الأسماء والصفات الإلهية
فريد - الجزائر - 15/11/2014م
ما المقصود بالأسماء:

{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ}، {الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}، وهل أسماءه هي صفاته فتكون عين ذاته

أرجو منكم جوابا تفصيليا عن بحث الأسماء والصفاتو ما معنى الحديث:

وما معنى الحديث:

الإحتجاج: عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت: ”الله“ مما هو مشتق؟ قال: يا هشام ”الله“ مشتق من إله، وإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر

ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر «1» وعبد اثنين، ومن عبد المعني دون الاسم فذلك التوحيد.

وما معنى: في الزيارة الجامعة:

”بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي، ذِكْرُكُمْ فِي الذَّاكِرِينَ وَأسْماؤُكُمْ فِي الاَسماء وَأَجْسادُكُمْ فِي الاَجْسادِ وَأَرْواحُكُمْ فِي الارْواحِ وَأَنْفُسُكُمْ فِي النُّفُوسِ وَآثارُكُمْ فِي الاثارِ وَقُبُورُكُمْ فِي القُبُورِ؛ فَما أَحْلى أَسْمائكُمْ وَأَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ وَأَعْظَمَ شَأْنَكُمْ وَأجَلَّ خَطَرَكُمْ وَأَوْفى عَهْدَكُمْ وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ!“

وأسألكم الدعاء
الجواب

ما المقصود بالأسماء: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ، ﴿الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ، وهل أسماءه هي صفاته فتكون عين ذاته

بسم الله الرحمن الرحيم

في تفسير قوله تعالى ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا يوجد رأيان:

الرأي الأول: أن المراد بالأسماء هو جميع اللغات التي يُرمز بها إلى جميع الموجودات في هذا الكون؛ بلحاظ أن الله عز وجل لمّا جعل آدم خليفة في إدارة الأرض وقال ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فإن مقتضى الخلافة أن يكون الخليفة على إحاطة بجميع الرموز التي من خلالها يكتشف موجودات الأرض وكيفية التحكم والسيطرة عليها، فكان تعليم الأسماء مقدمة ضرورية لمقام الخلافة، وقد وردت بذلك رواية عن الإمام الرضا .

الرأي الثاني: أن المقصود بالأسماء هو المسميات، وليست هي ألفاظاً أو إشارات أو رموز، وإنما المقصود بالأسماء هي أنوار كانت محيطة بالعرش رآها آدم فكان مشغولاً بمعرفة حقيقة هذه الأنوار وكنهها، فلذلك حينما جعل الله آدم خليفة لإدارة الكون، وكانت خلافته تقتضي أن يكون عارفاً بأسرار هذا الكون، ومن أهم أسراره هو معرفة الحقائق النورية المحيطة بعرش الله عز وجل لذلك علمه الله حقيقة تلك الأنوار، فالأسماء هي حقائق وجودية محيطة بساق العرش، والشاهد على أنها حقائق وجودية عاقلة التعبير عنها بضمير العقلاء حيث قال ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ فإن ظاهر التعبير أنها ليست مجرد رموز وألفاظ وإلا لما صح التعبير بقوله ﴿هَؤُلَاءِ المفيد إلى أن المشار إليه وجودات عاقلة. وهذا ما تؤكده الروايات الشريفة من أن آدم رفع رأسه عندما هبط على الأرض ساجداً فرأى الأنوار المحيطة بالعرش، فسأل ربه عنها، فأجابه بأنها هي أنوار محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، وقد وردت بذلك أيضاً عدة روايات.


وما معنى الحديث: الإحتجاج: عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت: ”الله“ مما هو مشتق؟ قال: يا هشام ”الله“ مشتق من إله، وإله يقتضي مألوها، والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر «1» وعبد اثنين، ومن عبد المعني دون الاسم فذلك التوحيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

إن مفاد هذا الحديث هو أن هناك بين العبد وبين الذات المقدسة وهي الله عز وجل صورة مشيرة لتلك الذات، فالعبد لا يمكن أن تتوجه نفسه للذات المقدسة مباشرة، وإنما تتوجه نفسه للذات المقدسة عبر صورة يتصور بها الذات المقدسة فيشير بروحه وقلبه إلى تلك الذات، وهذه الصورة التي ترتسم في ذهن الإنسان هي المعبر عنها بالإله؛ لأن المقصود بالإله هو مورد العبادة، والإنسان المتأله هو الإنسان المتوجه إلى مورد العبادة وهي تلك الصورة المرتسمة في ذهنه، إلا أن هذه الصورة المعبر عنها بالإله تشير إلى مألوه أي تشير إلى مسمّى وراءها:

  • فإن كان مصب عبادة الإنسان هذه الصورة فقد كفر؛ لأنه لم يعبد الذات المقدسة نفسها.
  • وإن كان مصب عبادته كليهما فقد أشرك.
  • فلابد أن يكون مصب عبادته هو المشار إليه أي الذات المقدسة وليست الصورة المشيرة إليها المعبر عنها في ذهن الإنسان بالإله.

و ما معنى: في الزيارة الجامعة: ”بِأَبِي أَنْتُمْ وَأُمِّي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي، ذِكْرُكُمْ فِي الذَّاكِرِينَ وَأسْماؤُكُمْ فِي الاَسماء وَأَجْسادُكُمْ فِي الاَجْسادِ وَأَرْواحُكُمْ فِي الارْواحِ وَأَنْفُسُكُمْ فِي النُّفُوسِ وَآثارُكُمْ فِي الاثارِ وَقُبُورُكُمْ فِي القُبُورِ؛ فَما أَحْلى أَسْمائكُمْ وَأَكْرَمَ أَنْفُسَكُمْ وَأَعْظَمَ شَأْنَكُمْ وَأجَلَّ خَطَرَكُمْ وَأَوْفى عَهْدَكُمْ وَأَصْدَقَ وَعْدَكُمْ!“


بسم الله الرحمن الرحيم

إن لهذه العبارة عدة معاني:

المعنى الأول: إن المقصود الإشارة إلى البروز بمعنى أن أسماءكم بارزة بين الأسماء وقبوركم بارزة بين القبور، ولذلك عقبها بقوله «فما أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم».

المعنى الثاني: إن المقصود الإشارة إلى الولاية التكوينية، أي أن لهم ولاية نافذة في كل شيء بواسطة أسمائهم وأجسادهم وقبورهم، فكل ما يرتبط بهم من أسماء وقبور وأجساد مؤثر في الأشياء الأخرى قبوراً أو أجساداً أو غير ذلك.

المعنى الثالث: الإشارة إلى الوجود النوري؛ فإن أول ما خلق الله أنوار أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين، فقال في الزيارة «خلقكم الله أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين» وخلق من أنوارهم كل شيء، فمن نور أسمائهم أنارت الأسماء، ومن نور أجسادهم صنعت الأجساد، ولاشيء في الكون من أصغر ذرة إلى أعظم مجرة إلا وهو راجع لفضل نورهم صلوات الله وسلامه عليهم.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك