نسبة الظلال في القرآن
ღmemoღ السلطان - 01/02/2010م
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد

سيدنا، ذكرتم في محاضرة ان الهدى والضلال من الله، وهو امر نستفيده من سياق الايات الكريمة التي استشهدتم بها، لكن ان ننسب الافكار السيئة والخيرة الى الله لانه مصدر الفيض فهو امر اجده يعارض صريح الايات والنصوص، فاما الايات:

«قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء»

«مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ»

واما النصوص:

ففي الدعاء المعروف بدعاء ابي حمزة الثمالي «خيرك الينا نازل وشرنا اليك صاعد ولم يزل ملك كريم.. الخ» كما وصفت الضلالة من عمل الانسان والشيطان فلا يستقيم ان يكون الله مضل كما ان الشيطان مضل:

«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً» «وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً».

اذا الضلال فعل ادمي، ووجه الاعتراض ليس ان الله يضلهم بعد ضلالهم، فحجب الفيض وانقطاعه عنهم موجب لضلالهم، ولتلبس الشيطان لهم، من دون ان يكون هناك تصورات ذهنية تورد للانسان من الله عزوجل، فهو مصدر للنور، كل النور، وانقطاع النور يوجب الظلمة، كما ان انقطاع الرحمة يوجب الضياع والضلال، فقال يضل مجازا لا واقعا، وهذا المعنى موجود ايضا في دعاء الصباح «الهي ان لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك في واضح الطريق» فانقطاع الرحمة وواسطة الفيض الالهي موجب للضلال «وان اسلمتني اناتك لقائد الامل والمنى فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى وان خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك الى حيث النصب والحرمان»
الجواب

ج - لا إشكال في نسبة القرآن الظلال لله عز وجل كما في قوله تعالى: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وقوله: ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا وقوله: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ وإنما البحث في المراد منه وبيان المراد منه بأمرين:

أ - إن الهداية تفضليه كما في قوله عز وجل ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِبينما الظلال عقوبة سواء قلنا إن تقابل الهدى والظلال تقابل الضدين أو تقابل الملكة والعدم، فإنه عقوبة لإصرار من العبد على الذنب قال الله عز وجل﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فلإظلال من الله عقوبة على ذنب العبد وما ذكرناه يشمل الظلال بسائر مراتبه ودرجاته.

ب - إن للظلال درجات ومراتب منها انصراف النفس عن التفاعل مع النور وهنا يكون الظلال أمراً عدميا وهو عبارة عن انقطاع الفيض والمرد من الله عز وجل كما قال ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا وهو المعبر عنه بقسوة القلب﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِومنها وجود الأفكار الضالة في ذهن الإنسان وهنا يكون الظلال أمراً وجودياً فكما أن الهدى فكر في ذهن الإنسان فكذلك الظلال، ومن الواضح أن الوجود كما يصنع نسبته للعبد نسبته لله فالله مصدر لأنه نوع من الوجود وإفاضة الوجود من الله عز وجل - ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ويصح نسبته للعبد لأنه هو الواسطة في الفيض الإلهي لأنه بإرادته كان ذهنه وعاءاً للفكر الظلال وهذا ليس ظلماً من الله لأنه إفاضته فرع إرادة العبد.

ومنها السلوك الخارجي الذي قد يكون مطابقاً للهدى وقد يكون مطابقاً للظلال.

السيد منير الخباز
أرسل استفسارك