سؤال
حسين احمد الحاجي - حديث الثقلين - 27/02/2014م
السلام عليكم ورحمة الله
سماحة العلامة السيد منير حفظه الله
ان عدم فهم النص يؤدي الى خلل في الفهم وقد يؤدي الى نتائج خاطئة.
حديث الثقلين:
«وفي مسند احمد بن حنبل أيضا ج 3 ص 26» خرج حديث ابي سعيد الخدري بلفظ آخر وسند آخر، وهذا نصه: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا عبد الملك يعني ابن سليمان عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله أني قد تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله عزوجل حبل ممدود من السماء إلى الارض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
السؤال:
الحديث يقول احدهما اكبر من الآخر فمن هو الأكبر القرآن ام العترة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
المراد بالأكبرية هنا يحتمل عدة معانٍ:
المعنى الأول: إن المراد به الأكبرية الإثباتية، بمعنى ما يكون بنظر المسلمين أكبر شأناً من الآخر، وحينئذ فينطبق هذا العنوان على القران الكريم؛ بلحاظ أنه وإن كان لا فرق بين القران والعترة الهادية في أن كليهما معصوم عن الضلال والخطأ، كما انه لا يمكن انفكاك أحدهما عن الآخر من حيث الحجية؛ حيث إن تفسير القران يتوقف على بيان العترة الهادية، كما أن العلوم والمعارف المختلفة التي تقوم العترة الهادية بطرحها تستند في اكتشافها على القران الكريم بحسب الظاهر، ولكن حيث إن القران بنظر العامة من المسلمين هو كلام الله ووحيه المنزل فهو بحسب عالم الإثبات أكبر من الثقل الآخر، وإن كان بحسب عالم الثبوت ليس أعظم شأناً من العترة الهادية ومن المعصومين ، فالنبي قد نظر إلى مقام الإثبات، لا إلى مقام الواقع والثبوت.
المعنى الثاني: إن المراد بالأكبرية هي الأكبرية الثبوتية، والمقصود بها هو ما كان أحدهما متوقفاً ومستنداً للآخر، فما كان مستنداً للآخر فهو الأصغر، والمُستَنَد إليه هو الأكبر، وإذا لاحظنا الروايات الشريفة ووجدنا أن القران منذ إبداعه من قبل الله عز وجل في عالم الجبروت، ثم انتقل إلى عالم الملكوت، ثم انتقل إلى عالم المادة، فإنه في جميع هذه العوالم كلها حيث كان مجموعة من المعقولات في عالم الجبروت، وأصبح مجموعة من الأنوار في عالم الملكوت، ثم تحول إلى مجموعة من السور والآيات في عالم المادة، فهو في جميع هذه العوالم كان مستنداً إلى الوجود المعصومي، وهذا ما تشير إليه الآية المباركة ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ «77» فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ «78» لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وبالتالي فالقران نور في جميع عوالمه، والنور يحتاج إلى مكان يتند إليه في إضاءته وفيضه، وهذا المكان الذي يستند إليه هو الوجود المعصومي للأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، فبالتالي تكون العترة الهادية أكبر شأناً من القران الكريم، وهذا ما أشارت إليه الروايات الشريفة حيث عبّرت بأن القران هو الكتاب الصامت، والإمام المعصوم هو الكتاب الناطق.
المعنى الثالث: إن المراد بهذه الجملة حيث إن النبي قال: «أحدهما أكبر من الآخر» ولم يعيّن من هو الأكبر منهما فقد أراد الإشارة إلى أن لكلٍّ منهما جهة تجعله أكبر من الآخر، فكل منهما يمتلك جهة من الفضل تجعله أكبر من الآخر، فالقران الكريم بلحاظ كونه أمر الله عز وجل حيث قال تبارك وتعالى ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ، فهو بهذه الجهة له جهة تميّز، والعترة الهادية صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين باعتبار أنهم محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومجاري الفيض ووسائط الوجود في جميع عوالمه وألوانه وأصنافه فهم بهذه الجهة يكونون أكبر من القران الكريم.
فلعل النبي أجمل في هذه الفقرة بلحاظ أن يبيّن أن لكل من الثقلين جهة تميز على الآخر في نقطة معيّنة.
ثم إن وجود مزية للقران على العترة لا يعني أفضلية القران على العترة مطلقاً، وإنما هو أفضل من جهة، لا أنه أفضل من سائر الجهات، نظير أن نقول بأن الإمام علياً وهبه الله فضيلة الولادة في الكعبة ولم يهبها لأحد من الأنبياء والمرسلين، فهو وإن كان من هذه الجهة ـ أي جهة ولادته في الكعبة ـ قد حصل على فضيلة لم يحصل عليها النبي إلا أنه لا يعني أنه أفضل من النبي من سائر الجهات.
السيد منير الخباز
أرسل استفسارك