نص الشريط
الدرس 53
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 29/3/1437 هـ
تعريف: الخلل الواقع في الصلاة
مرات العرض: 2563
المدة: 00:38:39
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (187) حجم الملف: 17.6 MB
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

على فرض استقرار التعارض بين الطائفة الدالة على حصر الحرام فيما حرّم في الكتابة والطائفة الدالة على عدم الحصر، فما هو مقتضى القاعدة؟.

وهنا امور ثلاثة:

الامر الاول: قد يقال بطرح الطائفة الثانية وهي الطائفة الدالة على تحريم ما ليس محرّما في الكتاب كالمسوخ والسباع واحناش الارض وحيوان البحر الذي ليس له فلس. والسر في طرحها انها مخالفة للكتاب. حيث قال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.

ولكن يلاحظ على هذا المدعى:

أولاً: بمنع ظهور الآية في الحصر الحقيقي، فان الموجب لمخالفة النصوص لها دلالتها على الحصر الحقيقي، ويمكن منع ظهورها في الحصر الحقيقي وذلك لأن هذه الآية وردت في مقابل آية اخرى: وهي: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ. فبلحاظ ان اهل الجاهلية حرموا بعض الحيوانات لأجل علّة معينة ككونها بحيرة او سائبة او وصيلة الى غير ذلك، فجاءت هذه الآية في هدم ما حرّمه اهل الجاهلية وقالت: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا يعني من محرمات أهل الجاهلية، فالحصر في الآية إضافي، أي حصر بلحاظ ما حرّمه أهل الجاهلية على انفسهم وليس حرصا حقيقيا، بمعنى انه ليس في لوح التشريع من محرم الا هذه الامور المذكورة.

وثانيا: لو فرضنا ان الاية في نفسها ظاهرة في الحصر الحيقيقي ولكن لكثرة استعمال الحصر في الكتاب في الحصر الاضافي يكون ذلك مانعا من ظهورها في الحصر الحقيقي، كقوله تعالى: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ، مع أن جواز الغيبة او جواز الجهر بالسوء لا ينحصر في رفع الظلامة بله مبررات وأساب أخرى.

وايضا قوله عز وجل: ﴿َلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. مع ان المحلل للاكل لا ينحصر بالتجارة عن تراض، بل قد يكون بالحيازة او بالاحياء او الإباحة.

فغلبة استعمال الحصر او كثرة الحصر في آيات التشريع في الحصر الإضافي مانع من حجية ظهور الاية في الحصر الحقيقي.

ثالثاً: لو سلمنا ان الآية ظاهرة في الحصر الحقيقي وحجة في هذا الظهور، مع ذلك دعوى أن الروايات التي حرمت غير ما في الآية مخالفة للكتاب مدفوعة، بأن الآية ذكرت مناط التحريم، حيث قالت الآية: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ، فالملاك في تحريم لحم الخنزير انه رجس، إذاً ما هو المحرم ليس عنوان لحم الخنزير بل المحرم هو ما هو رجس، والروايات الأخرى التي ذكرت حرمت المسوخ والسباع واحناش الأرض وما ليس له فلس من حيوان البحر، ذكرته مصداقا لعنوان الرجس. فلا تنافي بين الروايات وبين الآية المباركة كي يقال بطرح هذه الروايات لأنه مخالفة للكتاب.

إذاً هذا المدعى وهو ان هذه الطائفة تطرح لمخالفتها للكتاب غير تام.

الامر الثاني: قد يقال بطرح الطائفة الاولى وهي ما دلّت على حصر الحرام فيما حرم في الكتاب لكونها واردة على سبيل التقيّة، بلحاظ ان هذا الاستدلال الوارد في الروايات: «ليس الحرام إلا ما حرّم في الكتاب» موجود هذا السنخ من الاستدلال في روايات العامة وفتاواهم:

ففي «مستدرك الحاكم، ج2، ص406» و«سنن الدار قطني، ج2، ص137» عن ابي الدرداء مرفوعاً: «ما أحل الله في كتابه فهو حرام، وما حرّم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته وما كان ربك نسيا».

وأيضا اخرج الترمذي في «حديث 1726». وكذا الحاكم في مستدركه «ج4، ص129».: عن سلمان الفارسي: «سئل رسول الله عن السمن والجبن والفراء، فقال: الحلال ما أحلَّ الله في كتابه والحرام ما حرّم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه».

وأيضا: في رواية ابي ثعلبة الخشني عن رسول الله : «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وحرّم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن اشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها».

ورواية ابي داوود عن ابن عباس: «بعث الله نبيه وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما احل هو حلال، وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو». هذا بلحاظ اخبار العامة.

وأما بلحاظ فتاواهم:

فقد قال ابن قدامة في كتابه «المغني»: والمحرم من الحيوان ما نصّ الله تعالى عليه في كتابه وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال، لان الآية قالت: «يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث» والمدار في الطيب والخبث على ما تستطيبه العرب وما تستخبثه العرب، وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال وما استخبثته العرب فهو محرم لقول الله تعالى: «ويحرم عليهم الخبائث» والذين تعتبر استطابهم تعتبر استطابتهم واستخباثهم هم أهل الحجاز من أهل الامصار لانهم هم الذين نزل عليهم الكتاب وخوطبوا به وبالسنة وما وجد من امصار المسلمين مما لا يعرفه اهل الحجاز رد الى اقرب ما يشببه في الحجاز، فإن لم يشبه شيئاً منها _يعني وجدنا حيوان غير مشابه لما يستخبثه أهل الحجاز_ فهو مباح لدخوله في عموم قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ، ولقول النبي : «وما سكت الله فهو مما عفي عنه».

ثم ذكر الخلاف: أن بينهم خلاف في حرمة السباع بعد ان ذكر رأي الشافعي ومالك، قال: وقال الشعبي وسعيد ابن جبير وسعيد ابن مالك انه مباح «السباع مباح» لعموم قوله تعالى:. ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ.

إذاً بناء على ذلك حيث ان استدلال العامة متضمن لهذا السنخ من الاستدلال وهو تخصيص ما حرّم فيما حرم في الكتاب تطرح الطائفة الاولى الدالة على ذلك، لورودها على سبيل التقية بمقتضى رواية عبيد ابن زرارة عن ابي عبد الله : «ما سمعته مني يشبه قول الناس فيه التقية وما سمعت منّي لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه».

لكن قد يستشكل على ذلك: بكثرة هذه الاخبار الدالة على حصر ما حرّم فيما حرّم في الكتاب وعلى الاقل هي في هذا الباب هي تسع روايات، فهل يمكن طرح تسعة روايات بدعوى ورودها على سبيل التقية؟ وبعبارة أخرى: هل ان رفع اليد عن أصالة الجهة في هذا العدد الكثير من الروايات عرفي ام لا؟.

هل كثرتها موجبة لان يكون رفع اليد عن أصالة الجهة فيها غير عرفي ام لا؟. هذا البحث.

ولكن مضافا الى ان مجرد الكثرة ليس مانعا من الحمل على التقية خصوصا في فرض استحكام رأي العامة في زمان النصوص وكثرة الابتلاء بما هو مورد لكلامهم أن هذه الروايات اذا ارجعناها الى وحدة الاسناد والمضامين ربما ترجع الى اربع روايات: لأن عدة منها مروي عن محمد ابن مسلم وبمضمون متقارب مما يكون منبها على وحدة الرواية لا تعددها.

الامر الثالث: على فرض ان هذه الروايات حجة لورودها على سبيل بيان الحكم الواقعي لا على سبيل التقية، تصل النوبة الى المرجح، حيث استحكم التعارض بين الطائفتين الروايات الدالة على حصر الحرام في حرم على الكتاب والروايات الدالة على التوسعة، فما هو المرجح لأحدى الطائفتين على الأخرى؟.

قد يقال نرجّح الروايات الدالة على الحصر لموافقتها للكتاب وهي قوله: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ.

والجواب عن ذلك مضى، وهو انه: لو لاحظنا الآية في نفسها فلا دلالة لها على الحصر الحقيقي كي تكون مرجّحاً لإحدى الطائفتين على الاخرى ولو لاحظنا الروايات التي استشهدت بالآية فالمفروض ان هذه الروايات نفسها معارضة بروايات التوسعة.

المرجح الثاني: هو الترجيح بمخالفة العامة، مع غمض النظر عن التقية وعدمها. بان نقول: حيث ان سنخ الاستدلال في الروايات الاولى موافق للعامّة تقدم الروايات من الطائفة الثانية عليها لمخالفتها للعاملة لا من باب ورود الطائفة الأولى على سبيل التقية كما سبق بيانه في الدروس السابقة.

وعلى فرض عدم تمامية هذه المرجح فتصل النوبة الى الترجيح بالشهرة حيث ان الشهرة العملية مع الطائفة الثانية الدالة على توسعة الحرام وعدم تخصيصه بما حرّم في الكتاب.

والنتيجة: ان ما ورد في موثق ابن بكير من قوله: «ان الصلاة في وبر كل شيء حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وروثه وألبانه وكل شيء منه فاسد» هو: ظهورها في العموم، يعني عدم اختصاصها بالسباع او بما حرّم في الكتاب.

هذا تمام الكلام في الوجه الاول لبيان عدم شمول الحرمة لغير السباع وهو ما ذكره السيد الاستاذ «دام ظله» من قصور المقتضي.

الوجه الثاني: لبيان اختصاص الحرمة بالسباع او عدم شمولها لغير السباع:

ما طرحه المحقق النائيني «قده» في «كتاب الصلاة، تقرير الشيخ الآملي، ص137»:

قال: لنفترض ان موثق ابن بكير عام ودال على ان المانع يشمل كل ما حرم اكله، لكن هناك مقيّداً لإطلاق موثق ابن بكير، وهذا المقيد هو خبر ابن ابي حمزة وخبر مقاتل.

أما خبر علي ابن ابي حمزة: «حديث3، باب3 من أبواب لباس المصلّي»:

«سألت ابا عبد الله وابا الحسن : عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ قالا: لا تصلي فيها الا فيما كان منه ذكياً، قال: قلت اوليس الذكي ما ذكي بالحديد؟ قال: بلى، اذا كان مما يؤكل لحمه، قلت: وما لا يؤكل لحمه من غير الغنم، قال لا باس بالسنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم وليس هو مما عنه رسول الله اذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب».

وايضا رواية مقاتل: الحديث 2 من نفس الباب»:

«قال: سالت أبا الحسين عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعلب؟ فقال : لا خير في ذلك كله ما خلا السنجاب فأنه دابة لا تأكل اللحم».

وجه الاستدلال يبتني على امرين:

الامر الاول: أن عنوان ما يأكل اللحم وما لا يؤكل مشير الى السباع، أي لا خصوصية للسنجاب، المدار على ما يأكل اللحم فلا يجوز وما يأكل فيجوز، وما يأكل اللحم هو عنوان مشير الى السباع بقرينة تعقيبها بقول رسول الله في رواية علي ابن ابي حمزة: «إذ نهى رسول الله عن كل ذي ناب ومخلب». إذاً هذا العنوان وهو عنوان ما يأكل اللحم يراد به السباع.

الامر الثاني: وجه الاستدلال بهذه الروايات على تقييد إطلاق موثق ابن بكير إما الاعتماد على المنطوق او الاعتماد على المفهوم.

أي اما ان نعتمد على المنطوق حيث قال: «ما خلا السنجاب فانه دابة لا تاكل اللحم».

متقضى هذا المنطوق ان كل دابة لا تاكل اللحم يصح الصلاة فيها وإن كانت مما يحرم أكله. فنخصص اطلاق موثق ابن بكير بمنطوق رواية مقاتل ورواية علي ابن ابي حمزة.

أو يكون بالمفهوم: بان نقول: فان مقتضى قوله «فانه دابة لا تأكل اللحم» أن ما يأكل اللحم هو المحرّم. فمقتضى مفهوم التعليل اختصاص ما دلّ على جواز الصلاة في أي ساتر بالساتر الذي يأكل اللحم.

هذا هو وجه الاستدلال بهاتين الروايتين على اختصاص المانعية بالسباع.

ولكن المحقق النائيني «قده» اشكل على هذا الاستدلال بوجوه:

الوجه الاول _وهو يبتني على امور اصولية_: انما يتم الاستدلال بمنطوق التعليل او بمفهومه في هاتين الروايتين اذا كان التعليل ظاهرا في العلة المنحصرة وانما يكون ظاهرا في العلة المنحصرة ببركة الاطلاق وعدم ذكر علل اخرى. بيان ذلك:

مثلاً: إذا قال المولى: اكرم الفقيه لأنه عالم بعلوم آل محمد. فيقال: مقتضى الاطلاق حيث لم يذكر علة اخرى: ان العلة المنحصرة للامر باكرامه كونه عالما بعلوم اهل البيت هذه هي العلة المنحصرة. فاذا تم ظهور الكلام في العلة المنحصرة صح ان نستدل بمنطوقه ومفهومه، فنقول مقتضى المنطوق ان كل من ألم بعلم من علوم أهل البيت فإنه فإنه يأمر باكرامه وان لم يكن فقيها، ومقتضى المفهوم: ان من لم يلم بعلم من علوم أهل البيت فلا أمر بإكرامه. إذاً التمسك بمنطوق التعليل وبمفهومه فرع ظهور التعليل في العلة المنحصرة وظهور التعليل في العلة المنحصر إنما يتم بظهور الاطلاق أي عدم ذكر علة اخرى.

الامر الثاني: انما يصح التمسك بالاطلاق المثبت للعلية المنحصرة اذا لم ترد رواية بذكر علة اخرى والمفروض انه وردتنا رواية بذكر علة أخرى أعم من هذه العلة: وهي:

رواية محمد ابن اسماعيل «حديث 8 باب2، من أبواب لباس المصلي» يرفعه إلى أبي عبد الله : قال: «لا تجوز الصلاة في شعر ووبر ما لا يؤكل لحمه لأنها اكثرها مسوخ».

لاحظوا: ما علل بكونها لا تأكل اللحم، علل بأن اكثرها مسوخ، علل المانعية بان اكثرها مسوخ.

إذاً فمقتضى هذه الرواية عدم انعقاد الاطلاق في الرواية الاولى، وكان ظهور الروايات السابقة في العلية المنحصرة ببركة الإطلاق، ومع ورود هذه الرواية تبين وجود علل أخرى وبعد ان تبين وجود علل اخرى وبعد ان تبين وجود علل اخرى اذاً لا ظهور في الروايات السابقة في العلية المنحصرة.

انما الكلام في الامر الثالث: _سلمنا ان العلة في الرواية ليست هي العلة المنحصرة_ لكن لابد ان نثبت ان العل المذكورة في الرواية وهي «رواية محمد ابن سعيد» أعم من العلة الأولى، وإلا إذا ليست اعم فلنفترض انه وردت عندنا رواية اخرى مساوية للعلة الأولى، او وردت عندنا رواية أخرى بالعلة اضيق بالعلة الأولى، لم ينهدم الاستدلال. لاننا نريد ان نثبت ان الحرمة لاتختص بالسباع، ان المانعية لا تختص بالسباع، فلابد أن نأتي بعلة تعمم الحرمة لما هو اكثر من السباع ولا يفيد علة أخرى ولو كانت العلة الأخرى مساوية او اخص بل لابد ان تكون العلة الاخرى اعم من هذه العلة حتى ينهدم الاستدلال.

يقول المحقق النائيني: ما قالت في أنها مسوخ، قالت: لأن اكثرها مسوخ. ومعنى ذلك:

المانع من صحة الصلاة كون الساتر مما لا يؤكل لحمه، يعني متى كان مما لا يؤكل لحمه مانع والعلة في مانعية ما لا يؤكل لحمه أن أكثر ما لا يؤكل لحمه مسوخ. فهذا التعليل تعليل لشمول المانعية لكل ما لا يؤكل لحمه. لان اكثر ما لا يؤكل لحمه مسوخ.

قال النائيني: علله بأن اكثرها مسوخ وهو نص في كون علة تشريع عدم جواز الصلاة في غير المأكول لانه جعل العلية اكثرية كونها مسوخ وهذا يدل على ان العلة ليست هي المسوخية والا كان ذكر الاكثرية لغواً ومن المعلوم ان هذه العلة اعم من الأولى، لأنها موجبة لثبوت الحكم وهو المانعية في غير ما ثبت في العلة الاولى وهو ما كان له ناب ومخلب. فيقيد اطلاقها بها. أي لا ينعقد الاطلاق للروايتين السابقتين المفيد للعلية المنحصرة لورود رواية ثالثة تدل على علّة أعم.

الامر الرابع: فان قلت: لنفترض ان الرواية الثالثة دلت على علة اعم، فلماذا قدمتها على الرواية التي دلت على العلة الأخص، لماذا لم تقل بتعارضهما، فعندنا روايتان: وهما روايتا مقاتل وعلي ابن ابي حمزة دلتا على علة أخص. وعندنا رواية محمد ابن ابي اسماعيل دلت على علة اعم. فما هو وجه تقديم ما دل على العلة الاعم على ما دل على العلة الاخص؟. قال: الاظهرية، حيث قال: يستفاد من مفهوم تعليل جواز الصلاة في السنجاب بانه لا يأكل اللحم انحصار علة التحريم بكون الحيوان من السباع. ويستفاد من تعليل على جواز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه بكون أكثره مسوخاً ًتعميم الحكم للسباع وغيرها، والتعليل الأول ظاهر في الاختصاص، والتعليل الثاني نص في التعميم او فقولوا اظهر في التعميم فيرفع اليد عن ظهور الاول بالاختصاص بقرينة اظهرية الثاني في التعميم. فالنتيجة: عدم اختصاص المانعية بالسباع بل تشمل كل ما لا يؤكل لحمه.

والحمد لله رب العالمين.

الدرس 52
الدرس 54