نص الشريط
الدرس 19
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 15/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 19
مرات العرض: 2582
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (360)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

التنبيه الثاني من التنبيهات لمفاد اخبار من بلغ هو ان البلوغ هل يشمل البلوغ الضمني أي البلوغ بالمدلول الالتزامي أم لا، فمثلا اذا وردنا خبر يدل على الامر فقط، كما اذا ورد امر يدل على الامر بزيارة الحسين ولم يتضمن ذكر الثواب الا ان دلالته بالمطابقة على رجحان العمل دلالة بالالتزام على الثواب عليه، فهل تشمل ذلك فقرة من بلغه من الثواب على عمل أم لا.

فقد ادعي الشمول كما في المحكم وغيره، وذلك لوجوه ثلاثة:

الأول: ان عنوان بلوغ الثواب مطلق يشمل البلوغ الصريح والضمني.

ولكن هذا الوجه محل تأمل بلحاظ ان ظاهر قوله وان كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله ان الثواب مما قيل غاية الامر انه قد يكون ما قيل مطابقا للواقع وقد لا يكون مطابقا.

مضافا الى ان ظاهر من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله من الثواب او من سمع شيء من الثواب على شيء هو الدلالة بالمطابقة.

الوجه الثاني: ان يقال بان الظاهر اتحاد مرجع الضمير مع الضمير، فهنا عندما قال في صحيحة ابن سالم الأولى، من بلغه عن النبي صلى اله عليه واله من الثواب فعمله فهنا مرجع وهو الثواب، وضمير في قوله فعمله والظاهر اتحاد الضمير مع مرجعه بحسب المعنى، فمقتضى اتحاد الضمير مع مرجعه ان يراد بالثواب العمل، فكانه قال من بلغه عن النبي عمل ذو ثواب فعمله، أي فأتى به، فيكون المراد من كلمة الثواب العمل، لكي يتحد الضمير ومرجعه حيث ان الظاهر اتحادهما، اذ لا معنى لعمل الثواب نفسه.

اذا فمقتضى الاتحاد بينهما ان المراد بالثواب العمل، فاذا اريد به العمل شمل الثواب الضمني، لان منظور الصحيحة حينئذٍ من بلغه العمل، وهذا يشمل ما ورد فيه الثواب بالصراحة وما لم يرد فانه ما ادام قد بلغ العمل شملته هذه الصحيحة.

ولكن يلاحظ على ذلك: انه أولا: لماذا لا يعكس، فيقال ان المراد بالعمل طلب الثواب لا ان المراد بالثواب العمل، فيقال مضمون الصحيحة من بلغه من الثواب فعمله أي فطلبه، فلا يكون هناك اختلاف بين الضمير ومرجعه ويبقى مفاد الرواية ناظرا لبلوغ الثواب لا لبلوغ العمل.

وثانيا ان الاستخدام شائع في الاستعمالات العربية وهو ان يراد بمرجع الضمير ما لم يرد بالضمير مثل:

اذا نزل السماء بارض قوم رعيناه وان كانوا غضابا.

فلا مانع من ان يبقى الثواب على ظاهره والعمل على ظاهره.

الوجه ال 3 ان يدعى أن ظاهر السياق في قوله من بلغه عن النبي من الثواب فعمله ظاهر السياق الحث على الخير، والترغيب في الانقياد، ومقتضى هذا السياق ان لا خصوصية للثواب الصريح، فيشمل الثواب الضمني المدلول عليه بالالتزام.

ولكن دعوى السياق انما تنسجم اذا قلنا ان مفاد اخبار من بلغ حسن الانقياد او ان مفاد اخبار من بلغ الترغيب في تحصيل الثواب او ان مفادها الاستحباب الطريقي.

اما اذا قلنا ان مفادها الوعد بالثواب، فان مقتضى هذا المفاد ورود الثواب نفسه بالصراحة في الرواية كي يكون معناها الوعد بهذا الثواب الوارد.

او قلنا ان معناه الاستحباب النفسي لما بلغ عليه الثواب فلعل موضوع الاستحباب النفسي ما بلغ عليه الثواب بالمطابقة لا الالتزام.

اذا فدعوى السياق ليست تامة على سائر المباني.

فتلخص من ذلك ان دعوى شمول الروايات للثواب الضمني اول الكلام فما يتفرع على هذا التنبيه من التنبيهات محل تنظر..

التنبيه 3 هل تشمل اخبار من بلغ الخبر الدال على الوجوب او الحرمة او الكراهة ام لا، حيث قد يدعى كما في كلمات المحكم والسيد الشهيد الشمول، فلا تختص اخبار من بلغ بالخبر المتضمن بالثواب او المتضمن للرجحان بل تشمل حتّى الخبر الدال على الحرمة او الكراهة بلحاظ ان ما دل على الوجوب بالمطابقة دل على الثواب على الفعل بالالتزام وما دل على الحرمة بالمطابقة دل على الثواب على الترك بالالتزام وما دل على الكراهة دل على الثواب على الترك بالالتزام، فيصدق من بلغه من الثواب.

ول?ن ذكر عدة وجوه لمنع الشمول.

الأول ان ظاهر هذه الاخبار هو الطلب أي طلب العمل، فلا يشمل ما دل على الحرمة او الكراهة لان مفادهما الزجر وليس الطلب فهما خارج موضوعا.

واجيب عن ذلك كما في كلمات السيد الصدر:

اولا، بانه لا ظهور في الاخبار في خصوص الطلب، وانما ظاهرها مطلق التحضيض وهو اعم من الطلب او الزجر.

وثانيا: انما يتم هذا لو فسرنا النهي في الحرمة او الكراهة بالزجر اما اذا قلنا بمقال الكفاية ان النهي عبارة عن طلب الترك فحينئذٍ تكون مصداقا للطلب.

الوجه الثاني: ان يقال ظاهر قوله فعمله حيث قال من بلغه عن النبي من الثواب فعمله، او من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعنه ظاهره النظر الى الفعل فلا يشمل ما دل على مطلوبية الترك، فاجيب عن ذلك كما في كلمات المحكم والسيد لاشهيد ان مقتضى مناسبة الحكم للموضوع في هذه الاخبار ان المراد بفعمله فصنعه الاستجابة لا خصوص الاستجابة الفعلية

وانما المقصود من بلغه شيء فاستجاب له سواء كانت هذه الاستجابة فعلا او تركا ولذلك لو ورد عندنا خبر يدل بالمباشرة على رجحان الترك لشملته هذه الاخبار بلا كلام.

ولذلك بنى السيد الصدر على الشمول.

الوجه الثالث: ما اشير اليه في الرسائل وذكره في المحكم من ان بناءً على مسلك الحجية أي ان مفاد اخبار من بلغ هو حجية الخبر لو دل الخبر على الحرمة، فاما ان تثبت به الحرمة او لا يثبت به الا الثواب على الترك، فان قلتم يثبت به الحرمة فهذا خلاف ظاهر اخبار من بلغ فان ظاهرها حجية الخبر البالغ في اثبات الندب والرجحان لا في اثبات اصول الدين وفروعه، وانما غايته اثبات الندبية والرجحان لا اكثر من ذلك، وان قلتم بانه يثبت بالضعيف مجرد الثواب على الترك، فهذا يعني التفكيك بين المدلول المطابقي والالتزامي بان نقول المدلول المطابقي وهو الحرمة ليس حجة فيه، ولكن المدلول الالتزامي المتصيد وهو الثواب على الترك يكون الخبر متضمنا للرجحان الخبر حجة فيه

وهذا مستهجن

اجيب على ذلك ان هذه الاخبار لا تدل على حجية البخر البالغ مطلقا وانما تدل على حجيته في دائرة خاصة وهي اثبات الثواب ليدل على الرجحان بالملازمة العرفية فمن الأول ليس مفاد اخبار من بلغ جعل الامارية والعلمية للخبر البالغ بل غايتها ان الخبر البالغ حجة في اثبات الثواب فيدل بالملازمة العرفية على الرجحان، وعليه فاي مانع من ان نلتزم بذلك.

ولكن هذا الجواب الذي ذكر في المحكم وغيره لم يعالج الاشكال، فان الاشكال ان التفكيك بين المدلول المطابقي والالتزامي مستهجن، فصاحب الاشكال لا ينكر ان الحجية ليس معناها الا اثبات الثواب ولكن يقول لو جاء الخبر متضمنا للثواب فقط او دالا على المطلوبية لالتزمنا بذلك اما اذا كان ما هو المقصود بالاصالة هو بيان الحرمة ومع ذلك نعزف عنه ونقول هو حجة في اثبات المدلول الالتزامي وهو الثواب على الترك، فهذا اكل من القفى.

اذا في النتيجة المدعى هو استهجان التفكيك.

الوجه الرابع: ما ذكره في المنتقى لمنع الشمول هو ان ظاهر اخبار من بلغ في قوله من بلغه من الثواب فعمله، ومن سمع شيئا من الثواب فصنعه ظاهره ان موضوع اخبار من بلغ العمل المأتي به بداعي الثواب، يعني العمل الذي يكون المحرك له عادة هو الثواب، ومن الواضح ان العمل الذي يكون داعيه الثواب هو العمل المستحب اما الواجب فالداعي المتشرعي والعرفي له الفرار من العقوبة على الترك، والمحرم الداعي لتركه هو الفرار من العقوبة على الفعل.

فاذا بما ان ظاهر اخبار من بلغ ان الموضوع ما كان الداعي والمركب له الثواب، فلا شمول له لما كان الداعي هو الفرار من العقاب، وهذا الكلام متين.

الوجه الخامس: ان يقال كما في المنتقى ايضا انه لا شمول في اخبر من بلغ للخبر الدال على الحرمة، والوجه في ذلك اما بمعنى الزجر او طلب الترك فان كانت الحرمة بمعنى الزجر فمن الواضح ان الزجر لا يدل التزاما على ترتب الثواب على الترك فان غاية ما يدل عليه الزجر هو تجنب مغبة الفعل ومفسدته، فليس مدلوله الالتزامي الا ان تتخلص من مفسدة الفعل ووسخيته وليس مدلوله الالتزامي ان الترك ذو ثواب.

وان كان المراد بالحرمة طلب الترك كما هو مختاره تبعا للكفاية، فان طلب الترك في موارد المحرمات لا يدل على رجحان الترك وحصول الثواب عليه فغاية ما يدل عليه طلب الترك في المحرمات هو التحرز عن مفسدة الفعل، فعندما يقول اترك شرب الخمر، يعني تحرزا عن مفسدة الفعل لا لان الترك راجح وذو ثواب فان هذا ليس مدلولا التزاميا البتة لطلب الترك في باب المحرمات،

نعم طلب الترك في غير المحرمات فلو قال اترك كذا وكذا فربما يقال ظاهره رجحان الترك اما طلب الترك في سياق التحريم فمدلوله التحرز عن مفسدة الفعل.

الدرس 18
الدرس 20