الليلة الخامسة من شهر محرم الحرام 1445هـ

هل نحن بين (أخلاق بلا دين) و(دين بلا أخلاق)؟

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134]

صدق الله العلي العظيم

انطلاقاً من الآية المباركة نتحدث حول التساؤل الذي يُطرح: هل نحن بين أخلاق بلا دين أم دين بلا أخلاق أم تكامل بين الدين والخلق؟

وهنا ثلاثة محاور:

  • تعريف الأخلاق والمعيار فيها.
  • علاقة الدين وعلاقة الخُلُق بالعلم.
  • علاقة الدين بالخُلُق.
المحور الأول: تعريف الأخلاق والمعيار فيها.

الأخلاق هي ما ينبغي أن يُعمل، حيث قُسِّم العقل إلى عقل نظري وعقل عملي. فالعقل النظري هو ما يدرك ما ينبغي أن يُعلم، والعقل العملي ما يدرك ما ينبغي أن يُعمل. مثلاً عقيدة النبوة، عقيدة الإمامة من العقل النظري لأنها مما ينبغي أن يُعلم، بينما الصدق والأمانة والعدل مما ينبغي أن يُعمل فيسمى بالعقل العملي.

كل فعل ينبغي أن يُعمل أي يدرك العقل أنه ينبغي أن يُعمل فهو خُلُق، وتحديد المعيار في الخُلُق وعد الفعل مما ينبغي أن يُعمل فيه مدارس ثلاث: مدرسة الفلاسفة، مدرسة علماء الأخلاق، مدرسة علماء الكلام.

المدرسة الأولى: مدرسة الفلاسفة.

يقول علماء الفلسفة: المعيار في كون الفعل خلقاً هو بمساهمة الفعل في حفظ النظام، ولذلك البشرية منذ أول يوم وفي أول مجتمع على الأرض تعاقدوا وتبانوا على مجموعة من الأفعال، تعاقدوا واتفقوا على العدل والأمانة والصدق والإحسان، وقد اتفقوا على هذه الأفعال لأن بها يُحفظ نظام المجتمع، أدركوا أن حفظ النظام وعدم اختلاله بحيث يعيش المجتمع حياة آمنة مستقرة فلا تتلف نفوس ولا تتلف أعراض ولا تتلف أموال يحتاج إلى أن يتفقوا على العدل والصدق والأمانة والإحسان وإلى غير ذلك من الأخلاق والقيم، إذن الأخلاق تكتسب قيمتها من جهة أنها تحفظ النظام الاجتماعي.

المدرسة الثانية: مدرسة علم الأخلاق.

يقول علماء الأخلاق: إنما يكون الفعل خلقاً إذا كانت له لذة روحية، البعد بعدٌ روحي وليس اجتماعي كما صنفه الفلاسفة، قالوا: الخلق ما له بعدٌ روحي؛ بمعنى أن يشعر الإنسان بلذة روحية عندما يقوم بالخلق، الإنسان عندما يتحلى بالصدق ويتحلى بالأمانة ويتحلى بالعدالة ويتحلى بالمروءة يشعر بأن له نفس سامية، الشعور بسمو النفس وعلوها هو المعيار في الخلق.

المدرسة الثالثة: مدرسة علم الكلام.

علماء الفكر الديني وعلماء الفكر الإسلامي هم علماء الكلام، وهؤلاء لهم رأي آخر، يقولون: المسألة أبعد من البعد الاجتماعي وأعمق من البعد الروحي، هناك جهة أبعد من ذلك وهي الجمال والحسن الذاتي؛ بمعنى أن العدل هو عمل جميل بغضّ النظر عن أن المجتمع فعله أو لم يفعله، له بعد روحي أو ليس له بعد روحي، هو في حد ذاته عمل جميل، جمال العدل ذاتي له، جمال الصدق، جمال الأمانة ذاتي له، ولأجل جماله يقول العقل ينبغي أن يُعمل، بغض النظر عن البعد الاجتماعي والبعد الروحي، والسبب الذي جعل العقلاء يتفقون على هذه المفردات دون غيرها، وأن هذه المفردات تحفظ النظام دون غيرها لأنها في حد ذاتها جميلة، ولجمالها تحفظ النظام.

كذلك إنما يكون لهذه المفردات بعد روحي لشعور الإنسان بجمالها، لو لا أن الإنسان أدرك أن العدل جميل والصدق جميل لما شعر بلذة وسمو عندما يقوم بها، وعندما يمارسها.

كما أن الطبيعة الخلابة ذات جمال، كما أن الأناقة والتناسق جمال كذلك الصدق جمال، والأمانة جمال، على رؤية الفلاسفة هناك علة لكل مفردة، العدل ينبغي أن يُعمل لأنه يحفظ النظام، وعلى رأي علماء الأخلاق هناك علة، العدل ينبغي أن يعمل لأن في العدل سموا وبعداً روحياً، أما على رؤية علماء الكلام فإن العدل جميل ولا يحتاج إلى سبب لكونه جميل، الجمال لا يحتاج إلى علة ولا إلى فلسفة ولا إلى مدرك ودليل، العدل ينبغي، الصدق ينبغي، لأنه في حد ذاته ينبغي لأنه جميل.

ولذلك جمال هذه الأفعال يعبر عنه بأنه قضية بديهية، والقضايا البديهية لا تحتاج إلى دليل، مثلاً نظام السببية «لكل مسبب سبب» هذه قضية بديهية لا يحتاج الإنسان فيها إلى دليل، الإنسان يدرك بفطرته أن لكل مسبب سبب. الإنسان يدرك أنه يمتنع التناقض لا يكون لشي هو الحق وهو الباطل، هو صدق وهو كذب، التناقض مستحيل، هذه قضية بديهية لا تحتاج إلى دليل. كما أن هذه القضايا النظرية بديهية لا تحتاج إلى علة ودليل كذلك جمال الأخلاق قضايا بديهية لا تحتاج إلى علة ودليل.

المحور الثاني: علاقة الأخلاق بالعلم.

هل يمكن للعلم التجريبي أن يضع لنا أخلاق؟ هل يمكن للعلم التجريبي أن يضع لنا أسساً دستورية للقيم والأخلاق؟ أم العلم بعيد عن ذلك؟

ربما يقال لا علاقة للعلم بذلك، العلم يكتشف لنا الأشياء المادية، الأشياء التي لها حدود ومقادير مادية، أما الأخلاق فهي قضايا معنوية فوق المادة لا علاقة للعلم التجريبي بها، ولكن هناك اتجاه موجود في الفلسفة الغربية يقول أنه يمكن قياس الأخلاق بالعلم التجريبي من خلال علم النفس، ومن خلال علم الأعصاب، وقد أقيمت تجارب اكتُشِف من خلالها قضيتان:

القضية الأولى:

أن الطفل يستشعر قدرات ثلاث قبل أن تؤثر فيه البيئة وهي:

  1. استشعار العدالة: الطفل إذا ميزت عليه طفلاً آخر ينفر ويستشعر العدالة فيرفض التمييز قبل حتى أن يكتسب أي مفهوم من المفاهيم.
     
  2. الإحساس بالآخر: الطفل قبل أن توثر فيه البيئة يستشعر إحساس الآخرين، يحزن إذا كانت أمه حزينة، ويبتهج إذا كانت مبتهجة.
     
  3. يميز بين الصواب والخطأ، وبما أن الطفل يمتلك الاستعداد والقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ إذن هو محتاج إلى العلم والخبرة حتى تترسخ هذه القدرة عنده ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا «7» فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا «8» قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا «9» وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا «10» [الشمس: 7 - 10]

من هنا جاء سام هاريس عالم الأعصاب والفيلسوف الأمريكي ووضع هذه النظرية أن العلم التجريبي يكتشف الأسس والأخلاق، وذكرها في كتابه المشهد الأخلاقي.

القضية الثانية:

أن مفاهيم الإنسان تتطور بتطور الحياة، إنسان اليوم أقدر على فهم الخطأ والصواب من جده وجد جده لأن الحياة تطورت، وكلما تطورت الحياة اتسعت المفاهيم في علم النفس، في علم الإدارة، في علم القانون، وفي علم الاجتماع، واتضحت الزوايا والمفاهيم، واتسعت المدارك، فأصبحت قدرة الإنسان على تمييز الصواب والخطأ وتمييز الحسن والسيء أقوى مما قبل، تطور العلوم يسهم في تطور قدرة الإنسان على الفرز بين الأفعال والتمييز بينها.

في عام 2006م - 2007م انتشرت مؤلفات دوكينز ومؤلفات ساغان، وهذه المؤلفات تنتقد البعد الديني، وجاء في هذا المصاف كتاب المشهد الأخلاقي لسام هاريس، يقول: إن الدين لا دخل له في الأخلاق، مصدر الأخلاق ومنبع أسس الأخلاق هو العلم التجريبي وليس الدين، وليس إيديولوجية أخرى.

نعم هو لا يؤمن بالليبرالية ولا يرى النسبية في الأخلاق؛ أي أن الأخلاق أمر نسبي ويختلف باختلاف الأشخاص وباختلاف الأزمة، هو يرى أن الأخلاق قيم مطلقة، العدل جميل دائماً، الصدق جميل دائماً، لكنه في نفس الوقت يرى أن البعد الديني لا ربط له بالأخلاق، العلم التجريبي قادر على وضع أسس مفصلية للأخلاق، وقد ذهب هاريس إلى ذلك:

أولاً عرف الأخلاق، ثانياً وضع دليل على مسلكه ومدرسته على أن الأخلاق يكتشفها العلم. وتعريف الأخلاق عنده أنها القيمة الخلقية التي تعتمد على ركنين: الوعي والرفاهية.

الركن الأول: وهو الوعي.

إذا لم يكن هناك وعي فلا يوجد أخلاق، الأخلاق حقائق نشأت عن تجارب واعية، الأخلاقية علاقة بين طرفين واعيين، هل عندك أخلاق في التعامل مع حجر؟ لا لأن الحجر لا وعي له، هل تتعامل مع الحشرات والذباب؟ أنت تؤمن بأن الحشرات ليس لها وعي فلا تتعامل معها بأخلاق، لكنك في نفس الوقت تتعامل مع الناقة والبقر والغنم والكلب بالرفق واللين لأنك تؤمن بأن لها وعي، فمن الوعي جاء رحم الأخلاق، وبالوعي تولدت الأخلاق، إذن الأخلاق تحتاج إلى وعي.

الركن الثاني: الرفاهية.

الأخلاق هي حقائق للحياة الرفاهية الواعية، إنما تكون الحياة مرفهة إذا جمعت الصحة والأمن والرخاء والنظام، إذا جمعت الحياة هذه العناصر فهي حياة مرفهة، الأخلاق هي الأفعال التي تسهم في رفاهية الحياة الواعية، كل عمل يسهم في رفاهية الحياة الواعية فهو أخلاق، من هنا قلنا العلم هو الذي يكتشف الأخلاق لأن العلم هو الذي يكتشف لنا الحقائق المساهمة في الحياة المرفهة، في رفاهية الحياة الواعية.

والدليل على ذلك أن المجتمع البشري يعيش إيماناً بحقلين: حقل خبرة وحقل علم.

أما في حقل الخبرة فترى المجتمع البشري يجزم بالأخلاق فيما هو خبير به، مثلاً لو سألت الناس هل ضرب الطفل من أجل تعليمه أو من أجل تهذيبه هو وسيلة ناجعة للتعليم والتربية؟ يقول لا، بل هي وسيلة رديئة، وهذا معناه أن المجتمع البشري يمتلك خبرة ويرى أن ضرب الطفل لا يسهم في رفاهية الحياة الواعية بل العكس، إذن هو ليس بخلق.

تأتي إلى حقل العلم تجد أن الصحة هي أساس من أسس حياة الرفاهية، قبل مئة سنة كان معدل العمر ثلاثين وأربعين سنة، ولكن بعد أن تطور الطب واكتُشفت ميادين الصحة وروافدها، وزادت خبرة الإنسان بمجالات الصحة، أصبح معدل العمر سبعين وثمانين، المسنين الآن في العالم بالملايين، يقول هاريس: بعد مئة سنة مَنْ عمره مئتين عام سوف يشترك في سباق الماراثون ولا يتأخر عن السباق إلا لمرض أو علة.

إذن من خلال ذلك نفهم أنه كلما تطور العلم واتضحت أبعاد وعناصر رفاهية الحياة الواعية أصبح الإنسان أكثر إدراكاً لما يصح وما لا يصح، ما هو صواب وما هو خطأ، إذن الدليل على أن العلم التجريبي هو الذي يكتشف لنا أسس الأخلاق وهو الذي يرشدنا إلى أسس الأخلاق أن تطور العلم يزيد خبرة الإنسان بحيث ينكشف أمامه ما هو الصواب وما هو الخطأ.

ولأنه عالم أعصاب ركز دائماً على الدماغ في كلماته، فيقول اصلحْ الدماغ والبقية ينصلح، وصلاح الدماغ يعني ثقافة الدماغ، وهي المصدر لصلاح الأفعال، الشخص الذي يُقدم على الانتحار سببه أن ثقافته تدعوه إلى الانتحار، الشخص الذي يقدم على العطاء والإنتاج بسبب أن ثقافته تدعوه للإنتاج والعطاء، ثقافة الدماغ هي مصدر التغيير، لذلك علماء الأعصاب وعلماء النفس قادرون من خلال تجارب معينة على تعبئة الأدمغة بثقافة تؤهل إلى اكتشاف أسس الأخلاق، فلو أقمنا تجربة على مليون دماغ لمدة عشر سنوات ومن خلال أبعاد أربعة وهي:

  • البعد الأول: ما هو الذي يثير العواطف.
  • البعد الثاني: الدوافع الجزائية «الثواب والعقاب» كيف يؤثر عليهم.
  • البعد الثالث: القوانين الإدارية الصارمة كقوانين المرور والشرطة.
  • البعد الرابع: هيئات المجتمع المدني كيف تؤثر في الناس.

لو أقمنا هذه التجربة ضمن هذه الأبعاد الأربعة سنكتشف من خلال هذه التجربة أسس الأخلاق الإنسانية بلا حاجة إلى دين ولا إلى أي إيديولوجية أخرى.

هذا ما طرحه سام هاريس في نظريته، ولكن هناك عدة ملاحظات على نظريته وقد ذكر بعضها الفيلسوف البريطاني كوامي أنتوني أبيا:

الملاحظة الأولى:

الرفاهية تختلف من تعريف إلى تعريف آخر، تختلف بين جيل وجيل آخر، بين مجتمع ومجتمع آخر، هل الميزان في رفاهية الحياة بمستوى دخل الفرد؟ أم الميزان في رفاهية الحياة هو القدرة على الإنتاج؟ تختلف الأجيال في ميزان الرفاهية، وتختلف المجتمعات والإيديولوجيات في ميزان الرفاهية فإذا ربطنا الأخلاق برفاهية الحياة الواعية رجعنا إلى النسبية التي فر منها سام هاريس.

الملاحظة الثانية:

إذا ربطت الأخلاق بالوعي، لو فرضنا أن الإنسان فقد الوعي إما لنوم أو لإغماء هل يعني ذلك أنه يمكنك أن تعامله بلا أخلاق؟ ليست الأخلاق منوطة بوعي من الطرفين حتى لا تكون هناك علاقة خلقية إلا مع حياة واعية من كلا الطرفين.

الملاحظة الثالثة:

ما هو الدليل على ربط الأخلاق بقيم رفاهية الحياة الواعية؟ أين هذا وأين هذا، هناك فرق شاسع بين اللذة المادية واللذة الروحية، عالم الرفاهية هو عالم اللذة المادية، وعالم الأخلاق هو عالم اللذة الروحية، لا ربط بين العالمين، الإنسان عندما يمتلك صحة وأموال ويعيش ضمن نظام وفي حالة وئام يحصل على لذة مادية، بمعنى شعور بالرضا وشعور بأنه سليم، أما اللذة الروحية تختلف عن ذلك، الإنسان ولو كان يعيشاً فقراً مدقعاً ولو كان يعيش في أدغال إفريقيا إذا كان إنسان صادقاً أميناً عادلاً يشعر باللذة الروحية ويشعر بأنه منتصر على نفسه، الإنسان الصادق العادل الأمين المتواضع يشعر بأنه إنسان منتصر على نفسه وعلى غرائزه وشهواته ونوازعه، هذه هي اللذة الروحية الشعور بالانتصار، من يعيش في أدغال أفريقيا في فقر ولكنه يعيش الصدق والأمانة والعدل والأخلاق السامية يشعر بالرضا والسكون والارتياح أكثر ممن يعيش في قمم سويسرا في جمال الطبيعة وفي صحة وأموال لكنه يعيش قلقاً واضطراباً وآلام نفسية نتيجة عدم ثقته بأي شيء، ونتيجة انسداد الأبواب أمامه، فالميزان في الأخلاق هو اللذة الروحية والميزان في الرفاهية اللذة المادية، ولا علاقة بين العالمين.

لذلك ميدان العلم يختلف عن ميدان الأخلاق، العلم التجريبي يكتشف ما هو الموجود وعلم الأخلاق يكتشف ما ينبغي أن يوجد، ما هو الموجود؟ يأتيك علم الفيزياء وعلم الكيمياء ويكتشف لك ما هو الموجود، يكتشف لك الوجود، ولكن ما ينبغي أن نكون عليه ومعرفة ما هو الهدف من الحياة، وما هو الهدف الذي يستحق أن نبادر له ونضحي من أجله فإن العلم التجريبي يقف هنا، وتأتي فلسفة الأخلاق.

إذن ربط العلم التجريبي بالأخلاق هي نظرية عليها عدة ملاحظات.

المحور الثالث: علاقة الأخلاق بالدين.

الكثير يقول لا ربط للأخلاق بالدين، حيث أن هناك أناس لا دينيين ولكنهم يمتلكون أمانة وصدق واحتراماً للقانون، ولنا أصدقاء يصلّون ويصومون ولكنهم يعيشون فساداً أخلاقياً من الكذب والغيبة والنميمة، فأين الدين وأين الأخلاق؟

هنا أمامنا اتجاهان:

  • الاتجاه الأول يقول أخلاق بلا دين، ولا نحتاج إلى الدين.
  • الاتجاه الثاني يقول لا يمكن فصل الأخلاق عن الدين.

الاتجاه الأول الذي يدعو إلى أخلاق بلا دين يقول: الدين يدمر الأخلاق ويفسدها، إذا أردت أخلاقاً فكن بلا دين لأن الدين يقضي على وهج الأخلاق وجمالها وذلك في وجهين:

الوجه الأول: مبني على فلسفة الفيلسوف الألماني كانت في القرن الثامن عشر حيث يقول الدين أخلاقه تجارية بينما الأخلاق الإنسانية قيم معنوية، وفرق بين الأخلاق التجارية والقيم المعنوية، الدين يدعو لأخلاق تجارية، الدين يدعو لأخلاق مصلحية لأنه يدعو للأخلاق في إطار الثواب والعقاب، يقول لك كن صادق حتى تكتسب الثواب، كن صادق حتى تكتسب الجنة، كن صادق حتى تكتسب الحور العين، فالدين يطرح أخلاق تجارية ربحية، بينما فلسفة كانت للأخلاق تقول كن صادقاً لا لأجل ربح بل لأن الصدق واجب، أن تأتي بالصدق لأنه واجب لا لأنه وراءه ثواب ونعيم وجنة، فأخلاق الدين تختلف عن الأخلاق الإنسانية.

الوجه الثاني: وهو الذي يطرحه الفيلسوف الألماني نيتشه في القرن التاسع عشر يقول: هناك فرق بين أخلاق العبيد وأخلاق السادة، والدين يدعو لأخلاق العبيد لأنه يدعو لسحق النفس، الدين يقول للمؤمن لا تهتم بذاتك ضحي من أجل غيرك، كن رحيماً شفيقاً عطوفاً مضحياً باذلاً، اصرف وقتك وجهدك للآخرين، اسحق ذاتك من أجل الآخرين، إذن الدين يدعو إلى سحق الذات من أجل الآخر.

كذلك الدين يمنع المرأة أن تبرز جمالها وأنوثتها، فالدين يسحق في المرأة هذه الروح التي ترغب في بروز الجمال والأنثوية، فهو يسحق روح المرأة. الدين يقول للمؤمن استسلم للقضاء والقدر وارضَ به، هذا سحق للذات.

الدين إذا قرأناه من خلال هذه الكلمات نرى أنه سحق للذات، وهذه أخلاق العبيد، فالدين عندما يدعو للكرم والشفقة والرحمة والصدقة والعناية بالآخر فهو إنما يدعو إلى سحق الذات وأخلاق العبيد، بينما الأخلاق الإنسانية تركز على احترام الذات، احترم ذاتك وحقق لنفسك طموحاتها وأثبت جدارتك من خلال إنجازاتك ولا عليك بغيرك، صلح أم فسد، أنتج أو تخلف، فشل، عليك بذاتك، احترمها، أسسها، حقق طموحاتها. إذن الأخلاق الإنسانية اهتمامها بكرامة الذات واحترامها لا بأخلاق العبيد.

نقول: لا يمكن فصل الأخلاق عن الدين، أخلاق بلا دين ليست بأخلاق مضمونة وثابتة، هناك علاقة جوهرية عضوية بين الدين وبين الأخلاق، علاقة الدين بالأخلاق علاقة تكامل وتواؤم وتلاؤم، لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر وفي ذلك وجوه:

الوجه الأول:

أن الدين هو المحفز المضمون للأخلاق، الأخلاق بلا دين فاقدة للمحفز المضمون، الحافز المضمون نحو الأخلاق هو الاعتراف بالدين؛ لأن الدين يشرح لنا في مجال التحفيز أمور ثلاثة: الحقيقة الوجودية للأخلاق، وربط الأخلاق بوجود الكون، وإذابة الأنا.

الأمر الأول: يقول الدين بأن الأخلاق تتجسم يوم القيامة بأشكال أخرى، لاحظ عندما تقرأ الآية المباركة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10] الظلم يتحول إلى قطعة من النار ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [التحريم: 7] جزاؤكم هو نفس أعمالكم، أعمالك هو جنتك التي تعيش فيها، الصلاة تتحول إلى شجرة، والظلم يتحول إلى قطعة من الجحيم، والكذب يتحول إلى حرارة لاهبة، ولذلك يقول القرآن الكريم: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6] الناس هم الذين يشعلون النار لأن أعمالهم تتحول إلى نار، إذن الدين يختلف عن أي إيديولوجية أخرى، الدين يكشف لنا حقيقة الأخلاق، وأن الأخلاق الفاضلة تتحول إلى وجود ونعيم، والأخلاق الرذيلة تتحول إلى جحيم، وهذه نقطة من التحفيز مهمة نحو الأخلاق.

الأمر الثاني: الدين يربط الأخلاق بالكون؛ كلنا نرى أن الكون نظام ميكانيكي ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس: 40] الأرض والشمس وكل ما في الوجود يمشي ضمن نظام ميكانيكي، ولكن الدين يقول الكون له أخلاق أيضاً، كما أن جسم الإنسان له نظام ميكانيكي وله نظام أخلاقي كذلك الكون له نظام ميكانيكي ونظام أخلاقي أيضاً، إذا فسدت الأخلاق يقابلك الكون بردة فعل عنيفة، إذا ديست الأخلاق وانتهت قابلك الكون برد فعل خطيرة ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل: 112] متى تلاعب المجتمع البشري بالأخلاق انقلبت الحياة إلى فساد واختلال، ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [النساء: 9] ظلمك لغيرك سينعكس ويرتد على ذريتك شئت أم أبيت، هذه سنة الحياة ولو بعد جيل، من يظلم، من يكذب، من يغش، من يسرق، من يعتدي، كله يعود على ذريته وأحفاده بلا ذنب فقط لأن جدهم كان ظالماً.

ربط الأخلاق بالكون بمعنى أن للكون نظاماً أخلاقياً وأن للكون ردة فعل انتقامية هو محفز آخر نحو الأخلاق، ولذلك اليوم البشرية تكاد أن تصل إلى خطر عظيم، البشرية اليوم التي تريد أن تدوس على الأخلاق وتريد أن تنسى القيم الإنسانية تشرف على خطر عظيم، البشرية اليوم تفكر في تقليل النسل، فحتى يقللون من عدد سكان الأرض يحتاجون إلى عملين يقومون بهما: العمل الأول نشر الأوبئة بين فترة وأخرى، والعمل الثاني قطع النسل وجعل العلاقة بين أنثى وأنثى، وبين ذكر وذكر، لأجل هذا الهدف الاقتصادي ندوس على القيم الأخلاقية وندوس على المبادئ الإنسانية، ونتيجة ذلك وصول المجتمع البشري إلى خطر عظيم، الكون له ردة فعل عنيفة من خلال الاحتباس الحراري، من خلال الفيضانات، من خلال الأعاصير، العوز.. إلخ، أخطار غريبة ومحدقة.

الأمر الثالث: الدين عندما يريد أن يشكل حافزاً مهماً نحو الأخلاق فإنه يركز على إذابة الأنا، لأن مفتاح الشرور والمفتاح الذي يصبح به الإنسان شريراً منافقاً كذاباً غشاشاً هو الأنا، متى ما ركز على ذاته تجاوز كل الحدود، الإنسان الذي لا يهمه إلا ذاته لا تهمه أخلاق ولا مبادئ، ما يهمه مصلحة ذاته، متى ما ركز الإنسان على الأنا تجاوز الأخلاق ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى «6» أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى «7» [العلق: 6 - 7] لذلك الخطر في الأنا. من هنا جاء الدين لتهذيب الأنا وتحقيق توازن بين نزعة حب الذات، ونزعة حب الغير، الدين لم يسحق الكرامة كما قال نيتشه، ولم يسحق الذات، الدين دعا إلى كرامة الذات ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ [الإسراء: 70]

يقول الرسول محمد : إن الله فوض إلى المؤمن كل شيء ولم يفوض إليه أن يذل نفسه. ليس من حقك أن تذل نفسك، الدين يحفظ لك كرامتك وحرمة ذاتك، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً، الدين لا يدعو إلى سحق الذات بل يدعو إلى كرامته واحترامها، لكن الدين يريد توازناً بين خدمة الذات وخدمة الغير، بين نزعة حب الذات والبعد الاجتماعي في العلاقة مع الغير، لأجل ذلك الدين عندما يدعو إلى الصدقة والشفقة والرحمة والعناية بالآخر هو يريد أن يقلل من الأنا، أن يقلل من طغيان الأنا؛ لأنه إذا قلل من طغيان الأنا منع مفتاح الشرور ومفتاح الكذب والخداع والنفاق والغش، الدين يشكل حافزاً مهماً نحو الأخلاق، ولأجل ذلك دعا الدين إلى الصلاة لأن الصلاة تذيب الأنا ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه: 14] ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ «1» الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ «2» [المؤمنون: 1 - 2] ودعا الدين إلى الصدقة لأنها تقلل من طغيان الأنا، قال: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا [الإنسان: 9] الدين ضمان تحفيزي نحو الأخلاق فكيف يمكن فصل الأخلاق عن الدين!؟

الوجه الثاني:

الدين يشكل الإثبات التعريفي للأخلاق بمعنى أن الإنسان مهما بلغ من المعرفة والنبوغ والنضج وصار عالم في النفس وعالم في علم النفس الاجتماعي، وصار عالم في علم الأعصاب لن يصل إلا إلى قضيتين فقط: العدل جميل والظلم قبيح. كل إنسان يعلم بها منذ ولادته، ولكن ما هي مصاديق العدل وما هي موارده؟ العدل إعطاء كل ذي حق حقه، ولأن العدل هو إعطاء الحقوق إذن نحتاج إلى لائحة حقوق قبل العدل، فجعلت لائحة حقوق حتى يكون وضعها في مواضعها عدلاً. والسؤال من أين نأخذ لائحة الحقوق؟ هل يتساوى الذكر والأنثى في الحقوق؟ ما هي حقوق المعلم؟ ما هي حقوق الطالب؟ ما هي حقوق الموظف؟ ما هي حقوق الزوجة؟ ما هي حقوق الزوج؟ ما هي حقوق الطفل؟ ما هي حقوق الجار؟ ما هي حقوق المجتمع؟

الدين دعا إلى العدل ووضع لائحة حقوق كي يعرف الإنسان أين يضع الحق وفي أي مورد، انظر إلى ما صدر عن الإمام زين العابدين صلوات الله وسلامه عليه لائحة حقوق الإنسان، فأنت محتاج إلى الدين كي تتعرف على موارد العدل.

إذا حصل التزاحم بين حقين فما هو المرجح لأحد الحقين على الآخر؟ لو حصل مثلاً أن زوجتك في حالة ولادة وقرر الطب إما أن تموت الزوجة أو يموت الجنين، فهل تحفظ حياة زوجتك أو حياة طفلك؟ من الذي يقرر أن أحد الحقين يقدم على الآخر؟ كلاهما نفس محترمة فالعدل جميل مع من منهما؟ من الذي يقرر؟ إذا حصل تزاحم بين حفظ النفس وحفظ العرض إما أن تقتل أو يهتك عرضك؟ هنا الدين هو من يتكلم، وهو من يرجح أي الحقين أرجح.

إذن مجرد أن الإنسان يصل إلى معرفة بعض الأخلاق إنما يكون قد وصل إلى معرفة الكبرى العامة والقاعدة الكلية العامة؛ وهي أن العدل جميل والظلم قبيح، أما معرفة الموارد والمصاديق والصغريات فيأخذها من الدين، لذلك هناك حاجة إلى الدين في رفد الأخلاق.

الوجه الثالث:

الدين هو الضمان العملي للاستمرار في عملية الأخلاق، يقول دوستويفسكي المفكر الروسي المعروف  له رواية الإخوة كارمزوف : لو لم يكن الله موجوداً لكان كل شيء مباحاً، شعوره بالرقابة الإلهية التي يوفرها الدين تحجز الإنسان عن الظلم والقتل والاعتداء ولذلك الشخص اللا ديني حتى لو رأيته يملك أخلاقاً جميلة لكنك لن تضمن استمراره على هذه الأخلاق لو عارضت مصلحته الشخصية، لو كان لك صديق لا ديني عنده صدق وأمانة واحترام للقانون، لو تعرض يوماً إلى أن تكون أخلاقه معك مزاحمة لمصالحه الشخصية فلن يقدمك ولا أخلاقه على مصالحه الشخصية، الضمان لاستمرار الإنسان في الأخلاق هو الشعور برقابة الله التي يوفرها الدين ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى «37» وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا «38» فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى «39» وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى «40» فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى «41» [النازعات: 37 - 41]

الوجه الرابع:

حاجة الأخلاق إلى الدين تتمثل في وضع الدين القدوات والقمم التي تقود البشرية نحو الأخلاق، هل هناك إيديولوجية قدمت لنا نماذج في عالم الأخلاق غير الدين! هل هناك إيديولوجية أو خط أو منهج أو حتى العلم التجريبي قدم لنا قمماً ونماذج وأعلام بارزة في مجال الأخلاق غير الدين! الدين قدم لنا الأنبياء والرسل والأوصياء، نماذج مشعة وقمم سامية وأعلام بارزة، هي قدوة لنا في مجال الأخلاق، وهي التي تقودنا نحو الكمال الإنساني، هي التي تعرفنا أسس الأخلاق من خلال خصالها وجمال سيرتها، الدين هو الذي قادنا نحو الأخلاق لأنه أبرز لنا محمد بن عبد الله ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159] ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4] ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128]

وهذا الرسول العظيم ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21] عندما ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام أمروا صبيانهم وسفهاءهم بأن ينالوا منه فيلقفونه بالحجارة والأشواك حتى دميت رجلاه، فاستند إلى الحائط وقال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.

وهذا الحسن المجتبى شبيه جده رسول الله يلحقه رجل من أهل الشام حاقد، قال من هذا؟ قالوا: هذا الحسن بن علي. فشتمه وشتم أباه والإمام مغضٍ عنه، فجاء وأمسك بالإمام وقال: إياك أعني. قال: يا هذا لو استرشدتنا أرشدناك، لو استعتبتنا اعتبناك، فإن كنت طريداً آويناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عطشاناً سقيناك، فهلا حولت رحلك إلينا ونزلت ضيفاً علينا، فإن لنا منزلاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً وفيراً. فما تمالك الرجل عندما رأى هذا الخلق العظيم حتى انكب عليه يقبله ويقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته فيكم أهل البيت.

وهذا شبل علي الحسين بن علي خاض يوم كربلاء مدرسة في الأخلاق، لما أقبل الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهاء ألف فارس لقتال الحسين آخر شخص وصل من جيش الحر وصل والعطش يأكل كبده وإذا بالحسين يقوم بنفسه ويحمل القربة ويأتي بها ويقربها من فم ذلك المقاتل قال له: اخنث السقا. فلم يفهم كلامه فقام الحسين وفتح فم القربة ورفعها بيده الشريفة وأوصلها إلى فمه وسقى ذلك المقاتل ورشفه ترشيفا.