الليلة الثانية من شهر محرم الحرام 1445هـ

لماذا يجمد الفقهاء على النص ويهملون الأهداف والمقاصد؟

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة: 122]

صدق الله العلي العظيم

حديثنا بعنوان لماذا يجمد الفقهاء على مفاد النص سواء كان آية أم رواية ولا يتوسعون في المقاصد والأهداف؟ وهنا نتعرض لثلاثة محاور:

  • في فلسفة العلم وأنواعها.
  • في أبعاد فلسفة الفقه.
  • المقارنة بين النص وبين فقه المقاصد.
المحور الأول: في فلسفة العلم وأنواعها.

هناك فرق بين علم الفلسفة والفلسفة، علم الفلسفة كسائر العلوم علمٌ يبحث عن الوجود، هناك وجود واجب كوجود الله، وهناك وجود ممكن كوجود الإنسان، وهناك وجود علمي كوجود الصور في ذهن الإنسان، وهناك وجود خارجي كوجود المادة التي يتعامل بها الإنسان.

أما الفلسفة نفسها فهي عبارة عن النظرة التحليلية للظواهر، كل نظرة تحليلية لظاهرة من الظواهر هي فلسفة، مثلاً فلسفة اللغة تعني تحليل ظاهرة اللغة، فلسفة الزمن تحليل ظاهرة الزمن، فلسفة الشعائر الحسينية، فلسفة الأبعاد الاجتماعية، كل تحليل لأي ظاهرة من الظواهر يسمى فلسفة، من هنا تأتي عندنا فلسفة الحقوق ويقصد بها تحليل الحقوق، وفلسفة الفقه تحليل الفقه.

الفلسفة تنقسم إلى قسمين: فلسفة وصفية، وفلسفة معيارية.

يذكر الدكتور النمساوي الحقوقي كالسن في مجلة أرشيف فلسفة الحقوق الصادرة من كلية الحقوق بجامعة باريس هل يصح أن نقول فلسفة الحقوق؟ وكيف نفرق بين الفلسفة الوصفية للحقوق والفلسفة المعيارية؟ ولأجل ذلك قام ببحث في هذه النقطة.

الفلسفة الوصفية بيان ما هو كائن، والفلسفة المعيارية بيان ما ينبغي أن يكون، فتارة نتحدث عما هو كائن ونَصِفه فيها هذه تسمى فلسفة وصفية، وتارة نتحدث عما ينبغي أن يكون وهنا انتقلنا إلى المعايير والمقاييس، فتكون الفلسفة فلسفة معيارية.

كيف نطبق الفلسفة الوصفية والفلسفة المعيارية على مجال الحقوق؟

عندنا اتجاهان: اتجاه يتحدث ما هو الحق؟ ما هو منشأ الحق؟ فلسفة وصفية، واتجاه يتحدث ما الذي ينبغي أن يكون مظلة للحق أو قاعدة للحق؟ هذه نسميها فلسفة معيارية.

مثلاً عندما نتحدث عن ما هو الحق، فيقال الحق اختصاص شيء بشيء، فالإنسان عندما يقوم بتسييج الأرض أي يضع سياجاً على الأرض يكون له حق في الأرض أي يكون له اختصاص بالأرض دون غيره من الناس، هذا يسمى حق الاختصاص، الحق هو اختصاص شيء بشيء.

ما هو الفرق بين الحقوق والأخلاق؟ متى نقول هذا من الحقوق وهذا من الأخلاق؟

الحقوق لها ضمانة تنفي دية جزائية، الأخلاق ليست لها ضمانة تنفيذية جزائية وإن كانت موضوعاً للمدح والذم، مثلاً ما هو الفرق بين الصدق والأمانة؟ الصدق من الاخلاق والأمانة من الحقوق، الإنسان عندما يخون الأمانة هو يقوم بالإخلال بحق ولذلك يترتب على الإخلال بالحق ضمان، السارق يضمن، المعتدي يضمن، الخائن للأمانة يضمن، كل إخلال بالحق يترتب عليه ضمان تنفيذي جزائي، بينما لو كان كاذب والكذب لم يضرك ليس لك ضمان ولكنه ارتكب عملاً مذموماً، الكذب خلق مذموم والصدق خلق ممدوح وإن لم يترتب عليهما ضمان بخلاف الخيانة، بخلاف الظلم، بخلاف الاعتداء، من أجل ذلك عندما نفرق بين الحقوق والأخلاق هذه نسميها فلسفة وصفية نحن نتحدث عما هو كائن فنقول الحقوق ذات ضمانة تنفيذية والأخلاق ليس لها ضمانة تنفيذية.

عندما نأتي للفلسفة المعيارية  ما ينبغي أن يكون  هنا اتجاهان عندهم: انظر إلى علم القانون في مجال الحقوق، انظر إلى هذين الاتجاهين هل أن المظلة التي يجب أن تكون تحتها الحقوق هي مظلة أخلاقية أو المظلة التي يجب أن تكون تحتها الحقوق هي حفظ النظام؟

الاتجاه الأول يقول كل الحقوق ترجع إلى الأخلاق أي يجب أن تكون المظلة التي تتفرع عنها الحقوق هي الأخلاق، كل الحقوق تتفرع عن العدالة، كل الحقوق تنطلق من قاعدة العدالة والعدالة خُلُق، إذن الحقوق تندرج تحت مظلة الأخلاق، مثال/ إذا قُتِلَ إنسان فلوليه حق القصاص يقول القرآن الكريم: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ [الإسراء: 33] لكن هذا الحق محفوف بخلق ألا وهو العفو، لو عفا فهذا خلق، يقول القرآن الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة: 178]

بينما الاتجاه الثاني لا يربط بين الحقوق والأخلاق، يقول المظلة والقاعدة التي تنطلق منها الحقوق هي حفظ النظام، يعني أن المجتمع البشري من يوم آدم فكر في حفظ النظام، النظام الذي يحفظ الأنفس والأعراض والكرامة عن التلف والضياع، حفظ النظام هو الذي جعلهم يؤسسون الحقوق فصار للإنسان حق في الحياة، حق في الكرامة، حق في الحرية، حق في الملكية، كل هذه الحقوق انطلقت من قاعدة اسمها حفظ النظام ولا ربط لها بالأخلاق، لذلك الحقوق قد تنفصل عن الأخلاق، مثال/ إنسان يعيش مع زوجته عشرين سنة وزوجته تخدمه وتداريه وتقاسي معه مرارة الحياة، هذا الإنسان بعد عشرين سنة من الزواج طلق الزوجة بلا أي سبب عقلائي، صحيح أن الطلاق بيد من أخذ بالساق، فيقول أنا عندي حق كفله لي القانون وهو أن لي حق الطلاق بدون أي سبب فقط أريد أن أغير أو أتخلص من هذه المرأة، هنا تحقق الحق ولكن انتقض الخُلُق، هذا الإنسان عمل بحق قانوني له وهو حق الطلاق ولكنه طعن في خلق إنساني نبيل وهو خلق المروءة، فهنا انفصل الحق عن الخلق.

فالذي لا يرى الحقوق منطلقة من الأخلاق يفصل بينها بشكل عادي ويقول قد يحصل الحق ولا يحصل معه خلق.

ما هو المعيار الذي ينبغي أن تكون تحته الحقوق؟ هل هو المعيار الخلقي أو هو معيار حفظ النظام؟

المحور الثاني: أبعاد فلسفة الفقه.

الحقوق لها فلسفة والفقه له فلسفة، الفقه علم وله فلسفة، وعلم الفقه هو العلم الذي يدرس علاقة الإنسان بقانون السماء، سواء كانت هذه العلاقة عبر سلوك كأن يقال الصلاة واجبة، الغيبة حرام، الكذب حرام، أو كانت هذه العلاقة عبر شيء من الأشياء كأن يقال الدم نجس بالنسبة للإنسان، الكتاب ملك للإنسان.

إذن العلم الذي يدرس علاقة الإنسان بقانون السماء عبر سلوك أو عبر عين من الأعيان سواء حكم تكليفي أو حكم وضعي يسمى بعلم الفقه.

وأما فلسفة الفقه فهي تعني الرؤية التحليلية لعلم الفقه، الرؤية التحليلية لمسيرة الفقه التي انطلقت من عصر الإمام الصادق إلى يومنا هذا، وفلسفة الفقه تقوم على أربعة أبعاد: البعد التاريخي، البعد الاجتماعي، البعد الفلسفي، البعد التحليلي.

البعد الأول: البعد التاريخي.

وهو أن تتقصى تاريخ نمو المفردات الفقهية، وهنا يقول العلماء فرق بين تاريخ الحكم والحكم التاريخي، تاريخ الحكم هو حكم ما زال موجود لكن السؤال هو متى بدأ وكيف تطور، مثلاً حكم الدية، إذا قتل إنسان إنساناً خطأ تثبت على القاتل الدية يدفعها أو تدفعها العاقلة، حكم الدية متى بدأ؟ الدية حكم موجود ولكن متى بدأ تاريخه؟ الدية بهذا الحد وهذا التصنيف متى بدأت؟ أول من وضع الدية بهذا التصنيف هو عبد المطلب جد النبي محمد ، في شرح نهج البلاغة عن عكرمة عن ابن عباس: أول من سن الدية في النفس البشرية عبد المطلب، سنها مئة إبل، النفس التي تقتل خطأ يدفع القاتل أو عاقلته مئة من الإبل، فجرت على ذلك قريش وأقرها الرسول ، وهذا يسمى تاريخ الحكم.

وأما الحكم التاريخي فهو حكم كان في التاريخ ولكنه انتهى الآن، فنذكر فترته التاريخية، هل هناك أحكام انتهت ولا وجود لها الآن؟ نعم مثل أحكام العبيد والرقيق انتهت لانتهاء موضوعها، ويذكر الفقهاء كان الحكم في أزمنة الأئمة الأوائل في حرمة إخراج الأضاحي من منى، الحجاج يذبحون الهدي في منى وتبقى الأضحية في منى وتوزع على من حضر، في صحيحة محمد بن مسلم عن الإمام الصادق سألته عن الأضاحي نخرجها من منى؟ قال: كنا ننهى عن إخراجها لحاجة الناس إليها والآن كثر الناس فلا بأس. أي كان الحكم حكم تاريخي لفترة معينة وانتهى.

يقول بعض الباحثين الإيرانيين حتى ثبوت الدية على العاقلة هو حكم تاريخي، الآن لا معنى للدية أن تكون على العاقلة لأن ثبوت الدية على العاقلة نشأ في المجتمع القبلي وهو المجتمع العربي، المجتمع العربي مجتمع قبائل وعشائر لذلك جاء الإسلام ووضع هذا الحكم مجاراة للعرف القبلي العشائري، فقال إذا قَتَل إنسان إنساناً قتلاً خطئا تثبت الدية وتدفعها العشيرة، بينما في المجتمع الفارسي لا وجود للعرف القبلي، وكذلك في المجتمع الأوروبي لا وجود لهذا العرف، إذن ثبوت الدية على العاقلة في القتل الخطأ هو حكم تاريخي وانتهى، الآن القاتل يدفع الدية أو تدفع عنه الدولة أو من بيت مال المسلمين إذا كان القتل خطئي.

طبعا هذه النظرة غير مقبولة لأن الإسلام عندما وضع دية القتل الخطأ على العاقلة لم يكن ذلك مجاراة لعرف قبلي عشائري عند العرب، بل كان ذلك ترسيخاً لصلة الرحم، أراد الإسلام أن يرسخ صلة الرحم بأن يجعلها صلة متعاونة متآزرة حتى في القضايا الكبيرة التي تبرز مدى تلاحم الأرحام فجعل الدية على العاقلة، لا أنه جعل الدية على العاقلة لأنه كان ناظراً لعرف عشائري قبلي حتى ينتهي في المجتمعات التي لا تعيش عرف العشيرة والقبيلة كالمجتمعات الفارسية مثلاً أو الأوروبية.

البعد الثاني: البعد الاجتماعي.

يعبر السيد محمد باقر الصدر قدس سره في كتابه اقتصادنا عن هذا الفهم بالفهم الاجتماعي، الفهم الاجتماعي يعني أن ينطلق الفقيه من المجتمع إلى النص وليس العكس، أي أن الفقيه يمتلك خبرة اجتماعية ونتيجة خبرته الاجتماعية يقرأ النص سواء كان آية أو رواية يقرؤها من خلال خبرته الاجتماعية لذلك يقوم بالربط بين المجتمع وبين النص من خلال الفهم الاجتماعي.

مثلاً عندما نقرأ الآية المباركة قوله تعالى: ﴿مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة: 32] هنا فهمان للآية وكلاهما فهم فقهي:

الفهم الأول: هذا المعنى مجرد معنى خلقي مجازي أي أن الجريمة لأنها جريمة خطيرة فهو كأنما قتل الناس جميعاً؛ وهذا التعبير بيان لفظاعة الجريمة، وكناية عن شناعة الجريمة ولا يتضمن هذا التعبير حكماً شرعياً.

وأما الفهم الثاني يقول هذا هو نفسه حكم شرعي، رؤية حقوقية، القاتل حتى لو عفا عنه ولي الدم ولم يطالب لا بقصاص ولا دية لم تسقط عنه الجريمة لأن هذا القاتل كما ارتكب جريمة إهدار نفس محترمة فإنه ارتكب جريمة في حق المجتمع وهو ترويع الآمنين، نقض الحق العام للمجتمع ألا وهو حق المجتمع في الأمن، فإذن قتل الناس جميعاً أي ارتكب جريمة في حق الناس كما ارتكب جريمة في إهدار نفس محترمة.

فسقوط حق الولي لا يعني سقوط حق المجتمع، هذا القاتل لابد أن يعزر عقوبة له على إخلاله بالحق العام للمجتمع ألا وهو حق الأمن بالنسبة للمجتمع العام، وهذا نسميه بالفهم الاجتماعي، فعندما يقرأ الفقيه هذا اللفظ ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا يقرؤه انطلاقاً من بعد اجتماعي ويقول أنه حكم وهو أن القاتل أهدر حقاً اجتماعياً فلابد أن يعزر عليه.

مثال آخر: من أقوال النبي محمد : لا ضرر ولا ضرار.

والمشهور بين فقهائنا «لا ضرر» تعني أن الحكم الضرري يسقط، فلو افترضنا أن الصوم يضر بالإنسان يسقط وجوب الصوم، أو أن وجوب الوضوء يضر الإنسان يسقط وجوب الوضوء ويلجأ إلى التيمم، كل حكم ضرري يسقط في فرض الضرر، هذه قراءة لكلمة لا ضرر.

وهناك قراءة تحمل بعداً اجتماعياً «لا ضرر» لا تعني فقط سقوط الحكم الضرري بل أكثر من ذلك، «لا ضرر» تؤسس الحكم الذي يسد باب الضرر الاجتماعي، وهذا البعد الاجتماعي في فهم «لا ضرر» يراه السيدان: السيد الصدر والسيد السيستاني، فكما أنها تُسقط الحكم الضرري كذلك تؤسس لحكم يسد باب الأضرار الاجتماعية، مثلاً حق الملكية الفكرية لو اخترع إنسان فكرة هل له حق الملكية الفكرية؟ أو اخترع لنا اختراع معين هل له حق البراءة؟ هذه الحقوق لم تكن في أزمنة الإسلام ولا في أزمنة الأئمة الطاهرين فمن أين نشرع هذه الحقوق؟ كيف نقول للإنسان حق الملكية الفكرية وهو حق لم يشرعه القرآن ولا السنة؟ كيف نقول للإنسان حق البراءة إذا اخترع مخترعاً؟ نستطيع أن ننتزع حق الملكية الفكرية وحق البراءة من كلمة «لا ضرر»، من خلال البعد الاجتماعي للكلمة، نقول: كما أن لا ضرر ترفع الحكم الضرري هي أيضاً تؤسس للحكم الذي يسد باب الأضرار الاجتماعية، وإثبات حق الملكية الفكرية وإثبات حق البراءة، حكم يسد باب الضرر عن كثير من أبناء المجتمع.

البعد الثالث: البعد الفلسفي.

البعد الفلسفي للفقه هو أن تجتمع أسس الدين في مورد واحد، الدين له ثلاثة أسس: عقيدة، شريعة، أخلاق.

مثلاً الحجاب، المرأة تظن أن الدين ضيق عليها وفرض عليها أن تستر شعرها وبدنها، وهذا ضيق وإرهاق هكذا قد تفهم المرأة مسألة الحجاب، لكن الحجاب هذا المورد الواحد يجمع عقيدة وشريعة وأخلاق، عندما ننظر إليه ببعد فلسفي، الحجاب واجب شرعي وهذا معناه شريعة، ومن جهة أخرى الحجاب رمز للإسلام، لأن الدين الوحيد الذي يفرض الحجاب اليوم هو دين الإسلام، الفتاة المسلمة بالحجاب ترمز إلى السماء، إلى محمد بن عبد الله، الفتاة المحجبة عندما تسافر إلى الغرب فهي تعطي رمزية أنها تنتمي إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله، رمز لعقيدة ومعتقد سام وهو الحجاب.

وأيضاً الحجاب تعبير عن قيمة خلقية وهي قيمة الكرامة، يرمز إلى أن هذه الفتاة مصونة محوطة وليست سلعة مبتذلة لكل ناظر ولكل مفتتن، زينتها مصونة، جمالها مصون، فالحجاب رمز للصون والكرامة والحيطة، فكما هو رمز لعقيدة ورمز لشريعة فهو رمز لقيمة خلقية ألا وهي قيمة الكرامة ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء: 70]

البعد الرابع: البعد التحليلي.

وهو ما سنتحدث عنه في المحور الثالث.

المحور الثالث: المقارنة بين النص وفقه المقاصد.

يقول بعض الباحثين بأن الفقه الإمامي فقه جامد وليس كفقه المذاهب الإسلامية الأخرى فإن فقه المذاهب الإسلامية الأخرى فقه تجاوز النص، فقه المذاهب الإسلامية الأخرى فقه يركز على الأهداف والمقاصد، يركز على الملاكات، وليس جامد على النصوص وهي الآيات والروايات، بل فقه قد انطلق في أفق أوسع من أفق النص سواء كان آية أو رواية، بينما الفقه الإمامي ما زال جامد على النص، لماذا يجمد الفقه على النص ولا يتحول لرؤية أوسع ألا وهي رؤية المقاصد والأهداف والملاكات؟

يطرح القرآن الكريم المقاصد فيقول: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45] ويقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183] يعني أن المقصد هو التقوى، ويقول: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]

ويقول: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة: 222] يعني أن المقصد من حرمة مقاربة المرأة في الحيض أن الحيض يؤذي الإنسان.

يقول: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء: 34] أي أن المقصد من هذه القوامة التفضيل والإنفاق.

إذن القرآن طرح مقاصد فلماذا الفقه يجمد على النص مع أن القرآن يفلسف الأحكام ويطرح لها مقاصد ويطرح لها أهداف، فلماذا يجمد الفقه على النص؟

في الواقع هذه النظرة قاصرة، الفقه الإمامي ليس واقفاً موقف الرفض من فقه المقاصد وفقه الأهداف، وفي هذا المجال نذكر أربع نقاط:

النقطة الأولى: تاريخ فقه المقاصد.

ربما يتصور الإنسان أن فقه المقاصد بدأ عند مذهب إخواننا أهل السنة والجماعة قبل مذهب التشيع باعتبار أن أول من كتب في فقه المقاصد إمام الحرمين الجويني في كتابه البرهان في أصول الفقه، المتوفى عام 474 هـ ، ثم تلاه الغزالي المتوفى عام 505 هـ  في كتابه المستصفى في علم الأصول، وبعد ما يقارب ثلاثة قرون جاء الشاطبي المتوفى عام 790 هـ  وتناول المقاصد بشكل تفصيلي في كتابه الموافقات في أصول الشريعة.

إذن فقه أهل السنة طرح المقاصد بشكل واضح، نقول نعم، ولكن من كتب في فقه المقاصد من الإمامية قد سبق ذلك وإنما العنوان اختلف، يعبرون عنه في الفقه الإمامي بالعلل لا بالمقاصد، وقد كتب فقهاء الإمامية في علل الأحكام أي أهدافها وملاكاتها.

كتب المفضل بن عمر علل الشرائع في عام 150 هـ أي في القرن الثاني قبل أن يُكتب في فقه أهل السنة أي شيء، وكتب أيضاً علي بن الحسن بن فضال علل الشرائع المتوفى عام 250 هـ ، وكتب علل الشرائع الفضل بن شاذان المتوفى عام 260، وكتب في علل الشرائع علي بن إبراهيم القمي، ومحمد بن خالد البرقي، إلى أن وصلنا كتاب الشيخ الصدوق المتوفى عام 381 هـ علل الشرائع وهو كتاب مطبوع وموجود.

النقطة الثانية: هناك فرق بين النظم والمقاصد.

يقول السيد محمد باقر الصدر في كتابه اقتصادنا أن المقاصد هي علل لأحكام معينة، علة حرمة الخمر الإسكار، علة القصر في السفر هو المشقة، هذه علل الأحكام. أما النظم فهي أسس الشريعة، مثلاً عندما نأتي إلى المذهب الاقتصادي الإسلامي ونتوغل فيه بشكل عمودي ونصل إلى الأسس التي يقوم عليها المذهب الاقتصادي الإسلامي، الوصول إلى الأسس هو وصول إلى النظم، والنظم غير المقاصد، النظم تمثل وجهة نظر الإسلام.

ما هي هذه الأسس والنظم؟ يذكر في اقتصادنا ثلاثة أسس: الملكية المزدوجة، والحرية الاقتصادية المحددة، والعدالة الاجتماعية. ومعنى الملكية المزدوجة أي أن الملكية الفردية محاطة بالملكية العامة، كما أن الفرد يملك أيضاً المجتمع يملك، ولا تكون الملكية الفردية على حساب الملكية الاجتماعية، ورد عن النبي : من أحيا أرضاً مواتاً فهي له. لو خرج أحد إلى الصحراء وهي ليست ملكاً لأحد ويقوم بزراعة أرضاً فهي له، من أحيا أرضاً مواتاً أحياها بالزراعة أو بالبناء يملكها.

ولكن لو جاء إنسان ثري ولديه شركات واستطاع خلال يوم واحد بالمعدات والآلات أن يزرع مليون متر هنا فهل يستملك هذه الأرض؟

إذن من أحيا أرضاً مواتاً فهي له لا تنفك عن أسس ونظم من أنظمة الشريعة ألا وهو الملكية المزدوجة، ليست الملكية الفردية على حساب الملكية العامة، هذا الحكم جاء في زمن تحيا الأرض بمعدات بسيطة فأس ومحراث وسماد، أما الآن لو جعل هذا الحكم على إطلاقه للزم إحياء الصحارى والشواطئ وملكيتها بحجة من أحيا أرضاً مواتاً له، هناك نظام من النظم الأساسية للشريعة ألا وهو هذا النظام نظام الملكية المزدوجة، ليست الملكية الفردية على حساب الملكية العامة للمجتمع.

النقطة الثالثة:

قلنا بأن الفقه الإمامي لا يرفض المقاصد وإنما يقول إن التوسع والخروج عن دائرة النص سواء كان آية أو رواية يحتاج إلى دليل، لا يمكن لنا أن نقول بفقه المقاصد إن لم يكن في إطار دليل مقنع، وإلا لو قلنا بفقه المقاصد دون إطار دليل مقنع للزم محاذير لا يمكن الخلاص منها، مثلاً ما هو الفرق بين الزنا والعقد المنقطع؟ الزوج في العقد المنقطع ليس مسؤول عن نفقة ولا عن مبيت ولا عن معاشرة بالمعروف ولا شيء، قد يقول أحدهم إذا كان العقد المنقطع جائز إذن الزنا جائز لكن بتقنين، نجوز الزنا بقوانين معينة ونقول بأنه متى ما صار اتفاق وتراضٍ بين الذكر والأنثى سواء كان التراضي بسلام أو بإشارة عين أو بنظرة معينة حصل التراضي والاتفاق إذن تسوغ العلاقة الجنسية، غاية ما هنالك أنه يتحمل لو حملت وأنجبت، فهل يعني هذا أن نجوز الزنا بتقنين معين بينما النص وارد في العقد المنقطع؟ فقه المقاصد لا بد أن يعتمد على دليل، فعندما نريد أن نتوسع ونخرج عن دائرة النص لا يمكن الخروج عن دائرة النص إلا بدليل مقنع وإلا انفتح الباب لكل شيء.

أيضاً حرمة شرب الخمر، لماذا حرم الإسلام الخمر؟ لأنه مسكر، لو مثلاً إنسان لا يسكره نصف كأس، وآخر لا يسكره إلا إبريق كامل، فهل يستطيع أن يشرب؟ بالنتيجة التوسع والخروج عن دائرة النص بعنوان فقه المقاصد يحتاج إلى دليل مقنع، فما هو ذلك الدليل المقنع؟

الدليل المقنع أحد طريقين: الظهور العرفي والاستقراء التام.

الطريق الأول: الظهور العرفي.

الظهور العرفي بمعنى أن يكون النص إذا عُرض على العرف العربي يستفاد منه هذه التوسعة، فالتوسعة مستفادة من النص نفسه، وفيه نحتاج إلى أدوات:

الأداة الأولى: توسعة مفاد النص.

أن يقوم النص على العلة أي نفس الرواية تدلنا على العلة للحكم، في الرواية عن الإمام الرضا : إنما أُمر من يغسل الميت بالغسل لعلة الطهارة مما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرجت منه الروح كان أكثر آفة. إذن من مس الميت بعد برده عليه غسل مس الميت، نص وضح لنا ما هي العلة في غسل مس الميت.

رواية أخرى تقول: أربعة يتمون في سفر كانوا أم حضر المكاري، والكري، والراعي والاشتقان لأنه عملهم.

يقول السيد الخوئي عن هذه الرواية «لأنه عملهم» يقصد بها لأن السفر مهنة لهم، فكل من كانت مهنته السفر إذن يتم، بينما يقول السيد السيستاني «لأنه عملهم» لا علاقة له بالمهنة، العمل يعني الديدن والدأب، كل من دأبه السفر يتم سواء كانت عنده مهنة أو لا، في سفر كان أو حضر.

«لأنه عملهم» أي أن السفر ديدن لهم ودأب لهم، هنا نحن ننتزع من هذه الكلمة مناط عام ونتوسع فيه كل من كان كثير السفر سواء كان السفر مهنة له كالمكاري والكري والاشتقان والراعي أو لم يكن مهنة له عليه أن يتم دائماً.

الأداة الثانية: مناسبة الحكم للموضوع.

يعني أن العرف يرى أن الحكم يناسبه هذا الموضوع الأعم ولا يناسبه الموضوع الأخص، في صحيحة عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق : يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة الفاتحة وحدها. هذا الحكم ورد في المريض، ولكن الفقهاء قالوا إنه حكم يمكن أن يتوسع لكل مضطر سواء كان مريضاً أم لا، كل مضطر ولا خصوصية للمريض، هذه التوسعة هي فقه المقاصد، هذه التوسعة جاءت من خلال الفهم العرفي للرواية من خلال مقارنة بين الحكم والموضوع.

الأداة الثالثة: إلغاء الخصوصية.

مثلاً في بعض الدول جعلوا المهر مهرين: مهر معجل يعطيه الرجل للزوجة حين العقد، ومهر مؤجل، هذا الرجل تزوج المرأة قبل خمسين سنة وكان المهر ألف ريال، والمهر المؤجل ألف ريال، الآن بعد خمسين سنة هل يقدم الألف ريال ويعطيها المرأة بالرغم من اختلاف القيمة الشرائية للألف؟

أو مثلاً اقترض منك إنسان ألف ريال قبل ستين سنة وجاء الآن لرد الدين بنفس مقدار الألف ريال، هنا هل نتوسع أو نجمد فنقول المقدار الذي أمهره للزوجة هو ألف ريال فلا تشتغل ذمته بأكثر من ذلك أو المقدار الذي اقترضه من غيره هو ألف ريال فلا تشتغل ذمته بأكثر من ذلك؟

هنا توسع بعض الفقهاء وقالوا القرض والمهر لا يتعلق بخصوصية الألف ريال بل يتعلق بالقيمة الشرائية لهذه العملة، ألف ريال قبل ستين سنة كم تساوي قيمتها الشرائية؟ كم تعادل من الذهب، كم تعادل من الأغذية، والأثاث والأمتعة والبضائع؟

الذي اشتغلت ذمة المقترض به هو القيمة الشرائية للألف ريال وليس للخصوصية النقدية لألف ريال، هذا فقه المقاصد، ولكنه يتوسع من خلال الفهم العرفي للنصوص الواردة وليس بدون دليل مقنع.

الأداة الرابعة: تنقيح المناط.

أي أن العرف ينتزع من الرواية مناطاً أوسع من المثال المذكور في الرواية التالية، عن داوود الصرمي سألت الإمام الصادق عن شار الخمر يعطى من الزكاة شيئاً؟ قال: لا. يقول الفقهاء هذه لا تختص بشارب الخمر فقط بل تعم، لأن ظاهر الرواية أن المنع عن إعطائه من الزكاة أنه يستخدم الزكاة في شراء الخمر، فلا تعطى الزكاة لأي صاحب معصية يستخدم الزكاة في ترويج المعصية، ولا خصوصية لشارب الخمر.

الطريق الثاني: الاستقراء التام

وهو الذي يوجب اليقين أو الوثوق بالحكم المعين، كما ذكر السيد الصدر يقول: صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني تتبع النصوص واستنتج منها باستقراء تام بأن الجاهل القاصر معذور في تمام الأبواب وتمام الموارد.

النقطة الرابعة: متى نتوسع في مفاد النص ومتى نجمد على مفاد النص؟

إنما نتوسع في مفاد النص ونذهب إلى فقه المقاصد إذا استنتجنا من النص أو من الاستقراء التام الموجب للوثوق أو اليقين العلة التامة، وبيان ذلك أن العلل أربعة أقسام: علة تامة، علة ناقصة، علة تعبدية، علة مزاحمة بعلة أخرى.

القسم الأول: العلة التامة.

كما قلنا العلة في حرمة شرب الخمر أن الخمر فيه إعداد للإسكار سواء أسكر بالفعل أو لم يسكر، كل خمر فيه إعداد للإسكار لأجل ذلك يكون حراماً، ورد عن الإمام الصادق : ما حرم الله الخمر لاسمها وإنما حرمها لعاقبتها، فما كانت عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر.

القسم الثاني: العلة الناقصة.

تسمى حكمة وليست علة تامة وهذه لا تكفي في التوسعة، مثلاً عدة الطلاق، لماذا تعتد المرأة بعد الطلاق ثلاثة قروء؟ يقول القرآن الكريم: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: 228] والقرء هو الحيض أي ثلاثة حيضات، بمجرد أن يطرقها الدم للمرة الثالثة خرجت من العدة، يقول البعض أن العلة في العدة هو الاحتياط من الحمل والآن نستطيع أن نكتشف أنها حامل أو لا في خلال يومين أو ثلاثة إذن نتوسع ونقول لا يشترط العدة المهم أن يتبين أنها ليست حامل، وهذا ليس صحيح هذه علة ناقصة، العلة في العدة حرمة العلقة الزوجية، أي أن الإسلام يقدس العلقة الزوجية فيضع لها حريم ويقول انتظروا بالزوجين فرصة، أعطوهما ثلاثة قروء لعل الزوج يعود في زواجه، لعله يقوم حكم من أهله وحكم من أهلها ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء: 35]

حرمة العلقة الزوجية اقتضت هذا السن وليست مجرد مسألة الحمل، هذه علة ناقصة لا تكفي في التوسع وفقه المقاصد.

القسم الثالث: العلة التعبدية.

بعض العلل تكون تعبدية، مثلاً لماذا صلاة المغرب ثلاث ركعات؟ لماذا صلاة الفجر ركعتين؟ لماذا الصيام شهر واحد وليس شهرين؟

هذه علل تعبدية أراد الله من هذه الأحكام أن يختبر المطيع من العاصي، في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر يقول: إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه. علة تعبدية لاختبار الإنسان ومعرفة المطيع من العاصي.

القسم الرابع: العلة المزاحمة بعلة.

هي علة موجود ولكن زاحمتها علة فمنعتنا من التوسعة، مثل قول النبي محمد : لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل مسجد. أي أن العلة التي تقتضي موجودة وهي أن السواك نظافة وطهارة ولكن توجد علة تزاحم هذه العلة تمنعني من الأمر وهي المشقة، لذلك لا نتوسع.

مثال آخر في رواية معتبرة عن الإمام الباقر يقول: مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين فإن إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله عز وجل.

بعض الفقهاء مثل المحدث البحراني يفتي على الرواية يقول زيارة الحسين واجبة في العمر مرة لأن الرواية قالت مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة من الله عز وجل.

بينما يقول الفقهاء الآخرين نعم هي علة أي أن زيارة الحسين فيها علة تقتضي أن تكون فريضة لكن هذه العلة مزاحمة بعلة أخرى ألا وهي علة المشقة والعسر والحرج تمنع هذه العلة من أن تكون كافية لاستفادة الوجوب والإلزام، وإلا فزيارة الحسين من أعظم المستحبات، وأجل القربات، وأرجح الطاعات.