نص الشريط
الدرس 105
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 15/6/1435 هـ
مرات العرض: 2546
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (837)
تشغيل:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

وصل الكلام إلى أنّ الضميمة في النية إذا كانت محرمة فتارة تكون متحدة مع العمل وتارة لا تكون متحدة، وإذا كانت متحدة فهنا أنواع ثلاثة: أن تكون الضميمة في أصل العمل، وأن تكون الضميمة في جزء العمل، وأن تكون الضميمة في المستحب، فالكلام فعلاً فيما إذا كانت الضميمة في جزء العمل، كما إذا أتى بالركوع أو بالقراءة بقصد القربة وبقصد الرياء مثلاً، فهنا ما هو الحكم؟

في المقام عدّة موارد للبحث:

المورد الأوّل: هو البحث حول الميزان في الزيادة، والبحث حول الميزان في الزيادة، فيه تفصيلان:

التفصيل الأوّل: ما ذهب إليه المحقق الهمداني «قده» - كما ذكرنا أمس - من أنّ قوله «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» لا يشمل الزيادة البقائية، وإنما ينصرف للزيادة الحدوثية، ومضى الكلام في ذلك

التفصيل الثاني: ما ذهب إليه سيّدنا «قده» إذا كان الجزء هو الركوع أو السجود فالزيادة حاصلة بوقوعهما سواء قُصد بهما الجزئية أو لم يُقصد، بينما إذا كان الجزء هو القراءة أو التشهد او السلام، فإنّ الزيادة حينئذ منوطة بقصد الجزئية، وسرّ هذا التفصيل الذي ذهب إليه هو الاعتماد على الرواية.

قال في جزء 18 من هذه الموسوعة صفحة 9: إنّه لا يتصف شيء بالزيادة إلّا مع قصد الجزئية إلّا في السجود ونتعدى للركوع بالاولوية القطعية وإن كان النص خاصا بالاول فلا تجوز زيادة الركوع في الصلاة ولو كان بعنوان التعظيم، يعني اتى بالركوع تعظيما لا بقصد الركوع الصلاتي فإن زيادة السجود صورة لو كانت قادحة فالركوع الذي هو ركن بطريق أولى»، ما هو المستند في ذلك؟ بأن نقول الركوع والسجود زيادة وإن لم يكن بقصد الصلاة، روايتان:

الرواية الأولى: رواية زرارة عن أحدهما «عليهما السلام» باب 40 من ابواب من القراءة في الصلاة حديث 1 «لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم فإنّ السجود زيادة في المكتوبة». وظاهره أنّ سجود التلاوة زيادة في الصلاة، مع أنّ سجود التلاوة لا يُقصد به السجود الصلاتي ومع ذلك اعتبره الامام زيادة، فيُتعدى منه أيضا إلى الركوع، وهو ما لو اتى بالركوع بقصد التعظيم مثلاً، أو اتى بالركوع بقصد التذلل مثلا لا بقصد الركوع الصلاتي فإنه يكون زيادة في الصلاة أيضا.

لكنّ الذي يهون الخطب - بحسب تعبيره صفحه 9 من هذا الجزء - أنّ الرواية ضعيفة السند وإن عبر عنّها الهمداني بالحسنة، وغيره بالمصححة - يقصد السيد الحكيم - فإنّ في الطريق - أي في طريقها - القاسم بن عروة ولم يُوثق، نعم وثقه المفيد في بعض الكتب المنسوبة إليه وهي المسائل الصاغاتية، ولم يُثبت نسبتها إلى الشيخ المفيد كي يُعتمد على التوثيق.

وروى عنه ابن ابي عمير، ولكن رواية ابن ابي عمير عن شخص بنظر سيّدنا «قده» ليست مناطا للوثاقة، فالنتيجة: أنّه لم يثبت وثاقة القاسم بن عروة، فهذه الرواية لا يصح الاستدلال به.

بقي في المقام روايتان معتبرتان - هو يقول - لا بأس بالاستدلال بهما على المطلوب ألّا وهو أنّ الزيادة تتحقق بأي سجود أو ركوع وإن لم يقصد بهما الجزئية، إحداهما صحيحة علي بن جعفر التي يرويها صاحب الوسائل عن كتابه - أي عن كتاب علي بن جعفر - وطريقه إلى الكتاب صحيح كما في الخاتمة، وأمّا الطريق الآخر الذي يرويه عن قرب الاسناد فهو ضعيف لاشتماله على عبد الله بن الحسن ولا توثيق له، المهم نحن نعتمد على احد الطريقين، قال: - في صحيحة علي بن جعفر - «سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم ايركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟ - ما هي الوظيفة هل يتركها ويمضي أي لا يسجد سجدة التلاوة «ايركع بها» أي لا يسجد سجدة التلاوة، يعني ينتهي من السورة ثم يركع ويمضي في صلاته بعد الصلاة يقضي سجدة التلاوة، أو أنّه يسجد الآن سجدة التلاوة ثم يقوم لصلاته - ايركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها - يقرأ سورة ثانية -؟ قال : يسجد سجدة التلاوة ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع، وذلك زيادة في الفريضة» فالسيّد الخوئي ارجع اسم الاشارة «وذلك زيادة في الفريضة» إلى سجود التلاوة الذي أُمر به، قال سجود التلاوة الذي أُمر به زيادة - «وذلك زيادة في الفريضة» ولا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة.

فالسيّد الخوئي «قده» كأنّما يرى أنّ هذه الرواية سند تام إلّا أنّ سجود التلاوة زيادة في الفريضة وبه يُتعدى إلى أي سجود وركوع وإن لم يكن بقصد الجزئية.

ولكن عند المراجعة كما أشار إلى ذلك شيخنا «رحمه الله» - الشيخ مرتضى البروجردي المقرّر والمعلّق - ذكر في صفحة 305 من جزء 14، ذكر هناك هذه الجملة وهي «وذلك زيادة في الفريضة» التي تعكّز عليها السيّد الخوئي، هذه الجملة أثبتها صاحب الوسائل نقلا للرواية عن قرب الاسناد وكتاب علي بن جعفر، وعن كلا المصدرين ثبت هذه الجملة «وذلك زيادة في الفريضة».

لكنّ العلامة المجلسي اوردها في البحار جزء 82 صفحة 171 نقلا عن الكتابين «قرب الاسناد وكتاب علي بن جعفر» خالية عنها، كما أنّ كتاب قرب الاسناد بطبعتيه الحجرية والنجفية خالية عنها ليست موجودة فيها هذه الزيادة.

نعم هي موجودة - يعني صاحب البحار اختلف نقله - في ما نقله في البحار ج 10 ص 285 عن كتاب علي بن جعفر، نقلها مرّة أخرى عن كتاب علي بن جعفر مشتملة على هذه.

حينئذ إذا افترضنا أنّ صاحب الوسائل نقلها عن كتابي علي بن جعفر وقرب الإسناد بهذه الفقرة، وصاحب البحار له نقلان عن كتاب علي بن جعفر، أحدهما مشتمل على هذه الفقرة والآخر خال عنها، فقد بحثنا هذه المسألة مرارا، هل أنّ التعارض ثُلاثي او ثنائي، أي هل أنّ نقل صاحب الوسائل مع أحد نقلي صاحب البحار للزيادة، معارض لنقل صاحب البحار للنقيصة فيتساقطان، تعارض نقلان للزيادة مع نقل للنقيصة فيتساقطان والنتيجة هي عدم ثبوت هذه الفقرة التي هي العكاز في هذا المبنى العام للسيّد الخوئي.

أو يقال تعارض نقلا صاحب البحار، نقلها عن كتاب علي بن جعفر في جزء 82 بدون زيادة، ونقلها في جزء 10 مع الزيادة، فنقلا صاحب البحار يتعارضان ويتساقطان ويبقى نقل صاحب الوسائل بلا معارض وهو نقله للزيادة، وذكرنا فيما سبق المبنى المختار عندنا، وهو إن كان يُحتمل منشأ عقلائي لاختلاف نقل الشخص الواحد، يعني الشخص الواحد ينقل نقلين، لكن لكلا نقليه منشأ عقلائي، إن كان يُحتمل وجود منشأ عقلائي لاختلاف النقل من راو واحد أو شخص واحد كأن يُقال: إن اختلاف نقله لاختلاف النسخ التي وصلت إليه أو لاختلاف الطرق التي وصلت إليه، فبهذا الطريق مثلا كانت هذه الزيادة وبطريق آخر لم تكن هناك زيادة، إن كان هذا محتملا عرفا أنّ لاختلاف نقل الشخص الواحد مصححا ومنشأ عقلائيا فالتعارض ثلاثي لا محالة، فنقل صاحب البحار في جزء 82 بدون الزيادة معارض لنقلين: نقله للزيادة ونقل صاحب الوسائل، فمقتضى المعارضة التساقط وعدم ثبوت هذه الفقرة.

وأمّا إذا لم يكن هناك هذا الاحتمال، يعني احتمال غير عرفي، وأمّا اذا افترضنا أنّ احتمال منشأ عقلائي لاختلاف النقل من شخص واحد هذا الاحتمال غير وارد عرفا وموهوم عرفا، فلا محالة، لم يثبت لدينا ما هو المعلوم الحسي لصاحب البحار، وذلك لأنّ السيرة العقلائية لم تقم على موضوعية للإخبار، بمعنى أنّ للإخبار موضوعية وإنّما الموضوعية للمُخبر لا لنفس الإخبار، أي أنّ الموضوعية عند العقلاء للمعلومة الحسية في ذهن المخبر، بحيث لو اكتشفنا هذه المعلوم الحسية بغير إخباره لكانت حجة علينا، فإذا كانت الحجية للمعلوم الحسية التي في ذهن المخبر لا لاخباره فنتيجة تعارض نقلي صاحب البحار لا يُدرى ما هي المعلومة الحسية في ذهنه هل هي مع الزيادة أو بدونها؟ إذاً فدليل الحجية لا يشمل نقلي صاحب البحار فيشمل نقل صاحب الوسائل بلا معارض، وحينئذ تكون النتيجة بصالح السيّد الخوئي الذي استند إلى هذه الفقرة.

لكن على فرض اشتمال الروايتين على هذه الفقرة وحجيتهما، يعني رواية القاسم بن عروة ورواية علي بن جعفر، فقد يُشكل على الاستدلال برواية علي بن جعفر بأنّ الرواية متضمنة لحكم لا يقول به احد، يعني لحكم مخالف للضرورة وهو صحة صلاته، بأن يسجد أثناء الصلاة ثم يقوم ويستمر في صلاته، فلذلك السيّد الخوئي تخلصا من هذا الإشكال حمل الرواية على محمل آخر، قال: يستأنف الصلاة من جديد، يسجد سجدة التلاوة ثم يقوم ويكبر تكبيرة الإحرام ويستأنف الصلاة من جديد، فهل هذا يُستفاد من ظاهر الرواية؟ عبارة الرواية «قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع»، قال: تعبيره «يقرأ بفاتحة الكتاب» ظاهره أنّه استئناف يعني يكبر تكبيرة الإحرام ويقرأ بفاتحة الكتاب ويستأنف صلاته.

قال: فإنّ قوله «ثم يقوم فيقرأ» - ص 10 - كناية عن بطلان صلاته التي سجد فيها، أي يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة وإلّا لماذا يأتي بالفاتحة مرة أخرى، فانه لا خلل في الفاتحة التي قرأها لكي تحتاج إلى الإعادة، «ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع» نجري على ظاهر الرواية، ظاهر الرواية أنّه يسجد سجود التلاوة ثم يقوم ويقرأ فاتحة الكتاب ويستمر في صلاته، فهي ناظرة للاستمرار وليست ناظرة للاستئناف.

وثانيا: على فرض دلالة الروايتين وتماميتهما في اثبات أنّ سجدة التلاوة زيادة فالتعدي ما هو الوجه فيه، فما هو وجه التعدي؟ نقول: الشارع تعبدّنا في خصوص سجدة التلاوة بالزيادة باعتبار أنّها مستتبعة لجزء من اجزاء الصلاة؛ لأنّه إنما سجد سجدة التلاوة لأجل القراءة، فالشارع يقول بما أنّ سجدة التلاوة استتبعتها القراءة التي في الصلاة فهي زيادة في الصلاة، فاعتبارها زيادة في الصلاة لكونها من توابع ما قرأ في الصلاة، فهي زيادة في الصلاة، فالتعدي عن سجدة التلاوة إلى غير ذلك من الموارد مع أنّه خلاف مقتضى القاعدة، حيث إن مقتضى القاعدة تقوّم الزيادة في المركبات الاعتبارية بقصد الجزئية، بما أنّ هذا مقتضى القاعدة نخرج عنه بمقدار ما دل الدليل عليه، ومقدار ما دل الدليل عليه هو اعتبار سجدة التلاوة زيادة، ولعل وجه اعتبارها زيادة أنها من توابع الجزء لأنّها من توابع ما قرأ في الصلاة، وحينئذ فلا مجال أو لا نُحرز التعدي الى كل سجدة فضلاً إلى كل ركوع، وبالتالي هذا الاستدلال الذي بُني عليه هذه القاعدة الكلية محل تأمل.

فالصحيح في الزيادة: ما ذكرناه عدّة مرات أنّ الزيادة في المركبات الاعتبارية منوطة بقصد الجزئية أو الظرفية، حتى لو لم يقصد الجزئية ولكن قصد بالإتيان بعمل أن يكون في الصلاة، يعني أن تكون الصلاة ظرفا له، فإنّ هذا داخل تحت قوله «من زاد في صلاته فعليه الاعادة» هذا هو النزاع الأوّل في تحقيق الزيادة.

النزاع الثاني في محل الكلام، هنا تعرّض سيّدنا «قده» لمطلب السيّد اليزدي، وتعرّض له في الجزء السادس في باب الوضوء ص 11، قال: إذا اتى بجزء من اجزاء العمل العبادي بداعي الرياء، فإن اقتصر عليه فلا اشكال في بطلان عبادته؛ لأنّ الجزء المأتي به رياء ومحكوم بالبطلان، فهو كالعدم، والعبادة تقع باطلة إذا نقص منها جزء، وأمّا إذا لم يقتصر عليه وندم فكرره ولكن بداعي قربي الهي، فإن كان العمل ممّا يُبطل بزيادة جزئه مثل الصلاة، فإن الزيادة في الصلاة مبطلة، يُحكم ببطلان العبادة، مثلاً: لو سجد رياء ثم كرر السجدة كانت تلك السجدة زيادة مبطلة، وأمّا إذا لم يبطل العمل بالزيادة مثل الوضوء، مهما تزيد في الوضوء لا يبطل الوضوء، وأمّا إذا لم يبطل العمل بالزيادة فإن استلزم التكرار، مثلاً: غسل اليد اليمنى رياء ثم كررها بداعي قربي، إذا لم يستلزم التكرار البطلان من ناحية اخرى كفوت المولاة مثلا، إذا استلزم البطلان من ناحية أخرى فباطل.

إذا لم يستلزم، فحينئذ هل يُحكم ببطلان وضوئه أم لا؟ غسل اليد اليمنى رياء ثم كررها بداعي الهي، هل يُحكم ببطلان وضوئه أم لا؟ ذهب صاحب العروة إلى البطلان، تمسكا باطلاقات الاخبار الواردة في المقام، يعني في باب الرياء، فصاحب العروة استند إلى الكبرى والصغرى، هذا التفصيل لم يأت به عن صاحب العروة في خلل الصلاة، ولكن اتى به في نية الوضوء.

أمّا الكبرى فهي العمل الواحد لا يكون جامعا للقربة والرياء، سواء كان الرياء جزء من الداعي أو كان داعيا مستقلا او كان داعيا تبعيا أو كان داعيا أصليا، فجميع الصور الاربع التي ذكرناها أمس، كل الصور الاربع تدخل في البطلان، العمل الواحد لا يجمع بين الرياء والقربة، هذه الكبرى لصاحب العروة.

وأمّا الصغرى فهي أنّ المركبات الاعتبارية كالوضوء بمثابة العمل الواحد، قصد من غسل الوجه القربة وقصد من غسل اليد اليمنى الرياء، يُقال هذا العمل الواحد جامع للقربة والرياء يكون باطلاً، فهي إنّ المركب الاعتباري بمثابة العمل الواحد عرفا، وبالتالي فيكون باطلاً بمجرد أن يرائي في أحد اجزائه، بلا حاجة إلى الزيادة، حتى لو يزد شيئا فهذا العمل باطل.

وناقش فيه سيدنا «قده»... يأتي الكلام عنه إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين

الدرس 104
الدرس 106