نص الشريط
الدرس 17 | تزاوج البرهان والوجدان في نقد النظرية الإشراقية
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مجلس آل جمعة
التاريخ: 20/7/1442 هـ
مرات العرض: 3575
المدة: 01:03:24
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 18.1 MB
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل البحث إلى المحور الأخير بعنوان «تزاوج البرهان والوجدان في نقد النظرية الإشراقية» والبحث هنا في نقطتين:

النقطة الأولى: في عرض البرهان العقلي.

ومن خلال هذا العرض يتبين وجه النقد في النظرية الإشراقية، وهذا البرهان يعتمد على مقدمتين:

المقدمة الأولى:

هناك بحث في الفلسفة المتعالية في معنى نفس الأمر، حيث يُقال إن القضية صادقة لأنها مطابقة لنفس الأمر، فما هو معنى نفس الأمر؟ مثلا عندما يُقال قضية «لكل معلول علّة» فإن هذه القضية صادقة، لماذا؟ لأنها مطابقة لنفس الأمر، فما هو المقصود لكلمة «نفس الأمر»؟ هناك في تفسير معنى «نفس الأمر» ثلاثة آراء:

الرأي الأول: عبر عنه الشيخ الفياضي في شرحه لنهاية الحكمة بأنه رأي الجمهور: ”هو الثبوت التبعي لما لي سله مطابق لا خارجاً ولا ذهناً“، وبيان هذا الرأي:

أن كلَّ قضيةٍ صادقة فلها مطابق، إذ كيف تكون صادقة إذا لم تتطابق مع شيء فإن الصدق بمعنى المطابقة بين القضية وبين شيء آخر، فالمطابق تارة يكون خارجياً، وتارة يكون ذهنياً، وتارة لا يكون المطابق لا خارجياً ولا ذهنياً، وبيان هذه الأفراد كالتالي:

أ‌. إذا كان المطابق خارجيا كما إذا قلنا «الإنسان موجود» فإنه فعلا في الخارج الإنسان موجود، وغيرها كالإنسان ضاحك أو ماشي أو ممكن الوجود فهذه قضية خارجية لها مطابق في الخارج.

ب‌. تارة يكون المطابق ذهنيا ليس له وجود في الخارج كما إذا قال «الكلي ذاتيٌ أو عرضيٌ»، فالكلي - نفس المعنى «الكلية» - ليس لها وجودٌ في الخارج؛ لأن كل ما هو موجود في الخارج هو جزئي، إذ كما يقول الفلاسفة أن الجزئية أو التشخص مساوق للجزئية، فكل ما هو متشخص فهو جزئي، فالتشخص يساوق الجزئية، فلا يوجد في الخارج كلي، إذن الكلية هي مفهوم لا يرتسم إلا في الذهن ولا مطابقة له إلا في الذهن، فالكلية وهي عبارة عن الشمول والعموم والانطباق على كثرين، فالانطباق على كثيرين أمر ذهني، فالذهن بمجرد أن يتصور الكلي يتصور معنى الكلية ويوجد مع الكلية صفاتها، ومن صفات الكلية أنها إما ذاتية أو عرضية، فكلي الإنسان هو ذاتي لأنه ينطبق على كل إنسان بالذات، بينما كلي الضحك أو كلي المشي، فهذا كلي عرضي لأنه ينطبق على كل إنسان بالعرض وليس بالذات، إذن انقسام الكلي إلى ذاتي وعرضي كله في الذهن وليس له مطابق في الخارج، فإن الخارج ليس فيه لا كلي ولا عرضي وإنما الموجود في الخارج هو الجزئي كزيد وبكر وعمرو، وهذه تُسمى قضية ذهنية.

ت‌. وتارة تكون القضية صادقة لكن مطابقها ليس في الخارج وليس في الذهن، ويمثلون له ب «عدم العلّة علة لعدم المعلول»، فالعدم ليس موجوداً في الخارج؛ لأنه عدم فكيف يكون موجوداً في الخارج، كما أنه ليس في الذهن لأن الذهن أيضاً وجود، فكما أن الخارج وجود فالذهن وجود والعدم هو اللاوجود، إذن لا مطابقة له لا في الخارج ولا في الذهن، إذن أين مطابقه؟ مع أننا نجد أن هذه القضية صادقة وليست كاذبة، وهنا جاء معنى «نفس الأمر» فيقولون مطابقها ليس في الخارج ولا في الذهن بل في نفس الأمر، ويريدون به الثبوت التبعي، فالثبوت بالأصالة بالوجود ولكنه بالتبع للعدم؛ لأن الذهن من قوة خلاقية وفعاليته إذا تصور الوجود تصور نقيضه وهو العدم، وإذا تصور وجود العلة رأى أنها علة لوجود المعلول فيتصور عدمها فيقول إذا كان وجود العلة سبباً لوجود المعلول إذن عدم العلة سببٌ لعدم المعلول، إذن إذا انتفت العلّة انتفى المعلول، وهذه القضية ثابتة لكنه ثبوت تبعي، وإنما الثبوت بالأصالة والحقيقة هو للوجود «وجود العلة علة لوجود المعلول» ولكن وصف القضية بالثبوت إنما هو وصف بالتبع، إذن معنى «نفس الأمر» هو الثبوت التبعي.

الرأي الثاني: ما ذكره العلامة الطباطبائي في كتابه «نهاية الحكمة» «» قال: ”نفس الأمر هو الظرف التوسعي الاضطراري“.

أي الذهن يتوسع من ظرف إلى ظرف أوسع منه، وبناء على أصالة الوجود «» إذا كان الأصيل هو الوجود وحده فلا يوجد مطابق حقيقي إلا للوجود، كما إذا قلنا «الوجود موجود» وهذه هي القضية الصادقة الحقيقية، وما سوى ذلك مطابقه «نفس الأمر»، حتى قولنا «الإنسان موجود» فالإنسان موجود ليس بموجود بل الموجود هو الوجود، فالذين يقولون بأصالة الوجود هكذا يقولون فالموجود هو الوجود؛ إذن إلحاق كلمة الوجود والثبوت بالماهيات كأن تقول «الإنسان موجود، الشجر موجود، الملك موجود» كله إلحاق مجازي لأنه بالتبع، يقول السيد العلامة: ”لما كانت الماهيات ظهورات للوجود توسع الذهن في الوجود فوصف به الماهيات“ أي أنه وصف فقط للوجود نفسه، يعني هذا الوجود الموجود في الخارج كيف أتلقاه؟ يحتاج إلى ظهور يظهر لذهني، وهذا الوجود الموجود في الخارج إذا ظهر لذهني وصفت ظهوره بالوجود، أنت الآن أمامي فأنت وجود، وظهرت لذهني من خلال الإنسان، وإلا ما هو موجود في الخارج هو وجودك وأما الإنسانية فهي مجرد ظهور للوجود أي ظهور في الذهن، أي أنه لو لم يكن هناك ذهن لم تكن كلمة «الإنسان موجود» ولا «الحجر موجود» فليس هناك إلا موجودية الوجود، لكن لأن هناك ذهن، وهذا الذهن يتلقى الخارج من خلال ظهورات، فظهر له إنسانية وظهر له شجر وحجر، فهذه كلها حدود ذهنية تُعد ظهوراً للوجود الخارجي، فبعد أن اعتبرت هذه الماهيات ظهوراً للوجود الخارجي توسع الذهن في مفهوم الوجود فألحقه حتى بالماهيات فقال «الإنسان موجود، الشجر موجود، الملك موجود... إلخ» وهذا توسع، وكما توسع الذهن في إسناد الوجود للماهيات توسع الذهن لإسناد الوجود للوازم الماهيات، فقال: «الوجود موجود» هذه حقيقية لا تحتاج إلى نفس الأمر، لكنه توسع وقال «الإنسان موجود» وهذه احتاج إلى «نفس الأمر» أي التوسع من قبل العقل، وعندما قال «العدم لا شيء» قضية صادقة، إلا أن مطابقها في نفس الأمر، ومعنى نفس الأمر هو توسع العقل في تمطيط وتمديد مفهوم الثبوت حتى لما ليس له وجود خارجي فيقول «العدم لا شيء، عدم العلة علة لعدم المعلول، النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان»، فكل هذه القضايا هي توسع ذهني اضطراري، أي أن الذهن مجبول إلى نسبة الثبوت لهذه القضايا كلها.

الرأي الثالث: رأي المحقق نصير الدين الطوسي في كشف المراد «» حيث قال: ”نفس الأمر هو العقل المجرد“.

وهذا ما يرتبط ببحثنا، فالنظرية الإشراقية تقول أن النفس تصعد وتُشاهد العقل الفعال وترى فيه الصور ثم تقوم النفس بمحاكاة تلك الصور، إذن هناك عقل مجرد، هذا العقل المجرد بنظر المحقق الطوسي هو معنى «نفس الأمر»، لذلك الملا هادي السبزواري «رحمه الله» في منظومته يقول:

بِحدِّ ذاتِ الشيء «نَفْسُ الأَمْرِ» حُدْ   وَعالَمِ    الأَمْر    وذا   عَقْلٌ   يُعَدْ

كما تعرفون هناك عالم الخلق وهو عالم المادة والمُدّة، فإن كل عالمٍ يخضع لزمن ومادة فهو عالم الخلق، وكل عالم لا يخضع لمادة ومدة فهو عالم الأمر، وعالم الأمر هو عقل، وهذا العقل ترتسم فيه كل الصور - صور عالم المادة - كأنه جهاز استخبارات، فعالم الأمر يعبر عنه العلامة الطباطبائي في كتاب الميزان أنه الكرسي ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فالكرسي جهاز استخبارات وفيه جميع معلومات السماوات والأرض ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ... فكل ما في الوجود المادي صوره في عالم الأمر، في العقل الفعّال، في ما نعبر عنه بقولنا «الكرسي» ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.

كيف تكون القضية في ذهني صادقة؟ أنا أتصور «النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان»، وهذا ليس له وجود في الخارج، أنا أتصور «العدم لا شيء» وهذه القضية ليست موجودة في الخارج، فأين مطابقها لكي تكون قضية صادقة؟ قال مطابقها صورة في عالم الأمر «في العقل الفعال»، ولكن العلامة الطباطبائي «قدس» في كتابه نهاية الأحكام ناقش ذلك وقال: ”لا يمكن أن يكون صدق القضية منوطاً بمطابقة الصورة التي في الذهن البشري للصورة الموجودة في عالم الأمر“، وصحيح أنه في عالم الأمر هناك صور لأنه يعترف بالنظرية الإشراقية ولا ينكر أن عالم الأمر فيه كل الصور إلا أنه يقول ليس هذا هو معنى نفس الأمر، فليس المناط في صدق القضية أن تُطابق الصورة المرتسمة في الذهن البشري للصورة المرتسمة في العقل الفعال فإنه ليس مناط الصدق.

وهنا لابد أن نرجع إلى العقل الفعّال، العقل الفعال فيه صور لكن هل هذه الصور صادقة أم كاذبة؟ الصور التي في ذهني صادقة لمطابقتها للعقل الفعال، والصور التي في العقل الفعال صادقة، لكن أين مطابقها؟ وهنا رجعنا إلى ذات السؤال ولم ينحل السؤال، فالصورة التي في ذهني صادقة لأنها مطابقة للصورة التي في العقل الفعال، والصورة التي في العقل في الفعال صادقة، لكن أي مطابقها؟ فإن قلتم أن مطابقها في الخارج - أي في عالم الخارج لها مطابق - لم نحتج حينئذ للعقل الفعال، فالصورة المرتسمة في ذهن البشر صادقة، أين مطابقها؟ مطابقها الصورة التي في العقل الفعال، والصورة التي في العقل الفعال صادقة، أي مطابقها؟ مطابقها الذي في الخارج، إذن منذ البداية قل أن الصورة الموجودة في الذهن البشري صادقة لأنها مطابقة لما في الخارج من دون حاجة لهذه الواسطة.

إذن وجود هذه الواسطة من أجل تحقيق مناط الصدق لغو لا حاجة له، فإن كان الخارج كان وجودها في العقل لغواً، وإن كان في عقلٍ آخر لزم التسلسل، فالصورة صادقة في ذهني لأنها طابقت العقل الفعال، والصورة في العقل الفعال لأنها طابقت عقلاً آخر، والصورة العقل الثاني لأنها طابقت عقلاً ثالث وهكذا فيلزم التسلسل والتسلسل محالٌ. إذن العلامة يُريد أن يحاصر صاحب هذا القول ولابد له من الاعتراف من أن معنى «نفس الأمر» لا خارج ولا ذهن ولا عقل فعّال، بل معنى «نفس الأمر» أنها قضايا جُبل الذهن على انتزاعها وهذا ما يعبر عنه بالظرف التوسعي الاضطراري، أما قلته فإنه لا يحل المشكلة فإنه إما أن يلزم اللغوية أو التسلسل.

المقدمة الثانية:

النظرية الإشراقية تقول بأن جميع الصور التي في ذهن الإنسان والتي هي عبارة عن العلم الحصولي مسبوقة بعلم حضوري، والعلم الحضوري هو عبارة عمّا تُشاهده النفس العاقلة في العقل الفعال، فإن النفس العاقلة عندما تترقى إلى أن تصل إلى مشاهدة العقل الفعّال يكون علمها بالصور التي في العقل الفعال علماً حضوريا، لأن الصور مجردة والنفس مجردة، وعلاقة المجرد بالمجرد علاقة حضور، فعبد علم النفس بتلك الصور علماً حضورياً تقوم النفس بمحاكاة تلك الصور فترتسم فيها صورٌ أخرى، لكن هذه الصور الأخرى هي علمٌ حصولي.

لما نأتي إلى العقل الفعال فهو إما نفس الواقع لا شيئا آخر - أي أنه لا يوجد عقل بل الواقع فقط وذهن الإنسان - فهذا لا ينفي كون الصورة مخترعة من قبل النفس، فإذا لم يكن هناك شيء آخر إلا ذهني والواقع إذن لا يوجد مانع من أن يقوم الذهن نفسه باختراع الصور كما شرحنا ذلك فيما سبق من أن النفس العاقلة تقع على النقاط المشتركة من الصور المتخيلة فتتولد صورة الكلي بلا حاجة إلى عقل فعال ولا لشيء آخر، فما دام لا يوجد وراء الذهن البشري ووراء الواقع شيء آخر اسمه العقل الفعال وأنه عندما يعبر بالعقل الفعال يُراد به الواقع نفسه مما يعني أننا لا نحتاج إلى شيء، فالنفس العاقلة هي بنفسها تقوم باختراع هذه الصور، وإذا قلتم أن العقل الفعال - كما هو ظاهر كلمات جميع أهل الحكمة - غير الواقع، بل العقل الفعال يعقل الواقع لا أنه هو الواقع، فالعقل الفعال يحمل صورة الواقع لا أنه هو الواقع، فإذا العقل الفعال لا هو الواقع إذن تأتي ثلاثة أسئلة حول العقل الفعال فهو إما أن يكون العقل قابلا غير فاعل أو فاعلاً غير قابل أو فاعلاً وقابلاً، فأيهم تختارون؟

أ‌. إن قلتم أن العقل الفعّال قابل لا فاعل - أي فقط يستورد الصور فيكون وعاءً يختزن الصور - فهو قابل لا فاعل، والفاعل عقل آخر، نأتي إلى العقل الآخر فهل هو قابلٌ أم فاعل؟ قابل، نحتاج إلى عقل ثالث وهكذا فيلزم التسلسل، مما يعني أنه لابد أن ننتهي إلى فاعل يصنع هذه الصور.

ب‌. وإن قلتم بأن العقل الفعّال فاعلٌ لا قابل - أي أنه يُفيض الصور ويصنعها - فإن لازم ذلك الحركة لأنه كلما أفاض صوراً كان فاقداً لها فصار واجداً لها، فهو كان فاقداً لهذه الصور قبل صنعها ثم صارَ واجداً لها، فإفاضة الصور بعد فقدانها حركة فهو خروج من القوة إلى الفعل، والحال بأنهم يلتزمون - كما سبقت المناقشة معهم - أن الحركة تنافي التجرد، فالمجردات لا حركة فيها بل هي فعلية تامة لا حركة فيها.

ج‌. وإن قلتم أن العقل الفعال فاعلٌ وقابل - أي يأخذ الصور ويفيض الصور - فإذا فرضتموه فافرضوا ذهن البشري مثله، فإذا أنتم تقولون أن العقل الفعال يسترفد ويفيض فقل منذ البداية أن الذهن البشري يسترفد ويفيض، فلماذا تفترض هذه النقطة في الوسط؟ فمادام يمكن للشيء الواحد - وهو العقل الفعال - أن يكون فاعلاً وقابلاً إذن افرض ذلك في الذهن البشري أيضا، فإن الذهن البشري مجرد بحسب مصطلحكم ويمكنه أن يكون فاعلاً وقابلاً، فإذا فُرض إمكان ذلك في العقل الفعال فيمكن إذن في الذهن البشري ولا نحتاج إلى واسطة العقل الفعال في شيء، فمن الممكن أن يثبت ذلك للنفس العاقلة، وأما دعوى العلم الحضوري والعلم الحصولي فإن هذه كلّها مصادرة، فحتى نُركز نحن أن كلَّ علمٍ حصولي يسبقه علمٌ حضوري اضطررنا أن نخترع نظرية العقل الفعال حتى نقول أن علم النفس بالصور في العقل الفعال علم حضوري، بينما ما تخترعه النفس علم حصولي، فلماذا يُفترض ذلك؟! فما هو الملزم بأن نفترض أن وراء العلم الحصولي علماً حضورياً حتى نضطر إلى أن نخترع العقل الفعال، بل كما يمكن أن يُقال ذلك في العقل الفعال أنه فاعل وقابل فليقال به في النفس الإنسانية.

تعلمون أن النفس إذا اخترعت الصور فإن علمها بالصور علم حضوري، أي لا ينفك العلم الحصولي عن العلم الحضوري، إنما هذه الصورة بلحاظ ما تحكي عنه تُسمى علماً حصولياً، وأما بلحاظ وجود هذه الصورة في أفق النفس فتسمى علماً حضورياً.

النقطة الثانية: في عرض الوجدان المعبر عنه ببرهان «الخَلْف».

والمقصود ببرهان الخَلْف هو إرجاع المناقش إلى الوراء فتقول إذا كنت تلتزم بهذا فإنه يلزمك هذا، فأنت ترجعه إلى قضية سابقة موجودة في ذهنه فيسمى ببرهان الخَلْف أو برهان الرد، أي أنك تُلزم الطرف المقابل بما في ذهنه من قضية سابقة.

ويتضح ذلك من خلال موارد ثلاثة:

المورد الأول: النقض بالحسن والقبح.

بين أن الإنسان إذا فعل صدقاً كان فعله حسناً، وإذا فعل كذباً كان فعله قبيحاً، وفعل الإنسان يتصف بالحسن والقبح، فهل يمكن وصف فعل الإنسان بالحسن والقبح بناءً على نظرية استناد معلومات الإنسان إلى العقل الفعال كما هو مقتضى النظرية الإشراقية؟ نقول: لا؛ وذلك استناداً لمقدمتين:

المقدمة الأولى: الإرادة.

الإرادة لها مقدمات - خطوات - حتى تصير الإرادة، فلابد من:

  1. تصور الشيء، كأن أتصور الذهاب إلى المحاضرة.
  2. إمكان الشيء، فأرى أنه من الممكن أن أذهب إلى المحاضرة فلا مانع يمنعني.
  3. التصديق بفائدته، فإنا إذا ذهبت إلى هذه المحاضرة أم أنه هناك فائدة، فلابد أن أصدق أن في المحاضرة فائدة.
  4. دفع العوائق عنه، فحتى أصل إلى المحاضرة أحتاج إلى وقت وسيلة للوصول للمحاضرة، فكل هذه العوائق أدرسها حتى أدفعها جميعاً.
  5. النزوع له، أي الرغبة، فبعد أن صدقت به ودفعت العوائق عنه حدث في نفسي تلقائيا نزوع إليه، فإذا اشتدت الرغبة جاءت مرحلة الإرادة.
  6. الإرادة، وهي الإشارة من الدماغ إلى الأعصاب بالحركة، فالدماغ يُطلق إشارة إلى الأعصاب بأن تتحرك، فتتحرك ويذهب إلى المحاضرة.

المقدمة الثانية: هناك فرق بين التصور الساذج والاستغراق في التصور.

تارة أتصور صورة وتمر من ذهني، فأنا أتصور مثلا أني الليلة أصلي صلاة الليل لكن الصورة ذهبت مثلا ونمت، هذه الصورة - صورة صلاة الليل - تصور ساذج فهو صورة عابرة، أما الاستغراق في التصور بأن تستولي على ذهنك الصورة وتستحوذ بعقلك فلا تُدرك غيرها بل تفكر في هذه الصورة فقط كما الإنسان الذي عنده امتحان فأين يذهب ويفعل فإن صورة الامتحان في رأسه، فهذه صورة مستحوذة على الذهن وهي عبارة عن الاستغراق في التصور. الصورة المستغرقة هي المحرك للإرادة فلو لم تستحوذ الصورة على الذهن بحيث لا تتصور غيرها لما حدثت الإرادة، فالصورة المحركة للإرادة هي الصورة المستحوذة والمستغرقة للتفكير، فتكون هذه الصورة المستغرقة هي الجزء الأخير من العلة، فإذا استغرقت الصورة واستحوذت على الذهن كانت هي الخيط الأخير الباعث للإرادة والحركة.

بالنتيجة أنا لا أستطيع أن أريد إلا بعد وجود صورة مستحوذة، وأنا آتي بالصورة من العقل الفعّال، لكن ما هو دوري أنا؟ لا يمكن أن تتحقق في نفسي الإرادة إلا بالجزء الأخير من علّة الإرادة، والجزء الأخير من علة الإرادة الصورة المستغرقة، والصورة المستغرقة مستقبلة ومستوردة من العقل الفعال؛ لأن جميع المقدمات هي صورة، فتصور الشيء هي صورة، وإمكانه صورة، والتصديق بفائدته صورة، ودفع العوائق عنه صورة، فأنت لا تنفك عن الصورة إلى أن يُشير الدماغ بالحركة فأنت تعيش في صورة تستغرق في ذهنك وستحوذ عليه فتبعث فيك الإرادة، فإذا كانت هذه الصورة المستحوذة ليست من عندك أنت بل مستوردة من العقل الفعال، فإن النتيجة أن دور النفس العقل العاقلة إن كان مجرد الاستقبال - ليس لي أي اختيار - بأن يقوم العقل الفعال بإفاضة صورة وتقوم النفس بمحاكاتها وتستحوذ على الذهن ويتحرك الإنسان من دون أن أي اختيار بل هو مجبور هكذا، وهذا خلْف اتصاف الفعل بالحسن والقبح؛ لأني لست مسؤولا عن هذا الفعل، فاتصاف الفعل بالحسن والقبح ممتنع لأن الاتصاف فرع المسؤولية ومسؤولية الفعل من قبل مفيض الصورة، والحال بأن الوجدان يشهد الإنسان يتصف بالحسن والقبح وإن كانت النفس مختارة حتى بعد المشاهدة للعقل الفعال وحتى بعد علم النفس بالصور المرتسمة في العفل الفعال علما حضوريا ومع ذلك فإن النفس ليست مجبورة، فهي بإمكانها أن تحاكي هذه الصورة وبإمكانها أن لا تحاكيها فهي محتفظة باختيارها، وهذا خَلْف عليّة العلوم الحضوري للعلم الحصولي، فإما أن تقولوا أن النفس ليست مختارة فمتى ما حصل لها العلم الحضوري حصل لها العلم الحصولي المستحوذ فلم يتصف الفعل بالحسن والقبح، أو تقولوا أن النفس حتى مع حصول العلم الحضوري قد تتأخر باختيارها فلا يتحقق علمٌ حصولي وهذا خلاف العليّة؛ لأن مُقتضى العلاقة بين العلم الحضوري والعلم الحصولي هو أن العلم الحضوري علّة للعلم الحصولي، لا أنه باختياره فهو متى ما حصل علم حضوري حصل علم حصولي.

النقض الثاني: الإدراك فعلٌ اختياري.

ويتضح هذا بعرض أمور لمعرفة كيف أن الإدراك فعلٌ اختياري:

الأمر الأول: يقول أهل الحكمة «الأوليات مبدأ السؤال ولو تعلق بها السؤال لكان السؤال صورياً كالسؤال المعلوم بالحس»، وبيانه هو: لا يصبح عندك الإنسان سؤال إلا بعد وجود أوليات عنده، من المستحيل أن يتولد السؤال صدفة ومفاجئة بل لابد أن تسبقه أوليات فالأوليات مبدأ السؤال أي أنني لو أحسست بالحرارة يأتي السؤال «من أين جاءت الحرارة؟ وهذه الحرارة حرارة لأي شيء؟» وكذا لو سمعت صوتاً أسأل «صوت أي شيء هذا؟» فالأوليات هي مبدأ السؤال، ومن أوضح الأوليات الإحساس، فالإحساس يثير السؤال، ولو تعلق السؤال بالأوليات لكان سؤالاً صوريا، فكيف تسأل عما هو منشأٌ لسؤالك، فلو أن أحدهم قال: «أنا أحس بالحرارة، هل أنا أحس بالحرارة؟» وهذا كلام لا معنى له فإن إحساسك بالحرارة مبدأ أولي ولا معنى لتعلق السؤال به وإنما يتعلق السؤال بما بعده فلا يمكن أن يتعلق السؤال بنفس الأوليات لأن الأوليات مبدأ للسؤال، ولذلك «النقيضان لا يجتمعان» من القضايا التي لا يتعلق بها السؤال، فالذهن بفطرته يُدرك أن النقيضين لا يجتمعان، أما لو سأل «هل فعلا أن النقيضين لا يجتمعان؟» فإن هذا سؤالاً صورياً؛ لأنك متى ما رجعت لوجدانك وجدت وجدانك شاهداً بأن النقيضين لا يجتمعان، فلا يتعلق السؤال بالأوليات وإنما الأوليات مبدأ السؤال، ولذلك ذكروا في بحث إثبات واجب الوجود جل وعلا وقالوا «تصديق النفس بما هو أول بذاته من الأوليات»، فالنفس تُدرك ما هو ثاني لا ما أول، فأنا لست أولاً بذاتي فإن قبلي وجودات كثيرة، ولما أرجع إلى الوجودات وجوداً بعد وجود ووجود قبل وجود وأنتهي فإني سوف أُدرك وجوداً اسمه «أول بذاته»، وإدراك النفس للوجود المعبر عنه «أول بذاته» فإن هذا الإدراك من الأوليات؛ لأنه لو لم يكن هناك أول بذاته لما كان هناك ثاني وثالث ورابع، فكما أن هناك ثاني وثالث ورابع فإذن قطعاً هناك أول لا أول من غيره بل أول بذاته، فإدراك النفس ما هو أول بذاته من الأوليات التي هي مبدأ السؤال ولذلك لا يصح السؤال عنها بأن يُقال «هل هناك أول بذاته؟» فإنه لو لم يكن أول بذاته لما كان هناك شيء آخر، فالسؤال عن الأول بذاته سؤال لغو صوري.

الأمر الثاني: هناك عدة مراحل يُمر بها وهي جهل ثم شك ثم سؤال ثم فحص وتمييز، فأنا أجهل بالفلسفة فإذا سمعت بالعنوان بدأت المراحل، الجهل فإن عندي جهل بمعنى هذا العنوان، والجهل يبعث على الشك وهل أن هذا العنوان له واقعية أم لا، والشك يبعث على السؤال عنه، والسؤال يبعث على الفحص والتمييز، إلى أن يصل إلى ما يرفع الجهل المطلق، وهذه العملية التي يمير بها كل إنسان هي عملية وجدانية لكل إنسان في كل مجهول، فلا يعقل - بناء على ما ذكرناه في الأمر الأول - أن ينطلق الإنسان نحو الشك من الجهل المطلق، بل لابد أن تعلم بشيء ولذلك انطلقت ولو كان العلم بالعنوان، وأما لو كنت لا تعلم بشيء أبداً فإنه من المستحيل أن يحصل عندك شك، فالشك الذي يبعث على السؤال والبحث يبدأ بجهلٍ لكنه جهل تفصيلي لا جهلاً مطلق، والجهل المطلق مستحيل أن يكون منطلقاً للشك والسؤال والبحث بل هو منطلق لذلك هو الجهل التفصيلي أي تعلم بشيء وتجهل بشيء آخر.

الأمر الثالث: الرجوع إلى الوجدان، فإذا رجعنا إليه وجدنا أنه يشهد بأن الانتقال من العلم الإجمالي - قلنا أن الجهل المطلق من المستحيل أن يُنتقل منه إذن لابد أن نفترض جهلاً تفصيلياً والجهل التفصيلي يعني معه علمٌ إجمالي فتعلم إجمالاً بشيء وتجهل تفصيلاً به فلابد أن نفترض علماً إجماليا وإلا لا يمكن الشك - إلى العلم التفصيلي عبر خطواته - التي مرت علينا - عملية اختيارية، أنت الآن فتش عن وجدانك ألا أترى أنك تُمارس هذه العملية باختيارك؟ تجهل بشيء فتشك فيه وباختيارك أن تُكمل وباختيارك أن لا تُكمل، تشك وتسأل وتفحص وكل ذلك تجده حاصلاً بالاختيار، أي أنك لا تتوقف على استرفاد صورة من الخارج ومشاهدة صورةٍ من الخارج بل أنت ترى بوجدانك أن متى ما علمت بشيء اجمالاً وجهلت به تفصيلا حصل لك الشك والسؤال والبحث والتمييز، وكل ذلك عملية تمارسها بالاختيار وإلا - كما لو قال أحد أنا أنكر أن هذا اختياري - إنكار هذه العملية الاختيارية كإنكار إدراكنا لإدراكنا فهو خَلْفٌ وكذا الأول، فلو قال أحد أنكر أنني أمارس هذه العملية باختياري إذن نقول أيضا نحن ننكر أننا نُدرك، فهل تقبل هذا؟! ما هذه المصادمة للوجدان، فلو ادعى شخص أنه لا يُدرك أنه يُدرك لقيل أن به خللاً وإلا من أوضح الأمور الوجداني أنك تُدرك أنك تُدرك، فكما أن إدراكنا لإدراكنا أمر وجداني لا يقبل الشك وكذا ممارستنا لعملية الانتقال من العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي عملية اختيارية بالوجدان، فإنكار الأول إنكارٌ للثاني، وبما أن إنكار الأول خَلْف إذن إنكار الثاني خَلْف.

النقض الثالث:

لو كانت الصور مستفاضة من العقل الفعال لأمكن أن تُدرك النفس غيرها قبل إدراك ذاتها وهو خَلْف التسلسل الطبيعي للإدراك، فإذا كنت مخزنا فقط وليست لي أية فاعلية وليس لي أية إبداع بل مجرد مستقبل، فإذا كنت مستقبلاً إذن من الممكن أن أدرك أشياءً قبل أن أدرك نفسي؛ لأن حتى صورة نفسي هي صورة مستوردة ومستقبلة، فإذا كانت الصور في نفسي كلها مستوردة ومستفاضة إذن ما الذي يوجب هذا الترتب الطبيعي بأن لا أُدرك غيري إلا بعد أن أدرك نفسي، فإذا قلتم بأن هذا إبداع من النفس فإنه من الطبيعي أن النفس لن تُبدع تصور غيرها قبل أن تتصور نفسها، فما دام مسار التصور منطلقاً من داخل النفس فإن النفس لن تُدرك غيرها قبل أن تُدرك نفسها، ولكن إذا كان مسار التصور مفاضاً من الخارج إذن من الممكن أن تُدرك النفس غيرها قبل أن تُدرك ذاتها، وهذا خَلْف التسلسل الطبيعي للإدراك.

الخلاصة: بعد هذا البيان كله، فإن المقدار الثابت برهاناً ووجداناً ما طرح السيد الصدر «قدس» في كتابه «فلسفتنا» «» فهو لم يأتِ بعلم حضوري ولا علم حصولي ولا تجرد النفس بل قال: ”أن الصور الحسية هي مادة لانتزاع المفاهيم الثانوية“، فما قام عليه البرهان والوجدان هو الحاجة إلى الحس ﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل: 78] ومرادنا بالحس هو الحس الخارجي والداخلي، فالأفئدة هي الحس الداخلي، وهذه الصور الحسية - التي تأتي من طريق الحواس الخمس أو تأتي من الداخل كأن أتصور الغضب والفرح والحزن - هي المادة الخام لانتزاع المفاهيم الثانوية والتي سماها الطباطبائي بالتوسع أو الظرف التوسعي الاضطراري، فما يعبر عنه الصدر بالانتزاع يعبر عنه الطباطبائي بالظرف التوسعي الاضطراري، فأنا عندي مادة خام جاءتني من الحس - الداخلي أو الخارجي - ووظيفة عقلي أن ينتزع من هذه المادة مفاهيم كأن ينتزع مفهوم الامتداد ومفهوم الحركة الوحدة والكثرة والعلية والهوية والتناقض، فكل هذه المفاهيم التي أصدق بها من أن «النقيضين لا يجتمعان» و«لكل معلول علة» و«كل شيء هو هو وليس غيره» وهناك امتداد وهناك وحدة وهناك كثرة فإن كل هذه مفاهيم سواء كانت مفاهيم أفرادية أو تركيبية منتزعة من المادة الحسية لخلاقية الذهن وفعاليته، وهذا من دون حاجة لإقحام استناد العلم الحصولي إلى العلم الحضوري، سواء سلمنا أن هناك علماً حصولياً أو لو لم نسلم فإن النظرية تامة، ومن دون حاجة إلى افتراض تجرد الصور من أن الصورة مجردة وليست مادية، فإنه حتى لو كانت مادية فإن النظرية تتم، فالصور الحسية مادة لانتزاع المفاهيم الثانوية.

أما المدرسة الحسية تقول أن الممون للصور في الذهن هو الحس، فإذا كان مقصودهم بأن الممون لجميع الصور الحس حصراً أي أن جميع الصور ما لم تكن حسية فهي قضايا كاذبة وخيالية، وهذا كلام لا صحة له وقد أقمنا البرهان والوجدان على عدم صحته، ووجدنا أن كثير من القضايا بل هي أكثر كلها منتزعة لا أنها قضايا حسية، نعم هي انتزعت من المادة الحسية لكنها ليست حسية بل منتزعة من الصور الحسية، وما إذا كانت المدرسة الحسية تقول بأننا نقصد أن المبدأ هو الحس لا أن الممون الحصري هو الحس، فإن كانت رؤية المدرسة الحسية هو كون الحس هو المبدأ لا الممون الحصري فهي نظرية تامة.

أما المدرسة العقلية - ديكارت وكانت - قالوا أن هناك مفاهيم عندنا مختزنة منذ فطرة الإنسان وولادته، فكيف تقولون الحس فقط بل هناك مفاهيم مختزنة منذ ولادة الإنسان وفطرته، نأتي ونسأل عن المعارف الأولية الموجودة عند الإنسان منذ البداية - مثل «النقيضان لا يجتمعان» و«لكل معلول علة» ومثل الهوية - مختزنة في العقل بالفعل؟! وهذا خلاف الوجدان جزماً، وأما إذا كان مقصدكم بأنها مختزنة في العقل بالقوة لا بالفعل وإنما تصل النفس إليها عبر تكاملها بالحركة الجوهرية - النفس تترحك في المعلومات من معلومة إلى معلومة - بوسيلة المثير والحس يُعتبر مثيراً، أحسست بالوجود فتوسع عقلي فأدرك العدم، ولما أدرك العدم قارن بينهما، فلما قارن بينهما قال النقيضان لا يجتمعان، وهذه القضية التي أدركها عقلي مبدأها الحس وهي موجودة عندي بالقوة ولكن صار الإدراك الحسي مثيراً لها، وهذه الحركة التي قامت بها النفس من الحس إلى تصور نقيضه إلى المقارنة بينهما إلى الحكم بعدم الاجتماع هي حركة جوهرية، فإذا كانوا يقصدون بالمعارف الأولية العقلية فنظريتهم تامة.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 16 | تأملات نقدية في الحاجة للعقل الفعال
الدرس 18 | المذهب العقلي ونظرية المعرفة