شرح مقطع من دعاء البهاء
عبد الكريم - الجزائر - 06/07/2014م
بسم الله الرحمن الرحيم

هناك فقرة في دعاء البهاء «اللهم اني اسالك من اسمائك باكبرها وكل اسمائك كبيرة اللهم اني اسالك باسمائك كلها» فمن جهة الامام يقول ان هناك اسماء اكبر من اسماء وهي اشارة ان هناك اسم اعظم تدخل تحته كل الاسماء الالهية ومن جهة اخرى يقول ان كل الاسماء الالهية عظيمة وهو يوافق الحديث النبوي الشريف الذي يقول مضمونا ليس هناك اسم اعظم من اسم ولكن فرغ قلبك عما سواه وادعه باي اسم شئت فذلك الاسم الاعظم.

من خلال هذين الامرين ماهي حقيقة الامر بالتحقيق؟ وهناك الاية 8 من سورة المزمل تقول {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} وأحد معاني التبتل هو الانقطاع الى الله تعالى فهل الاية الكريمة احد معانيها يطابق الحديث الشريف المذكور انفا طبعا عند التدبر في هذه الاية تبادر الى ذهني هذا السؤال؟

فنحن متعطشين لهذه المعارف الحقة افيدونا دامت بركاتكم بمحمد وال محمد.
الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

بالنسبة لأسماء الله تبارك وتعالى تُلحظ من زاويتين:

من زاوية نسبتها إلى الله تعالى، ومن زاوية تحمّل الإنسان لهذه الأسماء.

فإذا نظرنا إلى هذه الأسماء من زاوية نسبتها إلى الله عز وجل فهي متساوية، ولا يوجد اسم أكمل من اسم أو أكبر من اسم؛ والسر في ذلك أن الله عز وجل هو عين الكمال المطلق بذاته وبأسمائه وصفاته، فكل اسم من أسمائه هو مظهر لذاته، وبالتالي فكما أن ذاته عين الكمال المطلق الذي لا حد له فاسمه أيضا عين الكمال المطلق الذي لا حدّ له.

وأما إذا نظرنا من الزاوية الأخرى وهي تلقي الإنسان لهذه الأسماء وتحمله لها سواء كان هذا التحمل تحملاً عقلياً بالتعرف على مضامين هذه الأسماء، أو كان تحملاً قلبياً ووجدانياً بأن يعيش تفاعلاً وتواصلاً روحياً مع هذه الأسماء، فمن هذه الزاوية تكون الأسماء متفاوتة نتيجة لتفاوت قدرة الإنسان وطاقته، فلأن الإنسان يعيش طاقة متفاوتة؛ حيث إن هناك فرقاً بين الإنسان العارف والإنسان الجاهل، وبين الولي وغيره، وبين النبي وغيره، بل حتى الإنسان الواحد يعيش حالات مختلفة، فقد يكون في حال مقبلاً على الله، وقد يكون في حال مدبراً عن الله، وقد يكون في حال قريباً من الذنب، وقد يكون في حال بعيداً عن الذنب، فنتيجة تفاوت حالات الإنسان وتفاوت طاقات البشر يكون تحمل الإنسان لأي اسم من أسماء الله تحملاً متفاوتاً.

ولذلك إذا نظر الإنسان من زاويته إلى أسماء الله رآها متفاوتة ومختلفة الدرجة حيث يعبر الدعاء الشريف عن ذلك بأنه «اللهم إني اسألك من أسمائك بأكبرها» فإذا تأمل الإنسان في أسماء الله وعاشها عقلاً وقلباً رآها متفاوتة، لكنه إذا انصهر بها بحيث أصبح الإنسان عالَماً إلهياً بدل أن يكون عالماً مادياً سوف يصل إلى نقطة وهي رؤية الأسماء متساوية، ولذلك عقّب الدعاء بالفقرة الثانية «وكل أسمائك كبيرة اللهم إني أسألك بأسمائك كلها»، فالفقرة الأولى من الدعاء تشير إلى مرحلة من مراحل تحمل الاسم الإلهي، والفقرة الثانية تشير إلى مرحلة أعظم وأكمل في تحمل الأسماء الإلهية من المرحلة الأولى.

وما ورد في الآية الشريفة والروايات الشريفة من أن الإنسان إذا أخلى قلبه من أي بريق مادي أو دنيوي وجعله طلقاً لله عز وجل تحمّل الاسم الإلهي على واقعه بقدر طاقة الإنسان نفسه وهو المعبر عنه بالتبتل وهو أمر صحيح وموافق للنصوص الشريفة.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك