الليلة الثامنة من محرم الحرام 1445هـ

زواجك ناجح أم فاشل أم ممل؟

تحرير المحاضرات

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم: 21]

صدق الله العلي العظيم

هل زواجك زواج ناجح أم زواج فاشل؟ لتحديد الجواب عن السؤال نحتاج أن نتعرض إلى عدة محاور:

  • سنة تنوع الوجود.
  • معالم الحياة الزوجية الناجحة.
  • ركائز استقرار الحياة الزوجية.
المحور الأول: سنة تنوع الوجود.

في القرآن الكريم آيات ثلاث تتناول ثلاثة أصول معرفية من أصول معارف القرآن:

  •  الآية الأولى: قوله تعالى ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر: 21]
  •  الآية الثانية: قوله تعالى ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا [الزخرف: 32]
  •  الآية الثالثة: قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات: 13]

هذه الآيات الثلاث تُفرغ عن أصول معرفية ذكرها القرآن الكريم:

الأصل الأول: التقدير.

كل شيء له تقدير وحدود، لا يوجد إلا بحدود، ﴿أَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ [الحجر: 22]، ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [يس: 38]، ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء: 33]، ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء: 30]، ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [الحديد: 25] كل شيء له حدود وأقدار، والإنسان لا يخرج عن هذه القاعدة، الإنسان أيضاً محدود بأقدار معينة، الإنسان مر بمرحلتين: مرحلة عالم الملكوت عندما كان روحاً تهلل وتسبح، ومرحلة عالم الملك أي عالم المادة حينما جاء من نطفة الذكر وبويضة الأنثى.

القرآن الكريم يعبر عن مرور الإنسان بهاتين المرحلتين عندما يقول: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر: 21] الإنسان كان مختزن عند الله، كان في خزانة علم الله، كان روحاً تهلل وتسبح، وتلك الخزانة هي عالم الأرواح المعبر عنه بعالم الملكوت، كما قال تبارك وتعالى: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس: 83]

ثم نزل الإنسان من عالم الملكوت إلى عالم الملك عالم المادة، عالم الحياة والموت ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «1» الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ «2» [الملك: 1 - 2] عالم الملكوت لا موت فيه ولا حياة، أما عالم الملك عالم المادة هو عالم الحياة والموت، نزل الإنسان إلى عالم المادة بقدر معلوم ﴿وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ نزل من نطفة معينة وبويضة معينة، وفي زمن معين، ومكان معين، وحدود عقلية معينة، وحدود نفسية معينة، وشؤون معينة، أي نزل مقدراً بأقدار وكل شيء عنده بمقدار ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 3]، ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ «18» مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ «19» [عبس: 18 - 19].

إذن جاء الإنسان محدوداً بمجموعة من الأقدار، وتلك الأقدار هي خصائص وجوده وهي مواصفات كينونته.

الأصل الثاني: تنوع الوجود البشري.

الوجود البشري وجود متنوع، هناك الذكي، وهناك الأذكى، وهناك الأغبى، وهناك من يمتلك قدرة عقلية، وهناك من يمتلك قدرة نفسية، وهناك من يمتلك قدرة بدنية، وهناك من يمتلك طاقة مهنية، وهناك من يمتلك موهبة فنية. وزع المولى عز وجل القدرات والطاقات بين عباده وقال تبارك وتعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا [الزخرف: 32] ما هو الهدف من التنوع في الوجود البشري؟

هناك هدفان: هدف روحي، وهدف اجتماعي.

1. الهدف الروحي: أن الله صاغ البشر بنعم متفاوتة، أي وزع النعمة بطريقة متفاوتة لا بطريقة متساوية، ليتذكر المحظوظ بالنعمة ربه فيشكره عليها، ويتذكر المحروم من النعمة ربه فيسأله إعطاءها، أراد أن يتوجه البشر إليه من خلال توزيع النعم بطريقة متفاوتة أحدهم بالشكر والآخر بالصبر والدعاء، فقال تبارك وتعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان: 20]، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152]، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ «155» الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ «156» أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ «157» [البقرة: 155 - 157]

رواية تشير إلى الهدف الروحي الذي كان منظوراً في توزيع النعمة على الوجود البشري، عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر يقول إن الله عز وجل لما أخرج ذرية آدم من ظهره ليأخذ منهم الميثاق بالربوبية له وبالنبوة لكل نبي، فكان أول من أخذ له علم الميثاق بنبوته محمد بن عبد الله، ثم قال الله عز وجل لآدم: انظر ماذا ترى يا آدم؟ فنظر آدم لذريته وهم ذر قد ملأوا السماء فقال آدم: يا رب ما أكثر ذريتي ولأمر ما خلقتهم وماذا تريد منهم؟ فقال الله عز وجل: يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً، ويؤمنون برسلي ويتبعونهم. قال آدم: فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض؟ أجابه تبارك وتعالى: خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم لينظر الصحيح إلى الذي به عاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي بيده العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن أعافيه ويصبر على بلائي فأثيبه جزيل عطائي، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني.

2. الهدف الاجتماعي: لو لا التفاوت في القدرات والطاقات ومناهج العمل لما قامت الحضارة ولما قامت الحياة، لو لا أن الطاقات مختلفة ما احتاج أحد إلى أحد ولكن أعطى فلان طاقة عقلية وأعطى فلان طاقة مهنية، وأعطى ثالثاً طاقة جسدية ليحتاج كل للآخر في مجال موهبته وطاقته، وهذا ما قال عنه تعالى: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا [الزخرف: 32] هذه تسمى في علم الاجتماع نظرية الاستخدام، يستخدم بعضهم بعضاً في مجال موهبته وطاقته.

الأصل الثالث: أن التنوع على قسمين تنوع ذاتي، وتنوع عرضي.

  • التنوع الذاتي: به قوام الوجود، لولاه لا يوجد حياة، وقد أشار إليه تعالى في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [الحجرات: 13] لولا الذكر والأنثى لما وجدت الحياة على الأرض وما وجد النسل.
     
  • التنوع العرضي: به قوام الحضارة والحياة الاجتماعية، ونفس الآية أشارت إليه ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ [الحجرات: 13] شعوب يعني لغات، قبائل يعني أعراق وجينات مختلفة.

وقال في آيات أخرى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [الروم: 22] ألسنتكم اللغات، ألوانكم اختلاف الجينات التي تؤثر على تركيبة الجسم ولونه وحدوده، جعلناكم مختلفين ليكون هذا الاختلاف تمهيداً لتلاقح الطاقات والخبرات، لا تقوم حضارة إلا بتلاقح الطاقات والخبرات بين البشر، ومن أجل أن تقوم الحضارة الإنسانية عبر تلاقح الطاقات والخبرات جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.

المحور الثاني: معالم الحياة الزوجية الناجحة.

خُلق البشر من ذكر وأنثى وهما قطبا وركنا الحياة الزوجية، وليست علاقة الذكر والأنثى علاقة تفاضل، الذكر ليس أفضل من الأنثى، والأنثى ليست أفضل من الذكر، علاقة الذكر والأنثى علاقة تكامل، هناك نوعان من التكامل: تكامل عقلي وتكامل نفسي. يكمل كل منهما الآخر في مجال العقل، ويكمل الآخر في مجال الأمن النفسي، وقد بينت الدراسات العلمية في مجال التكامل العقلي وفي مجال التكامل النفسي ذلك.

النوع الأول: التكامل العقلي.

في كتاب «المخ ذكر أم أنثى؟» [1]  يذكر المؤلفان لهذا الكتاب الدكتور عمر شريف أستاذ طب الجراحة، والدكتور نبيل كامل الخبير في التنمية البشرية حديث مفصل يقول: أولاً أن لكل مخ عقلان عقل منطقي يفكر ويحلل ومركزه قشرة الفص الأمامي من الدماغ، والعقل العاطفي الانفعالي ومركزه مكونات الجهاز الحوفي. والدماغ له نصفان: أيسر وأيمن. النصف الأيسر يُعبَّر عنه بالفيلسوف لأن النصف الأيسر هو موطن التفكير والتحليل والاستنتاج، والنصف الأيمن يُعبَّر عنه بالفنان لأن النصف الأيمن من المخ هو المسؤول عن الحدس والخيال والإبداع والعاطفة. هناك نصفان من المخ يعيشهما الإنسان، هنا يتبين اختلاف الذكر عن الأنثى.

في دراسة أكدها لاري كاهل أستاذ علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في إرفاين في مجلة أبحاث العلوم العصبية[2] ، حيث قامت دراسة بتصوير 428 من أدمغة الذكور، و521 من أدمغة الإناث، ورؤي أن الرجل بين النصفين استقلال وطبيعة تفكيره أنه يقسم المعلومات ويجعل كل معلومة في مكانها الخاص، بينما ما بين النصفين من دماغ الأنثى نوع من التواصل والترابط، كأنما المعلومات تتبادل في ذهنها بين النصفين.

يقول ريتشارد هيرن رئيس فريق أبحاث المخ في جامعة كاليفورنيا في دراسة نشرها عام 2007م: هناك مادة رمادية وهناك مادة بيضاء. المادة الرمادية هي المسؤولة عن معالجة المعلومات أثناء التفكير، وهي في الرجال أكثر من النساء بستة أضعاف ونصف، وفي المقابل المادة البيضاء المسؤولة عن تبادل المعلومات والتواصل بين نصفي الدماغ هي في النساء عشرة أضعاف عن الرجال.

إذن هناك مسارات مختلفة بين طريقة التفكير عند الرجل وطريقة التفكير عند المرأة، بالنتيجة ذكر بعض الباحثين أن هذا هو السر في كفاءة الرجل في الوظائف العقلية كالفلسفة والرياضيات، وهذا هو السر في كفاءة المرأة في الأنشطة العقلية، وهو سر بروزها أكثر من الرجل في العلوم الإنسانية، حتى في مجال الطب المرأة أكثر براعة، طبيعة التفكير، طبيعة المخ، طبيعة الدماغ تقتضي أن يكون لكل منهما كفاءة في مجال من المجالات.

ودراسة أخرى لجون غراي في كتابه «ما بعد المريخ والزهرة» ذكر في هذا الكتاب أن الرجل يميل إلى التفكير في الخطوط العامة، بينما المرأة تميل إلى التفكير في التفاصيل، من هنا كان كل منهما محتاجاً إلى الآخر، إدارة الحياة تحتاج إلى من يفكر بالخطوط العامة، ومن يفكر في التفاصيل، إدارة الحياة تحتاج إلى مخ يتقاطع فيه النصفان حتى تكون الوظائف العقلية أكثر تدقيقاً، وإلى مخ يتواصل فيه النصفان، حتى تكون الإدارة طبق مبادئ إنسانية ذات رحمة ودفء وأدب، كل يحتاج إلى الآخر وهذا ما نعبر عنه بالتكامل العقلي.

النوع الثاني: التكامل النفسي.

الرجل يحتاج إلى المرأة لأنه يحتاج إلى الأمن والدفء العاطفي، يحتاج إلى الحماية العاطفية، والمرأة تحتاج إلى الحضن الذي يحتويها ويخفف من آلامها وأعباء الحياة عليها، كل يحتاج إلى الآخر من أجل توفير الأمن النفسي، وهذا أيضاً يستند إلى دراسات علمية، منها هذه الدراسة:

مقال عنوانه «أخذ الفوارق بين الجنسين بشكل جاد» للدكتور سكوت هوفمان في علم النفس، يقول: يميل معدل الذكور إلى الهيمنة على الآخر والحزم والدخول في المغامرات والعناد والتركيز على المنفعة، والتركيز على الاستقرار، وتكوين مجموعات تنافسية يدخل الرجل من بينها، والانفتاح على كل فكرة جديدة.

وما يميل إليه معدل الإناث إلى أن تكون المرأة أكثر اجتماعية، أكثر حساسية، أكثر دفئاً ورحمة وأدباً، وفي نفس الوقت كما هي أكثر رحمة وأكثر دفء هي أكثر قلقاً وشكاً، المرأة تنفتح على الجماليات أكثر من الرجل، المرأة تنفتح على العلاقات الثنائية الحميمية أكثر من الرجل، المرأة لا ترغب في العدوان والتصادم المباشر، المرأة تمتلك قدرة لغوية أكثر من الرجل، ولذلك تتحدث الطفلة قبل الطفل، المرأة عندما تتحدث تستخدم تعابير وجهها ويدها وجسمها أكثر من الرجل، المرأة تميل إلى البسمة والبكاء بشكل متكرر وفي يوم واحد، والمرأة أقدر على فك الشفرة السلوكية غير اللفظية من الرجل، الرجل قد لا يفهم زوجته إلا من خلال كلامها بينما المرأة تفهم الزوج من قسمات وجهة ومن تعابير بدنه ومن حركاته، المرأة أقدر على تمييز الحركة ومعرفة الهدف لذلك هي تقرأ الرجل أكثر من قدرة الرجل على قراءتها وهي تعرف أبناءها بشكل تفصيلي ونفسياتهم وأمزجتهم وتعرف زوجها بشكل تفصيلي وتقرأ كل حركة منه قبل أن يتحدث وقبل أن يتكلم.

إذن هناك مجالان نفسيان مختلفان بين الرجل والمرأة لذلك احتاج كل منهما للآخر حاجة تكامل وليس تفاضل، القرآن يعبر عن ذلك ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة: 187] الإنسان يحتاج إلى اللباس للزينة، إذن زوجتك زينتك وزوجك زينتكِ، الإنسان يحتاج إلى اللباس لأجل ستر العيوب إذن زوجك ستر لعيوبكِ وزوجتك ستر لعيوبك، الإنسان يحتاج إلى اللباس ليقيه من البرد والحر إذن زوجتك هي الدفء الذي يقيك من البرد وهي الحضن الرحيم الذي يقيك من مصاعب الحياة وكذلك العكس ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21]

المحور الثالث: ركائز استقرار الحياة الزوجية.

نريد أن نتناول الزواج الناجح من زاويتين: زاوية الدراسات العلمية، وزاوية الروايات الشريفة.

الزاوية الأولى: الزواج الناجح من خلال الدراسات العلمية.

نرجع إلى كتاب المبادئ السبعة للزواج الناجح تأليف الدكتور جون جوتمان والخبيرة نان سيلفر مشتركة معه في دراسة أكاديمية ميدانية استشارية من خلال تجارب عديدة على مجموعة من الأزواج، وهذه المبادئ هي:

المبدأ الأول: تقريب المسافات على خارطة المحبة.

على كل واحد من الزوجين أن يضع في دماغه معلومات واضحة عن الطرف الآخر، على كل من الزوجين أن يفهم ما الذي يحبه الآخر وما الذي يثير توتره، الزوجة قد تتأذى من سهر الزوج مع أصدقائه لوقت متأخر في الليل، الزوجة قد تتأذى من ممارسة الزوج للتدخين بإفراط لذلك تتوتر من ذلك. كذلك الزوج قد يتأذى من كثرة علاقات الزوجة وكثرة صداقاتها التي قد تؤثر سلباً على حياتهما، قد يتأذى من عدم عناية الزوجة بالنظافة خصوصاً نظافة غرفة النوم، إذن ليلتفت كل من الطرفين إلى ما يحبه الآخر وما يثير توتره لكي يعيشا حياتهما بتفاهم وتحاور ولطف ومحبة.

 المبدأ الثاني: إبداء الإعجاب والاحترام.

بعض الأزواج يأنف أن يبدي إعجابه بزوجته، إبداء الإعجاب والاحترام للطرف الآخر الزوجة لزوجها والزوج لزوجته في حضوره وفي غيابه، الزوج يعتز بزوجته أمام أمه وأمام أخواته، والزوجة تفتخر بزوجها أمام أمها وأخواتها، إبداء الإعجاب والاحترام مبدأ مهم من مبادئ استقرار الحياة الزوجية ونجاحها، ونحتاج إلى هذا المبدأ إذا حصل خلاف بين الزوجين، فمن الطبيعي أنه لا توجد حياة زوجية وردية 100%، ومن المستحيل أن توجد، لابد من خلافات، لأجل ذلك إذا حصل خلاف واحتد النقاش بين الزوجين هنا على الزوجين أن يتذكرا الماضي الجميل والذكريات العاطفية الجميلة؛ لأن تذكر الماضي الجميل يخفف من الألم، ويهدئ من الغضب ويقرب الزوجين من بعضهما، بينما لو صار كل واحد منهما يتذكر الأخطاء لن ينتهي الخلاف ويستعر الغضب وتتولد مشاكل أكبر.

 المبدأ الثالث: المشاركة في القرار.

بعض الأزواج يأنف أن تشاركه امرأته في القرار، القرار بيده لأنه هو القائد الملك للأسرة، صحيح الزوج هو القائد لكن القيادة لا تعني السلطة وفرض الرأي والتحكم، القيادة تعني حسن الإدارة، تعني الكلمة الطيبة ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ [إبراهيم: 24]، الكلمة الطيبة وحسن الإدارة هي القيادة الناجحة، ولذلك من القيادة الناجحة أن تشرك المرأة في بعض القرارات، اليوم في هذا العصر المرأة أكثر خبرة بأمور المنزل من الرجل لذلك الرجل يحتاج إلى رأي المرأة وخبرتها في إدارة أمور المنزل، المشاركة في القرار تعطي المرأة شعور بأن لها موقعية ومكانة وكرامة في الأسرة فتعزز علاقتها العاطفية الحميمة مع الرجل.

المبدأ الرابع: توثيق التقارب.

لا يحتاج توثيق التقارب إلى عمل درامي، يكفي كلمات بسيطة ومبادرات سهلة وذلك يتبين في موردين:

 المورد الأول: إذا اشتركا في عمل أو في رحلة خارج المنزل أو وهما جالسان على مائدة الطعام. الجلوس على المائدة الواحدة إفطاراً غذاء عشاء فرصة لكل منهما لخلق جو من السعادة في هذا الزمن القصير، يستطيع كل منهما استغلال هذه الفرصة في خلق جو من السعادة بذكريات الأسفار الجميلة التي سافرا فيها معاً، بكلمات يمدح فيها الآخر ويثني على تصرف الآخر... ألخ.

تقول بعض الدراسات إن هذه الفرصة القصيرة من السعادة أكثر تأثيراً على قلب المرأة من شهر عسل في كل سنة، وأكثر تأثيراً على قلب المرأة من أن يهديها قلادة ذهب، عندما يستغل هذه الفرص عبر جلوسه معها ويخلق جو من السعادة بينه وبينها، وقد رأيت هذه العادة في إيران أن الزوج يخلو بزوجته على وجبة، إما في البيت أو في مطعم، هو يريد أن يخلق من هذه الجلسة نوع من السعادة وجو الوئام واللطف، وجو العلاقة الحميمية بين الطرفين.

 المورد الثاني: الحياة الزوجية أحياناً يصبح فيها ملل نتيجة روتين متكرر، ونتيجة الملل يبدأ تألم من أحد الزوجين وتبرمه، فما يجب أن يقابله الطرف الآخر هو تقبل الحال ويقول له صحيح هناك ملل وضيق، أنت معذور فيما تقول علينا أن نسعى للتغيير والحل، لا يضع كلمة لماذا وكيف خصوصاً مع المرأة، هي الآن متألمة من هذا الروتين ومن هذا الضيق، فلا تطرح لها لماذا وكيف لأنها تعتبر هذه الكلمات نقد لا سؤال، اعترف بأن الجو فعلاً هو جو فيه ألم وفيه نوع من الظلمة، فيه نوع من الضيق وأنها معذورة في هذا التألم وأن المسألة تحتاج إلى تغيير وتجديد وأن تسعى لحل مقنع للطرفين. لابد من توثيق التقارب بهذا اللون من التعامل.

المبدأ الخامس: عالج المشاكل بنفسك لا بغيرك.

لا تدخل أحداً في أسرتك، من أول يوم لا تجعل لأحد تدخلاً، لا أب، لا أم، لا أخ، لا أخت، وعلى المرأة أيضاً أن لا تدخل أحداً في حياتها الزوجية، دائما عالج المشاكل بشكل مباشر، أنت بنفسك، وقد أثبتت الدراسات أن إنجاح الحياة الزوجية يؤثر على صحتك أفضل من ممارسة الرياضة، إذا عشت حياة زوجية هادئة فإنك ستنعم بصحة أكثر من الصحة التي تستقيها من ممارسة الرياضة، حياة زوجية تنجحها أفضل بكثير من أمور تمارسها وتعتبرها دخيلة في صحة بدنك، لذلك من هذا المنطلق إذا رأيت خطأ من الزوجة أو الزوجة رأت خطأ من الزوج هناك خطوتان في مقابلة هذا الخطأ:

  1.  الخطوة الأولى: تهدئة الغضب، ويكون ذلك بالمشي قليلاً أو شرب الماء، أو تغيير من وضعية الجلوس حتى يهدأ الغضب وتمتص هذه الشعلة من داخل النفس.
     
  2.  الخطوة الثانية: لا تتكلم بلغة النقد ولا بلغة الهجوم ولا بلغة الاستعلاء، تكلم بلغة التذكير بالمسؤولية، بإمكان الزوجة بدل الصراخ والهجوم أن تقول نحن الاثنان مسؤولان عن البيت ولكن أحببت أن أذكرك بما نسيت هذا اليوم، وكذلك بالنسبة للزوج، لغة هادئة ذات لين ذات رحمة، فتنتهي المشكلة العالقة من أسسها دون أن تتطور.

 المبدأ السادس: التغلب على التعقيد.

يقول صاحب الدراسة عاش على الأرض منذ يوم آدم إلى اليوم أكثر من مئة مليار إنسان، وفي هذا الزمن نحن نعيش على الأرض ثمانية مليار ولا يوجد من المئة مليار التي عاشت على الأرض شخصان متشابهان تماماً، حتى التوأم اللذان ينحدران من بويضة واحدة هما مختلفان حتماً، لا يوجد شخصان متشابهان تماماً، وعلى الزوجين أن يعي كل منهما أنهما مختلفان وأن يتعاملا على أساس ذلك، مقتضى هذا أن يصر كل منهما على التفاهم والتحاور.

إذا حصل نقاش بين الزوج وزوجته يلعب البعض دور الضحية، هو المظلوم، والبعض الآخر يلعب دور أنه هو المحق، ولا تهدأ المشكلة لذلك تجنب أن تلعب دور الضحية حتى لو تشعر أنك مظلوم، تجنب أن تلعب دور المحق حتى لو كنت أنت المحق، إذا حصل النقاش اعطي الطرف الآخر مجالاً لأن يفرغ ما في نفسه، فإذا أفرغ ما في نفسه قل له كلامك صحيح ولكن يحتاج الأمر إلى إضافة وتنبيه وإيقاظ. هذا الأسلوب مهم لإعادة اللطف والحيوية إلى الحياة الزوجية.

 المبدأ السابع: الحياة الزوجية غنية بالطقوس وغنية بالرموز.

حتى نجدد حياتنا الزوجية ونعيد إليها حيوية اللطف والأدب والرحمة والحنان هناك خطوتان:

  1.  الخطوة الأولى: أن نجعل لأنفسنا هدف في كل فترة، هذه الفترة مثلاً هدفنا أن نختم القرآن معاً، هذه الفترة هدفنا أن نقرأ كتاب عن التربية ونتناقش فيه، هذه الفترة هدفنا أن نذاكر لأبنائنا... وهكذا، كل فترة نضع هدفاً نشترك فيه معاً حتى نتقنه بنقاشنا، وهذا يخلق تلاحم وتقارب بين الزوجين إذا صنعا هدفاً وسارا في تحقيقه.
     
  2.  الخطوة الثانية: طقوس رمزية مثلاً يوم ذكرى الزواج يكون بين الزوجين طقس، عمل معين يعيد لهما الحيوية، يوم عيد ميلاد أولادهم، يوم قدوم أحدهما من الحج أو من الزيارة، يوم شفاء أحدهما من المرض... وهكذا، اجعلوا طقوس ترمز إلى نجاحات وعلاقات معينة وعلموها أبناءكم أيضاً، مثلاً اليوم طقس زيارة عاشوراء، أو طقس قراءة حديث الكساء، أو طقس زيارة الحسين . هذه الطقوس تعيد اللحمة والحيوية في أجواء الأسرة.

هذه سبعة مبادئ ذكرناها لبيان ركائز استقرار الحياة الزوجية الناجحة من زاوية الدراسة العلمية.

الزاوية الثانية: ركائز استقرار الحياة الزوجية الناجحة من خلال روايات أهل البيت .

لا نستغني عن هذا التراث الضخم الغزير، الدراسات العلمية التي ذكرناها هي مؤكدات ومقربات لفكر القرآن وفكر أهل البيت وإلا فالمبدأ الأصيل والمنبع الصافي هو تراثنا، في القرآن وروايات أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم أجمعين.

أذكر ست ركائز لاستقرار الحياة الزوجية:

الركيزة الأولى: مقومات الزوجة الناجحة.

عبرت الروايات عن هذه المقومات:

المقوم الأول: أن المرأة كنز وخير ربح، في الراوية عن الرسول : ألا أخبركم بخير ما يكنز الرجل؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها تسره، وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.

وقال رسول الله : ما استفاد امرؤ بعد الإسلام أفضل من زوجة تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.

المقوم الثاني: المرأة الهادئة اللينة، عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا قال: قال أمير المؤمنين علي : خير نساؤكم الخمس. قالوا: وما الخمس؟ قال: قال: الهينة، اللينة، المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل عينها بغمض حتى يرضى، والتي إذا غاب زوجها حفظته في غيبته، فتلك عاملة من عمال الله، وعامل الله لا يخيب.

المقوم الثالث: قدرة المرأة على خلق جو سعيد في الأسرة، جاء رجل إلى رسول الله قال: إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت ما يهمك؟ إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك، وإن كنت تهتم لأمر آخرتك فزادك الله هماً. فقال الرسول: إن لله عمال وهذه المرأة من عماله، لها نصف أجر الشهيد.

المقوم الرابع: المرأة التي تعين زوجها على مصاعب الحياة، زوج تعثر بوظيفته، زوج أصيب بمرض، زوج أصيب بمشاكل، تعينه ولا تعقد عليه الأمور، في الرواية يقول الصادق لإبراهيم الكرخي: أحسن النساء المرأة البكر، الولود، الودود، التي تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته.

تراعي المصاريف وتراعي صعوبات الحياة خصوصاً في ظروف هذا الزمان، تعين زوجها على دهره، لدنياه وآخرته.

الركيزة الثانية: مواصفات الزوج الناجح.

الصفة الأولى: أن يكون أميناً، لذلك روى الحسين بن بشار الواسطي كتبت إلى أبي جعفر أسأله عن النكاح، فكتب إليَّ من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته فزوجوه.

الصفة الثانية: أن يكون عفيفاً، أسرته معروفة بالعفة، إنسان مستقيم لا علاقات له، تقول الرواية الشريفة عن أبي عبد الله : الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده يسار.

الصفة الثالثة: حسن الخلق، روى الصدوق بسنده عن ابن بشار الواسطي كتبت إلى أبي الحسن الرضا إن لي قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء. قال: لا تزوجه إن كان سيء الخلق. سوء الخلق سيولد أسرة تعيسة مريضة.

الصفة الرابعة: إسعاد الزوجة بالتزين والتطيب، كما يرغب الزوج من الزوجة أن تكون ذات رائحة طيبة وذات زينة وإذا التقت معه تلتقي بمواصفات محببة ومغرية فليكن هو كما يرغب منها، قال الحسن بن الجهم رأيت أبا الحسن الثاني اختضب فقلت جُعلت فداك اختضبت؟ قال: نعم إن التهيئة مما يزيد في عفة النساء، ولقد ترك النساء العفة بترك أزواجهن التهيئة، أيسرك أن تراها على ما تراك عليه؟

كن في حالة محببة ولا تكن في حالة منفرة، من حق الزوجة عليك كما من حقك على الزوجة أن تكون معها في أحسن حال.

الركيزة الثالثة: حسن التعامل.

حسن التعامل الزوج لزوجته المعبر عنه في القرآن الكريم: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 19]

تقول الروايات: الزوجة أمانة الله عندك والله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء: 58] أي أن تحسنوا أداءها، وفي الرواية الشريفة عن النبي محمد قال: أخبرني جبرئيل ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننت أن لا يحل لزوجها أن يقول لها أف. قال: يا محمد اتقوا الله في النساء فإنهن عوان بين أيديكم، أخذتموهن على أمانات الله عز وجل.

وقال أمير المؤمنين : إن النساء عند الرجال أمانة الله عندهم فلا تضاروهن ولا تعضلوهن. المرأة نعمة الله عليك فاشكر الله على النعمة.

وفي رسالة الحقوق للإمام زين العابدين : وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً، وتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها.

الركيزة الرابعة: حسن تعامل الزوجة مع زوجها.

يروي الصدوق في عقاب الأعمال عن النبي قال: من كانت له زوجة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه، وإن صامت الدهر وقامت وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله، وكانت أول من يرد النار.

قال علي في جواب من شكا امرأته: داروهن على كل حال، وأحسنوا لهن المقال، لعلهن يحسن الفعال.

وعن إسحاق بن عمار قلت لأبي عبد الله الصادق : ما حق المرأة على زوجها؟ قال: يشبعها ويكسوها وإذا جهلت يغفر لها.

الركيزة الخامسة: المشاركة في القرار.

وهو من المعالم التي ذكرناها في المبادئ السبعة، ربما أحدهم يأخذ بهذه الرواية «شاوروهن وخالفوهن» ليست مطلقة في جميع الموارد، هناك موارد المرأة أكثر خبرة من الرجل فيحتاج إلى مشاركتها، الروايات هي التي تقول ذلك لا أنا من أقول ولا الدراسات، في الآية المباركة: ﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة: 233] مثلاً توقيت الرضاع، وتوقيت الانتهاء من الرضاع، وتوقيت تحديد حضانة الولد يقع بتشاور بين الأبوين وربما هي أعرف في ذلك.

مشورة الأم في زواج البنت، إذا أردت أن تزوج ابنتك فشاور أمها لأن أمها أعرف بما يعجب النساء وبما يفيد المرأة، هنا جاءت الرواية الشريفة قال النبي : ائتمروا النساء في بناتهن.

الركيزة السادسة: التعاون في خدمات المنزل.

ليست خدمات المنزل كلها على الزوجة كن معاوناً لها ومساعداً، لا تجعل نفسك في البيت كالملك تنتظر الطعام والغذاء وعليها أن تكون كالخادم، كن معيناً لها، هكذا ورد في روايات أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين، وقد ورد في أخلاق النبي محمد أنه كان يخدم في مهنة أهله ويقطع اللحم معهن، وورد في أخلاق النبي أنه كان يصنع في بيته مع أهله في حاجاتهم.

وورد في خصال أمير المؤمنين عليّ أنه كان يحتطب ويستقي الماء ويكنس الدار، وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز، كانت هناك شراكة بينهما، وأجمل حياة رائعة عاشها المسلمون هي حياة علي وفاطمة، الحياة الزوجية الناجحة الهادفة هي البيت العلوي الفاطمي الذي قالت فيه فاطمة للإمام علي يا أبا الحسن هل وجدتني خاطئة أو كاذبة؟ أو خالفتك منذ عاشرتك؟ قال: حاشا أنت أبر وأتقى لله من أن أوبخك. وذكرها الإمام علي بعد وفاتها فقال: والله ما أغضبتها قط ولا أكرهتها على أمر قط، وكنت إذا نظرت إلى وجهها تنجلي عني الهموم. علاقة حميمة نفسية بين علي وفاطمة، لذلك هذا البيت أصبح مدرسة تخرّج منها الأبطال وعمالقة التاريخ الذين قادوا عجلة التاريخ تاريخ الفداء والتضحية، أبناء علي وفاطمة، وأبناء الحسن والحسين سجلوا أروع البطولات يوم كربلاء تمثيلاً لتلك المدرسة العلوية الفاطمية.

[1]  من ص269 إلى ص368
[2]  شهر يناير فبراير عام 2017م