نص الشريط
الدرس 39
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 4/3/1437 هـ
تعريف: انحلال العلم الإجمالي
مرات العرض: 2665
المدة: 00:21:42
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (191) حجم الملف: 9.93 MB
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

وقع الكلام منجزية العلم الاجمالي مع خروج أحد الأطراف عن محل الابتلاء. والبحث في عدة مطالب:

المطلب الأول: ما هي شروط عدم المنجزية؟.

هنا شروط ثلاثة: الشرط الأول: أن يكون الخروج عن محل الابتلاء مقارنا أو سابقا على العلم الاجمالي، لأنه لو كان الخروج عن محل الابتلاء متأخراً عن العلم الاجمالي فلا اشكال لدى المشهور منهم بالمنجزية، كما إذا علم المكلف اجمالا إما بنجاسة إناءه أو إناء جاره وبعد حصول العلم الإجمالي المنجز خرج إناء جاره عن محل الابتلاء. ففي هذا الفرض يبقى العلم الإجمالي على المنجزية، وإن خرج أحد طرفيه عن محل الابتلاء بعد التنجز.

أما لو فرضنا من الأول إناء جاره خارج عن محل الابتلاء قبل حصول العلم الاجمالي أو مقارنا له، فهنا يأتي البحث في أن العلم الإجمالي منجز أم لا؟.

الشرط الثاني: أن لا يكون للخارج عن محل الابتلاء أثر داخل في محل الابتلاء، كما لو افترضنا أنه لاقى بيده إناء جاره قبل أن يخرج عن محل الابتلاء، ثم بعد ذلك خرج إناء جاره عن محل الابتلاء، بعد أن لاقاه بيده، وبعد ان خرج إناء جاره عن محل ابتلاءه علم اجمالا اما بنجاسة إناءه أو إناء جاره الذي خرج عن محل الابتلاء، فهنا يكون العلم الاجمالي منجزاً لا بلحاظ إناء جاره بل بلحاظ يده التي لاقت الإناء قبل خروجه عن محل الابتلاء، إذن محل الكلام ما خرج عن محل الابتلاء وليس له أثر داخل في محل الابتلاء والا لكان العلم الاجمالي منجز.

الشرط الثالث: أن لا يعلم بدخوله في محل الابتلاء مستقبلاً، إذ لو علم بدخوله في محل الابتلاء مستقبلاً لكان من العلم الاجمالي في التدريجيات، مثلاً: اعلم إجمالاً بنجاسة اناءي أو إناء جاري الذي سأبتلي بعد يومين، فالعلم الاجمالي هنا منجز لأنه اما ان يجب الاجتناب عن اناءي بالفعل أو يجب الاجتناب عن إناء جاري في ظرف الابتلاء به وهو ما بعد يومين، فهذا من العلم الاجمالي في التدريجيات، إذن محل الكلام ما خرج عن محل الابتلاء في العلم الاجمالي، وليس له اثر داخل في محل الابتلاء ولا يعلم بدخوله في محل الابتلاء مستقبلاً. حينئذٍ نبحث: هل أنّ العلم الاجمالي بالنسبة اليه منجز أم لا؟.

المطلب الثاني: للمسألة صور ثلاث:

الصورة الأولى: أن يكون أحد الطرفين غير مقدور عقلاً، كما إذا علم إما بنجاسة إناءه أو نجاسة إناء السلطان الذي لا يمكنه الوصول اليه عقلاً.

الصورة الثانية: ان يكون غير مقدور عرفاً، كما إذا علم اما بنجاسة إناءه أو إناء جاره وارتكاب إناء جاره مقدور عقلا ولكن فيه حرج ومشقة فهو غير مقدور عرفاً.

الصورة الثالثة: ان لا يكون لديه داع لارتكابه وان كان مقدورا عقلا وعرفاً. كما إذا علم اما بنجاسة ثوبه أو ثوب زوجته مثلا، فإن لبس ثوب زوجته مقدور عليه عرفا وعقلا اما لا داعي لان يلبس ثوب زوجته مثلا.

إذن ففي هذه الصور الثلاث هل لديه علم اجمالي منجزا أم لا؟

وقد ذهب السيد الامام «قده» إلى ان العلم الاجمالي منجز في جميع الصور على مبناه من أن التكاليف القانونية تشمل حتى فرض العجز عقلا فضلا عن فرض الحرج وعدم الداعي، فإذا قال المولى: يجب اجتناب النجس فإن هذا الوجوب بحسب مبناه يشمل حتى النجس الذي لا تقدر على ارتكابه عقلاً فضلاً عن غيره.

وذهب شيخنا الاستاذ «قده»: إلى اختصاص عدم المنجزية في الصورة الاولى وهي: عدم القدرة على ارتكابه عقلا، واما إذا كان أحد الطرفين غير مقدور عرفا ولكنه مقدور عقلا فإن العلم الاجمالي منجز فضلا عما يكون له داعي لارتكابه.

وذهب سيدنا الخوئي «قده» إلى عدم منجزية العلم الاجمالي في كلتا الصورتين الاوليين، اي في فرض عدم ارتكاب احدهما عقلا أو عرفا وتنجزه في الصورة الثالثة. ولم أجد من ذهب إلى عدم المنجزية وهي الصورة الثالثة وهي ما لم يكن داع لارتكاب أحد الطرفين.

المطلب الثالث: في حكم الصور الثلاث، والكلام في فعلا في الصورة الاولى:

كما إذا علم المكلف اما بنجاسة ثوبه أو ثوب السلطان الذي لا يمكنه لبسه ولو عقلاً، فهنا في هذا الفرض ذهب المشهور إلى عدم المنجزية، والسر في ذلك: أن التكليف لا يشمل غير المقدور، فعلى فرض أن النجاسة في إناءه فالتكليف فعلي، وعلى فرض أن النجاسة في ثوب السلطان فالتكليف غير فعلي، اذن هو قاطع بعدم فعلية التكليف باجتناب ثوب السلطان لأنه غير مقدور، واما التكليف في ثوبه فهو مشكوك شكا بدوياً. فتجري بالنسبة اليه اصالة الطهارة أو البراءة عن وجوب اجتنابه.

ولكن السيد الشهيد «قده» افاد: بأن الانقسام للفعل الاختياري وغير الاختياري انما يتصور في جانب الوجوب لا في جانب الحرمة، بيان ذلك:

إن فعلية التكليف بوجوب شيء فرع القدرة على ايجاده فلا يقال يجب عليك دفن الميت الا إذا كنت قادرا على ايجاده، فحينئذ يصح ان يقال: دفن الميت نوعان: دفن اختياري فوجوبه فعلي، ودفن غير اختياري فوجوبه غير فعلي لأنه لا يعقل التكليف بإيجاد غير المقدور.

أما في طرف الحرام لا في طرف الوجوب فإن الغرض من الحرمة هو الترك والزجر وليس الفعل فلو قال لك يحرم عليك اكل الميتة وانت اساسا لا تقدر على اكل الميتة من الاصل اي انت محقق للغرض، فحينئذٍ هل يصح ان يقال بأن الحرمة غير فعلية في حقك؟ لأنك غير قادر على اكل الميتة؟.

فيقول السيد «قده»: فهناك فرق بين التكليف وروح التكليف؛ فالتكليف في الحرمة: بأن يقول لك المولى يحرم عليك اكل الميتة، مع ان أكل الميتة غير مقدور بالنسبة اليه، قد يقال نعم، التكليف غير فعلي، إذ يشترط في فعلية التكليف القدرة وأنت غير قادر. واما روح التكليف وهو المبغوضية: فإن المبغوضية لا ترتفع بالعجز بل يبقى أكل الميتة مبغوضاً لدى وإن كنت عاجزاً عن ارتكابه.

إذن بلحاظ نفس التكليف قد ترتفع الفعلية، لكن بلحاظ روح التكليف وهو المبغوضية لا معنى لارتفاعها بمجرد عجز المكلف عن الارتكاب. فلأجل ذلك نقول: بأن العلم الاجمالي بلحاظ نفس التكليف نعم غير منجز، لكن بلحاظ روح التكليف منجز. فإذا علمت إجمالاً بأن هناك نجس إما ثوبه أو ثوب السلطان وهو لا يقدر عقلا على لباس ثوب السلطان إلّا أن علمه الاجمالي بمبغوضية أحد اللبسين أما لبس ثوبه أو لبس السلطان لا يرتفع بمجرد عجزه عن لبس ثوب السلطان، فهذا العلم الاجمالي بلحاظ المبغوضية منجز.

هل أن ما ذكره السيد «قده» تام أم لا؟.

والحمد لله رب العالمين.

الدرس 38
الدرس 40