالفة القطعية على الموافقة في الجواز الظاهري لا في الجواز الواقعي.

بيان ذلك انه على مبنى النائيني يقال حرمة المخالفة القطعية مترتبة مباشرة على العلم الإجمالي بلا واسطة، أي اذا حصل علم اجمالي بتكليف فعلي كالعلم الإجمالي بوجوب فريضة يوم الجمعة اما الظهر او الجمعة فمتى ما حصل هذا العلم اجمالي بتكليف فعلي صالح للباعثية امتنع جريان الأصل في تمام الأطراف، لان جريانه في تمام الأطراف وفي مجموع الأطراف ترخيص في معصية هذا التكليف الفعلي المعلوم بالاجمال، والترخيص في المعصية قبيح.

فنفس العلم الإجمالي بتكليف فعلي هو موجب وسبب لحرمة المخالفة القطعية بلا واسطة، فلذلك قلنا ان العلم الإجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية،

اما لو قال لنا احد نحن لا نريد اجراء الأصل في تمام الأطراف كي يكون تفويتا للغرض وانما نريد ان نجريه في طرف دون اخر، ولعله لا يكون هو المعلوم بالاجمال فلا يلزم تفويت تكليف فعلي.

فلو قال احد ذلك لقلنا في رده ان جريان الأصل في احد الطرفين بعينه دون الآخر ترجيح بلا مرجح فاحتجنا في تنجيز وجوب الموافقة القطعية بمعنى عدم جريان الأصل في أي من الطرفين الى واسطة وضميمة وهي حكم العقل بقبح الترجيح بلا مرجح فلم يكن نفس العلم الإجمالي سببا لوجوب الموافقة القطعية انما صارت سببيته لها بالضميمة والواسطة وهي واسطة حكم العقل بقبح الترجيح بلا مرجح.

فصار العلم الاجمالي بالنسبة لوجوب الموافقة القطعية مقتضيا لا علة تامة، فلأجل ذلك ظهر الفرق بين حرمة المخالفة ووجوب الموافقة فالفرق بينهما انما هو في جريان الأصل وعدم جريانه..

حيث ان معنى حرمة المخالفة القطعية عدم جريان الأصل في مجموع الأطراف ومعنى الموافقة القطعية عدم جريانه في أي من الأطراف فاذا كلاهما مرتبط بجريان الاصل وجريان الأصل هو عبارة عن الجواز الظاهري..

بعد المفروغية عن منجزية العلم الإجمالي اذ بعد الفراغ عن وجود منجز بحثنا هل يجري الأصل في كل الأطراف قلنا لا فالمخالفة القطعية والموافقة القطعية منصبان وموردهما وموضوعهما الجواز الظاهري أي جريان الأصل بعد المفروغية عن وجود المنجز، فلذلك قال بعض كالعراقي بالعلية بكليهما وبعض بالتفاوت بينهما،

اما في مسالة الجواز الواقعي أي الجواز المستند الى الاضطرار، كما في محل كلامنا حيث ان المكلف مضطر لا محالة لأنّه لا يمكنه الجمع بين الموافقة القطعية والمخالفة، اذ لو تحفظ على الموافقة القطعية لتخلفت حرمة المخالفة القطعية، ولو تحفظ على حرمة المخالفة القطعية فلفرط في الموافقة القطعية فهو مضطر للتفريط باحدهما وبما ان الاضطرار سبب للترخيص الواقعي لا الظاهري فمن الواضح ارتفاع منجزية العلم الإجمالي عند الاضطرار الذي يقتضي الترخيص الواقعي لارتفاع موضوعه فان منجزية العلم الإجمالي فرع تعلقه بتكليف فعلي، ومع الاضطرار لا تكليف فعلي.

اذا بعد حدوث الاضطرار للتفريط بأحد الطرفين وعدم منجزية العلم الإجمالي لعدم تعلقه بتكليف فعليّ دار الامر بين ان نتحفظ على المخالفة القطعية فنكتفي بالموافقة الاحتمالية او نتحفظ على الموافقة القطعية فنرتكب المخالفة القطعية.

فاذا دار الامر بينهما في هذا المقام فلا مرجح وانما من قال بالترجيح وان حرمة المخالفة القطعية مقدمة انما ذلك في الجواز الظاهري المتفرع على وجود منجز وهو العلم الإجمالي اما في الجواز الواقعي المستند للاضطرار الذي يقتضي عدم منجزية العلم الإجمالي لانتفاء موضوعه فاذا دار الامر بينهما في هذا المقام فلا موجب لتقديم حرمة المخالفة القطعية على وجوب الموافقة، والنائيني الذي يقول ان حرمة المخالفة القطعية مقدمة هناك لا يقول بها هنا،

الدرس 53
الدرس 55