نص الشريط
التقوى
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مؤسسة الإمام علي (ع) - لندن
التاريخ: 16/9/1428 هـ
مرات العرض: 3026
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1511)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى

صدق الله العلي العظيم

الآية المباركة تحدثت عن مبدأ التقوى، والحديث عن هذا المبدأ في محورين:

  • تحليل مفهوم التقوى.
  • بيان صور ومراتب التقوى.
المحور الأول: تحليل مفهوم التقوى.

هناك فرق بين مفهوم التقوى ومفهوم الاستقامة، الاستقامة من شؤون العمل الخارجي الذي يصدر من الإنسان، العمل الذي يصدر من الإنسان إذا تطابق مع قوانين السماء فهو استقامة، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ، أما بالنسبة للتقوى فهي من شؤون النفس، من شؤون التصرفات النفسانية، وليست من شؤون الأعمال الخارجية، التقوى هي عبارة عن جعل الإنسان نفسه في صراط العبودية، وفي طريق العبودية لله تبارك وتعالى.

الإنسان لا يمكن أن يتكامل في أي مجال إلا إذا وضع نفسه في الموضع الذي جُبِلَت عليه نفسُه، مثلًا: هناك إنسان عنده ميول لعلم الطب، هناك إنسان عنده ميول للرياضيات، هناك إنسان عنده ميول نحو الأدب والفن، إذا وضع الإنسان نفسه في موضع يختلف عن ميوله، يختلف عن إمكاناته الذاتية فلن يتكامل في هذا المجال، لا يمكن للإنسان أن يتكامل في أي مجال إلا إذا كان ذلك المجال منسجمًا مع طاقاته، منسجمًا مع ميوله، منسجمًا مع اتجاهاته الذاتية. إذن، وضع النفس في الموضع الذي جُبِلَت عليه هو طريق التكامل.

الإنسان أيضًا إذا قرأ نفسه، إذا أدرك نفسه، وجد أن نفسه هي عين الضعف والفقر والحاجة لله تبارك وتعالى، هذه النفس مهما بلغ الإنسان من طغيانه، مهما بلغ الإنسان من جبروته، مهما بلغ الإنسان من تعاليه، إذا قرأ نفسه يجد أن نفسه ضعيفة، يجد أنه عين الضعف والفقر، لا يمكن أن يدفع عن نفسه الألم، لا يمكن أن يدفع عن نفسه الموت، لا يمكن أن يجلب لنفسه شيئًا إلا بعوامل أخرى، إلا بأعوان أخرى. النفس إذا أدركها الإنسان وقرأها وجد أنها في موطن الضعف، في موطن الفقر، في موطن الحاجة، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ.

إذا عرف الإنسان أن نفسه هي قطعة من الفقر، هي قطعة من الحاجة، فإذا وضعها في موضعها، بمعنى أنه جعل نفسه مفتقرةً إلى الغني المطلق، جعل نفسه في موضع الحاجة للقوي المطلق، فقد جعلها في الموضع الذي خُلِقَت عليه، فقد جعلها في الموضع الذي جُبِلَت عليه، وهذا هو مبدأ التقوى.

التقوى هي جعل النفس كما خُلِقَت، جعل النفس في الموضع الذي خلقت عليه، النفس خلقت ضعيفة، النفس خلقت وهي عين الضعف والحاجة، إذا وضع الإنسان نفسه كما خلقها الله، جعلها في صراط العبودية، في صراط المملوكية، في صراط الارتباط بالله تبارك وتعالى، فقد مثّل مبدأ التقوى، فمبدأ التقوى شأنٌ نفسانيٌ يقوم به الإنسان، وهو أن يشعر نفسه أنها مملوك محض مرتبط بالله تبارك وتعالى، ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

المحور الثاني: صور ومراتب التقوى.

القرآن الكريم يذكر أن للتقوى درجاتٍ ومراتبَ، حيث يقول: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، هناك درجات، هناك مراتب للتقوى، وليست مرتبة واحدة، فما هي مراتب التقوى؟ ما هي صور التقوى؟ هنا علماء العرفان يؤكدون أن الله «تبارك وتعالى» حينما خلق الخلق تجلى الله في قلب كل إنسان، الله أودع نورًا منه في قلب كل إنسان، ما ترك إنسانًا إلا وفيه ذرة من التجلي الإلهي لله تبارك وتعالى.

لاحظوا مثلًا ما ورد في الحديث القدسي: ”كنت كنزًا مخفيًا، فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق لكي أعرف“، أنا تعرفت للخلق من خلال قلوبهم، جعلت في قلب كل مخلوق ذرة من نوري، رشحة من صفاتي، حتى يصل المخلوق إلي عبر قلبه، وعبر نفسه، لا يوجد مخلوق إلا وفي قلبه ذرة ورشحة من تجلي الله تبارك وتعالى، وهذا معنى الآية المباركة: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا. كل القلوب، كل الأرواح، فُطِرَت وفيها نورٌ من نور الله تبارك وتعالى.

ويؤكد هذا المعنى ما ورد في الحديث المعتبر: ”إن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق“، كل مخلوق له نفس يصل به إلى الله، وهذا النفس الذي يمتلكه المخلوق ويوصله إلى الله هو النور الإلهي الذي زرعه الله في قلب هذا المخلوق حينما أوجده، وإن كان هذا المخلوق أحيانًا يلوّث نفسه بالذنوب، يلوّث نفسه بقذارات المعاصي، حتى تغلب على ذلك النور الإلهي، إلا أن كل مخلوق فيه رشحة من نور الله عز وجل.

لذلك، اختلف المخلوقون، اختلف البشر باختلاف طاقاتهم. هناك قسم من البشر تجلى الله في قلبه من خلال مبدأ القوة، هناك قسم من البشر تجلى الله في قلبه من خلال مبدأ الرحمة، هناك قسم من البشر تجلى الله في قلبه من خلال مبدأ الحب. إذن، البشر يختلفون في نوع التجلي الذي تجلى الله به في قلوبهم، هناك قسم من البشر يعيش حالة الخوف والقلق، هذا منذ أن خلق أدرك أن القوة والقدرة بيد الله، أدرك أن هناك قوةً وراء هذا الوجود، وراء هذه الطبيعة، بيدها أزمة الأمور كلها.

لأجل أنه يدرك أن هناك قوة، فهو يعيش حالة القلق، يعيش حالة الخوف، يعيش حالة التوجس. هذا الإنسان يصل إلى الله عبر مبدأ القوة الذي أدركه لله «تبارك وتعالى»، لذلك تجد هذا الإنسان يحاول بقدر ما يستطيع أن يبتعد عن المعاصي والرذائل كي تقيه من عقوبة تلك القوة التي لا حد لها ولا أمد لها، القوة الإلهية، فهذا القسم من الناس تجلى الله في قلبه، لكن من خلال مبدأ القوة، لذلك هو يعبد الله خوفًا، ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.

وهناك قسم آخر من الناس تجلى الله في قلبه عبر مبدأ الرحمة، ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، هذا الإنسان منذ وجد يدرك أن هناك رحمة لا حد لها، أن هناك حنانًا وتفضلًا وامتنانًا وعطاء لا حد له ولا قيد له، هذا الإنسان أيضًا تجلى الله في قلبه، لكنه تجلى من خلال مبدأ الرحمة. لذلك تجد هذا القسم يختلف عن القسم الأول، هذا القسم دائمًا متفائل، دائمًا عنده أمل، مهما يصنع من أخطاء ومعاصٍ، دائمًا عنده روح الأمل والتفاؤل والتغير، دائمًا عنده ثقة مطلقة برحمة الله عز وجل، وبعطفه وامتنانه وتفضله، هذا القسم يعبد الله رجاء، كما أن القسم الأول يعبد الله خوفًا، هذا القسم يعبد الله رجاءً، دائمًا يطمع في الرحمة، ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

وهناك قسم ثالث تجلى الله في قلبه لكن من خلال مبدأ الحب، لا مبدأ الخوف ولا مبدأ الرحمة والرجاء، وإنما من مبدأ الحب، وهذا القسم هو القسم المتميز على القسمين الآخرين. هناك قسم من الناس أدركوا جمال الله عز وجل، منذ أن فطروا، منذ أن خلقوا أدركوا جمال الله، فأحبوه، ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، هناك قسم من البشر أدركوا حسن الله من خلال حسن مخلوقاته. الإنسان بطبعه وغريزته يحب الجمال، الإنسان فطر على حب الجمال، يحب الجمال المادي مع أنه جمال محدود، يحب جمال الصوت، يحب جمال الشكل، يحب جمال الخلق، يحب جمال الطبيعة، مع أن كل هذه المظاهر هي مظاهر محدودة للجمال، كل جمال مادي فهو مشوب بالنقص، فهو مشوب بشيء من القبح والنقص. إذا كان الإنسان يحب الجمال بطبعه مع أنه جمال محدود، فكيف إذا أدرك الجمال اللامحدود؟! فكيف إذا أدرك الجمال الذي لا حد له ولا قيد له؟! إذا أدرك جمال الله من خلال جمال مخلوقاته أحبه ومال إليه وتعلق به. إذن، هؤلاء القسم من الناس أحبوا الله لأنهم أدركوا جمال الله تبارك وتعالى، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ.

هؤلاء الذين أدركوا جمال الله تعلقوا بالله، هؤلاء يمتازون عن القسمين الأولين، قسم عبد الله خوفًا، قسم عبد الله رجاء، أما هذا القسم فقد عبد الله لأنه يعشق الله، لأنه يحب الله، لأنه يذوب في الله، لأنه أدرك الجمال المطلق لله تبارك وتعالى، فهذا القسم متميز على القسمين الأولين. وهذا القسم الذي فُطِر وجُبِل على حب الله عز وجل منهم الأولياء، ومنهم المعصومون، الذين جبلوا على هذه النفسية، وعلى هذه الوتيرة، ألا وهي وتيرة حب الله تبارك وتعالى.

لذلك، ترى هذا الإنسان المشغول بحب الله لا يدرك إلا الله، كما ورد عن أمير المؤمنين : ”ما رأيت شيئًا إلا ورأيت الله قبله وبعده وفوقه وتحته وفيه“، أنا لا أرى شيئًا إلا وأرى جمال الله يتجلى فيه، لذلك أنا لا أدرك إلا الله، مشغول ومشغوف بحب الله، لا أرى إلا الله تبارك وتعالى، هذا القسم من الناس عبد الله حبًا وعشقًا لله تبارك وتعالى، وهذه من أعلى مراتب التقوى.

حتى الحب لله هو ذو مراتب، الحب ليس مرتبة واحدة، نحن نحب الله لكن حبًا أوليًا، وهناك من يحب الله حبًا أقوى من ذلك، نفس القرآن الكريم عندما يقول: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ يعني أن الحب له درجات، يشتد ويضعف، فما هي مراتب الحب لله عز وجل؟ هناك علماء العرفان يركزون على مراتب الحب، ومراتب التقوى بمراتب حب الله عز وجل.

المرتبة الأولى: التوكل.

هذا الإنسان الذي أحب الله تراه واثقًا بقضاء الله وقدره، عنده ثقة مطلقة بقضاء الله وقدره، أن الله لا يفعل فيه إلا ما هو صلاحه، هذا الإنسان الذي وثق بربه ثقة مطلقة نال أول درجات حب الله، ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، الإمام الصادق يقول: ”من أعطى ثلاثًا أعطي ثلاثًا: من أعطى الدعاء أعطي الإجابة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، ومن أعطى الشكر أعطي الزيادة؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، ومن أعطى التوكل أعطي الكفاية؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ“، إذن أول درجة من درجات حب الله درجة التوكل.

المرتبة الثانية: الرضا.

هل يرضى الإنسان بالمصائب التي تعرض عليه من قبل الله عز وجل؟ من الطبيعي ألا يرضى الإنسان، الإنسان إذا أصابته مصيبة يصبر، لكنه ليس راضيًا بها، يقول: أنا أصبر لأنه لا حول ولا قوة لي؛ لأنني لا أقدر على التغيير، فأنا صابر لكنني لست راضيًا. هناك قسم من الناس يرضون حتى بالمصائب، هناك قسم من الناس يعتبرون المصائب خيرًا وليست مصائب، يرون المصائب خيرًا وليست نوائب، هؤلاء الذين أدركوا جمال الله، من أدرك جمال الله وأن الله الجميل لا يصنع إلا الجميل، وأن الله الخير المطلق لا يصنع إلا الخير، هؤلاء يرضون حتى بالنوائب، أصلًا ليس عندهم هذا التقسيم: هناك نعم وهناك نقم، يرون الكل نعمةً من قبل الله عز وجل.

هذا القسم من الناس يعيشون مرتبة الرضا، وصل إلى المرتبة الثانية من مراتب حب الله، ألا وهي مرتبة الرضا، والرضا يزرع الاطمئنان، هذا الإنسان الراضي بربه دائمًا مطمئن، ليس عنده قلق، لأنه يدري أن الله لا يصنع به إلا الخير، فهو دائمًا في حالة اطمئنان، لا يعيش قلقًا، لا يعيش توترًا، وهذا ما قصدته الآية المباركة: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، لا يعيشون قلقًا أبدًا؛ لأنهم يعيشون لذة الرضا بالله، لأنهم يعيشون لذة شهود جمال الله تبارك وتعالى، فهم في حالة رضا، في حالة اطمئنان، وهذا ما قصدته الآية المباركة: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً، هناك ملازمة بين الرضا والاطمئنان.

المرتبة الثالثة: التسليم.

أما المرتبة الثالثة - وهي أعلى مراتب الحب لله عز وجل - مرتبة التسليم، أن الإنسان لا يرى نفسه شيئًا أمام الله، ربما الإنسان الأول الذي أحب الله وتوكل عليه، أو الإنسان الثاني الذي رضي بقضاء الله، يرى شيئين: يرى أن هناك إلهًا وأن هناك عبدًا، أما الإنسان الثالث الذي وصل إلى مرتبة التسليم فهو لا يرى شيئين، لا يرى وجودين، لا يرى إلا وجودًا واحدًا، وهو وجود الله عز وجل، كما تقرأ في دعاء يا مجير الذي يقرأ أيام البيض من شهر رمضان، قال في هذا الدعاء: ”سبحانك يا معبود، تعاليت يا موجود“، أنا لا أرى موجودًا غيرك، لا أرى اثنين، لا أرى وجودين، لا أرى إلا وجودًا واحدًا، هذا الإنسان وصل إلى مرتبة التسليم، لأنه لا يرى إلا وجودًا واحدًا، وهو وجود ربه تبارك وتعالى.

هذا الإنسان هو الذي يقول: ”يا من دل على ذاته بذاته“، هذا الإنسان الذي يقول: ”عميت عين لا تراك عليها رقيبًا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من ودك نصيبًا“، هذا الإنسان الذي وصل إلى مرتبة التسليم وصل إلى أعلى مراتب التقوى، ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وهي عبارة عن الدرجة الأولى من درجات الحب، ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا الدرجة الثانية من درجات الحب، ﴿ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا الدرجة الثالثة من درجات الحب، ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، والذين وصلوا إلى هذه الدرجة حازوا الرضا وحازوا التسليم.

وهذا ما ذكره الإمام يوم عاشوراء عندما طُعِن بالسهم المثلث، قال: ”اللهم رضا بقضائك، وتسليمًا لأمرك“، أنا بلغت أعلى مراتب الحب، بلغت مرتبة الرضا، بلغت مرتبة التسليم. الذين وصلوا إلى هذه المرتبة العالية من حب الله عز وجل هم الذين يعيشون دائمًا اطمئنانًا، يعيشون دائمًا قبولًا، لا يرون في الوجود قبحًا، لا يرون في الوجود شرًا، يرون أن كل ما يصدر من الله فهو جميل، فهو خير، ”كيف رأيتِ صنع بأخيكِ والعتاة المردة من أهل بيتكِ؟ قالت: ما رأيتُ إلا جميلًا“، لا أرى إلا الجمال، لا أرى إلا الخير، ”هؤلاء قوم كُتِب عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصَم، فانظر لمن الفلج يومئذ“.

التشيع عند أهل البيت (ع)
ولاية الإمام علي (ع)