نص الشريط
الدرس 17
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 11/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 17
مرات العرض: 2742
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (239)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق ان الاقرب لما هو الظاهر من اخبار من بلغ ان مفادها الوعد بالثواب المعين في مورد بلوغه، ولكن قد يشكل على ذلك باشكالين:

الأول: ان الثواب الموعود به اما تفضلي او استحقاقي، فان كان تفضلياً فما هو وجه تخصيصه بموارد بلوغ الثواب، فانّ مقتضى التفضل السعة والشمول سواء ورد الثواب في خبر ام لا، فمقتضى تفضله وامتنانه هو اعطاء الثواب، مع ان هذه الروايات ذكرت ان الثواب الموعود به انما هو في موارد بلوغ الثواب.

وان كان الثواب استحقاقيا بمعنى ان في العمل خصوصية تقتضي ترتب الثواب عليه اذا فترتب الثواب على العمل لأجل استحقاقه لا لأجل الوعد به فالوعد لا دخل له في ترتبه ما دام في العمل خصوصية تقتضي ترتب الثواب.

ولكن الجواب عن هذا الاشكال أنّ المختار هو الشق 1 وهو ان الثواب الموعود به في أخبار من بلغ الثواب التفضلي، غاية ما في الامر ليس التفضل على نحو الجزاف، فان التفضل القبيح هو الذي يصدر جزافا أي بدون ملاك، واما التفضل لملاك في التفضل نفسه وان لم يكن ملاك في متعلقه، ولكن كان في التفضل ملاك فهذا ليس جزافا كي يكون قبيحا، وهنا يتصور ملاك للوعد بالثواب والتفضل به اما ملاك في صفة المعطي، واما ملاك في صفة المعطى له، واما ملاك في موضوع الاعطاء، فقد يكون الملاك في الوعد بالثواب بيان عنايته تعالى بعبده وان مقتضى هذه العناية ان لا يخيب امله ولا يقطع رجاءه ففي أي مورد ورد فيه ثواب فأتى العبد بذلك العمل رجاءً لذلك الثواب فان الله لا يخيب امله، نظير من جاء بالحسنة فله عشر امثالها، فان ذلك وعد لملاك في نفس الوعد بلحاظ صفة في المعطي.

او ان هناك صفة في المعطى له وهو لو كان العبد منقادا لربه ومتتبعا لموارد الثواب طالبا ما فيها كان اهلا لان يوعد بالثواب الذي طلبه.

او صفة في مورد الاعطاء كما هو الظاهر من صحيحة ابن سالم من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله شيء من الثواب فعمله، حيث يقال لعل الملاك هو تعظيم النبي، وان من خصائصه ص انه لو بلغ ثواب عنه فان العبد يعطى ذلك الثواب وان كان رسول الله ص لم يقله تعظيما لمقام النبي صلى الله عليه واله.

اذا فيتصور ملاك في الوعد بالثواب مما يخرجه عن الجزاف ويبين لنا ما هو الوجه من تخصيص الثواب التفضلي بهذه الموارد.

الاشكال الثاني: ان ظاهر الفاء في قوله من بلغه شيء من الثواب فعمله انها فاء التفريع، وظاهر هذه الفاء النظر الى الانقياد، فكانه قال من بلغه شيء من الثواب فأتى به طلبا لذلك الثواب وهذه صورة للانقياد فمقتضى ظهور الصحيحة في النظر لفرض الانقياد عدم كون المحمول فيها هو الوعد بالثواب والسر في ذلك ان ترتب الثواب على الانقياد مما لا يحتاج الى بيان، فانه من المرتكزات الشرعية، القطعية البديهية ترتب الثواب على الانقياد، فاذا كان المنظور في الرواية هو فرض الانقياد فلو حملنا المحمول فيها وهو قوله كان له ذلك الاجر على الوعد لكان بيانا لما هو امر واضح بينما ظاهر هذه الصحاح والروايات المتعددة انها في مقام بيانٍ لولا بيانه لكان خفيا لا يصل اليه المتشرع بنفسه.

والجواب عن ذلك يبتني على مقدمتين:

الأولى: نحن عندما نقول بان ظاهر فاء التفريع فعمله النظر لفرض الانقياد، فليس المقصود بالانقياد يعني ان اخبار من بلغ خاصة بالخبر الضعيف أي انه ورد خبر ضعيف يتضمن ثوابا كقوله من فطر صائما فله كذا من الاجر، ثم جاءت اخبر من بلغ لتقول من بلغه شيء من الثواب يعني بخبر ضعيف فعمله يعني فعمله برجاء ذلك الثواب المحتمل فتختص الصحاح بالخبر الضعيف ويكون موردها الانقياد بمعنى العمل بداعي احتمال الثواب، هذا ليس المقصود جزما لأنّه لا اشكال انها تشمل الخبر الصحيح والضعيف، من بلغه أي بخبر صحيح او ضعيف، من بلغه بخبر صحيح او ضعيف شيء من الثواب فعمله كان له ذلك الاجر وان كان رسول الله لم يقله، والنتيجة انه قد يأتي بالعمل بداعي الثواب المحتمل وقد يأتي بالعمل بداعي الثواب الذي قامت عليه الحجة، اذا ليس مقصودنا بالانقياد المستفاد من فاء التفريع يعني العمل بداعي احتمال الثواب والا لاختصت بالخبر الضعيف

بل المقصود بالانقياد ما لا يشمل العمل بداعي الثواب المذكور في اخبار من بلغ، حيث قلنا فيما سبق ان هناك بلوغين للثواب بلوغ في رتبة سابقة على اخبار من بلغ، وبلوغ بنفس اخبار من بلغ، فقوله من بلغه شيء من الثواب فعمله، أي عمله بداعي البلوغ الاول، فلا تشمل هذه الفقرة فعمله أي فعمله بداعي الثواب الذي ذكر في نفس اخبار من بلغ، فان هذه الفقرة لا تشمل هذا الفرض

اذا ليس المقصود بالانقياد انحصار العمل بداعي احتمال الثواب فقد يكون الخبر البالغ صحيح فياتيه بداعي الثواب الذي قامت عليه الحجة.

النتيجة انه قوله فعمله لا يشمل من اتى بداعي الثواب المذكور في اخبار من بلغ وانما يختص بداعي الثواب الذي بلغ في رتبة سابقة عليها سواء كان بلوغه بخبر ضعيف او صحيح، وعليه فمفاد اخبار من بلغ بناءً على التفسير الذي استقربناه وعد الشارع بالثواب على كل مورد بلغ فيه الثواب سواء بلغ بخبر ضعيف او صحيح.

المقدمة 2: لو كان مفاد اخبار من بلغ الوعد باصل الثواب لقلنا ان هذا بيان ما هو واضح لأنّه من الواضحات ترتب الثواب على الانقياد، ولكن المدعى ان مفادها الوعد بالثواب المعين، الذي بلغ، فكانه قال كل مقدار بلغك من الثواب فانت موعود به اما لكرمه او لانك اهل له او تعظيما للنبي ص.

فحيث انها في مقام الوعد بالثواب المعين الذي لا يصل اليه العقل لو خلي وحده فحينئذٍ تضمنت بيان ما لولا البيان لكان امرا خفيا، فتحصل ان ما نستقربه من مفاد اخبار من بلغ ليس هو جعل الحجية، ولا الاستحباب النفسي للعمل او العمل الذي بلغ عليه الثواب، ولا الاستحباب الطريقي، وانما مفادها الوعد بالثواب المعين.

وهنا تنبيهان او تعقيبان يتعلقان بهذا المفاد.

الأول ما تعرض اليه صاحب المحكم حيث افاد بانه لا وجه للتشبث بحجية الظهور لتحديد موضوع الوعد لو كان مفاد الروايات هو الوعد فانه لا جدوى في ان نبحث هل ان ظاهر الروايات الوعد على ثواب معين ام مطلق الثواب، والوعد بالثواب المعين على خصوص الانقياد ام مطلقا، لانّه بناءً على ان مفاد اخبار من بلغ الوعد فهو امر تكويني وليس حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي، والحجية أي حجية الظهور انما هي متقومة بالمنجزية والمعذرية فان ابرز واوضح اثار الحجية المنجزية والمعذرية وانما يتصور المنجزية او المعذرية لو اردنا ان نستكشف بالظهور حكما شرعيا او موضوعا له، واما اذا كان المستكشف هو الوعد وهو امر تكويني صدر منه تعالى فحينئذٍ لا وجه للتشبث بان ظاهر الاخبار ان الثواب محدد وان موضوعه محدد فان هذا اعمال لحجية الظهور في مورد لا ثمرة فيه للحجية،

حيث ان الحجية متقومة بالمنجزية والمعذرية ولا معنى لهما في هذا الامر التكويني.

فان قلت: بان اثر الحجية تنفيذه تعالى لوعده وقبح تخلفه عن وعده فانه بما ان الظاهر حجية فمقتضى حجية الظاهر ثبوت الوعد ومقتضى ثبوت الوعد قبح التخلف عنه، فلابد له تعالى من الوفاء به فالثمرة المترتبة على الحجية تنفيذه لوعده.

قلت: اولا ان موضوع حسن الوفاء الوعد الصادر ولا ندري ان هناك وعدا ام لا، صحيح انا لظاهر حجة ولكن هذا لا يعني ان هناك وعدا في الواقع فلعل الظاهر يحتمل وعدا اخر، فموضوع التخلف الوعد الواقعي ولا نحرزه في المقام مضافا الى ان اثر الحجية في حق من قامت عنده لا في حق من ثبت كلامه فالظاهر حجة على من قام عنده هذا الظاهر لا انه حجة على من ثبت كلامه بهذا الظاهر كي يقال مقتض ظاهر الوعد انه ليس لك ان تتخلف عن وعدك، فان ظاهر حجية الظاهر المنجزية او المعذرية في حق من قام عنده الظاهر لا في حق من ثبت كلامه بهذا الظاهر.

الدرس 16
الدرس 18