الليلة الأولى من شهر محرم الحرام 1445هـ

هل تعرض القرآن الكريم للتحريف؟

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «16» إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ «17» فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ «18» ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ «19» [القيامة: 16 - 19]

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتعرض لموضوع حساس وشائك ألا وهو موضوع ترتيب الآيات القرآنية، حيث يطرح سؤال هل أن ترتيب الآيات القرآنية خضع لإشراف النبي وإمضاء الإمام المعصوم أم لم يخضع الترتيب لإشراف المعصوم؟ وهذا يعني الحديث في محاور ثلاثة:

  • تعريف السياق وأنواعه.
  • سلامة ترتيب آيات القرآن من الخلل.
  • الأدلة على سلامة الترتيب القرآني.
المحور الأول: السياق القرآني.

هل يمكن أن نعتمد على سياق الآيات القرآنية في تحديد المفهوم أم لا؟

عندما نقرأ سورة النجم مثلاً ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى «1» مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى «2» وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى «3» إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى «4» عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى «5» ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى «6» وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى «7» ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى «9» فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى «10» [النجم: 1 - 10]

هل أن هذه الآية ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى «9» تتحدث عن النبي أو عن جبرئيل؟ إذا كانت هذه الجملة تتحدث عن جبرئيل إذن لا دلالة على عروج النبي إلى السماء، وليس لدينا دليل آخر من القرآن على أن النبي عرج إلى السماء، لدينا دليل على أنه أسري به من البيت الحرام إلى البيت المقدس في ليلة واحدة ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء: 1] لكن أين الدليل على عروج النبي إلى السماء من القرآن الكريم لا من الروايات؟

الدليل هو ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى «7» ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى «9» فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى «10»

هل هذه الآيات تتحدث عن النبي أم تتحدث عن جبرئيل لأن قبلها يقول القرآن ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى «5» ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وهو جبرئيل، وبعدها قال ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى «7» ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى «9» فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى «10» فإذا كانت هذه الآية تتحدث عن جبرئيل فليس لدينا دليل على عروج النبي إلى السماء من القرآن، وإذا كانت الجملة تتحدث عن النبي أنه هو الذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى أي من العرش، فأوحى إلى عبده ما أوحى.

هنا تأتي قرينية السياق، سياق الآيات القرآنية ظاهر فيه أن هذه الجملة تعني النبي لأن الآيات منذ بداية سورة النجم تتحدث عن النبي، المتحدَّث عنه هو الرسول ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى «2» وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى «3» إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى «4» إذن مقتضى وحدة السياق أن مرجع الضمائر واحد وهو النبي، ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى «7» ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى «9» فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى «10» أي علمه جبرئيل وهو بالأفق الأعلى، ثم ترقى عن موقع جبرئيل، ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى «8» فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى تعبير عن قربه من العرش ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى «10» والقرينة التي تساعد على أن المعني بالسياق هو النبي هو الآيات التي بعد هذه الآية ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ الموحي هو الله، والموحى إليه هو النبي، أي تم الوحي في تلك اللحظة، لحظة كونه ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.

كذلك الآية التي بعدها حيث قال: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى «12» وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى «13» [النجم: 12 - 13] أي أن النبي لم يرَ جبرئيل مرة واحدة فقط، بل رآه مرة ثانية في نفس هذه الرحلة ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى «14» عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى «15» إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى «16» [النجم: 14 - 16]

إذن سياق القرآن يُسْتَدل به، وسياق القرآن هنا ظاهر على أن المقصود بالعروج والدنو والتدلي والرؤية هو النبي محمد .

لذلك يقول العلماء سياق القرآن حجة، أي أن سياق القرآن بمعنى تتابع الآيات بنسق وهيئة تعطي معنى معيناً، هذا السياق وهذا التتابع حجة أي يصح الاعتماد عليه في استنباط حكم شرعي، في استنتاج مفهوم عقائدي، في تحديد مبدأ من المبادئ القرآنية، لأن السياق من قسم الظهور والظهور عند المجتمع العقلائي حجة يعتمد عليه.

روايتان تمنع من الأخذ بسياق القرآن:

الرواية الأولى يرويها زرارة عن الإمام الصادق : ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن، إن الآية يكون أولها في شيء وأوسطها في شيء، وآخرها في شيء.

وشبيهٌ بهذه الرواية رواية جابر الجعفي، ولكن علماؤنا يقولون أن هاتان الروايتان ضعيفتان سنداً لا يعتمد عليهما، ثانياً هاتان الروايتان تتحدث عن آية لها سياقات عديدة ولذلك قال أولها في شيء وأوسطها في شيء وآخرها في شيء آخر، ولكن نحن نتحدث عن مجموعة من الآيات جاءت تتحدث عن موضوع واحد، وعن محور واحد، فإذا جاءتنا آيات عديدة تنطق عن موضوع واحد ومحور واحد هذا ما يعبر عنه بسياق واحد، وهذا السياق الواحد حجة لأنه من قسم الظهور والظهور عند المجتمع العقلائي يعتمد عليه.

المحور الثاني: سلامة ترتيب آيات القرآن من الخلل.

سياق القرآن إنما يعتمد عليه إذا كان ترتيب آيات القرآن ترتيباً صحيحاً، ترتيباً خضع لإشراف النبي أو خضع لإمضاء الإمام المعصوم بعد النبي، وبما أن الترتيب سليم إذن السياق المتحصل بهذا الترتيب سياق يعتمد عليه والسؤال هنا هل أن ترتيب الآيات بهذا الشكل الموجود عندنا خضع لإشراف النبي وخضع لإمضاء المعصوم بعد النبي حتى نستطيع أن نعتمد على هذا الترتيب؟

المشهور والمعروف بين علماء المسلمين كلهم أن هذا الترتيب صحيح، ترتيب خضع لإشراف النبي وإمضاء الأئمة، السيد المرتضى في كتاب الذخيرة، والسيد ابن طاووس والعلامة الطبرسي في مجمع البيان، والسيد الخوئي في كتابه البيان في تفسير القرآن قالوا هذا الترتيب سليم، كما أن متن القرآن لم يتعرض للتحريف لا زيادة ولا نقصان كذلك ترتيب آيات القرآن هو ترتيب سليم خضع لإشراف النبي وإمضاء الإمام المعصوم بعد النبي.

بينما لدينا مجموعة من العلماء قالوا نحن متوقفون في هذا، لا نستطيع أن نجزم ونضمن سلامة الترتيب، علي بن إبراهيم القمي، فيض الكاشاني، المحدث شيخ يوسف البحراني، ومن العلماء القريبين من عهدنا السيد الطباطبائي صاحب كتاب تفسير الميزان والذي يعد كتابه من أفضل تفاسير القرآن بين المسلمين كلهم، صاحب هذا الكتاب شكك في سلامة ترتيب القرآن الكريم وقال لا أضمن أن هذا الترتيب خضع لإشراف النبي ولإمضاء الإمام، صحيح ربما يكون أغلب القرآن ترتيبه سليم ولكن ليس لدي دليل على أن كل آيات القرآن خضعت لترتيب سليم، مثل مسألة آية التطهير جاءت الآية في سياق الحديث عن نساء النبي ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا «32» وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا «33» [الأحزاب: 32 - 33] فيقول صاحب الميزان ليس لدي دليل على أن آية التطهير هذا هو موضعها، من المحتمل أن لها موضع آخر وأُقحمت في هذا الموضع، لا أضمن أن هذا الترتيب هو ترتيب صحيح خاضع لإشراف النبي أو خاضع لإمضاء المعصوم. [1] 

يذكر السيد صاحب الميزان وجهين:

الوجه الأول: روايات جمع القرآن.

كيف تم جمع القرآن؟ لدينا مجموعة من الروايات تقول أن القرآن ما جمعه الرسول، الرسول مات والقرآن مبعثر وتصدى لجمع القرآن الخليفة الأول، ثم تصدى لجمع القرآن مرة أخرى الخليفة الثالث، أخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده فقال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، ثم قال له: وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن فقلت لعمر كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله قال عمر هذا والله خير، وما زال يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت الذي رأى عمر.

يقول زيد بن ثابت: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر آية سورة التوبة مع خزيمة الأنصاري ولم أجدها عند غيره وهي قوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128]

وعن أبي داوود عن طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: قدم عمر إلى المسلمين قال من كان تلقى من رسول الله شيئاً من القرآن فليأت به فكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان.

هذا ما تم في عهد الخليفة الأول، وفي عهد الخليفة الثالث أيضاً هكذا حصل، ذُكِر في كتاب الإتقان روى البخاري عن أنس أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينيا وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القرآن فقال لعثمان أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليكِ، فأتت حفصة بالصحف إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف فقال عثمان للرهط القرشيين إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء في القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم ففعلوا.

السيد صاحب الميزان يقول: أمامنا هذه الروايات ولها مدلولان:

  • المدلول الأول: أن القرآن كان مبعثراً في اللخاف والعسب والصدور، كتاب مبعثر هل يضمن ضماناً قطعياً أنه تم ترتيبه ترتيباً سليماً وهو مبعثر؟
     
  • المدلول الثاني: أن الجمع خضع لاجتهاد الصحابة، بعض الآيات قبلوا فيها شاهدين وبعضها قبلوا شاهد واحد، وهذا لا يكفي في الضمان، فإذا قرأنا هذه الروايات لن يحصل لنا ضمان قطعي بسلامة ترتيب القرآن وأن هذا الترتيب فعلاً خضع لإشراف النبي أو خضع لإمضاء الإمام المعصوم بعد النبي .

المعروف كما قلنا أن الترتيب سليم وهو نفسه الترتيب الذي كان في زمان النبي وأنه نفس الترتيب الذي أمضاه الأئمة المعصومون بعد النبي ،

لدينا عدة ملاحظات على ذلك وبعض هذه الملاحظات ذكرها السيد الخوئي في كتابه البيان في تفسير القرآن[2] :

أولاً: هذه الروايات ليس لها طرق موثوقة، صحيح أنها موجودة في البخاري وفي كتاب الإتقان وربما تكون كثيرة في هذه الكتب، لكن المصادر الأولية لهذه الروايات لا تعدو مصدرين أو ثلاثة وهذا ليس كافياً في تحصيل الركون والوثوق والاعتماد على هذه الروايات للطعن في سلامة ترتيب القرآن من الاختلال والتغيير.

ثانياً: مفاد هذه الروايات يتنافى مع الواقع تماماً، عندما نقرأ حياة الرسول نجد اهتماماً كبيراً من قبل النبي والمسلمين بالقرآن حفظاً وتلاوةً وكتابةً وإشاعةً، كان المسلمون في عهد النبي يهتمون بالقرآن بحد لا يقل عن اهتمامهم بالصلوات الخمس، كان القرآن في زمن النبي مشهوراً كتابة، وجمعاً، وحفظاً، فهل يعقل أن يموت النبي وهذا الكتاب المشهور مبعثر في اللخاف والجريد وفي الصدور؟

ما هي القرائن التي تدل على أن القرآن كتاب مشهور في عهد النبي كتابة وجمعاً وحفظاً؟

من هذه القرائن:

  1. القرينة الأولى: القرآن كتاب مشهور كتابة في زمن النبي حيث ذكر فتح الباري في شرح البخاري[3]  أن كتَّاب الوحي في زمن النبي كانوا كثيرين وأوصلهم ابن كثير في البداية والنهاية[4]  إلى اثنين وعشرين كاتباً للوحي في زمن النبي، بل ذكر صاحب السيرة الحلبية[5]  أن عدد كتَّاب الوحي كانوا 42 كاتباً.

    كتاب يكتبه 42 كاتباً وقد كانوا يكتبون نسختين نسخة للمسلمين ونسخة إلى النبي يسلمونها إياه كما يقول صاحب الإتقان وصاحب البرهان، وكان زيد بن ثابت نفسه يقول كان النبي يأمرني بالكتابة ثم يقول أقرئني ما كتبت حتى يتأكد من موافقة ما كتبه لما نزل على النبي ، إذن كتاب يكتبه 42 كاتب في عصر النبي ألا يكون كتاباً مشهوراً واضحاً، ألا يكون ترتيب آياته ترتيباً معروفاً واضحاً بين المسلمين؟ كيف يكتب كتاب من قبل 42 كاتب وعلى نسختين ومع ذلك لا يكون ترتيبه ترتيباً واضحاً بحيث يحتاج إلى أن يأتي الخليفة الأول ويقوم بترتيبه على شاهد واحد أو على شاهدين!
     
  2. القرينة الثانية: القرآن أصلاً جُمع في عهد النبي أي جمع في مصاحف، ذكر الطبراني وابن عساكر عن الشعبي أنه جمع القرآن على عهد الرسول ستة من الأنصار: أبي بن كعب، زيد بن ثابت، معاذ بن جبل، أبو الدرداء، سعد بن عبيد، أبو زيد، وقيل منهم عبد الله بن مسعود أيضاً، فإذا كان قد جُمِعَ ومن قِبَل ستة من الصحابة ومن الطبيعي أنه جُمِع على طبق الترتيب المعروف بين المسلمين الذي كان بنظر النبي ، بالنتيجة جمع القرآن ستة أي جمعوه على طبق الترتيب الذي كان تحت نظر النبي وإشرافه فماذا بعد جمع ستة من الصحابة للقرآن أن يحتاج القرآن إلى جمع جديد بعد وفاة النبي !
     
  3. القرينة الثالثة: حث النبي على حفظ القرآن وتلاوته والأجر العظيم لمن حفظ القرآن، وكان الحافظ للقرآن ذا مقام رفيع بين الناس حتى حفظ القرآن كله جمع كبير من الناس، حتى قتل منهم سبعون في معركة اليمامة، وسبعون في معركة بئر معونة أي مئة وأربعون حافظاً للقرآن في عصر النبي ، إذن مئة وأربعون شخص يحفظون شيء غير واضح ترتيبه؟ حفظوا القرآن أي حفظوا كتاب واضح الترتيب وواضح المعالم، فهل يعقل بعد حفظ مئة وأربعون لكتاب واضح الترتيب أن يحتاج إلى جمع بعد النبي !

إذن من خلال هذه القرائن الثلاث نقول: كان القرآن الكريم واضحاً من حيث ترتيبه والنبي ما زال موجوداً؛ لشيوع كتابته وشيوع جمعه وشيوع حفظه، وإذا كان واضح الترتيب فهل يُتصور من الخليفة الأول أن يأتي بترتيب مغاير للترتيب المعروف في زمان النبي والصحابة ما زالوا موجودين على قيد الحياة وقد حفظوه بترتيب معين؟ هذا غير معقول وغير متصور، ولأجل ذلك لو كان قد قام الخليفة الأول أو الثالث بترتيب غير الترتيب المعهود عند النبي وفي حياة النبي لنقل ذلك ولو واحد من المسلمين، ولم ينقل ذلك أحد مما يدل على أن الترتيب الذي كان في زمن النبي المصطفى هو الترتيب الذي وصل إلينا جيلاً بعد جيل عن النبي .

ولذلك نقل السيد الخوئي في كتاب البيان في تفسير القرآن[6] : عن الحارث المحاسبي أن ما صدر من الخليفة الثالث ما كان جمعاً للقرآن وإنما كان جمعاً للقراءة، وحيث أنه في زمن الخليفة الثالث توسعت الرقعة الإسلامية فدخلت العراق في الإسلام وبلاد فارس والشام كذلك، ولما اتسعت الرقعة فإن اختلاف اللهجة بدأ يفرض نفسه على القرآن الكريم وبدأوا يختلفون في الحروف نتيجة اختلافهم، ونتيجة هذا الاختلاف أمر الخليفة الثالث بتوحيد القرآن بمصحف واحد بمعنى التوحيد في قراءة واحدة، ولذلك قال في الرواية التي قرأناها: جمعهم على لسان قريش؛ أي جمعهم على قراءة واحدة لأن القرآن نزل بلسان قريش لا أن الخليفة الثالث جمع القرآن بجمع يختلف عما هو معروف ومعهود في زمان النبي .

روى البخاري[7]  عن النبي قال: من قرأ القرآن في المصحف كانت له ألف حسنة. وهذا يبين أنه كان يوجد مصحف على حياة النبي.

وفي البرهان[8]  عن النبي : لا تمس المصحف وأنت على غير طهور. إذن كان هناك مصحف، والمصحف لا يطلق على شيء مبعثر في جريد النخل وفي اللخاف وفي الصدور وإنما يطلق على شيء مجموع ومكتوب واضح يقال له المصحف.

إذن الوجه الأول الذي يستند إليه في التشكيك في سلامة ترتيب القرآن الكريم هذا الوجه غير تام.

الوجه الثاني: مصحف الإمام علي .

لدينا عدة روايات تقول أن الإمام علي لديه مصحف يختص به، ومن هذه الروايات:

  • الرواية الأولى: ذكر ابن النديم بسنده أن الإمام علي رأى من الناس طيرة عند وفاة النبي فأقسم أن لا يضع رداءه  أي لا يخرج  حتى يجمع القرآن، فجلس وجمع القرآن في ثلاثة أيام. فإذا كان القرآن مجموع إذن لماذا جمعه الإمام علي في ثلاثة أيام؟
     
  • الرواية الثانية: ما رواه علي بن إبراهيم القمي بسنده عن أبي بكر الحضرمي عن الإمام الصادق قال: إن رسول الله قال لعلي القرآن خلف فراشي  أي كان النبي محتفظ بنسخة من القرآن خلف فراشه  في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيع اليهود توراة موسى.

هذا معناه أن الإمام علي عنده مصحف آخر، والرسول أمره بجمع ذلك المصحف، فلو كان المصحف الموجود عند الصحابة صحيحاً لما أمر الرسول الإمام علي بالجمع، ولا تصدى الإمام علي لجمع المصحف بعد وفاة النبي خلال ثلاثة أيام أو سبعة أيام أو تسعة أيام على اختلاف الروايات، هذه الروايات نفسها دليل على أن ترتيب القرآن لم يكن ترتيباً سليماً ولذلك تصدى الإمام علي لجمع القرآن بعد وفاة النبي .

وهنا عندنا ملاحظتان على الوجه الثاني:

1» الملاحظة الأولى: ثبت لنا بالروايات التي ذكرت أن القرآن كان مكتوباً في زمان النبي ومجموعاً ومحفوظاً من قبل لا يقل عن 140 إنسان، إذن ما هو العمل الذي أضافه الإمام علي للقرآن بعد وفاة النبي مع وجود القرآن مكتوباً ومجموعاً ومحفوظاً؟

عندما تجمع بين الروايات تجد أن هذه قرينة على أن الجمع الذي قام به الإمام علي هو جمع على طبق أزمنة النزول، القرآن فيه آيات مكية وآيات مدنية، فبعض السور نزلت أول المدينة وبعضها وسط أيام المدينة وبعضها في آخر أيام المدينة، إذن القرآن كان متفاوتاً في أزمنة النزول.

الإمام علي لم يلغِ القرآن الآخر ولكن جمعه على طبق أزمنة النزول، ولذلك ذُكِر في بعض الروايات أن أول سورة في مصحف الإمام علي هي سورة اقرأ ثم سورة المدثر ثم سورة المزمل ثم سورة تبت، أي أنه جمع ورتب آياته على طبق أزمنة النزول، وضم إلى ذلك التفسير والتأويل، وقد جمعه الإمام علي بهذا النحو حتى يسهل فهمه، فهو جمعه على طبق أزمنة النزول ومناسبات النزول لكي يتضح تفسيره وتأويله، فجمعه جمع تفسير وليس جمع تلاوة.

وبذلك يكون عندنا مصحفان: مصحف تلاوة وهو هذا المصحف الموجود بين أيدينا والذي كُتب منذ زمن النبي ، وعندنا مصحف تفسير وهو المصحف الذي جمعه الإمام أمير المؤمنين، جمعه على طبق مناسبات النزول حتى يسهل تفسيره وتأويله، ومما يدل على أن ما قام به الإمام علي هو جمع تفسير ما ورد عن الإمام الباقر : ما جمع القرآن كله كما أُنزل إلا علي بن أبي طالب  أي على طبق مناسبات النزول  وعن الإمام علي : ما نزلت آية على رسول الله إلا أقرأنيها وأملاها علي فاكتبها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها.

إذن من كتب القرآن في عهد النبي هو الإمام وهو ما ذكره في الرواية، فما الذي جمعه بعد وفاة النبي؟ معناه أن الجمع الذي قام به لم يكن جمع تلاوة وإنما كان جمع تفسير، وأما جمع التلاوة فقد كتبه بنفسه والرسول ما زال على قيد الحياة.

القرينة الثالثة: رواية سالم بن مكرم وهو أحد أصحاب الإمام الصادق يقول فيها: قرأ رجل على أبي عبد الله وأنا أستمع حروفا من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس، فقال أبو عبد الله : كف عن هذه القراءة، اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم.

أي أن هذا القرآن الموجود بأيدينا أنت مأمور بقراءته كما هو، مأمور بحفظه وتلاوته والاستدلال به والتعبد به كما هو، هذه الرواية إمضاء للقرآن الموجود بين أيدي الناس، فاقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فإذا قام القائم عجل الله فرجه قرأ كتاب الله على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي وأخرجه إلى الناس حين فرغ منه وقال لهم: هذا كتاب الله كما أنزله الله على محمد وقد جمعته من اللوحين. فقالوا: عندنا مصحف جامع فيه القرآن. فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً. وقد كان على طبق مناسبات النزول، فهو احتفظ بمصحف التفسير وأبقى مصحف التلاوة، فهذه الرواية ظاهرة على أن القرآن الذي بين أيدينا أمضاه الأئمة المعصومون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

القرينة الرابعة: القراءات السبع الموجودة لدينا اليوم، معنى قول الإمام اقرأ كما يقرأ الناس أي تستطيع أن تقرأ بأي قراءة من هذه القراءات، ذكر ابن مجاهد في كتابه المنتخب من القراءات السبع أن أربع من هذه القراءات السبع وردت عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهذا معناه أن الإمام علي مع أنه جمع القرآن بشكل آخر إلا أنه مع ذلك أمضى القرآن الموجود بين أيدي المسلمين لأن هناك أربع قراءات لهذا القرآن الموجود واردة عن الإمام علي نفسه.

وذكر السيد ابن طاووس في كتابه سعد السعود[9]  ومحمد بن منصور بن مقري في كتابه اختلاف المصاحف أن عثمان إنما جمع المصاحف برأي مولانا علي بن أبي طالب، فحتى المصحف الذي جمعه عثمان خضع لنظر الإمام أمير المؤمنين عليّ .

وعلى ذلك ملاحظتان:

  • الملاحظة الأولى: أن ما قام الإمام علي بجمعه هو جمع تفسير لا جمع تلاوة.
     
  • الملاحظة الثانية: أن الإمام علي أمضى القرآن الموجود بين أيدي المسلمين وبعض القراءات هي واردة عن الإمام علي نفسه، والمصحف الذي جمعه عثمان كان بنظر الإمام علي ، إذن هذا القرآن بهذا الترتيب الموجود بين أيدينا كتاب خضع لإمضاء الإمام المعصوم بعد النبي المصطفى محمد.
المحور الثالث: ما هي الأدلة على سلامة ترتيب القرآن من الاختلال أو التغيير أو التحريف؟

عندنا أدلة من القرآن وأدلة من السنة، ودليل من العقل:

الأدلة من القرآن:

القرآن نفسه يشهد بسلامة ترتيبه، قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] لا إشكال عند المسلمين في أن هذه آية من آيات القرآن، هذه الآية تقول أن القرآن محفوظ، ومقتضى إطلاق الآية أن القرآن محفوظ متناً وترتيباً، فكما لا زيادة ولا نقص فيه أيضاً لا اختلال ولا تغيير في ترتيبه بل تصدت اليد الإلهية لحفظه.

وقوله تبارك وتعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ «16» إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ «17» فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ «18» ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ «19» نفهم من هذه الآيات أن الله تكفل حتى في بيان القرآن ليس فقط الجمع حتى البيان تكفل به، فإذا كان الله جلَّ شأنه تكفل حتى ببيان القرآن وإيضاحه فكيف لا يتكفل بترتيب آياته!

نفس هذه الآيات هي دليل على أن الهدف من نزول القرآن هداية البشرية كما في قوله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9] والهداية لا تتحقق إلا إذا تكفل الله تعالى بنفسه بأن يحفظ القرآن جمعاً وقراءة وترتيباً وبياناً، ولن يتحقق الهدف بغير ذلك، فلو تعرض ترتيب القرآن للاختلال لكان ذلك نقضاً للهدف من نزوله على النبي ألا وهو هداية البشرية.

القرآن تحدى البشرية أن يأتوا بمثله ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88] ثم ترقى وقال: ﴿فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [هود: 13] ثم ترقى وقال: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة: 23] القرآن يتحدى البشرية إلى يوم القيامة أن يأتوا بسورة مماثلة لسورة من سور القرآن ألا يدل ذلك على سلامة ترتيب القرآن! إذ لو لم يكن ترتيب القرآن سليماً وكان معرضاً للاختلال أو التغيير لم يكن هناك معنى لتحدي البشرية أن يأتوا بمماثلة لأنه للبشرية أن يقولوا كيف نأتي بمماثلة وترتيبه غير مضمون؟ إنما يُماثَل الكتاب المضمون في ترتيبه، والمستند في ترتيبه إلى الله تبارك وتعالى وإلا إذا لم نضمن استناد الترتيب إلى الله كيف نأتي بمماثلة؟ وكيف يتحدانا الله بأن نأتي بسورة من مثله!

الأدلة من السنة:

لدينا عدة روايات، اثنان وعشرين رواية يذكرها علماء الأصول في كتب أصول الفقه تأمرنا بعرض الروايات على القرآن فما وافق القرآن يؤخذ به وما خالف القرآن يُطرح، ومن هذه الروايات: معتبرة أيوب بن الحر سمعت أبا عبد الله يقول: كل حديث مردود إلى الكتاب والسنة وكل شيء لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.

ورواية السكوني عن الصادق : إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه.

نفسه هذه الروايات التي تأمرنا بعرض الروايات على القرآن هي بنفسها دليل على أن القرآن له ترتيب صحيح إذ كيف تُعرض الروايات عليه وترتيبه غير مضمون! إذ كيف تعرض الروايات عليه ليُعرف الموافق من المخالف والترتيب مما لم يعلم استناده إلى الله، أو استناده إلى النبي، أو استناده إلى الإمام المعصوم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فنفس الروايات الآمرة بالعرض هي دليل على سلامة ترتيب القرآن من التغيير والاختلال لذلك أُمرْنا بعرض الأخبار والأحاديث على الكتاب الكريم.

الدليل من التاريخ:

يقول عالم الاجتماع المسيحي: أنا لا أعترف بنبوة محمد لكن أعترف بأن النبي محمد كان قائداً محنكاً حكيماً، كيف استطاع شخص في خلال 23 سنة أن يغير المجتمع العربي، مجتمع متناحر يأكل بعضه بعضاً، مجتمع يتقاتل على ناقة، مجتمع يئدُ الفتاة وهي على قيد الحياة، مجتمع يأكل الطعام المتعفن ويشرب الماء الآسن، كيف حول المجتمع خلال فترة بسيطة إلى مجتمع متعلم منتظم ومتماسك؟ أسس دولة امتدت قروناً بعد وفاته، كيف استطاع أن يؤسس لذلك كله؟ هذا يعني أنه كان إنسان يحمل قيادة حكيمة ومحنكة بدرجة عالية جداً، والدليل على أنه قائد محنك حكيم أنه كان يصر على بقاء رسالته، ويعمل الجهود المضنية في سبيل إبقاء رسالته، خاض حروباً متعددة حتى يبقي الرسالة، وأجرى عقد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في المدينة من أجل حفظ الرسالة، وأعطى المنافقين والمؤلفة قلوبهم سهماً من الزكاة حتى يضمن أن لا يقاوموه ولا يقاوموا دولته، وقام بفتح مكة، كل هذه الخطوات تكشف عن أنه سياسي محنك حاول من خلال هذه الخطوات كلها أن يحفظ رسالته، وأن يبقي صوته وأن يبقي ذكره إلى ما بعد وفاته، فهذا الشخص الذي قام بكل هذه الأمور من أجل حفظ الرسالة هل يعقل منه أن يترك الكتاب الكريم مبعثراً مشتتاً في الصدور وفي اللخاف دون أن يتصدى لكتابته وحفظه!

إذا كان القرآن هو الدليل الوحيد على صدق النبي وحقانية نبوته فإذا كان النبي ملتفت إلى أن الدليل والوحيد على صدقه ونبوته هو القرآن فكيف يخوض الحروف ويؤلف القلوب ويدرأ المنافقين ويفتح مكة من أجل حفظ رسالته ويترك الدليل الوحيد على رسالته من دون حفظ وترتيب؟ هذا غير معقول، إذن مقتضى الحكمة والحنكة والقيادة أن يتصدى النبي وهو حي إلى جمع القرآن وترتيبه وإشاعته حتى لا يبقى لأحد توهم ومغمز واحتمال أن ينال ترتيب القرآن بالتغيير أو الاختلال أو التحريف.

وانطلاقاً من ذلك صدر منه : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. إنما أوصاهم بالكتاب لأنه كتاب موجود، محفوظ، مكتوب، كما أوصاهم بالعترة لأن الممثل للعترة عليّ والحسن والحسين، أعلام واضحين معروفين، أوصى بالكتاب والعترة أمته من بعده ولكن ما الذي حصل لتلك العترة المعصومة الطاهرة في زمن بني أمية، وزمن بني العباس؟!

[1]  كتاب الميزان/ الجزء الثاني عشر/ ص 127 يتحدث صاحب الميزان على أن هذا الترتيب لا نضمنه.
[2]  ص 237
[3]  الجزء التاسع ص 18
[4]  الجزء الخامس ص362
[5]  ص 457
[6]  ص250
[7]  الجزء الأول حديث 1914
[8]  الجزء الأول ص462
[9]  ص278