بخصوص التقية الواجبة
مهدي - صفوى - 15/11/2013م
هل التقية الواجبة هي مطلقة ام يجوز تركها في مواضع ويجب تركها في بعص المواضع ايضا؟
 
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم التقية إنما تجب في فرض أن يترتب على تركها ضرر على مؤمن قريباً كان أو بعيداً، في بلد المتقي أو في بلد آخر، أو يترتب على تركها خطر على نفس المكلف في نفسه أو عِرضه، ولكن هذا الوجوب قد ذكر له علماؤنا عدة استثناءات:
الاستثناء الأول: أن لا تكون التقية مستلزمة للفساد في الدين؛ حيث قد ورد في بعض الروايات أنه إذا استلزمت التقية فساداً في الدين فهي غير مشروعة، كما لو فرضنا أنه ترتب على التقية اضمحلال العقيدة بالإمامة، فلو فرضنا أنه في مجتمع ما، أو في زمن ما لو التزم الشيعة بإخفاء معتقدهم بأن إمامة الأئمة الإثني عشر صلوات الله عليهم أجمعين إمامة مجعولة من قبل الله عز وجل ترتب زوال هذا المعتقد بحيث تنشأ الأجيال الجديدة وهي لا تعتقد بالإمامة فحينئذ يلزم من التقية فساد في الدين، فلا تكون التقية حينئذ مشروعة.
الاستثناء الثاني: أن يلزم من التقية وهن المذهب الإمامي، وهذا ما يختلف باختلاف الأشخاص والمقامات، فلو فرضنا أنه أُكره شخص من عامة الناس على معصية فأتى بتلك المعصية تقيةً ودفعاً للخطر، فلا يترتب على ذلك وهن للمذهب، أما لو فرضنا أنه أُكره مرجع الشيعة على أن يقوم بمعصية كالزنا أو شرب الخمر، فإنه لا مجال للتقية حينئذٍ؛ حيث إن إقدامه على هذه المعصية وهو مرجع الشيعة الإمامية أو زعيمها يُعدّ وهناً لحرمة المذهب في نظر العقلاء، وبالتالي لا يشرع له التقية حفاظاً على مقام المذهب الإمامي من الوهن والهتك.
الاستثناء الثالث: أن يترتب على التقية إراقة الدماء، فإن التقية شُرّعت لحفظ الدماء، فلو ترتب عليها إراقة الدماء لم تكن التقية مشروعة، وهذا ما ورد في رواية صحيحة عن الإمام الجواد "إنما شُرّعت التقية ليحقن بها الدم، فإذا بلغت الدم فلا تقية" فلو افترضنا أن إنسانا إمامياً أُكره على قتل إمامي آخر، فإن قتله نجى من القتل، وإن لم يقتله قُتل هو، فالتقية هنا لا جدوى فيها لأن القتل سيتحقق على كل حال، فإذا كانت التقية لا تحقن الدم فلا مشروعية لها.
الاستثناء الرابع: وهو محل خلاف بين العلماء الأعلام، وقد أشرت إلى ذلك في بعض محاضراتي في محرم الحرام، وهو أنه لو أكره المؤمن على التبري من أمير المؤمنين علي ، «والمقصود أنه أُكره على التبري اللفظي وليس التبري القلبي؛ لأنه التبري القلبي لا يمكن الإكراه عليه فلا يجوز وإنما الكلام فيما لو أكره على التبري اللفظي» فإن بعض علمائنا كسيدنا الخوئي قدس سره استفاد من الروايات أنه لا تجوز البراءة من علي براءة لفظية حتى في حال التقية والإكراه، بينما ذهب بعض العلماء الآخرين ومنهم السيد الإمام الخميني قدس سره إلى أن أدلة التقية هي عامة تشمل هذا المورد، فلو أُكره على التبري اللفظي لجاز له ذلك من باب التمسك بأدلة التقية، فهذا خلاف بين العلماء نتيجة اختلافهم في فهم النصوص الواردة في مقام التبري من الإمام أمير المؤمنين .
السيد منير الخباز
أرسل استفسارك