من هو شعب الله المختار؟
شيعي - 06/05/2015م
السلام عليكم ورحمة الله،،

إن عقيدة شعب الله المختار موجودة عند جميع الأديان فكل أهل مذهب يعقد أنه هو الشعب الذي إختاره الله وجعله يولد على الإيمان لكي يكون في الجنة وأما غيره من سائر الناس فهم إلى جهنم خالدين مخلدين فيها إلا إذا لم يكونوا مقصرين وأما أنا فحتى وإن كنت مقصر فإني سأدخل الجنة لأن الإيمان الصحيح بالله بذاته يدخل الجنة ويتحول إلى جنة

وللأسف الشديد أن هذه العقيدة موجودة حتى عند الشيعة وهنا تأتي تساؤلات

1_ألا يجب أن يكون الله عادل فبالتالي لا يجعل اختبار أحد أسهل من أحد وبالتالي لا يجعل شخص يولد على الإيمان وحتى لو أنه لم يتأكد من دينه لا يخلد في النار ولكن يولد الشخص الآخر على الكفر وإذا لم يتأكد من دينه يخلد في النار؟ وعلى أي أساس يكون ذلك التسهيل والإنسان لم يعمل بعد حتى نقول أن سبب توفيقه عمله وإن قلتم إن الناس قد إختاروا مصيرهم في زمن البرزخ وإنما نحن ف الدنيا لإلقاء الحجة علينا فسنقول لكم إذا أراد الله أن يلقي الجة علينا فلم لا يلقيها بالشكل العادل؟

2_يوجد العالم عدد لا يحصى من المذاهب الدينية فينها يستحيل على أي شخص أن يرجع إلى جميع هذه المذهب ويقارن أدلتها ويرى رد كل مذهب على المذهب وجواب ذلك المذهب إن العلماء المنصفون في الإسلام يقضون عمرهم كله تحديد أيهم الأصح المذهب الشيعي أو السنة ثم بعد ذلك يغيرون مذهبهم فكيف بفعل تلك المقرانة مع مذاهب عددها كبير

3_إنس أعتقد أن الإسلام هو الدين الصحيح وأن من يعمل بغير الإسلام فإن عمله باطل وقد قال تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ولكن الآية تقصد من بعلم أن الإسلام هو الدين الصحيح ولكنه اختار غيره بمعنى إن الآية تشير إلى المعاندين فسيطرح سؤال هنا لم تذكر الآية بأنه خاص بالمعاندين فمن أين جئت بهذا أقول إن الآية تقول {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ} جميع المسلمون متفقون أن من فعل ما قالت به الآية نفاقا لا لوجه الله فإن الآية واعداد الجنات لا يشمله مع أن ذلك لم يذكر في الآية ولكن يوجد قرائن وأحاديث وآيات أخرى تعطينا هذه النتيجة في خروج المنافق عن الوعد الإلهي وأن الآية {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فإن المذكور في دعاء كميل يوضح لنا أن الكفار المقصرين يدخلون جهنم يعذبوا على تقصيرهم ووذنوبهم لكنه لا يخلدون في جهنم ”اَقْسَمْتَ اَنْ تَمْلاََها مِنَ الْكافِرينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ اَجْمَعينَ، وَاَنْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ“ وقد قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، تفسير الآية بأن المقصودين هم من قبل النبي صلى الله علي وآله وسلم لا توجد قرينة قطعية عليه.

والخلاصة تقول إن كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فإنه في الجنة وإن كان مقصر يعذب على قدر تقصيره إلا الذي يعلم أن الإسلام هو الدين الصحيح ومع ذلك اختار دينا غيره فإنه يخلد في النار ولن تقبل أعماله
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الجواب عن ذلك مؤلف من أمور

الأمر الأول: أنَّ استحقاق الجنة أو استحقاق النار والخلود في النار أو العذاب فيها؛ كلُّ ذلك أمور لا نستطيع أن نحددها، فليس بيدنا مفاتيح الجنَّة والنَّار، وإن كان الأخ السائل قادراً على تصنيف الناس من هذه الجهة بحيث يستطيع أن يجزم من يدخل النار، ومن لا يدخل، ومن يخلد فيها، ومن لا يخلد، فذلك أمر آخر، وأما نحن فليس بيدنا هذه المفاتيح حتى نستطيع أن نحدد فيها شيئاً.

الأمر الثاني: أن مقتضى قوله - عز وجل -: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، وقوله - عز وجل -: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، ومقتضى حكم العقل بأن كمال الله لا ينسجم معه فعل القبيح، ومن أوضح مصاديق القبيح هو ظلم العبد، والله لا يعقل أن يصدر منه ظلم لعبد من عبيده، فلأجل ذلك نقول:

لا فرق بين من يولد في بيئة مؤمنة أو بيئة كافرة، أو تكون له عوامل تساعده على الإيمان، أو لا تكون له عوامل تساعده على الإيمان، فإنَّ الله يعاقب العبد بمقدار إرادته، فالإنسان بمحض إرادته إذا اختار طريق الكفر أو المعصية فإنَّه يكون بذلك مستحقاً للعقوبة، وإذا اختار بمحض إرادته طريق الطاعة يكون بذلك محلاً لإفاضة المثوبة، فلو فرضنا أن شخصاً عاش في بيئة الإيمان لكنه اختار الكفر فلن يكون أشدَّ أو أقلَّ عقابا ممن عاش في بيئة الكفر واختار الكفر بمحض إرادته، كما أنَّ من عاش في بيئة الكفر واختار الإيمان فلن يكون أقلَّ ثوابا ممن عاش في بيئة الإيمان واختار بيئة الإيمان، فالمدار في العقوبة على الإرادة والاختيار لا على العوامل القهرية الخارجة عن اختيار الإنسان وإرادته، ولذلك ربطت الآية القرآنية استحقاق العقوبة بالإرادة: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ، وقال تعالى ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، وقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وعندما نقول إنَّ من اختار الكفر أو المعصية مستحقٌّ للعقوبة فهذا لا يعني أنَّ العقوبة ستحصل؛ لأنَّ هناك فرقاً بين الاستحقاق وبين الفعلية، فمن يموت على المعصية مثلاً نقول بأنَّه مستحق للعقوبة، لكن هل ستقع العقوبة عليه بالفعل أم لا؟ فهذا بيد الله، فقد تتدخل الرحمة الإلهيَّة أو العفو الإلهيّ، أو يكون لدى الشخص أعمال وحسنات تكون شافعاً له يوم القيامة.

فنريد أن نؤكد أن هناك فرقاً بين استحقاق العقوبة وبين فعلية العقوبة.

الأمر الثالث: بما أنَّ المدار في استحقاق العقوبة والأهليَّة للمثوبة على إرادة الإنسان فالإنسان يحاسب بمقدار إرادته وبمقدار طاقته، فإذا كان الإنسان يمكنه أن يقارن بين جميع الأديان ثم يختار ديناً عن براهين علمية، أو يمكنه أن يقارن بين جميع المذاهب ثم يختار مذهبا عن قناعة علمية، فهو يحاسب على مقدار إرادته ومقدار طاقته وجهده، وهناك إنسان لا يتمكن من المقارنة بين جميع الأديان، أو لا يتمكن من المقارنة بين جميع المذاهب، بل لا يتمكن من المقارنة حتى بين مذهبين لقلة ثقافته أو ضعف قدرته العقلية، فهذا الشخص يحاسبه الله بمقدار ما أعطاه من طاقة وبمقدار ما أعطاه من إرادة، فلأجل ذلك لا يمكن أن يساوى بين الناس بأن يقال كل إنسان يُطلَب منه أن يقوم بمقارنةٍ بين جميع الأديان أو بين جميع المذاهب ثم يختار أحدها عن براهين علمية وإلا فإنَّه سيحاسب، بل إنَّ الناس تتفاوت في ذلك، فكلٌّ بمقدار طاقته وبمقدار إرادته سيحاسب يوم القيامة. فالمهم أنَّ الدخيل في استحقاق العقوبة وأهليَّة المثوبة هو إرادة الإنسان واختياره ومقدار طاقته من الجهد، وأمَّا سوى ذلك من العوامل الخارجية فلا دخل له في الموضوع.

الأمر الرابع: أنَّ المراد بالإسلام في الآية ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ، أو في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، ليس خصوص شريعة النبي محمد وإنَّما المقصود بالإسلام في هاتين الآيتين هو الدين الجامع بين جميع الأديان السماوية، كما ورد ذلك على لسان النبي إبراهيم ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، وأما هذه الآية فقد ورد قبلها: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ «68» إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، إنَّ ظاهر الآية التي قبلها أنَّ الإيمان هو الإيمان بجميع الكتب السماوية حيث قال: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ، إذن هناك شيء ثالث أنزل إليهم غير التوراة والإنجيل، وهذا الشيء الثالث هو القرآن الكريم، إذن مقتضى الجمع بين هذه الآية وما قبلها وهما الآيتان 68 و69 من سورة المائدة أنَّ المراد من الإيمان في قوله ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا، أي آمن بجميع ما أنزل الله من رسل وبعثه من رسل.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك