نص الشريط
أصالة الصحة | الدرس 20
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 16/9/1437 هـ
مرات العرض: 2659
المدة: 00:33:21
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1189) حجم الملف: 7.6 MB
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين

الملاحظة الأخيرة _التي أوردها السيد الأستاذ «دام ظله» على سيدنا الخوئي «قده» _: ترتكز في المورد الرابع: وهو ما لو أنكر الزوج انه وكل شخصا في طلاق زوجته وادعى الشخص الآخر انه موكل من قبل الزوج في الطلاق، حيث أفاد سيدنا «قده» بأن أصالة الصحة لا تجري في المقام، لإثبات صحة دعوى المطلق وهذا منبّه على عدم جريان أصالة الصحة عند الشك في قابلية المنشأ، حيث وقع الشك هنا في انه هل له ولاية على الطلاق لكونه وكيلا من قبل الزوج أم لا؟ ولم يجري احد في المقام أصالة الصحة مما يؤكد عدم جريانها عند الشك في أهلية المنشأ.

ولكن السيد الأستاذ «دام ظله» أشكل عليه: بأن ما أفيد في المقام منافٍ لمقتضى القاعدة وللروايات الخاصة.

فهنا موردان للبحث:

المورد الأول: إنّ مجرى أصالة الصحة هو فرض ان لا يكون هناك دعاوى ولا تخاصم، بمعنى انه إذا صدر فعل اعتباري كالعقد أو الايقاع أو فعل خارجي يترتب عليه أثر شرعي أو عقلي وشككنا في صحة العمل فإن مقتضى السيرة العقلائية ترتيب أثر الصحة عليه. وهذا ما هو محل البحث في أصالة الصحة، وأما إذا افترضنا انه اختلف طرفان في العقد من حيث مشروعيته وعدم مشروعيته أو اختلفا في الإيقاع كما إذا ادعى شخص انه وكيل من قبل الزوج في الطلاق أو وكيل من قبل فلان في العقد على فلانه فإن هذا مورد تخاصم، وبما انه مورد التخاصم فاتفاق الفقهاء على عدم جريان أصالة الصحة في المقام لا لأن أصالة الصحة لا تجري عند الشك في أهلية المنشأ عاقداً كان أو موقعاً، بل لأن تحديد من هو المنكر ومن هو المدعي بحسب موارد موازين باب القضاء هو الذي منع التعويل على أصالة الصحة في المقام، وبيان ذلك:

انه قد اختلف الاعلام في أن المدار في تشخيص المنكر والمدعي هل هو بمخالفة الأصل أي الاستصحاب مثلاً؟ أو ان المناط مخالفة الحجة الشرعية سواء كانت أصلاً أو امارة، فالمخالف للحجة الشرعية أصلاً أم أمارة مدعٍ والموافق لها منكر؟ أم أن المدار على ظاهر الحال سواء كان أمارة شرعية أم لا، وليس المراد بظاهر الحال ظاهر حال المسلم في أنه لا يفعل الا الصحيح فإن هذه صغرى من صغريات ظاهر الحال، وإنما الكلام في ظاهر الحال عرفا، أي ما هو ظاهر حال الشخص الفلاني عرفاً، هل ظاهر حاله انه مدعٍ أو ظاهر حاله انه منكر، فظهور الحال في أمر معين من الأمارات العقلائية سواء اعترف الشارع بحجيتها في تمام الموارد أو لم يعترف بها الا في بعض الموارد، فإن عدم حجية ظاهر الحال شرعاً لا ينفي انه هو المناط في تحديد المدعي والمنكر، والسر في ذلك: ان عنوان المنكر وعنوان المدعي كما في قوله ’: >على المدعي البيّنة وعلى المنكر اليمين< عنوان يرجع في تحديد مفهومه إلى العرف وليست له حقيقة شرعية أو متشرعية، فبما ان المرجع في تحديد مفهوم المدعي والمنكر للعرف فإن العرف قد يرى بأن من كان قوله منافياً لأمارة عرفية فهو المدعي سواء كانت هذه الأمارة حجة شرعاً أم لا؟ إذ لسنا في مقام تحديد ما هو المفهوم شرعاً وإنما في مقام تحديد ما هو المفهوم عرفاً، فإذا قلنا بأن المفهوم للمدعي والمنكر ما خالف أمارة لدى العرف فهو مدعي وما وافق فهو منكر، إذن فمرادنا بظاهر الحال ظاهر حاله عرفاً من كونه ممن عليه معونة الإثبات أم لا؟ فإذا كان ظاهر حاله ممن ليس عليه مؤونة الإثبات فهو المنكر، وما خالف هذا الظاهر بحيث يراه العرف مسؤولا عن مؤونة الإثبات فهو المدعي.

ومن الأعلام من ذهب إلى أن المناط في تحديد المدعي والمنكر إلى الأعم من ذلك، أي من خالف قوله الحجة أمارة أو أصلاً فهو مدعي، أو خالف ما هو أمارة عرفية كظاهر الحال، ولذلك لوكان المناط في تحديد المدعي والمنكر على موافقة ظاهر الحال أو مخالفته أو قلنا بأن المناط من خالف قوله الحجة سواء كانت حجة شرعية أو عرفية فبناء على هذين المبنيين أيضاً في مقام التعارض بين ظاهر الحال عرفاً وبين الأصل الشرعي أو الأمارة الشرعية وتحديد أي منهما هو المقدم توجد بحوث في باب القضاء في هذا المجال.

فالذي نريد ان نخلص اليه من هذا البيان:

اذا تنازع شخصان في ان العقد عن وكالة أو ان الايقاع عن وكالة أم لا؟ فحينئذٍ تقديم قول المنكر للوكالة في المقام لا لعدم جريان أصالة الصحة عند الشك في أهلية العاقد أو المنشأ بل للمبنى المنقح في باب التنازع والتخاصم. فقد يقال: المناط على ظاهر الحال وظاهر الحال في صالح من ينكر فإن ظاهر حاله انه لم يصدر منه توكيل وتفويض للغير، أو ان تقديم قول المنكر على قول المدعي من باب تقديم استصحاب عدم الوكالة على أصالة الصحة لا لعدم جريان أصالة الصحة في نفسها عند الشك في أهلية العاقد. ولذلك مثلاً نرى: انه قد يقدم ظاهر الحال على اليد مع ان اليد من الأمارات مثلاً: لو تنازع معمم وغيره في عمامة وكانت العمامة بيد غير المعمم فادعى غير المعمم انه العمامة ملكه وانه صنعها ليلبسها لأجل التصوير أو لأجل التزين، وادعى المعمم التي ليست العمامة في يده ان العمامة له، فهنا وإن كانت اليد التي هي أمارة شرعية على الملكية في صالح من بيده العمامة الا ان ظاهر الحال مع المعمم الذي يطالب بالعمامة، فهنا قد يقدم ظاهر الحال فيحكم بأن من بيده العمامة مدعي وذاك منكر، مما يعني ان تشخيص المدعي والمنكر له دخل في رفع التنازع والتخاصم مما يمنع من جريان أصالة الصحة لا لعدم حجيتها في فرض الشك في أهلية المتعاقدين.

إذن بالنتيجة: ان مجرد عدم التعويل على أصالة الصحة في مورد التنازع لا يعني عدم حجيتها عند الشك في أهلية المنشأ عاقداً أم موقعاً، بل لخصوصية في المقام وهو ان المدار في تشخيص المدعي والمنكر هل هو على موافقة الأصل أو موافقة الحجة أو موافقة ظاهر الحال العرفي أم الأعم من ذلك وهذا يختلف باختلاف المباني وبالتالي فعدم التعويل على أصالة الصحة اما لعدم تقديم أصل عليها أو لأن المدار على ظاهر الحال وظاهر الحال على خلافها والنتيجة انه لا يصح اعتبار هذا المورد شاهدا على عدم جريان أصالة الصحة عند الشك في أهلية المنشأ. هذا بلحاظ المورد وهو ما هو مقتضى القاعدة.

المورد الثاني: أي بلحاظ ما هو مقتضى الروايات في المقام: فقد استشهد السيد الأستاذ «دام ظله» بروايتين:

الأولى: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن داوود بن الحصين عن عمر ابن حنظلة - وعمر بن حنظلة ثقة عند سيدنا الأستاذ باعتبار رواية صفوان عن يزيد بن خليفة فيزيد بن خليفة ثقة لرواية صفوان عنه ويزيد بن خلفية نقل الإمام × رواية تشهد بوثاقة عمر بن حنظلة «قد جاءنا عنكم عمر بن حنظلة بوقت قال إذن لا يكذب علينا» - عن أبي عبد الله × قال سألته عن رجل قال لآخر اخطب لي فلانه فما فعلت من شيء مما قاولت من صداق أو ضمنت من شيء أو شرطت فذاك لي رضاً وهو لازم لي واتعهد بأن التزم به، ولم يشهد على ذلك _ لم يقم الوكيل شاهدا على الوكالة_ فذهب وخطب وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه فلما رجع اليه _اي رجع إلى الموكل_ أنكر ذلك كله؟ قال يغرم لها نصف الصداق عنه _عن الزوج_ وذلك هو الذي ضيّع حقها _اي الوكيل هو الذي ضيّع حق المرأة فيغرم لها نصف الصداق_ فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له حل لها ان تتزوج ولا يحل للأول فيما بينه وبين الله عز وجل إلا ان يطلقها، لأن الله تعالى يقول ﴿فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين الله، كان الحكم الظاهر حكم الاسلام وقد اباح الله عز وجل لها ان تتزوج<.

فهنا أفاد السيد الأستاذ «دام ظله» بأن ظاهر هذه الرواية ان العقد محكوم بالفساد، والإمام هنا لم يجري أصالة الصحة بل حكم بالفساد في مثل هذا المورد وذلك لأنه مورد تخاصم وتنازع.

ولكن قد يتأمل في الاستدلال بهذه الرواية وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن يقال بأن ظاهر الرواية هو الحكم بالصحة لا الحكم بالفساد، وذلك لقرينتين:

القرينة الأولى: قوله يغرم لها نصف الصداق عنه، فإن ضمان الصداق فرع صحة العقد، إذ لا معنى لضمان الصداق مع الحكم بفساد العقد.

فإن قلتم بأن التعليل لقوله «وذلك أنه هو الذي ضيّع حقها» ظاهر التعليل ان غرامة نصف الصداق لا لأجل صحة العقد بل لأجل انه حبس على هذه المرأة فرصة التزوج برجل آخر وذلك انه هو الذي ضيّع حقها، فكيف اعتبرتم ذلك قرنية على صحة العقد.

قلنا: إنما يتصور تضييع لحقها إذا صح العقد، إذ لولا أن العقد صحيح لما تحقق حبس للمرأة عن الزواج في هذه الفترة وما دام العقد ذا اثر، فإذن غرامة الصداق وإن عللت بالتعليل المذكور الا أنها شاهد عرفي وأمارة عرفية على صحة العقد.

القرينة الثانية: قوله «ولا يحل للاول _يعني الزوج_ فيما بينه وبين الله عز وجل الا ان يطلقها لأن الله تعالى يقول: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين الله عز وجل» فإن إلزامه تكليفا بطلاقها فرع لصحة العقد والا لم يكن وجه لهذا الالزام التكليفي.

ولكن قد يشكل على هذه القرينة: بأن هناك فرقاً بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي، فالإمام يتكلم على مستويين، فيقول: على مستوى الظاهر العقد فاسد إذ لا توجد بينة للوكيل على الوكالة إذ لم يشهد للمرأة على الزوج بأنه وكّله في تزويجه منها، فبحسب الحكم الظاهري حيث لا توجد بيّنة له العقد فاسد، وهذا هو ظاهر قوله «وكان الحكم الظاهر حكم الإسلام وقد أباح الله عز وجل لها ان تتزوج» أي ان الحكم الظاهر عدم وجود فساد العقد لذلك حل لها ان تتزوج.

وأما على مستوى الحكم الواقعي، فالإمام يقول «إن كان فيما بينه وبين الله» قد وكّل بحيث لو وقع الزواج صحيحا فيما بينه وبين الله فعليه ان يخلص هذه المرأة تكليفاً مما هي فيه بحيث لا يقع زواجها الثاني زنا لأن الله تبارك وتعالى يقول: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فالقرينة الثانية لا تصح ان تكون قرينة على العقد صحيح، يعني محكوم بالصحة في مورد التنازع.

المناقشة الثانية: أن يقال إن المقام لا ربط له بأصالة الصحة، والسر في ذلك:

أن الإمام × على فرض استفادة الحكم بالبطلان في الرواية وان الإمام حكم على هذا العقد بالبطلان وأن حلية زواج الغير منها أثر لحكم الإمام × بالبطلان، الا ان هذا ليس لعدم جريان أصالة الصحة بل لأنه ليس موضوعاً لها إذ لا شك في المقام في أنه وكّل أم لم يوكل كي يقال بأن هذا بنظر السيد الخوئي من الموارد لعدم جريان أصالة الصحة لأجل الشك في أهلية العاقد، ويقول السيد الأستاذ في المقابل بأنه وان كان المقام موردا لأصالة الصحة الا انه حيث كان مورد تخاصم وتنازع فالحكم بالفساد لا يعني عدم جريان أصالة الصحة عند الشك في أهلية العاقد، بل يقال في مقابل السيدين: اصل المقام ليس من موارد الشك. فإن المفروض ان الزوج أي الموكل انكر الوكالة لا ان الوكالة مشكوكة، فبما انه انكر الوكالة ولا توجد بيّنه تلزمه بالوكالة حكم الشارع بفساد العقل، فالحكم بالفساد هنا حكم واقعي بعنوان ثانوي كما في موارد قاعدة الإلزام، فإن العامي إذا طلق زوجته من دون حضور شاهدين عادلين وكانت الزوجة مؤمنة وحل الزواج منها فصحة الطلاق صحة واقعية بعنوان ثانوي وهو كونه طلاقا من قبل العامي.

هنا أيضاً الحكم بالفساد حكم واقعي لا حكم ظاهري ولكنه بعنوان ثانوي وهو عنوان من لم تقم البيّنة على انه وكّل في هذا الزواج أو وكّل في هذا العقد، فحينئذٍ يكون لا ربط للرواية بمحل البحث حتى يكون مورد تنازع بين السيد الخوئي والسيد الأستاذ «دام ظله» فتأمل. هذا بالنسبة إلى الرواية الأولى.

الرواية الثانية: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله × في رجل أمر رجلاً أن يزوجه امرأة من أهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم؟ قال: قد خالف أمره، وعلى المأمور _وهو الوكيل_ نصف الصداق لأهل المرأة ولا عدة عليها ولا ميراث بينهما، فقال بعض من حضر: فإن أمَرَه بأن زوجه امرأة ولم يسم أرضاً ولا قبيلة ثم جحد الآمر ان يكون أمره بذلك بعدما زوجه؟ فقال: ان كان للمأمور بينّة انه كان أمره أن يزوجه كان الصداق على الآمر، وان لم يكن له بيّنة كان الصداق على المأمور لأهل المرأة ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها، ولها نصف الصداق إن كان فرض لها صداقاً».

فيقال: بأن الإمام هنا حكم ببطلان العقد لا لأجل عدم جريان أصالة الصحة عند الشك في أهلية المتعاقدين بل لأجل وجود النص في باب التنازع والتخاصم الحاكم على جريان أصالة الصحة.

ولكن هل محل الاستدلال في الرواية بالمقطع الأول أم بالمقطع الثاني؟

لا يمكن ان يكون محل الاستشهاد بالرواية بالمقطع الأول، لأنه من الواضح في المقطع الأول ان الوكيل خالف، «في رجل أمر رجلاً أن يزوجه امرأة من أهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم؟ قال: خالف أمْره» فبما انه خالف أمْرَهُ فليس هناك شك في أن هذا العقد قد صدر من دون توكيل، وبالتالي يغرم المأمور لأهل المرأة نصف الصداق لا لصحة العقد بل أنه أمر تعبديٌ.

أو يقال بصحة العقد باعتبار انه أمره أن يزوجه امرأة من بني تميم وقد زوجه امرأة من بني تميم، واما كونها من أهل البصرة فهو مجرد شرط لا ان الوكالة مقيدة بذلك. فبما أنه شرط وليس قيداً في الوكالة فالعقد وقع صحيحاً، غاية الأمر أن الإمام × حكم تعبداً بأنه لا عدة عليها ولا ميراث بينهما.

فالمهم انه في المقطع الأول انه لا يوجد شك كي يكون مورداً لأصالة الصحة فيعترض على ذلك بأن أصالة الصحة إنما لم تجري في المقام لوجود النص الخاص لا لأجل عدم جريانها عند الشك في أهلية المتعاقدين.

أما المقطع الثاني «فإن أمره ان يزوجه امرأة ولم يسم أرضاً ولا قبيلة ثم جحد الآمر؟ قال: ان كان للمأمور بيّنة كان الصداق على الآمر، وإن لم يكن له بيّنة كان الصداق على المأمور لأهل المرأة».

فالكلام في هذا المقطع هو الكلام في الرواية السابقة.

فلتخص من ذلك: أنه على فرض التأمل في الاستدلال بالروايتين على وجود نص حاكم على جريان أصالة الصحة، مقتضى القاعدة التي حررناه في المورد الأول وقد قلنا ان عدم جريان أصالة الصحة في عدم التنازع لا لعدم جريانها عند الشك في اهلية المتعاقدين بل لخصوصية في المورد.

وتلخص من البحث كله: إن الصحيح هو جريان أصالة الصحة عند الشك في أهلية المتعاقدين أو قابلية المورد بالتفصيل الذي سبق وهو: أنه تارة يقع في أهلية المتعاقدين عرفا كما إذا شك في الولاية العرفية للعاقد على العقد، كما إذا شك في الوكالة، فهنا لا نحرز جريان أصالة الصحة.

وأما إذا وقع الشك في الأهلية قانوناً، يعني اما بالقانون الوضعي أو الشرعي، كما إذا اشترطت الدولة في عقد النكاح ان يكون العقد بإذن الأب أو الجد أو الأخ، فهذا شرط وضعي فلو شككنا في ذلك تجري أصالة الصحة، لأن الشك في شرط وضعي وليس الشك في الأهلية عرفاً، أو إذا شك في الأهلية شرعاً كما إذا شك في البلوغ أو الرشد مثلاً بناء على ان الرشد شرط شرعي لا عرفي.

وكذا الكلام في المورد، أي العوضين، فتارة يشك في قابلية العوضين عرفاً كما إذا شك في المالية بناء على اعتبار المالية عرفاً، فحينئذٍ لا تجري أصالة الصحة، بينما إذا شك في قابلية العوضية وضعاً أي بالقانون الوضعي أو بالقانون الشرعي كما إذا شك في المفاضلة بين العوض والمعوض مع كونهما من جنس واحد، أو شك في كون المبيع ملكاً طلقاً أم لا؟ فهنا تجري أصالة الصحة لعموم معقد السيرة العقلائية.

والحمد لله رب العالمين.

أصالة الصحة | الدرس 19
أصالة الصحة | الدرس 21