عصمة الانبياء (عليهم السلام) بين الواقع والادلة ج2

شبكة المنير قناة الكوثر الفضائية

سالم جاري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الامين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، واصحابه الغر الميامين. السلام عليكم ايها المشاهدين الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته. احييكم اطيب تحية والتقيكم في هذه الحلقة من برنامج: مرفأ الحوار، عنوان هذه الحلقة استمرار للحلقتين السابقتين اللتين كان عنوانهما: عصمة الانبياء بين الواقع والادلة. احبتي المشاهدين الكرام، جرى الحديث فيما سبق عن عصمة الانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» جميعاً عن معنى العصمة في اللغة، ومعنى العصمة في الاصطلاح، وهل الانبياء والمرسلون معصومون جميعاً دون استثناء، ايضاً طرحت هناك اسئلة من قبل بعض الاخوة المشاهدين الكرام، من مثل ما نسب الى النبي الاكرم في بعض صحاح المسلمين مما لا يليق به ولا بسائر الانبياء ، ايضاً طرحت بعض الاسئلة من قبيل الاشكال الوارد في قول الله «تبارك وتعالى»، طبعاً الاشكال من قبل الناس الخاص بقول الله «تبارك وتعالى» ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى، وهل المقصود النبي أم المقصود رجل من اصحابه، ثم اذا جئنا الى عصمة الانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» ابتداءً من آدم هل ما ورد في القرآن الكريم مما هو ظاهر من صريح الآية بان آدم عصى ربه ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى وان الشيطان قد وسوس اليه ولحواء فاخرجهما من الجنة ﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ، اذن هذا كلام صريح بان آدم تأثر بوسوسة الشيطان، وهذا التأثر كان سبباً لاخراجه وحواء من الجنة، ثم اذا لم يكن هذا صريحاً فان قوله تعالى ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، فهذا صريح بالعصيان، اذن هل العصيان هنا هو العصيان الذي نفهمه الآن والذي نهانا الله «سبحانه وتعالى» عنه، ثم هل كان آدم في دار اختبار بحيث يصدق عليه اذا فعل شيئاً انه عصى، واذا لم يفعل شيئاً آخر بانه أطاع، الحديث ان آدم في الجنة وهل الجنة فيها اختبار وامتحان، ثم أي جنة هذه، اذن هناك احاديث ومحاور تتعلق بهذا الموضوع ابحثها مشاهدينا الكرام مع ضيفينا الكريمين، معنا عبر الاقمار الصناعية من مدينة قم المقدسة سماحة السيد منير الخباز، الباحث الاسلامي والاستاذ في الحوزة العلمية، وايضاً معنا من دمشق عبر الاقمار الصناعية فضيلة الدكتور الشيخ عبد الرزاق المؤنس، الباحث الاسلامي. احييكم مشاهدينا الكرام مجدداً واحيي ضيفينا الكريمين وابدأ مع ضيفنا الكريم من مدينة قم المقدسة، سماحة السيد منير الخباز، السلام عليكم سماحة السيد.

سماحة السيد منير الخباز: وعليكم السلام والرحمة والاكرام.

سالم جاري: حياكم الله. سيدنا الكريم في الحلقة الماضية تفضلتم انتم والضيف الآخر الكريم بالحديث عن عصمة الانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين» وطرحت بعض الاشكالات، وكان لديكم حديث في آخر دقائق الحلقة الماضية عن ان الانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» كانوا مسددين من قبل الله «سبحانه وتعالى» في سلمهم، في حربهم، في كل حركاتهم، في كل سكناتهم، فهل لكم ان تواصلوا الحديث فيما بدأتموه في الحلقة الماضية، تفضلوا.

سماحة السيد منير الخباز: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين. واهلاً بكم وبالضيف الكريم من دمشق. المدرسة الإمامية تعتقد بان النبي معصوم عصمة مطلقة، بمعنى انه معصوم في استقباله لأي فكرة، ومعصوم في استنتاجاته، ومعصوم في تبليغه، ومعصوم في تطبيق تعاليم السماء، هذه العصمة المطلقة نحن نستدل عليها بادلة، الدليل الاول هو اطلاق القرآن الكريم، الآيات الواردة في القرآن الكريم مطلقة، مثلاً قوله تعالى ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى، قوله تعالى ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا، هذه الآيات تقول ان النبي لا ينطق خطأ سواء كان في مجال التبليغ او كان في مجال الامور الشخصية والامور الدنيوية، الآية مطلقة، وايضاً قوله تعالى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، معناه ان الرسول اسوة في كل ما يصدر منه، وفي كل ما ينطق، وفي كل ما يحصل منه، هذه الآية ايضاً مطلقة لم تفصل بين مجال التبليغ وبين مجال القضايا الشخصية، ايضاً عندما نقرأ هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ، أمر الله باطاعة الرسول اطاعة مطلقة، بينما أمر باطاعة اولي الامر بطاعة محدودة مالم تعارض أمر الله وأمر رسوله، معناه ان الرسول معصوم في كل ما يصدر منه، وإلا كيف يؤمر بطاعته اطاعة مطلقة، وتقرن اطاعته باطاعة الله «عز وجل» مع انه قد يخطئ في القضايا الشخصية، وفي الامور الدنيوية، هذا الدليل الاول اطلاق الدليل القرآني. الدليل الثاني ان قوله تبارك وتعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا، ظاهر هذه الآية ان هناك هدفاً الهياً وهو وجود الانسان الاحسن، ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا يعني من اهداف الله «عز وجل» في الارض ان يوجد الانسان الاحسن، والانسان الاحسن يعني الانسان الاكمل في اخلاقه، في تصرفاته، في قضاياه، هواحسن في تمام جهاته، وفي تمام حركاته وسكناته، هذا هدف قرآني، هذا الهدف اما غير قابل للتطبيق او قابل للتطبيق، اذا كان هذا الهدف غير قابل للتطبيق فجعله في القرآن لهو، واللهو قبيح، والقبيح لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى، واذا كان هذا الهدف قابلاً للتطبيق فأولى انسان بتطبيق هذا الهدف هو النبي ، الهدف وجود الانسان الاحسن، وأولى شخص بانطباق هذا الهدف بان يكون هو الانسان الاحسن هو النبي لانه اشرف المخلوقات وسيد المخلوقين، اذن بالنتيجة النبي هو المصداق الاوضح للانسان الاحسن، فهو احسن في فكره، احسن في تبليغه، احسن في تصرفاته الشخصية، احسن في تمام قضاياه، وهذا معناه الانسان المعصوم عصمة مطلقة وإلا لم يكن احسن في تمام جهاته. الدليل الثالث لو جاز على النبي الخطأ في القضايا الشخصية لشك الناس فيه حتى في القضايا التبليغية، لانه من الذي يفصل لنا القضايا الشخصية عن القضايا التبليغية، هو النبي نفسه، لو ان النبي أمرنا بالحرب ونحن لا ندري ان هذا الامر من القضايا التبليغية أو انه لا، من القضايا الدنيوية، من الذي يحدد لنا ان هذه قضية شخصية او ان هذه قضية تبليغية، النبي يقول: ”أمرتكم بالحرب وهذا الامر من قبل الله“، مثلاً النبي عقد صلحاً مع المشركين، لا ندري ان هذا من القضايا الدنيوية او من القضايا التبليغية، الذي يحدد لنا هو النبي، فاذا كان النبي هو الذي يحدد ان هذه قضية تبليغية وهذه قضية دنيوية لعله يخطئ في تحديده، اذا جوزنا على النبي الخطأ في القضايا الدنيوية فلعله اخطأ في فرزه قال لنا هذه قضية دنيوية، بينما هي قضية تبليغية، او قال هذه قضية تبليغية بينما هي قضية دنيوية، اذا جوزنا على النبي الخطأ في القضايا الدنيوية جوزنا عليه الخطأ في فرز القضايا وحينئذ يقع الشك فيما يصدر منه من قول وفعل، واذا وقع الشك فيه انهار اعتقاد الناس به، ولم يلتف الناس حول قيادته لانها قيادة مشكوكة، ويضيع الهدف من بعثته ومن قيادته، خصوصاً في الحروب، انا استغرب من الذي يقول النبي يمكن ان يخطئ في الحروب، نحن حتى لو سلمنا جدلاً ان النبي يخطئ في القضايا الشخصية مثلاً، لا يمكن ان نجوز عليه الخطأ في الحروب لماذا؟ لان اعظم مظهر لقيادة النبي هي قيادته للحروب، الدولة الاسلامية اعتمدت على هذه الحروب، لو جوزنا على النبي الخطأ حتى في قيادته للحروب، انهار اعتقاد الناس به، وضعف اعتقاد الناس به، لان اكبر مظهر لقيادته هو قيادته للحروب، فكيف نجوز عليه الخطأ في اعظم مظهر لقيادته ، لو جوزنا عليه الخطأ في ذلك لضعف اعتقاد الناس به وانهاروا من حوله، وهذا يتنافى مع الهدف من بعثته قائداً للمجتمع الانساني كله، لذلك نحن المدرسة الإمامية عندنا موقف من الروايات، اي رواية تتنافى مع العصمة المطلقة لابد من طرحها او تأويلها، لماذا؟ لان العصمة المطلقة ثبتت في القرآن، ثبتت بالدليل العقلي، فلا يمكن ان نعارض القرآن والدليل العقلي بخبر آحاد، رواية تأريخية ان النبي يوم بدر مثلاً نزل بمكان بعيد عن الماء، او نزل بمكان غير استراتيجي خطأً، هذا خبر آحاد، وخبر الآحاد لا يعارض به عقيدة قطعية استفيدت من الكتاب واستفيدت من العقل اذن نحن لدينا موقف من هذه الروايات.

سالم جاري: شكراً لكم سماحة السيد، سأعود اليكم، دعني انتقل الى ضيفنا الكريم من دمشق فضيلة الدكتور الشيخ عبد الرزاق المؤنس، السلام عليكم فضيلة الشيخ.

سماحة الشيخ الدكتور عبد الرزاق المؤنس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

سالم جاري: حياكم الله شيخنا الكريم. الملاحظ كما تفضل سماحة السيد منير الخباز ان الانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» هم رسل الله «سبحانه وتعالى» وهم الاسوة والقدوة الحسنة، ولا شك ان الناس يقتدون بانبيائهم وبرسلهم في كل صغيرة وكبيرة، ثم ان الله «سبحانه وتعالى» ذكّر ان الانسان سوف يعرض ويعرض معه عمله يوم القيامة ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، فهل من المعقول ان الانبياء مسامحون، هل من العدالة الالهية ان الانبياء يأتون باللمم ويأتون ببعض الاخطاء من قبيل امورهم الشخصية ثم لا يحاسبون عليها، والانسان غير النبي يعمل مثقال ذرة شرا فيحاسب عليه يوم القيامة، أم انكم توافقون سماحة السيد منير الخباز في ان عصمة الانبياء والمرسلين مطلقة، تفضلوا.

سماحة الشيخ الدكتور عبد الرزاق المؤنس: الحمد الله وكفى وصلاة وسلاماً على الرسول المصطفى وعلى آله النجبا واصحابه الشرفا، الحقيقة انا احيي ما تفضل به سماحة السيد منير الخباز، واتعانق معه فكراً وعقيدة والتزاماً بان ما تفضل به هو في الواقع مذهب اهل السنّة والجماعة، وهذا هو التحقيق النهائي في قضية العصمة لما يخص الانبياء جميعاً ، وذلك لانه تكلم كلمة اعجبتني جداً اتمنى ان يعقد حولها مؤتمر ومؤتمرات، وهو ان هدف الدين هو وجود الانسان الاحسن، وهذا الانسان الاحسن هو مرآة ينبغي ان تكون حقيقة تظهر في كل داعية وفي كل من يمثل الخلق والدين والعقيدة والاسلام، الاسلام بالمعنى العالمي، الاسلام بالمعنى التراحمي الذي كان رحمة للعالمين بشخص الرسول في ان يكون مرآة لتلك القيم، والاخلاق وتلك المتغيرات التي حصلت عبر التأريخ الاسلامي، وبخصوص هذا الامر اقول بان الانبياء «عليهم الصلاة والسلام جميعاً» هم بشر، ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ، مثلكم في كل احتياجاتكم في كل ما يلم بكم، في كل ما يصيبكم، اما في قضية اللمم وفي قضية الذنوب الصغيرة والكبيرة، فالواقع اختلف الكثيرون من اهل العلم في هذه المسألة حول موضوع الذنوب الصغيرة والكبيرة وما كان قبل النبوة وما كان بعد النبوة، ونحن لسنا بحاجة لان نتعرج كثيراً على عثرات تلك الاختلافات، ولكن نريد ان نصل الى الصحيح منها والى القاعدة العامة المطلقة ان الانبياء وخصوصاً سيدنا رسول الله « وصحبه وسلم» هو الانسان المعصوم قبل النبوة وبعدها من الذنوب الصغيرة ومن الذنوب الكبيرة، وذلك ايضاً تعلقاً بما تفضل به سماحة السيد بان هؤلا هم القدوة وهم الاسوة، وهم العنوان من اجل ان يشتد اليهم كل انسان يطلب الحقيقة، ويطلب الكمال في الانسانية وفي الدنيا ليكون في الآخر ممن ينتقل من الارض الى الجنة، الى السماء، وحقيقة ما جاء في القرآن الكريم، من آيات تتعلق بمظاهر ذنوب ومعاصي كما عبّر عنها القرآن الكريم، هي احوال من اجل ان ينظر هذا الانسان الى انه لا يعيش حالة من العصمة «الانسان العادي» التي تجعله يتجشم تكلف التشريع وتكلف التدين في وضع يعاني منه مع وجود ضغوط تحيط به من شهوات ومن مغريات حوله في الحياة الدنيا، ولذلك ربنا «سبحانه وتعالى» يقول ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، والحديث الشريف يقول: ”ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه“. اذن يعفى من الذنوب ومن الاخطاء ومن العثرات ما يقع فيه الانسان من بعض هذه التجاوزات لان الله «عز وجل» اعلم بخلقه، ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، ولذلك فان الانسان بطبيعته الانسان المؤمن العادي، ان الله «سبحانه وتعالى» ينظر الى ضعفه، ولذلك يقولون الثواب يتكافأ مع مستوى الاستطاعة، مع مستوى قدرة الانسان الذي ينوي في قصده ان يكون مجتهداً يتصاعد نحو رضا الله «سبحانه وتعالى» عبر هذا الاجتذاذ في الاسوة الحسنة والقدوة الرسول الاعظم ، ولذلك فان قضية الاقتداء والاهتداء هي التي قال فيها الله «سبحانه وتعالى» من اجل ان نرتبط بها ومن اجل ان تكون عنواننا وان تكون أمامنا وإمامنا ايضاً ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا، هناك اشياء تعرف وهنا اشياء لا تعرف، فما لا يعرف مادام خرج وثبت بالسند الصحيح عن رسول الله اذن ينبغي ان نسلم به التسليم الكامل، وان كل ما نشهده من بعض الملاحظات التي يراها البعض انها ملاحظات في تصرفات جرت خلال سيرة الرسول الاعظم «عليه الصلاة والسلام» في الواقع هي بالنسبة للانبياء نقول هي خلاف الاولى، ولكن اذا قلنا ذلك، بالنسبة للعالمين هي عبارة عن توجيه، عبارة عن وضع امثلة لوجود بعض الاختلافات كيف تتصرفون وكيف تخرجون من هذه الاختلافات، وبالرغم من كل ذلك فقد قسم العلماء هذه المسائل في موضوع الانبياء وعصمتهم وموضوع ما حصل وما جرى من بعض الملاحظات في ذنوب او في معصية كما ذكر القرآن الكريم ومنها ﴿عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ او ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، وغير ذلك، ومنها آية ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى، وامثال هذا من القرآن الكريم، الآيات العظيمة الشريفة، انما كان ذلك من اجل هي في حقيقتها ليست معصية والنبي محمد في حقيقة الامر لم يعص ابداً، كيف يعصي والله «سبحانه وتعالى» قال ﴿فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وان الله «سبحانه وتعالى» قد اصطفى هذا الرسول الاعظم اصطفاءً خاصاً دون غيره، والانبياء جميعاً لهم اصطفاء، اذن هي عناية كاملة لشخصه «عليه الصلاة والسلام» لاجل ان يتبين الناس من بعده ان كل ما تصرف به هي مخرجات في شؤون السلم وفي شؤون الحرب، لانه لا يمكن لكل انسان ان يكون مثله في العصمة، ان يكون مثله في السداد، ان يكون مثله فيما يوحى اليه وانما هو امثلة وتجارب أمامهم حتى يكونوا متصرفين بحسن التخرج لم يقع من ازمات ومشكلات ويكونوا في اهتدائهم وانشدادهم الى المرجعية الاعظم، المرجعية الكونية للدنيا والآخرة في رسول الله هي الامان وهي الضمان لهم في كل تصرفاتهم، حتى لو وقعوا في عثرات او كانت منهم هفوات فانهم يقيسون اصلاحها ويقيسون مرجعيتها واستقامتها في سيرته المطهرة، وذلك لان الانسان اليوم من غير إمام، تائه، الانسان من غير مرجعية انسان في حيرة، في ضياع، وما يصيب الناس اليوم من حيرة ومن ضياع الا لانهم فقدوا المرجعية، فقدوا الإمامية في حياتهم، لابد من وجود الإمامية، وقد خصّ الرسول المصطفى «عليه الصلاة والسلام» العناية والنصيحة في هذه الامة بان يكونوا جميعاً مشتدين الى ان يكون لهم مرجع جماعة، يد الله مع الجماعة، والجماعة ليست هي الجماعة التي تكون بلا مقدمة وبلا قائد يقودها، اذن نحن عندما ننظر الى ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وننظر الى الامان والضمان عرفنا أم لم نعرف ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى لنطمئن ان ما صدر منه «صلى الله عليه وسلم» قبل النبوة، وما كان منه بعد النبوة حتى من طفولته هو في الواقع في أمان وضمان وسلام، لا ذنب لا صغير ولا كبير، حتى ان الله «عز وجل» قد خصّ الرسول المصطفى محمد بعناية له حتى في طفولته، من ان يتعثر في لهو، اذن هو في عين الله ورعايته وفي ضمانه وفي أمانه.

سالم جاري: احسنتم سماحة الدكتور. مشاهدينا الكرام معنا الآن المتصل الاخ عبادي من السعودية، تفضلوا.

المتصل الاخ عبادي من السعودية: السلام عليكم.

سالم جاري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل الاخ عبادي من السعودية: تحية لك ولضيفيك الكريمين. الحقيقة من الاسبوع الماضي عن عصمة الانبياء، انا رجعت الى كثير من كتب التراث الاسلامي والموروثات الاسلامية سواءً في مدرسة اتباع اهل البيت او في المدرسة السنية، اما المراجع في الفكر الوهابي فلدي قناعتي الشخصية انها لا تستحق ان يرجع لها لانها لا تمثل الاسلام لا من قريب ولا من بعيد، المهم، ولاحظت في الحقيقة من خلال البحث لهذا الاسبوع انه ليس هناك عصمة من خلال الموروثات الاسلامية للانبياء والرسل بل ان هنالك من اخطأ او من فعل فعلاً يتعارض والعصمة، هذه نقطة. وعلى العكس حينما رجعت الى سيرة الائمة من اهل البيت في تأريخهم وجدت ان لديهم عصمة الانسان عن الخطأ والتواضع، وانا لا اقول هذا الكلام مجاملة، ولكن كنت اريد ان اتصيد بعض الاخطاء فوجدت كما لدينا القديسين لديهم عصمة عن فعل الشر وحتى اللمم او الاخلاق السيئة في حياتهم الشخصية حتى مماتهم، بينما انعكست هذه الآية في سيرة الانبياء والرسل من المنظور الاسلامي حتى نبي الاسلام محمد نفسه لم يسلم من هذه، بل هنالك اخطاء، حتى في القرآن هنالك بعض الآيات تشير الى خطأه في مسائل معينة، فهل هذا ايضاً يتعارض مع عصمة الانبياء أم لا؟

سالم جاري: شكراً لكم، شكراً للاخ عبادي. معنا المتصلة الاخت مها من لندن، تفضلوا.

المتصلة الاخت مها من لندن: مساء الخير لكم جميعاً وتحية طيبة.

سالم جاري: حياكم الله.

المتصلة الاخت مها من لندن: أود ان اتناول موضوع العصمة بصفة عامة، اي ان الانبياء جميعاً يتناولهم هذا الموضوع، الانبياء بشر وهم عبيد لله ويستغفرون، وإلا ما قيمة الاستغفار وما قيمة فعل الذنوب ان لم يكن هناك استغفار، ان الله يحب العبد الذي يستغفر، فاذا لم يخطأوا كيف يستغفرون؟ هذه بصفة عامة. وبصفة خاصة الانبياء وعلى سبيل المثال النبي يوسف «رضي الله عنه» عندما همت به امرأة العزيز وكاد ان يهم بها، هنالك كلمة من الله سبقت ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ، اي ان الله «سبحانه وتعالى» عندما النبي يريد ان يخطأ يسبق فعل النبي.

سالم جاري: اخت مها عذراً، انت تقصدين قوله تعالى ﴿لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ اليس كذلك، فاذن هذه هي العصمة «برهان ربه» هو العصمة، ﴿لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ يعني لولا العصمة التي منعته من الوقوع في الخطأ.

المتصلة الاخت مها من لندن: لم اقصد هذا فقط ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ، ما هي هذه الكلمة، كلمة من الله سبقت اي ان الله ابطل مفعول معصيته بكلمة او بأمر من الله سبق تلك المعصية حماه من ان يعصي، اذن الله تدخل، كلمة من الله تسبق كل فعل لا يريده الله، وهي تكررت هذه الكلمة في القرآن، ﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ. الرسول «صلى الله عليه وسلم» في الاسراء والمعراج عندما صعد الى السماوات السبع عرض عليه كما سمعنا، الخمر واللبن، فاختار اللبن، معنى هذا انه خيّر، انه لو اختار الخمر لكان الامر شيء آخر، لو كان معصوماً لما خيّر ولما عرضت عليه الاشياء، ايضاً يا سيدي الفاضل عندما كان صغيرا عند حليمة السعدية التي كانت ترضعه، ألم تسمعوا بتلك الرواية التي قالت بانه جاءه ملاك وشق صدره واخذ منه تلك المضغة الشيطانية التي سوف توسوس له في المستقبل، اذن الرسول محمي ولكن يبقى انسان، وماذا اقول لك، العصمة هي شيء جميل ورائع ولكن لا يحتاجه الرسول لانه اختاره الله وكفاه، واختار بقية الانبياء وكلهم فعلوا اخطاء، يعني ابراهيم «رضي الله عنه» كذب، اضطر الى ان يكذب عندما قال: اسألوا كبيرهم للاصنام، كبيرهم فعل تلك الفعلة، والى آخره، فإذا صح هذا الامرلدي الانبياء، فما قيمة العصمة؟

سالم جاري: وصلت فكرتك شكراً لك، طبعاً هذا لا يقرّك عليه الضيفان الكريمان، ابراهيم لم يخطأ، وانما هذا طريقة كما رأى قال كوكباً فقال هذا ربي، وإلا لكان مشركاً، هذا من طريقته في التدرج مع قومه لكي يقودهم ويجرهم الى الصراط المستقيم، اذن اعود الى ضيفينا الكريمين وابدأ مع سماحة السيد منير الخباز. سماحة السيد بالنسبة للاخ عبادي من المملكة العربية السعودية يقول: انا انصافاً تتبعت سير الانبياء «صلى لله عليهم جميعاً» في القرآن فوجدت هناك ما نسب اليهم يعني كأنه يقصد ان موسى مثلاً قتل نفساً ﴿وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا، ابراهيم ربما جرى ما جرى عليه وهكذا الى سائر الانبياء، يقول مع ان الائمة لم اجد في تأريخهم مثل ما وجدت عند الانبياء، اذن لندخل في اصل الموضوع وفيه اجابة على تساؤلات الاخ عبادي، هل للانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» فيما ذكر لنا القرآن الكريم ومن احوالهم ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، موسى قال ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ يقصد حينما قتل ذلك الفرعوني، اذن هل هذه اخطاء، معاصي، هل هي من باب ترك الاولى، أم ان ظاهرها معاصي وهي عند الله وفي تفكير الانبياء لا ليست خلافاً لما أمر الله «سبحانه وتعالى» به، تفضلوا.

سماحة السيد منير الخباز: بسم الله الرحمن الرحيم، مسألة ان النبي بشر كما في قوله تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ، نحن لا ننكر ان النبي بشر، والبشرية تقتضي ان يكون جسمه كأي جسم مادي معرضاً للمرض، للتعب، للنوم، للراحة، للاكل، للشرب، للنكاح، لأي شيء آخر، هذا لا كلام فيه، ولكن البشرية لا تقتضي الخطأ، لم يقل احد لا من الفلاسفة ولا من المناطقة ان هناك ملازمة بين البشرية والخطأ، ليس معنى كون الشخص بشراً انه يخطأ، ليس الخطأ من ملازمات البشرية، من لوازم الانسان ان يكون ناطقاً، من لوازم الانسان ان يكون مفكراً، من لوازم الانسان ان يكون مريداً، ليس من لوازم الانسان ان يكون مخطئاً، بحيث اذا لم يخطأ لم يصبح انساناً لا ملازمة بين الامرين، لا ملازمة بين بشرية الشخص وبين خطأه، بمعنى متى افترضناه بشراً اذن افترضناه مخطئاً، متى افترضناه بشراً اذن افترضناه مذنباً، ليست هناك ملازمة بين البشرية والخطأ، بين البشرية والذنب، الخطأ والذنب حالة تعتري بعض البشر، لا ان البشرية تقتضي الذنب والخطأ، وإلا الا يوجد انسان هو الاحسن كما ذكرنا﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا، بلا اشكال من اهداف القرآن الكريم ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا يعني من اهداف القرآن الكريم ان يوجد الانسان الاحسن، والانسان الاحسن هو الانسان الذي لا يخطأ، بمعنى لا يرتكب ذنباً، ولا يخطأ خطأً شرعياً، هذا هدف من القرآن، اذا كان هذا الهدف غير قابل للتطبيق كما ذكرت الاخت من لندن، مازال هو بشر يكون خاطئاً، اذن هذا الهدف غير قابل للتطبيق في القرآن الكريم، اذا كان هذا الهدف غير قابل للتطبيق بان يكون الانسان احسن من اي انسان آخر لا يخطأ، لا يرتكب زلل، لا يرتكب ذنب، اذا كان هذا الهدف غير قابل للتطبيق فجعله في القرآن هدفاً سماوياً لغواً واللغو لا يصدر من الله «تبارك وتعالى» هذا اولاً. ثانياً ان الانبياء كالائمة، كما ان الائمة معصومون من اهل البيت «صلوات الله عليهم اجمعين» الانبياء ايضاً «صلوات الله عليهم اجمعين»، معصومون، وجود بعض الآيات القرآنية الظاهرة في الخطأ وعدم العصمة لابد من تأويلها، كالآيات التي تتكلم عن التجسيم الالهي، نحن عندنا قاعدة لعل الاخت من لندن ما درست هذه القاعدة وغير ملمة بها، نحن عندنا قاعدة بانه الظاهر القرآني اذا تعارض مع قاعدة عقلية مسلّمة تكون تلك القاعدة العقلية قرينة تصرف هذا الظاهر الى مراد آخر، القرائن العقلية القطعية تشكل عاملاً موجباً للتصرف في ظواهر القرآن الكريم، مثلاً، قوله تبارك وتعالى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا هل نستطيع ان نأخذ بظاهر هذه الآية، وهو ان الله يجيء، الله ليس جسماً حتى يجيء او يذهب، الجسم من صفاته المجيء والذهاب، الله ليس جسماً حتى يعقل فيه المجيء «وجاء ربك»، نضطر الى ماذا، نقول القرينة العقلية وهي ان الله ليس بجسم يوجب لنا صرف هذا الكلام عن ظاهره، وان المراد بقوله تعالى «وجاء ربك» يعني وجاء أمر بك والملك صفاً صفا، او مثلاً قوله تعالى﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، هل يعقل في الله ان يجلس على العرش، الله ليس جسماً حتى يجلس او لا يجلس، اذن هذه القرينة العقلية اوجبت التصرف في ظواهر الآيات، نفس الشيء بالنسبة للانبياء، بعد ان ثبت بالادلة الثلاثة التي ذكرناها في اول الحلقة، عصمة النبي عصمة مطلقة، وكذلك عصمة الانبياء الآخرين، أي آية ظاهرها يتنافى مع العصمة مقتضى القرينة العقلية ان تصرف الآية عن ظاهرها، كما في الآيات التي ظاهرها التجسيم الالهي لله تبارك وتعالى، ايضاً هذه الآيات مثلاً التي انتم تفضلتم بها ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى او مثلاً قوله تعالى ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، بالنسبة «وعصى آدم ربه فغوى» قال العلماء هذا من باب مخالفة الاولى، يعني آدم لم يخالف أمراً الزامياً كي يكون ما فعله معصية اصطلاحية، وانما خالف أمراً ندبياً، خالف الاولى، خالف الافضل، بحيث ان آدم في صراط التكامل، الانسان الذي هو في صراط التكامل تعد مخالفة الاولى منه بمثابة المعصية، لانه يفترض فيه ان يكون انسان يرقى نحو الكمال، كلما رقى درجة يرى ان درجته السابقة كانت تقصير وخطأً ومعصية، وكما يقول علماء العرفان: ”حسنات الابرار سيئات المقربين“، ما نعده من الابرار حسنة قد يعد من المقربين سيئة، كل انسان كلما كان اكمل كانت الدرجة السابقة له نوعاً من التقصير ونوعاً من الخطأ هو يعتبرها معصية ولم تكن في الواقع معصية، اذن تسمية القرآن مخالفة الاولى ”بالمعصية“ اشارة الى ان آدم في رقي الكمال، فكل درجة سابقة تعد منه بمثابة المعصية ومن باب حسنات الابرار سيئات المقربين، وكذلك الآيات القرآنية مثلاً ما ورد في موسى ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، «الضالين» يعني من التائهين الحائرين، يعني موسى عندما دخل المدينة كان ضالاً للطريق، ما كان يعرف الطريق كيف يخرج من المدينة، كان ضالاً عن طريق الخروج من المدينة، ولم يكن ضالاً عن أمر الله «تبارك وتعالى» وكذلك مسألة يوسف﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ، انا استغرب من الاخت، وهذه هي العصمة، ليست العصمة الا هذه الكلمة، ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، ما معناه؟ اوحى اليه أوامر السماء واوحى اليه العصمة، كلام الله مع الانسان هو العصمة، الكلمة التي سبقت فعل يوسف هي العصمة، هي التأييد الالهي، هي التسديد الالهي، نحن عندما نقول بان النبي معصوم لا نقصد شيئاً ازيد من التسديد والتأييد وان النبي محاط بكلام الله وتأييده وتسديده، كما قال الله تبارك وتعالى﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا، مؤيد مسدد، وهذه هي العصمة وليست شيئاً آخر.

سالم جاري: احسنتم، شكراً لكم سماحة السيد. اذن مشاهدينا الكرام اعود الى ضيفنا الكريم من دمشق، فضيلة الدكتور الشيخ عبد الرزاق المؤنس، سماحة الدكتور وانتم تواصلون الحديث والاجابة عن اسئلة الاخوين الكريمين المتصلين، ايضاً نلاحظ ان الله «سبحانه وتعالى» وصف ملائكته بانهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولا شك ان الانبياء «سلام الله عليهم» افضل من هؤلاء الملائكة، فاذا كان الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والانبياء «صلوات الله وسلامه عليهم» اُمروا ان يكونوا قدوة حسنة واسوة في جميع تصرفاتهم وسلوكهم، فهل يخالفون ما اراده الله «سبحانه وتعالى» لهم، تفضلوا.

سماحة الشيخ الدكتور عبد الرزاق المؤنس: الحقيقة ان الملائكة خلقهم الله «عزل وجل» معصومين اي ممحضين للطاعة ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، ولذلك لو ان الله خلق بدل البشر خلق ملائكة لانزل عليهم رسلاً من الملائكة، ولهذا فان الله «عز وجل» عندما خلق البشر اذن خلق البشر وخلق لهم عناوين يهتدون بها، ولذلك في القرآن الكريم﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ اي اشارة الى الانبياء والمرسلين بالرسول المصطفى « وصحبه وسلم»، فبهذا نستطيع ان نصل الى أمر مهم جداً، ان قضية العصمة وهذا الامر ما هي اهميته، اهمية هذه العصمة في حقيقتها من اجل ان نعلم ان توظيفها مهم في كل عصر، وخاصة في هذا العصر الذي اختلف في كثير من متغيراته ومن مداخله ومن مخارجه حتى في الواقع تاه المسلمون الى أين ينتسبون والى أين ينتمون، ولذلك نحن ينبغي ان ننتمي الى الاصل والى الاساس الامان، الضمان، الذي أمرنا به الله «سبحانه وتعالى» في شخصية الرسول المصطفى خاصة انه هو إمام الانبياء والمرسلين وامرنا بأن نتبعه الاتباع المطلوب، ففي هذه الحالة فيما تفضل به الاخوة سواء من المملكة العربية السعودية او الاخت من لندن، فهذا عبارة عن اشكال موجود في بعض الكتب، انا ربما اعذرهم فيما يرونه من كتب في الواقع وجدت فيها بعض المقالات والادخالات التي لم تكشف حقيقة تلك العصمة في الانبياء ، فمثلاً عندما ذكرت بان يوسف حصل ما حصل، الواقع انها لو قرأت السورة كاملة وقرأت التحقيق التفسيري فيها وخاصة في قول الله «عز وجل» ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ، لم يقل فاعتصم، فاستعصم أي انه صرف الامر عنه بقوة وبعناء، كذلك ربنا «عز وجل» عصم يوسف على سبيل المثال، عصم يوسف من هذا الامر بعواصم كثيرة، وقد ذكر المفسرون بان هناك عشرة ادلة لعصمة يوسف من هذه المسألة التي كانت في اغواء المرأة، والمرأة نفسها «امرأة العزيز» قالت﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ، وكذلك قوله «عز وجل» ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ، اذن هو ممحض للخير، هذا في شخصية سيدنا يوسف، لنرجع الى صورة اوضح ربما كان في اذهان الناس اشكال الى الآن لم يحل عنها وهي ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، في الواقع ان الله «عز وجل» قد جعل في شخصية آدم، وما جعل بينه وبين زوجه، وما جرى بينه وبين الشيطان ابليس الذي كان في الجنة كان معه، جرى هذا الامر مع اختلاف هذه الكلمة انه كان في الجنة او لم يكن، او انه دخل في نفسه فوسوس اليه انها كانت صورة، هذه الصورة صورة اختبارية، ابتلائية من اجل ان يعلم البشر من بعد آدم انهم انحصرت عليهم مثل هذه الوساوس، مثل هذه الاختلافات في أمر الله، وفي الصد عن أمر الله من قبل ابليس ووسوسته ماذا يتصرفون، فآدم في الواقع ليست معصيته بمعنى المعصية المتعمدة، وانما معصيته هي الصورة الاختبارية ليهتدي الناس الى الطريقة التي يتخرجون منها، بدليل ان الله «عز وجل» قال عن آدم ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا، هذه الآية نربطها بكلام سيدنا رسول الله المصطفى « وصحبه وسلم»: ”رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه“، اذن معصيته من باب النسيان او من باب التأويل، الله أمره ان لا يأكل من هذه الشجرة، فهو أكل من غيرها لكن من نفس النوع والفصيلة تأويل، والدليل اذا طرأ عليه الاحتمال بطل به الاستدلال وكساه ثوب الاجمال فبطل به الاستدلال، اذن آدم في الواقع فيما يظهر لنا عصى بهذا الاعتبار وليس عصى بمعنى النبوة، اذن هو ايضاً معصوم، فما بالنا بشخص الرسول المصطفى ، وكذلك ابراهيم النبي، كان من باب الاستدلال والدليل والحجة، لان عصره كان عصر الفلسفة وعصر تلك المعقولات الكثيرة ولذلك جاءهم بطريقتهم، وخاطبهم على قدر اسلوبهم وعقولهم عندما قال بل فعله كبيرهم هذا، قال ليقول لهم تهكماً انه هل يعقل ان هذا الحجر هو الذي يحطم، ثم قال اني سقيم، من اجل ان يبين لهم ان هذا الشيء لا يكون في حالة الوعي وفي حالة الصحة، وكذلك عندما قال ابراهيم عن زوجه عندما جاء الى نمرود الذي كان يأخذ زوجات الناس اغتصاباً، فقال له من هذه التي معك، لو قال زوجته لاخذها قال هي اختي، هل هذا كذب؟ لا، هي اخته في الايمان، لانها كانت مؤمنة معه، هي اخته في الاسلام، اذن هذا هو تخريج صحيح، وهذا تخريج فيه وضوح كامل بان هذه المسائل هي مظاهر لاجل ان يتصرف بها الانسان، كما قال «عليه الصلاة والسلام»: ”ان في المعاريض لممدوحة عن الكذب“، لذلك فالانبياء وشخص الرسول المصطفى محمد « وصحبه وسلم» هم في العصمة الكاملة مع انهم البشر وما جرى عليه من تصرفات ليست هي ذنوب، بمعنى حقيقة الذنب، وانما اجراءات ظهرت على جوارحهم في تصرفاتهم عبر احداث مختلفة، كما قلت آنفاً ليتعرف الناس الى طريقة التصرف عند وصول هذه الذنوب، والله «عز وجل» هو الذي قال وقد برّأه من كل ذلك ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، كذلك الله «عز وجل» قال في شأن الامة المسلمة بانه قد عفا عن كل ذنوبهم لكن ما تعمدت قلوبكم، فليست المشكلة في الذنب وانما المشكلة في تعمد الذنب، المشكلة في وقوع الذنب مرة ثانية وثالثة، اما الذنب الذي يجري هكذا ظاهراً فهو عبارة عن مجريات في الحياة، هذه الحياة، كما تلا سماحة السيد، وجدت لاجل ان يبتلى الانسان، والابتلاء مهم من اجل ان تتحرر قدراته وطاقاته، ربنا «عز وجل» عندما قال ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ لو كانت الحياة كلها معروفاً، لو كانت الحياة كلها طريق الي الجنة فما معنى وجود النار، اذن هذا الاختبار لابد من وجود ثقافة الشر الى جانب ثقافة الخير، انا اعرف الشر من اجل ان اتقيه، واعرف الخير من اجل ان اقتدي به واتبعه وان التزمه، اذن لابد من وجود هذه المتغيرات الى جانب الظلم، جانب الخطأ وجانب الصواب، الحسن والسيئات، من الذي يعرّفهم الى اسلوب الحسنة واسلوب السيئة، كيف يتصرفون، هذه هي هدايات الانبياء ودعواتهم .

سالم جاري: احسنتم كثيراً، شكراً لكم فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرزاق. مشاهدينا الكرام نأخذ هذا الاتصال من الاخ السيد علي من السعودية، تفضلوا.

المتصل الاخ سيد علي من السعودية: السلام عليكم.

سالم جاري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل الاخ سيد علي من السعودية: احييكم واحيي ضيوف البرنامج الكرام، وبالخصوص السيد منير الخباز «الله يحفظه ان شاء الله»، سؤالي حول عصمة النبي ، هل هنالك درجة ميّز بها النبي عن باقي الانبياء والرسل من حيث درجة العصمة، هذا سؤالي من هذه الناحية فقط، وشكراً لكم.

سالم جاري: شكراً لكم حياكم الله. ايضاً الآن معنا سماحة الشيخ باقر المقدسي من مدينة قم المقدسة ليدلي بما لديه في هذا الخصوص، السلام عليك سماحة الشيخ.

سماحة الشيخ باقر المقدسي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

سالم جاري: حياكم الله تفضلوا.

سماحة الدكتور الشيخ باقر المقدسي: حياكم الله وحيا ضيفاكما، وحيا جميع الاخوة المشاهدين والمشاركين. بالنسبة الى نبي الله آدم ، بالنسبة الى «عصى آدم» العصيان مرة يكون في عصيان لله «سبحانه وتعالى» ومرة يكون عصيان للبشر وما شابه، مثلاً شخص يذهب الى الدكتور فيقول له الدكتور لا تأكل الشيء الفلاني لا تفعل الفعل الفلاني الى آخره فهذا يضرك، هذا لا يعتبر عصيان وذنباً يستوجب العصاة، وانما اذا خالف فيتأثر بدنه، نحن اذا قرأنا في سورة طه الآيات التي وردت بالنسبة الى هذا الموضوع انكشف لنا واقع الحال﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى، يعني انت الآن مرتاح في الجنة، اما اذا خالفت امرنا واكلت من هذه الشجرة فمعناه تنزل الى الارض، ويجب ان تسعى وتعمل والى آخره، بينما انت الآن مرتاح وكل امورك ماضية ومنتهية، فالعصيان هذا ليس العصيان الذي يستوجب العصيان الالهي، وانما كما ذكرنا مثل ما يحصل للمريض، هذا اولا. واما بالنسبة الى قوله «سبحانه وتعالى» في نبي الله يوسف ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ، اقرأوا الآيات التي قبل هذه الآية ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ، اي أن القرآن الكريم اغلق الباب على الاتهامات الباطلة، فهنا الله تعالى اعطاه علماً وحكماً ثم يقول﴿مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ بالاضافة الى هذا لما يقول ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ، يعني هي التي لحقته لا هو لحقها، ثم بالنسبة﴿لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِباعتبار غلقت الابواب فيقول الإمام الرضا «سلام الله عليه» كما في بعض الروايات، انه هم بقتلها لشدة ما جرى عليه، من شدة الموقف، فالله «سبحانه وتعالى» انقذه من الامرين، من الفاحشة ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ، وفتح له الباب، فلما فتح له الباب الله «سبحانه وتعالى» انجاه من هذه المشكلة، بعد ذلك هي بنفسها تشهد على براءة هذا الانسان باعتبار انها تقول ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ هذه شواهد تدل على انه بريء وانه اصلاً ما كان يفكر في السوء، وهنا الفت النظر لشيء﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ، ما قال لنصرف السوء عنه، لانه اذا صرف السوء عنه يعني السوء موجود، كما ان شخصاً يده نجسة فيرفع النجاسة عن يده بالماء او ما شابه، لكن مرة لا، عملية دفع لا عملية رفع، مثل قوله «سبحانه وتعالى» ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ما قالت الآية ليذهب الرجس عنكم، اي ان الرجس موجود فيذهبه عنكم، وانما ليذهب عنكم الرجس، يعني لا يترك الرجس يصل اليكم، هذه عناية من الله. اما بالنسبة الى قوله تعالى ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، ما هي العلاقة بين الفتح وبين غفران الذنب، فيقولوا هذا كان يعتبر ذنب ويعتبر مذنب، النبي عند قريش قالوا «وقطع ارحامنا»، وقالوا «ظلمنا» وكذا، والله «سبحانه وتعالى» عندما نصره عليهم استجابوا له واذعنوا وانتهى ذلك الذنب الذي كانوا يرونه.

سالم جاري: احسنتم شكراً لكم سماحة الشيخ باقر المقدسي على هذه المداخلة الطيبة المباركة. مشاهدينا الكرام كان للحديث بقية ولكن الوقت لا يسمح، ولكن فقط قبل ان انتقل الى ضيفنا الكريم سماحة السيد منير الخباز، اقول بالنسبة لمغفرة ذنب النبي قد قال الله تبارك وتعالى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ، فلو كان معنى قوله تعالى «استغفر لذنبك» حقيقة لكان عليه ان يعلم ان لا إله إلا الله حقيقة وانه كان لا يعلم، ومعاذ الله، فكما قال الله تعالى﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ فهو يعلم قطعاً وهو سيد الموحدين فهذا ليس معناه يأمره حقيقة، كذلك واستغفر لذنبك لا يأمره حقيقة لان الفعلين متعاطفان بعضهما على بعض الآخر، يبدو ان وقت البرنامج قد انتهى، اعتذر لسماحة السيد منير الخباز عند عدم الختام معه، مشاهدينا الكرام في ختام هذه الحلقة اشكركم شكراً جزيلاً، واشكر باسمكم ضيفينا الكريمين، كان معنا من مدينة قم المقدسة سماحة السيد منير الخباز الباحث الاسلامي والاستاذ بالحوزة العلمية، وكان معنا من دمشق عبر الاقمار الصناعية ايضاً سماحة الشيخ الدكتور عبد الرزاق المؤنس الباحث الاسلامي. مشاهدينا الكرام الحديث له تتمة في الحلقة القادمة ايضاً سيكون عن عصمة الانبياء والمرسلين «صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين»، استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..