نص الشريط
بحث في مسائل القدر جـ8
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
المكان: مسجد الإمام علي (ع) بالقطيف
التاريخ: 9/9/1429 هـ
مرات العرض: 3245
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (1160)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ «1» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «2» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ «3» تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ «4» سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ

حديثنا في مطالب السورة المباركة وهي سورة القدر في عدة أمور:

الأمر الأول:

تعرضت النصوص الشريفة إلى المراحل التي يمر بها وجود الشيء فقد ورد في الرواية المعتبرة ”إن الله إذا أراد شيء قدره وإذا قدره قضاه وإذا قضاه أمضاه“ وورد في رواية معتبرة أخرى "علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى، فأمضى ما قضى وقضى ما قدر وقدر ما أراد فعلمه كانت المشيئة وبمشيئته كانت الإرادة وبإرادته كان القدر وبقدره كان القضاء وبقضائه كان الإمضاء فلله تعالى البداء فيما شاء فإذا قضى بالإمضاء فلا بداء، مضمون هذه الروايات أن الصراط الوجود ونظام الوجود يمر بمراحل:

المرحلة الأولى مرحلة العلم:

كما ذكرنا فيما سبق أن الله تبارك وتعالى علمه بالموجودات هو عبارة عن حضور الموجودات لديه وحضور الموجودات في ملكه قد يكون حضوراً إجمالياً فعلمه بها علم إجماليٌ وقد يكون حضوره تفصيلياً فعلمه بها علم تفصيليٌ.

المرحلة الثانية مرحلة المشيئة:

فبعلمه كانت المشيئة، المشيئة هي قسم من العلم، المشيئة هي عبارة عن العلم بالصلاح، الله تبارك وتعالى حيث علم بأن مصلحة الوجود وبأن مصلحة الكون تقتضي أن يكون لهذا الكون ولهذا الوجود نظام دقيق معين كما في قوله تعالى: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ علمه بأن المصلحة العامة تبتني على هذا النظام الدقيق الذي وضعه علمه بالمصلحة يعبر عنه بالمشيئة، فبعلمه كانت المشيئة، ثم يصل الأمر يصل إلى المرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة مرحلة الإرادة:

وبمشيئته كانت الإرادة، الإرادة غير المشيئة، ورد في الرواية المعتبرة عن الإمام الصادق ”إنما إرادته إحداثه“ الإرادة ليست من العلم، المشيئة من العلم، الإرادة مرحلة بعد العلم، الإرادة: هي عبارة عن تهيئة الأسباب والمقتضيات، مثلاً: فلان يريد الله أن يوفقه للعمل فهذه إرادة أو أراد الله أن يؤجده في بطن أمه يهيئ الأسباب لوجوده في بطن أمه، تهيئة الأسباب المادية لوجود أي شيء أو الأسباب المعنوية إذا كان وجوده يرجع إلى أسباب معنوية تهيئة الأسباب التي تقتضي الوجود والتحقق يعبر عنه بالإرادة فبمشيئته أي بعد علمه بالمصلحة هيأ الأسباب التي تقتضي هذا الوجود الذي يبتني عليه المصلحة ”فبعلمه كانت المشيئة وبمشيئته كانت الإرادة“.

المرحلة الرابعة مرحلة القدر «التقدير»:

ذكرنا فيما سبق أن الله إذا أراد وجود شيء مادي وضع له قدر، لا يوجد شي في عالم المادة إلا مقدر بأقدار معينة، له جسم معين له نسب معين له مكان معين له زمن معين، إذاً إذا أراد وجوده قدر، وضع له أقدار وحدود قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍقال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ، إذاً وبإرادته كان التقدير، وضع الحدود والتقادير لوجود هذا الشيء، وبتقديره كان القضاء.

المرحلة الخامسة: مرحلة القضاء:

مرحلة القضاء يعني إفاضة الوجود قال تعالى: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ يعني أوجدهن أفاضهن بهذا النحو.

المرحلة السادسة مرحلة الإمضاء:

مرحلة الإمضاء هي مرحلة عقلية انتزاعية، هي عبارة عن ما يعبر عنه في الفلسفة بالوجوب اللاحق، الملا هادي السبزواري «رحمه الله» في منظومته في الفلسفة يقول: ”ثم وجوب لاحق مبين فبالضرورتين حف الممكن“، معنى هذا الكلام أن كل ممكن محفوف بوجوبين:

1/ وجوب سابق 2/ وجوب لا حق، كيف؟

مثلاً: الأفعال الطبيعية احتراق الجسم يمكن أن يقع ويمكن أن لا يقع، لكن إذا تمت علته لازم يقع، قبل أن تتم علته هو ممكن أو غير ممكن، لكن إذا تم سببه وجب أن يقع، فإذا قرب هذا الجسم من النار والنار كانت بدرجة حارقة تم السبب للاحتراق، تمامية السبب يعبر عنه بالوجوب السابق يعني أن هذا السبب بتماميته يقتضي حدوث المسبب والاحتراق، اقتضاء السبب لحدوث المسبب يسمى بالوجوب السابق، وإذا حدث المسبب ولم يتخلف عن سببه فهذا يسمى بالوجوب اللاحق، إذاً الوجوب اللاحق وهو عبارة عن عدم تخلف المسبب عن سببه هذا يعبر عنه بمرحلة الإمضاء ”فإذا قضى أمضى“ يعني لم يتخلف المسبب عن أسبابه فإذا قضاه أمضاه وبقضائه كان الإمضاء ”ولله البداء“

قبل الوصول إلى مرحلة إفاضة الوجوب الله له البداء قال تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ أما إذا وصلت المرحلة إلى مرحلة الوجود فإذا قاضاه بالإمضاء فلا بداء يعني إذا تم المسبب ولم يتخلف المسبب عن سببه فلا مجال حينئذ للبداء.

الأمر الثاني:

البداء يرتكز على أمور ثلاثة:

1/ الإيمان بأن الأقضية والأقدار في عالم المادة متزاحمة:

أؤمن بأن عالم المادة عالم أقدار متزاحمة يعني كل شيء حوله عدة أقدار وهذه الأقدار متزاحمة وكل قدر يريد أن يؤثر في هذا المخلوق تزاحم الأقدار حول الموجود المادي، وقد ذكرنا فيما سبق أنه هذا الإنسان الذي خلق بصلابة جسمه تقتضي ببقائه مئة سنة فهذا قدر، ووجدوه ملوثة تقتضي انخساف عمره فهذا قدر ثاني فهنا الأقدار متزاحمة، قدر يقتضي البقاء وهي صلابة جسمه وقدر يقتضي الفناء وهو تلوث البيئة هذه الأقدار متزاحمة في عالم المادة.

2/ الإيمان بأن الأسباب المؤثرة في عالم المادة لا تنحصر بالأسباب المادية بل تشمل الأسباب المعنوية:

قال تعالى: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ «79» وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ «80» وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ لا تنحصر الأسباب في حدوث الأشياء بالأسباب المادية، الأسباب المادية مؤثرة لكن لا ينحصر التأثير في الأسباب المادية، هناك أسباب معنوية، قد تشرب الماء الملوث ويصاحبك عملٌ كصلة رحم كصدقة كدعاء يدفع عنك المرض، وقد تمرض وتشرب ألف دواء ولا تشفى وإنما تشفى بتربة الحسين ، حضي بثلاث ما أحاط بمثلها نبي فمن زيد هناك ومن عمرو، وفيه رسول الله قال وقوله صحيح صريح ليس في ذلكم نكرُ حضي بثلاث يعني الحسين ، ما أحاط بمثلها نبي فمن زيد هناك ومن عمرو له تربة فيها الشفاء وقبة يجاب بها الداعي إذا مسه الضر وذرية ذريةٌ منهم تسعة أئمة حق لا ثمانِ ولا عشرُ.

إذن لا تنحصر الأسباب المؤثرة في عالم الوجود بالأسباب المادية فقد تكون أسباب معنوية، أنظروا إلى القرآن الكريم دقيق في الإشارة إلى الأسباب المعنوية، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً " ما معنى هذا الكلام؟ يعني إذا التقيتم بهم فإن الله يصورهم لكم قلة مع أنهم كثرة يصور المشركين في أعين المؤمنون قلة فيتحمس المؤمنون للقتال﴿إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً يجعلهم قليل وبالعكس يصوركم في نظر المشركين ضعاف لا يحتاج إلى قتالكم ويقللكم في أعينهم، إذاً يعطي الحماس للمؤمنين ويبرد الحماس في نفوس الكافرين، أسباب معنوية تجعل المؤمنين مستميتين للقتال وتجعل المشركين متخاذلين عن القتال ويتم النصر لصالح المؤمنين قال تعالى: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ «1» وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا «2» فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا.

أسباب معنوية ولأجل ذلك قال في آية أخرى ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " وقال: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً بالعكس الله أعطاهم طاقة من القتال والإرادة، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، إذاً الأسباب المعنوية مؤثرة.

3/ أن لإرادة الإنسان دخلاً في تغيير القضاء:

أنا بإراداتي قد أحول حياتي من مطيع إلى عاصي، من أهل الجنة إلى أهل النار وبالعكس، إرادتي تتدخل قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ لولا الاعتقاد بالبداء لأصاب الإنسان الإحباط والفشل، أنت تستطيع أن تغير حياتك بإرادتك وهذا عنصر أساسي في الإيمان بالبداء إرادتك دخيلة لا يصيبك الإحباط والفشل، ولذلك ورد في الرواية " ما عُبدَ الله بشيء مثل البداء، البداء عبادة لأنك تعتقد البداء اعتقاد أن الله قادر على تغيير كل شيء ولا يقف أمام قدرته شيء.

الأمر الثالث:

﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْركناية عن عظمة هذه الليلة وبركتها، الآن يأتي تفسيرها، ما معنى ليلة القدر؟ ليلة القدر خير من ألف شهر، ورد عن الصادق ”عبادة ليلة القدر خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة قدر“ لأنها الليلة المباركة، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْله مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ.

ما هي ليلة القدر؟ ورد عن الصادق في معتبرة حماد بن عثمان ”اطلبها في تسع عشر وإحدى وعشرين وثلاثٍ وعشرين“ يعني اطلبها في ثلاث ليالي، الله رددها بين الليالي الثلاث لكي يجتهد في العبادة والوصول إلى الله تبارك وتعالى، وقد ورد في رواية أخرى ”ليلة التاسع عشر فيها التقدير تقدر الأرزاق والآجال والحياة والموت وليلة إحدى وعشرين فيها القضاء والإبرام وليلة ثلاث وعشرين فيها الإمضاء“ فأنت بين هذه الليالي الثلاث تجتهد في العبادة والقرب من الله تبارك وتعالى، تكون نجاة لك من النار وجنة من لفح جهنم، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «2» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ «3» تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍيعني بأمر من ربهم تتنزل الملائكة من كل أمر، يعني لأجل القيام بكل أمر، ملائكة الرزق تنزل لأجل الرزق ملائكة الحياة والموت تنزل لأجل الآجال ملائكة الرحمة تنزل لإفاضة الرحمة، ملائكة كل أمر تنزل هذه الليلة، وقد ورد في الرواية ”إن الأرض لتضيق بالملائكة الذين ينزلون عليها هذه الليلة“.

﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ”ما معنى الروح؟ يتبادر إلى الذهن إلى أن الروح هي جبرائيل لأن القرآن قال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ «193» عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ“، في الرواية المعتبرة لأبي بصير عن الإمام الصادق قال له ”أليس الروح جبرائيل، قال إن جبرائيل من الملائكة والروح أعظم شأن من الملائكة، وقد قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ يعني أن الروح غير الملائكة“، جبرائيل من الملائكة، إذاً ما هي معنى الروح؟ نلاحظ آيات تتحدث عن الروح مثل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وقوله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ " يعني خمسين ألف سنة ضوئية، وقال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّيوقال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا وقال تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقال تعالى: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، آيات كثيرة تتكلم عن الروح.

فما هي الروح؟ الروح مبدأ الحياة، نلاحظ الآية المباركة﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّييعني الروح من قسم الأمر، ما هو الأمر؟ القرآن يفسر بعضه بعضا، الأمر تفسره آية أخرى قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُأمره هو كلمة الحياة، فبما أن الروح من أمر الله إذاً الروح هي مبدأ الحياة، أمره كلمة الإيجاد، وبما أن الروح مبدأ الحياة هناك مخلوق أعظم شأن من الملائكة جعله الله واسطة لإفاضة الحياة يسمى الروح، فالملائكة تدبر الحياة لكنها تأتي من الروح﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَالما أراد الله أن يفيض الحياة في بطن مريم ويحول خلية من خلايا جسم مريم بدون لقاء ذكر إلى إنسان زكي لما أراد الله إفاضة الحياة في بطنها جاء هذا المخلوق الأعظم وكان واسطة في إفاضة الحياة على تلك الخلية.

وهذا المخلوق له شؤون عديدة ومنها تأييد الأنبياء ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ومن شؤونه تأييد المؤمنين قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ، ومن شؤونه أن يستعين به جبرائيل في إفاضة القرآن الكريم على قلب النبي محمد قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا، إذاً ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ يعني جميع الأمور.

الأمر الرابع:

الملائكة، الملائكة وسائط في التدبير قال تعالى: ﴿وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وسائط في تدبير المطر والرياح والأرزاق والآجال، جاعل الملائكة رسلاً بينه وبين البشر وكل ملك حسب وظيفته قال تعالى: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ الملك له مقام معين، وهناك بعض الملائكة رئيس وتحته ملائكة يمتثلون لأمره كما قال في حق جبرائيل.

قال تعالى: ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ مطاع: يعني جنبه ملائكة تطيعه وتمتثل لأوامره، وهناك ملائكة المسمون بالروحانيين هؤلاء مقيمون عند العرش قال تعالى: ﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ «20» يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ”الملائكة المحيطة بالعرش هم الملائكة الروحانيون، وقد ورد في الرواية لما قُتل الحسين نزل أربعة آلاف من الملائكة الروحانيين المحيطين بالعرش فهم شعثٌ ربغٌ عند قبره إلى أن تقوم الساعة يستغفرون لمن يزوره، محاط بالملائكة الروحانيين، إذاً الملائكة على أقسام على ألوان وأصناف هؤلاء الملائكة ينزلون ليلة القدر﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِرَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍورد عن النبي محمد “ إن أخي لجبرائيل لينزل ليلة القدر بأربعة ألوية من الملائكة، فيضع لواء عند قبري ولواء في بيت المقدس ولواء في طور سيناء ولواء في.....، ولا تمر بمؤمن ولا بمؤمنة هؤلاء الملائكة إلا وسلموا عليه واستغفروا له في ليلة القدر إلا شارب الخمر وآكل لحم الخنزير وعاق والديه "، إذا تمر به وهو عاق لوالديه خسر تلك الليلة العظمية، ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِليلة كلها رحمة فالمذنب يغفر له والمريض يكتب له الشفاء والأسير يرجى له العفو ليلة كلها رحمة ليلة كلها سلام وفضل ونعمة من الله، ما على العبد إلا يقترب، اقترب ليلة القدر من هذا البحر الفياض بحر الرحمة والفضل والعطاء تحصل على قطرة ورشحه من رحمته وسلامه وبركته تبارك وتعالى فهي ليلة مباركة.

الملائكة ينزلون من العرش والسماوات العلى إلى من له علاقة بالعرش وإلى من له علاقة بالسماوات العلى ومن له علاقة بهذا الكون، والرواية تقول ينزلون على إمام الزمان، كل إمام زمان بحسبه، وفي هذا الزمان ينزلون على الحجة بن الحسن «عج» لأن بيدهم مفاتيح التصرف في هذا الوجود، سليمان يقول لوزرائه قال تعالى: ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ «38» قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ «39» قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ.

دعاء عيد الفطر والجمعة
أصالة الأخلاق