الليلة السادسة من شهر محرم الحرام 1445هـ

احذروا السحر والحسد والعين!

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: 69]

صدق الله العلي العظيم

حديثنا انطلاقاً من الآية المباركة حول الظواهر الإنسانية الخارقة، وحديثنا عن الظواهر الخارقة من خلال محاور ثلاثة:

  • في تاريخ التعاطي مع هذه الظواهر، وأنواعها، وموقف العلم منها
  • في تناول القرآن الكريم لبعض هذه الظواهر.
  • موقف الفقه الإمامي من التعامل بهذه الظواهر الخارقة.
المحور الأول: في تاريخ التعاطي مع هذه الظواهر، وأنواعها، وموقف العلم منها.

الظواهر الخارقة المعبر عنها بالسحر أو الحسد أو التناظر ما هو تاريخ التعاطي معها؟ وما هي أنواعها؟ وما موقف العلم منها؟

هنا ثلاثة أسئلة نطرحها ونجيب عنها:

السؤال الأول: متى بدأ التعاطي مع هذه الظواهر الخارقة بالنسبة إلى التاريخ القريب منا؟

كان العرب منذ القدم يفرقون بين الكهانة والعرافة، فالكهانة هي التنبؤ بالأمور المستقبلية، والعرافة هي الإخبار عما مضى، أو الإخبار عن الأشياء الخفية. وقد تعارف لدى العرب علم التنجيم وعلم السحر، وعلم الطلسمات وعلم تعبير الرؤيا، لكن التعاطي العلمي بمعنى أن تكون هذه الظواهر محلاً للبحث العلمي ومحلاً للعناية العلمية بدأ عندما عزم الدكتور وليام كروكس عام 1870م في بريطانيا على دراسة الظواهر الخوارق، وقد تأسست جمعية العلوم النفسية في لندن عام 1882م، وأخذت على عاتقها فتح هذا الباب «دراسة الظواهر الخوارق».

وفي عام 1927م تفرغ الباحثان جوزيف راين وزوجته لويزا في جامعة ديوك كارولينا الشمالية في أمريكا لوضع الركائز لهذه المادة التي نسميها نحن بالسحر أو الخوارق، ولكن المصطلح العلمي لها هو البارا سيكولوجي Para - Psychology، بارا «Para» تعني بالقرب، وسيكولوجي «Psychology» علم النفس، أي ما وراء علم النفس؛ وهو يشمل الظواهر الخوارق المعبر عنها بارا سيكولوجي.

تطورت هذه المادة إلى حد أن وافقت الرابطة الأمريكية لتقدم العلوم عام 1969م على إلحاق رابطة بارا سيكولوجي بمؤسستها وصار يُدرَّس فيما يقارب 130 كلية وجامعة في الولايات المتحدة.

بارا سيكولوجي له عدة أنواع، والأنواع المعهودة هي:

  • النوع الأول: الإدراك فوق الحسي.

يقول تايلور المتوفى عام 1985م: التخاطر هو عبارة عن قدرة عقلٍ على اكتشاف ما في عقلٍ آخر بدون أي واسطة حسية، يقف أمامك فيكتشف ما في عقلك من خواطر وأفكار ونشاط.

  • النوع الثاني: قدرة التحريك النفسي.

قدرة التحريك النفسي بمعنى أن الإنسان بنظر معين وبقدرة نفسية مركزة يستطيع تحريك الأشياء بدون واسطة مادية.

  • النوع الثالث: الاتصال بالأرواح.

سواء كانت أرواحاً شريرة أو خيرة كالاتصال بالجان أو أرواح الموتى أو الأشباح.

هذه الأنواع الثلاثة عبروا عنها بارا سيكولوجي، وعبروا عنها بدراسات ما وراء علم النفس، لكن يبقى السؤال ما هو موقف العلم منها؟ هل أن العلم يعتبرها نظرية علمية كسائر النظريات العلمية في مجالات العلوم الإنسانية أو العلوم الطبيعية أم لا؟

إلى الآن لم يعترف العلم بها كنظرية علمية مع كل هذه الجهود واعتراف الجمعية الأمريكية في علم النفس بها، لأن النظرية تعتبر نظرية علمية إذا خضعت إلى معايير خمسة:

  • المعيار الأول: توافق الفرضية مع الحقائق التجريبية، إذا أردت أن تؤسس نظرية أولاً تفترض فرضية ثم تقوم بتجارب حتى تؤكد الفرضية أو تنقضها.

  • المعيار الثاني: أن يكون التفسير صالحاً لأكبر عدد من الظواهر، ربما لا يصلح تفسير لكل الظواهر، ولكن على الأقل لأكبر عدد من الظواهر يصلح لأن يكون تفسيراً.
     
  • المعيار الثالث: الاتساق المنطقي؛ بمعنى أن لا تكون النظرية متضمنة لتهافت أو لتناقض أو لنقض قاعدة مسلمة، أو لنقض حقيقة علمية مسلمة، لابد أن يكون لها اتساق منطقي.
     
  • المعيار الرابع: أن تكون النظرية قابلة للتطبيق عبر تكرارها.
     
  • المعيار الخامس: وهو شرط مهم أضافه الفيلسوف النمساوي الإنجليزي ريموند بوبر متخصص في فلسفة العلوم، قال: من أهم أبحاث فلسفة العلوم التفريق بين العلم الحقيقي والعلم الزائف.

النظريات العلمية تقوم على منهج استقراء تجارب عديدة إلى أن يصل المستقرئ إلى النظرية، فهل الاستقراء يوصل الإنسان إلى الصدق؟ وهل يوصل الإنسان إلى الوثوق بالقانون؟

نحن عندما استقرأنا مليون فرد من الماء رأينا أن كل فرد من هذا المليون إذا بلغ درجة حرارته 100 ْفإنه يغلي، ولكن أقمنا التجربة على مليون فرد فكيف نعممها لكل ماء؟ ولو كان في أعالي الجبال، ولو كان في ظروف أخرى بحيث نقول كل ماء بلغت درجة حرارته 100 فإنه يغلي؟

هنا يذكر هذا الفيلسوف ويقول: لا ملازمة بين صدق الجزئيات وصدق القانون الكلي. ما صدق عندك هو مليون فرد من الماء، ولكنك عممت وقلت كل ماء، لا ملازمة بين صدق الجزئيات  أي التجربة التي أقيمت على مليون فرد  وبين صدق القانون الكلي بأن تقول كل ماء بلغت درجة حرارته 100 ْفإنه يغلي، لا ملازمة، هذا يعني أن الاستقراء لا يولد يقيناً وجزماً، لا يولد وثوقاً، ولهذا يقول هذا الفيلسوف لا توجد عندنا نظرية صحيحة 100% وإنما تفاضل بين النظريات بأن نقول أن هذه النظرية أقرب من تلك، وهذه أفضل من تلك، لأنها تدعمها التجربة أكثر، فيصل بعد ذلك إلى هذا المعيار أنه يعتبر في النظرية حتى تكون نظرية علمية أن تكون قابلة للتخطئة.

إذن عندنا خمسة معايير حتى تكون النظرية نظرية علمية، نطبق هذه المعايير الخمسة على البارا سيكولوجي، هل تنطبق هذه المعايير الخمسة على ذلك بحيث تعتبر نظرية علمية؟

أجريت دراسة لمدة عام في مختبرات الأبحاث التابعة للقوات الجوية الأمريكية وفشلت هذه الدراسة في إثبات وجود إدراك فوق الحس، كما أجريت دراسة أخرى على ما يقارب ألف ومئة من أساتذة الجامعات فيهم 55% باحثين في العلوم الطبيعية، 66% باحثين في العلوم الاجتماعية، 77% أكاديميين في الفنون والآداب. أجريت التجربة والنتيجة أن 34% من علماء النفس الحاضرين في تلك التجربة قالوا أن البارا سيكولوجي يمكن أن يكون موجوداً.

هذه الأبحاث وهذه التجارب نتيجتها أن دراسات ما وراء علم النفس يمكن أن تكون صحيحة، يمكن أن تكون واقعة، يمكن أن تكون موجودة، لأجل ذلك نلاحظ أن جمعية العلوم النفسية في بريطانيا تكلمت عنها بحيادية، وأما جمعية علم النفس الأمريكية قالت: على الرغم من أن علماء بارا سيكولوجي ملتزمون بالإجراءات العلمية إلا أن هذا المجال لا يزال يُنظر إليه بعين الشك من قبل معظم العلماء بما فيهم علماء النفس وذلك لسببين:

  •  السبب الأول: أن أفضل النتائج الموثقة التي حصلوا عليها نتيجة هذه التجارب هي نتائج لا تقبل التكرار، فكيف تكون نظرية علمية!
     
  •  السبب الثاني: التلازم لا يعني السببية، وهذه قاعدة منطقية علمية، لنفترض مثلاً أنه كلما أتى اليوم الثاني من الشهر تكونت غيوم، فهل هذا يعني أن اليوم الثاني هو سبب حصول الغيوم! التلازم لا يعني السببية، التلازم يحتمل أسباب أخرى، تلازم ظاهرتين لا يعني سببية إحدى الظاهرتين للأخرى.

أو مثلاً هناك تلازم بين شخص جالس ينظر إلى الأشياء فتتحرك، فهل معنى ذلك أن نظره هو المحرك للأشياء؟! أو كلما تمتم بألفاظ معينة اتصل بالأرواح الشريرة إذن تمتمته سبب لوصول الأرواح الشريرة؟!

يقول: التلازم لا يعني السببية، وهذا لا يعني أن هذا سبب لهذا، ربما هناك عوامل دخيلة في حصول هذا التلازم دون أن ندركها فالتلازم لا يعني السببية حتى نبني على أنها نظرية علمية.

ربما يقول شخص لعل هذه الأمور من شؤون الغيب ولا يستطيع العلم التجريبي أن ينال ما وراء عالم الطبيعة، لعله قصور في العلم التجريبي عن تحديد بارا سيكولوجي، وتحديد الظواهر غير الطبيعية، وضبط الظواهر الخارقة، باعتبار أنه علم تجريبي لا يمكن أن ينال وأن يصل لما وراء عالم المادة، فإذن لماذا نقف من هذه الظواهر موقف التشكيك؟ لعلها من شؤون علم الغيب، عالم المادة وعالم الشهادة لا ينال علم غيب؟

هذا ممكن، ولكن هناك احتمال آخر أيضاً وهو أنه من المحتمل أن لهذه الظواهر أسباب مادية، وليس كل سبب مادي يقع تحت القياس والضبط، العلم ما زال صغيراً ولم يجب عن كل الأسئلة ولم يكتشف كل الأشياء، العلوم الطبيعية لم تقف على ضبط كل الظواهر، ربما يكون السبب في هذه الظواهر الخارقة سبب مادي لكن لا يمكننا ضبطه ولا قياسه، مثال/ نظرية الكوانتوم تقول أن الجزيء المتناهي في الصغر هو شيء لكن لا يمكن قياسه، هو شيء لكن لا شكل له، فكيف يكون شيء مادي ومع ذلك لا شكل له ولا يمكن قياسه! مما يكشف عن أن مقاييس العلوم الطبيعية المادية ليست قادرة على الإجابة عن كل الأسئلة واكتشاف كل الأمور ووضع الضوابط والمقاييس لكل ما هو في عالم المادة، ولذلك فيزياء ويلز تقول ما زال تعريف نظرية الكوانتوم مشكلاً لأن تعريف الجزيء المتناهي في الصغر ما زال تعريفاً مشكلاً، فإذا كان تعريف الجزيء مشكلاً فإن تعريف النظرية ما زال أمراً مشكلاً أيضاً، وهذا يدلنا على أن حتى الظواهر المادية قد يكون لها أسباب لكن لا يمكننا قياسها وضبطها، ومن المحتمل أن ما نسميه سحراً، ما نسميه تناظراً، ما نسميه قدرة على التحريك، ما نسميه تواصلاً بين الأرواح محتمل أنها قضايا مادية لكننا ما زلنا لم نصل إلى السبب المادي الكامن وراءها.

المحور الثاني: في تناول القرآن الكريم لبعض هذه الظواهر.

هل اعترف القرآن بأن لهذه الظواهر وجوداً، وهل هي واقعية أم لا؟

عندما نرجع إلى ابن خلدون في مقدمته[1] ، أو نرجع إلى فريد وجدي في دائرة المعارف[2]  يقولان: نعم السحر موجود ودليلنا على وجود السحر هو القرآن الكريم، فإن القرآن الكريم اعترف بوجود السحر بل إن التاريخ نقل لنا أن النبي سُحر، وكان يتوهم أنه يأتي زوجاته وهو لم يأتهم، فكان يغتسل لأنه يتوهم ذلك.

نقول: عند تتبع الموارد التي ذكرها القرآن الكريم لم نجد ظهوراً لآية من آيات القرآن الكريم تظهر أن القرآن يعترف بوجود السحر، أو بوجود الظواهر الخارقة للعادة إلا في مورد واحد، وقد ذكر عدة موارد ذكر فيها السحر:

المورد الأول:

قصة موسى مع السحرة، يقول القرآن الكريم: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ [الأعراف: 116] ويقول القرآن الكريم: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه: 66]

هذه الآيات ظاهرها العكس، ظاهرها أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو تمويه وخداع للنظر لأن الآية الأولى لم تقل سحروا الناس، بل سحروا أعين الناس مما يدل على أن السحر تمويه وخداع للعين. وقالت الآية الثانية يخيل إليه أنها تسعى ولم تقل إنها تسعى، وقال القرآن الكريم: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ «117» فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ «118» فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ «119» [الأعراف: 117 - 119] تبين أن الأمر باطل.

ربما الإنسان يسأل إذا كان السحر الذي حصل في قصة موسى خداع وتمويه لماذا يقول القرآن: ﴿وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 116] الجواب: ليست العظمة لأن السحر واقع، وصف بالعظمة لأثره وخطره، لأن السحر يحدث بلبلة واضطراب وانجذاباً للناس، باعتبار أثره الخطير عبر عنه القرآن الكريم بالسحر العظيم.

 المورد الثاني:

هو الذي ركز عليه كثير من المفسرين وقالوا هذا هو الدليل على أن القرآن يعترف بالسحر، تقول الآية المباركة: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة: 102]

نقول: لا ظهور في الآية على ذلك، مجموعة من الشياطين بعضهم جن وبعضهم إنس وقفوا أمام الناس وقالوا نحن نمتلك السحر الذي ملكه النبي سليمان لأن النبي سليمان استطاع أن يحصل على ملك عظيم كما عبر عنه القرآن الكريم: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ «35» فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ «36» وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ «37» وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ «38» [ص: 35 - 38]

فالشياطين قالت نحن نمتلك السحر الذي كان عند سليمان والذي كان باستطاعته تسخير الريح والشياطين، وهؤلاء الناس صدقوهم ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا

﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وتعليم السحر لا يدل على أن للسحر واقع، بالنتيجة السحر هو مهنة وحرفة يمكن أن يتعلمها الإنسان، ولكن هذه المهنة والحرفة هي القدرة على التمويه والخداع والتأثير على العين.

﴿وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ يقول علماء الأدب العطف يدل على المغايرة، قال السحر وما أُنزل أي ما أُنزل ليس من السحر، وهاروت وماروت ليسا بملكين، وسميا بذلك قيل لطهارتهما ونزاهتهما واتصالهما بوحي السماء، وكان علمهما مبطلاً للسحر ومفنداً له لذلك هؤلاء الشياطين كما تعلموا السحر تعلموا ما أُنزل على الملكين ببابل، ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ والفتنة في القرآن هو الابتلاء.

﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ العلم هو علم لكن العلم سلاح ذو حدين، يمكن أن تستخدمه في إنتاج الخير، ويمكن أن تستخدمه في إنتاج الشر، بالتكنولوجيا يمكن أن تصنع طائرة، سيارة، يمكن أن تصنع سلاحاً مدمراً، بالعلم يمكن أن تصنع الدواء ويمكن أن تنشر الوباء، ما كان لدى الملكين علم سماوي لكنهم استخدموه في إنتاج الشر في التفريق بين المرء وزوجه، وما هم ضارين به من أحد إلى بإذن الله.

إذن هذه الآية أيضاً لا ظهور فيها على أن السحر أو الأمر الخارق كان له واقع وكان له حقيقة.

المورد الثالث:

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ «1» مَلِكِ النَّاسِ «2» إِلَهِ النَّاسِ «3» مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ «4» الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ «5» مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ «6» [الناس: 1 - 6] أي أن الجن قادر على الوسوسة في صدور الإنس، والخناس هو الذي يعمل بالخفاء.

﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ «15» الْجَوَارِ الْكُنَّسِ «16» [التكوير: 15 - 16] الجوار هي النجوم، النجوم في بعض الفصول وفي بعض الليالي يخفت ضوؤها فيقال عنها الخنس، وفي بعض الليالي يبرز ضوؤها فيقال عنها الكنس.

فالوسواس الخناس هو الذي يعمل بالخفاء ويوسوس في صدور الناس، ويمكن أن يكون الموسوس من الجن ومع ذلك يوسوس في صدر الإنسان، ومن الطبيعي أن الجن عندما يريد أن يوسوس في صدر الإنسان لن تكون هناك وسيلة حسية مرئية من خلالها تتم وسوسة الجن عن طريقها.

إذن هذه الآية هي ظاهرة في وجود أمر غريب وهو قدرة الجن على الوسوسة في صدر الإنسان، ومن هنا نوضح أمرين:

الأمر الأول: قد يقول قائل لماذا تتحدثون عن خزعبلات وأمور هي من أساليب عجائز النساء، وعالم الذين يعيشون هبوطاً في الثقافة وركاكة في المعلومات، أين زماننا زمان التقدم التكنولوجي وزمان انفجار هذه الثروة الرقمية وأنتم ما زلتم تتحدثون عن وسوسة الجن للإنس؟!

نقول: لا تنافي بين الأمرين، العلم يتقدم وهناك ثورة معلوماتية، ولكن ما زال العلم لم يجب على كل الأسئلة وما زال العلم لم يكتشف كل العوالم، وما زال العلم لم يضع ضوابط ومقاييس لكل الظواهر، وقد أخبر القرآن الكريم عن وجود الجن ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [الجن: 1]، ويقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]

ويقول: ﴿مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ «4» الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ «5» مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ «6»

إذن عندما يخبر القرآن بأن للجن قدرة على الوسوسة فهذا لا يتنافى مع التقدم التكنولوجي ولا يتنافى مع التألق العلمي، ولا يتنافى مع كون عقولنا عقول علمية راقية، فالعقل العلمي الراقي هو الذي يقف أمام كل سؤال موقف الحياد حتى تقوم شواهد على ثبوته، أو شواهد على عدمه. والقرآن يقول هناك جن والجان يوسوس في صدور الإنس.

الأمر الثاني: ليست الوسوسة قهرية بحيث يقول الإنسان هل هذا من العدالة الإلهية أن يسلط الله الجن على الإنس ليقوموا بالوسوسة في الصدور، ليست الوسوسة علة تامة للتأثر أبداً، الوسوسة علة اقتضائية وليست علة قهرية؛ بمعنى أنها تعطي الإنسان استعداد للتأثر لا أن هذه الوسوسة علة تامة للتأثر بحيث تتنافى مع العدالة الإلهية، مثلاً وسوسة الصديق أعظم أثراً من وسوسة الجن، يقول القرآن الكريم: ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا «28» لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا «29» [الفرقان: 28 - 29] الصديق يؤثر عليك، الصديق له قدرة على أن يحول سلوكك إلى سلوك خير أو سلوك شرير.

ولذلك ورد عن الإمام زين العابدين : خمسة لا ترافقهم ولا تحادثهم: الكذاب لأنه كالسراب يقرب لك البعيد ويبعد عنك القريب، الفاسق فإنه يبيعك بأكلة أو بأقل منها، والأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.... وقاطع الرحم فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله.

إذن الصديق مؤثر، ولكن وسوسة الصديق تأثيرها استعدادي وليس تأثيراً قاهراً لأن القرار بيدك أنت، القرار يرجع إلى قوة إرادتك وعزمك، ويرجع إلى قوة شخصيتك. كذلك وسوسة الجن لن تزيد أكثر من وسوسة الصديق، لكن قوة الشخصية وقوة الإرادة وقوة العزيمة لدى الإنسان تمنع عنه أن يتأثر بأي وسوسة سواء كانت من الجن أو من الإنس.

المورد الرابع:

﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ «1» مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ «2» وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ «3» وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ «4» وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ «5» [الفلق: 1 - 5] النفث هو عمل يقوم به النساء قديماً، يأخذون مناديل ويجعلونها عقدة ويربطونها بخيط ثم ينفثون في العقدة ببخور أو بدخان أو بريق معين، ويعتقدون أن هذا يؤثر على الناس، وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن الغير، ولكن مجرد الحسد لا أثر له، ولذلك يقول القرآن ﴿إِذَا حَسَدَ أي إذا أظهر الحسد عبر عمل أو فعل، وإلا مجرد الحسد لا أثر ولا قيمة له.

وقد ذكر بعض العلماء أنه لا تأثير للحسد ولا للنفاثات إلا إذا رجع إلى الوسواس الخناس، النفاثات في العقد أو الحاسد إذا حسد حتى يؤثر في الآخر تأثيراً استعدادياً كما شرحناه يقوم ببعض الأعمال التي تستدعي التواصل مع شياطين الجن، ومثل ما هو متعارف يأخذون شيء من شعر المرأة أو الرجل أو شيء من ريقه ويضعونه في ورق معين ويضمون إليه أظافر وأمور أخرى ويضعونه في قبر أو في بالوعة قاذورات، أو يجعلونه في ماء ويصب على باب البيت، هذه الأعمال القذرة فعلاً يحضر عندها شياطين الجن، فإذا حضر عندها شياطين الجن قام الجن بدوره بعد ذلك وهو دور الوسوسة، فهو يتوسل إلى دور الجن في قيامه بالوسوسة، من هنا عندما ترى إنسان تعثر في دراسته أو في وظيفته، أو تعثرت علاقته بزوجته كل ذلك يرجع إلى وسوسة تدب فيه فيستجيب ليها فيحصل له اضطرابات نفسية وأوهام تؤدي به إلى تعثر حياته، ولو أنه وقف موقف الحزم من أول يوم ومن أول سؤال، ومن أول وهم، ومن أول وسوسة لما وصل به الحال إلى أن تتعثر حياته.

القرآن الكريم لم يقل ومن شر النفث أي أن النفث نفسه ليس هو شر، الشر في النفاث، ولم يقل من شر الحسد بل قال من شر حاسد أي أن الشر في الحاسد وليس في الحسد نفسه، لأنهما يقومان بأعمال توجب التواصل مع شياطين الجن ويكون الدور النهائي لذلك الشيطان في الوسوسة في صدر هذا الإنسان الذي قد تؤثر عليه في إعاقة حياته.

المورد الخامس:

وأما قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [القلم: 51] فلا ظهور في الآية على تأثير البصر لأن الزلق بالبصر هو عبارة عن النظر بحده، والنظر بحده قد يكون عن حسد، عن حقد، عن كراهية، وهذه الآية ليس فيها دليل على شيء.

 المورد السادس:

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275]

الآية لا ظهور لها في المس البدني، حيث أن الجن لا يقدر على أكثر من الوسوسة، لا شيء آخر، فالمراد من المس هنا هو المس عن طريق الوسوسة وليس عن طريق التلبس والسكنى في الجسد وما أشبه ذلك.

أمر لم يذكره القرآن الكريم وإنما تعرضت له الروايات الشريفة ألا وهو العين، فقد ورد في كتاب مكارم الأخلاق ومستدرك الوسائل ونهج البلاغة نقلاً عن النبي محمد أنه قال: العين حق.

وورد في رواية معتبرة للسكوني عن الإمام الصادق ، عن آبائه، عن الرسول : لا رقا إلا في ثلاثة: في حمى أو عين أو دم لا يرقى.

قال بعض العلماء أن هذه أحاديث غير تامة سنداً وكون الرقى مشروعاً لا يعني أن العين لها واقعية، إذن ما هي حقيقة هذا الأمر؟

عوداً على ما قلناه أولاً أنه قد تكون هي أسباب لكن لا يمكن ضبطها، حاول الأخصائي في علم النفس الإكلينيكي رضا الحمراني من المغرب أن يُرجع تأثير العين بناء على أبحاث العالم الفيزيائي الألماني ماكس بلانك قال: يمكن أن يقال، الإبصار يتقوم بموجات كهرومغناطيسية مشتملة على الذرات، وفي الحالات الاعتيادية تكون شحنة الذرات عادية ولكن إذا كان الإبصار عن تعجب أو اندهاش أو عوامل نفسية ترتفع شحنة الذرات وتسمى بالذرة المتهيجة، وهذا لا يستمر طويلاً بل لا يمكن أن يستمر طويلاً، ولذلك تقوم الموجات بتفريغ هذه الشحنات المرتفعة، على إثر ذلك الكترونات هذه الذرات تحول الطاقة الزائدة إلى شكل فوتونات، تنصب هذه الفوتونات من عين الناظر إلى جسم المنظور فتؤثر فيه سلباً.

هو حاول أن يفسرها تفسير علمي، ونحن لسنا من أهل الاختصاص حتى نقول هذا التفسير العلمي تفسير صحيح أو غير صحيح، ولكن نقول يمكن أن يكون للعين تأثير مادي على الأشياء ولكن ليس عندنا دليل علمي عليه، ولم يرد في القرآن ظهور يؤكده، وبالتالي نحن لا نملك دليلاً على الإثبات، كما لا نملك دليلاً على النفي.

المحور الثالث: موقف الفقه الإمامي من التعامل بهذه الظواهر الخوارقة.

ذكر الشيخ المجلسي صاحب البحار في البحار[3]  أنواع من السحر، وعلق السيد الخوئي قدس سره في كتابه مصباح الفقاهة[4]  بأن الأنواع التي ذكرها الشيخ المجلسي للسحر ليست من السحر في شيء، والسحر نوع واحد ألا وهو صرف الشيء عن وجهه على سبيل الخداع والتمويه وهذا ما هو ظاهر بعض الآيات القرآنية ﴿فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون: 89] أي فأنى تصرفون.

وهناك رواية عن الإمام الصادق حيث سئل: أيقدر الساحر أن يجعل الإنسان في صورة كلب أو حمار؟ قال: هو أعجز من ذلك، هو أضعف من أن يغير خلق الله، إن من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لو قدر الساحر على ما وصفت لدفع عن نفسه الهرم والآفة.

النقطة الأولى: حكم السحر وحكم الحسد.

أما حكم السحر فهو من أعظم الكبائر كما في صحيحة عبد العظيم الحسني عد من الكبائر، وفي معتبرة الحسن بن محبوب عن الهيثم عن الصادق عن رسول الله : من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب ليصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب. فعليكم أن تسدوا الأبواب أمام هذه الدعوات والخرافات.

وأما بالنسبة للحسد ففي منهاج الصالحين للإمام الخوئي والسيد السيستاني، وفي المسائل المنتخبة أن من المحرمات الحسد مع إظهار أثره بقول أو فعل، وهو من المنكر، ورد عن الرسول : إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.

النقطة الثانية: التوصيات.

نحن غرضنا من هذه المحاضرة أن نطرح رسالة توعوية إرشادية في هذا المجال، وهنا عدة توصيات:

التوصية الأولى: من أعظم المخاطر أن نعيش هذه الثقافة وأن نروج لها، وأن تصل الأمور باستخدام هذه الأساليب القذرة كأخذ ريق أو أخذ ثوب، أو أخذ شعر من شخص ووضعه في بالوعة أو قبر أو رميه على الباب ضمن ماء، هذه الأساليب القذرة سواء كان لها أثر أم لم يكن لها أثر علينا أن نربي أبناءنا وأسرنا على نبذ هذه الثقافة، وعلى تصوير هذه الثقافة بأنها ثقافة هابطة، ثقافة لا يقوم بها إلا المتخلفون، لذلك هناك رسالة تربوية مهمة وهي تعليم الأجيال البعد عن مثل هذه التفاهات والبعد عن مثل هذه الأساليب القذرة.

التوصية الثانية: أن لا نربط الأضرار التي تحصل لنا بهذه الأمور، تخلف في الدراسة إذن أصابته عين! تعثر في الوظيفة إذن أصابته عين! حصل له حادث أصابته عين! كلها نتيجة ضعف الثقافة وأوهام، أغلب هذه الحوادث ترجع إلى أمراض نفسية يحتاج أن يراجع الأخصائي لعلاجها، أو سببه أنه نشأ في بيئة تعلمت على الحسد والعين وإرجاع الأمور إلى الجن فاكتسب منها هذه الأوهام وعلق إخفاقه وتعثره عليها، علينا أن نكون في هذه الأمور دقيقين أن نرجع الأمور إلى أسبابها الثابتة لا إلى الأسباب الموهومة أو الأسباب التي تخترعها أذهاننا أو ثقافات عجائزنا والقدامى من أسلافنا، علينا أن نكون دقيقين في هذه الأمور.

من هنا أريد أن أنبه إلى أمر، انتشر عندنا في الآونة الأخيرة في العراق والكويت وعمان والبحرين بحسب ما تصلني من أسئلة انتشار تناول ما يسمى بعلم الطاقة، وأنا أقول لا يختلف ما يسمى بعلم الطاقة عما كان يسميه الأوائل السحر والطلسمات، تغيرت الصور والمسمى واحد، إذا اختلف الزوج مع زوجته جاءت الخبيرة بعلم الطاقة وقالت طاقة زوجك لا تتناسب مع طاقتك وأنا أقوم إن شاء الله بالتوفيق بين الطاقتين، ما هو المستند العلمي لهذا الكلام!

أو عندما يجلس شخص مع مجموعة ويلقي عليهم عبارات بصوت خافت ويطفؤون الكهرباء ويصور لهم عالماً سعيداً وينقلهم إلى أماكن أخرى إلى بيت الله الحرام مثلاً، أو مشهد الرضا ويتصورون أنهم وصلوا ولمسوا الأعتاب وقرأوا وتوسلوا وكل ذلك تصوير مسرحي ليس له أساس علمي.

أو يقال إذا أردت شيئاً فلقن نفسك إياه تحصل عليه، ما هو المستند العلمي لمثل هذه الترهات والخزعبلات؟

يقول الدكتور الكويتي محمد قاسم أستاذ الهندسة الإلكترونية والاتصال: إن كل ما يشاع عما يسمى علم الطاقة خاطئ، ولا يصح وصفه بأنه علم من الناحية الأكاديمية، كما لا يمكن اعتباره طاقة وأي طاقة يقصدون؟ الطاقة الكهربائية أم الطاقة الحرارية أم الطاقة الداكنة؟!

ثم يقول: ويستخدم المروجون لهذا عبارات علمية لإيهام الناس بأنه علم، ميكانيكا الكم، فيزياء الموجات، الجذب، هذه كلها عبارات فارغة من المعنى ولا ربط لها بما يسمونه بعلم الطاقة.

كذلك الدكتور فهد الخضيري يقول: أحذر من عصابات ما يسمى بعلم الطاقة والكارما والذبذبات كلها شعوذة، فكما نحذر من السحر والشعوذة والفال علينا أن نكون حذرين من مثل هذه الألوان.

التوصية الثالثة: وظيفة المؤمن التوكل على الله ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3] سألت المرحوم العلامة الشيخ عبد الحميد الخطي رحمه الله قلت له: أنت عشت في القطيف زمناً طويلاً وعاشرت ما يسمى بتلبس الجن وما يقال حسده فلان، وأصابته العين، فهل وجدت يوماً شاهد حسي حي على ما يقولون؟ قال: أبداً، في كل هذه السنين التي عشتها ما وجدت شاهداً حقيقيا على مثل هذه الأمور، وكل ما نسمع به يرجع لضعف شخصية الإنسان.

إذن المؤمن دوره التوكل على الله، دوره الارتباط بالله ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم: 12] ويقول الإمام أمير المؤمنين علي : رضيت بما قسم الله لي وأوكلت أمري إلى خالقي كما أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي.

عليك بتفويض الأمر إلى الله والتوكل على الله، والتوسل بأهل بيت النبوة فإنهم خير وسيلة، متى ما وجدت اضطراب في نفسك وقلق واحتملت الحسد، أو احتملت العين الجأ إلى التوكل على الله وتفويض الأمر إليه والتوسل بأهل بيت النبوة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: 35]

كتاب مفاتيح الجنان هو كتاب أدعية ويوجد فيه أحراز يأخذها الإنسان ليخرج من نفسه الاضطرابات والقلق، مثل حرز الزهراء، حرز زين العابدين، حرز الإمام الصادق، حرز الإمام الكاظم، حرز الإمام الرضا. ويوجد تعويذات منقولة عن الأئمة الهداة، تعويذة من السحر، تعويذة من العين، تعويذة من الحسد، كل هذا يراد به إزالة القلق والاضطراب من النفس وربطها بالله تبارك وتعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2] ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]

وخير وسيلة لنا هي محمد وآله الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين، ومن الوسائل العظيمة الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء ، فإنا نتوسل بها في قضاء حوائجنا وشفاء مرضانا وتيسير أمورنا، ولقد كانت هذه المرأة عزيزة عند والدها المصطفى، وهي بضعته، وعزيزة عند بعلها أمير المؤمنين وعزيزة عند أبنائها الحسن والحسين وزينب لما وجدوا من عظمة لها، وعزيزة حتى عند أصحاب أهل البيت وعند حواري أهل البيت، ومِنَ الذين توسلوا بالسيدة الزهراء وتقربوا إلى السيدة الزهراء صاحب هذه الليلة حبيب بن مظاهر الأسدي، ناصر الحسين، شيخ الأنصار.

[1]  الفصل الثاني والعشرين/ ص496
[2]  الجزء الخامس/ ص55
[3]  الجزء الرابع عشر/ ص251
[4]  الجزء الأول/ ص290