نص الشريط
الدرس 20
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 16/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 20
مرات العرض: 2767
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (451)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق أنه اذا ورد خبران أحدما يدل على الاستحباب والآخر يدل على الكراهة، فهنا افاد السيد الخوئي انه تارة يكونان توصليين واخرى تعبديين، او على الاقل احدهما تعبدي، فاذا كانا توصليين فلا تشملهما اخبار من بلغ والسر في ذلك يبتني على مقدمتين:

الاولى: ان التزاحم لا يتصور في التضاد الدائمي، وانما يتصور في التضاد الاتفاقي وهذا من قواعد باب التزاحم.

والسر في ذلك انه اذا كانت المضادة بين العملين امرا اتفاقيا كالمضادة بين ازالة النجاسة عن المسجد وبين الصلاة في ضيق الوقت هنا حيث ان المكلف يستطيع تركهما معا أو لاشتغال بالنوم مثلاً فلا محال تكون المضادة بينهما امرا اتفاقيا، ولأجل هذه المضادة يقع التزاحم والسر فيه ان التزاحم هو عبارة عن اضطرار المكلف للاتيان باحدهما وترك الآخر لا لذاتهما بل لأجل الامر، ف انما يصدق التزاحم بين العملين اذا كان المكلف في حد نفسه ليس مضطرا لفعل احدهما وترك الآخر اذ يمكنه ترك كليهما وانما اضطر لاحدهما وترك الآخر لأجل مخاطبته بامرين كفعل الصلاة وترك الازالة.

فهو مضطر لترك احدهما وفعل الآخر لأجل الامر بكليهما، والا لو خلي ونفسه لترك كليهما، واما اذا افترضنا ان المضادة بينهما دائمية بمعنى انهما من الضدين الذين لا ثالث لهما، فحينئذٍ المكلف مضطر لفعل احدهما وترك الآخر وجد الامر ام لا، فالذي يوقعه في فعل احدهما وترك الآخر ليس هو الامر بل طبيعة العملين فاذا افترضنا بين الحركة والسكون المكلف لا يخلو اما متحرك او ساكن فاضطراره لاحدهما وترك الآخر لا بواسطة الامرين بل لذات العملين.

فهنا لما تكون المضادة بينهما من الضدين الذين لا 3 لهما يخرج عن باب التزاحم، ويكون من باب التعارض فلو ورد عليه دليلان ترحك واسكن لكانا متعارضين.

المقدمة ال 2: انه اذا كان لدينا مستحب ومكروه توصليان، كأن يقول احدهما النذر مستحب والآخر يقول النذر مكروه، وفحينئذٍ اذا اجتمع هذان استحباب وكراهة للفعل اذا اجتمع هذان الامران لم تشملهما اخبار من بلغ.

والوجه في ذلك نكتتان في كلامه:

الاولى ان ما يرغب نحو الفعل وما يزجر عنه او ما يرغب نحو الفعل وما يرغب نحو الترك متكاذبان في حد انفسهما عرفا، اذ يراهما العرف نظير صل ولا تصل كذلك لو قال انذر ولا تنذر فان العرف يراهما متكاذبين ومع تكاذبهما في انفسهما نتيجة المضادة الدائمية في انفسهما فلا تشملهما اخبار من بلغ.

النكتة الاخرى قال بان المحركية نحو الفعل والترك معا لغو، اذ الغرض من المحركية ان يحدث العبد ما لم يحدث لولا المحركية فالغرض من محركية الامر ان يحدث شيئا لم يكن محدثا له لولا الامر، والغرض من زاجرية النهي نحو الترك ان يترك ما لو لا النهي لم يتركه فاذا كان الغرض من المحركيتين ان يحدث ما لم يحدثه لولاهما فيلغو جعل المحركيتين مع اضطرار المكلف تكوينيا لاحدهما فالمكلف تكوينا لا يخلو اما فاعل او تارك فاذا كان تكوينا كذلك فجعل المحركية لكليهما لغو، لان احدى المحركيتين لا اثر لها، لان الملف بطبعه اما فاعل او تارك، فاذا كان جعل المحركيتين معا لغوا اذا لا تشملهما اخبار من بلغ، لانهما مفي انفسهما مبتلاة بمحذور في رتبة سابقة على اخبار من بلغ.

فالسر في عدم شمول اخبار من بلغ لما دل على الاستحباب والكراهة ابتلاؤهما بمحذور في رتبة سابقة وهو اما التكاذب او اللغوية.

هذا اذا كانا توصليين، وان كانا تعبديين او احدهما كذلك، كما لو قال يستحب صوم عاشوراء هذا تعبدي وقال يكره صوم عاشوراء وهذا توصلي، فحينئذٍ في مثل هذا المورد ميزان التزاحم موجود لان هناك شقا 3 اذ ما دام المنهي عنه هو فعل توصلي، والمأمور به ليس فعلا توصلياً بل تعبدي فيستطيع تركهما معا بمعنى يستطيع ان لا يصوم عاشوراء ويأتي بالترك التعبدي لصوم عاشوراء فاذا اتى بالترك التعبدي لصوم عاشوراء فهو لم يمتثل الامر ولم يخالف النهي فما دام يمكنه شق 3 فيما اذا كان احدهما تعبدياً على الاقل اذا فله مندوحة والذي يوقعه في احدهما هو وجود الامر والنهي وهنا ليس كذلك.

وعليه لو كان المستحب تعبدياً والمكروه تعبدياً او توصلياً دخل في باب التزاحم على الخلاف في جريان التزاحم في المستحبات.

هذا ما افاده السيد الخوئي في مصباح الاصول.

اورد عليه السيد الشهيد عدة ايرادات.

الاول قال لو سلمنا مع السيد الخوئي انه لا لغوية في جعل المحركيتين، ولا تكاذب بين الجعلين، أي لو تخلصنا من كلا المحذورين الذين ذكرهما وافاد انهما مانع من شمول اخبار من بلغ لو تخلصنا من هذين المحذورين فظاهر كلامه تشملهما اخبار من بلغ، أي المانع لشمول اخبار من بلغ لما دل على الاستحباب والكراهة، هو هذان المحذوران التكاذب واللغوية ومقتضى كلامه لو تخلصنا عنهما لشملتهما اخبار من بلغ.

نقول لا تشملهما حتى لو تخلصنا من هذين المحذورين، فان اخبار من بلغ لا تشمل ما دل على الاستحباب مع معارضته لما دل على الكراهة، وذكر لنظره نكتتين، الاولى: وهي ايضا تبتني على امرين:

الاول: ان ظاهر اخبار من بلغ بناءً على ان مفادها الاستحباب النفسي ظاهرها تكميل المحركية أي ان للخبر الضعيف الدال على الاستحباب مقدارا من المحركية فتاتي اخبار من بلغ لتتميم وتكميل محركيتيه فظاهرها تكميل المحركية التي افترضت موجودة في الخبر الضعيف.

الامر الثاني بما ان مفاد اخبار من بلغ تتميم المحركية اذا لابد ان نفترض ان هناك محركية في رتبة سابقة، فلابد ان نفترض للخبر البالغ في الاستحباب محركية في نفسه غاية ما في الباب لما كانت ناقصة اما لضعف الخبر او عدم القطع به جاءت اخبار من بلغ وتممت محركيته، وهذا لا يشمل الخبر الدال على الاستحباب المعارض لما دل على الكراهة اذ لا محركية نحو الفعل مع معاكسته بمحركية نحو الترك،

اذا فالخبر الدال على الاستحباب في رتبة سابقة ليست له محركية لمعاكسته للمحركية الاخرى او بالزجر فاذا لم يكن له محركية خرج موضوعا عن مفاد اخبار من بلغ، فاساسا اخبار من بلغ لا تدل على الاستحباب والكراهة حتّى لو خلصنا من المحذورين.

الثانية ان ظاهر التفريع في قوله من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله، من الثواب فعمله، ظاهر التفريع ان موضوع اخبار من بلغ العمل الماتي به بداعي بلوغ الثواب فاذا كان ظاهر اخبار من بلغ بمقتضى التفريع العمل الماتي به بداعي بلوغ الثواب فلابد ان نفترض ان داعي بلوغ الثواب محرك، أي لابد ان نفترض ان بلوغ الثواب في نفسه كاف في الداعوية وواجد لها حتّى يدخل تحت مصداق قوله فعمله، واذا كان الخبر البالغ الدال على الاستحباب مصادما بما دل على الكراهة لم يكن واجدا للداعوية في نفسه فاذا لم يكن واجدا للداعوية خرج المورد عن كونه مصداقا لقوله بلغه فعمله، فهنا حتّى لو بلغه لم يعمله لوجود ما يعاكسه في المحركية.

فتلخص من ذلك ان السيد الشهيد يقول لو سلمنا وقلنا بان ما دل على الاستحباب والكراهة لا محذور فيهما مع ذلك اخبار من بلغ لا تشملهما، لأجل فقدان الخبر الدال على الاستحباب المعارض بما دل على الكراهة للداعوية.

ولكن ما افاده من الايراد محل تأمل، والوجه في ذلك اننا اما ان نقول مسبقا ان اخبار من بلغ لا تشمل الا الاخبار الدالة على الاستحباب كما حررناه في تنبيه سابق، حينئذٍ محركية الخبر الدال على الاستحباب محفوظة لان المفروض ان ذاك الخبر الدال على الكراهة في نفسه خارج عن اخبار من بلغ فهو من اساسه خارج فلا معنى لان نبحث تشملهما ام لا، اذ بعد الفراغ في تنبيه سابق ان هذه الاخبار لا تشمل الا المستحبات أي ان لسانها منصرف من الاساس الى الاخبار الدالة على الاستحباب، ففيها انصراف لما دل على الكراهة، وعليه الخبر الدال على الاستحباب واجد للمحركية للداعوية وتشمله اخبار من بلغ بلا معارض، وهذا ما ذكره السيد الخوئي في اول كلامه.

واما اذا قلنا ان اخبار من بلغ في نفسها تشمل ما دل على الاستحباب وتشمل ما دل على الكراهة، فهذا خلف كلام السيد الخوئي فلكي يكون هذا اشكالا على كلامه لابد ان يكون في كلامه نفس والسيد الخوئي يقول تارة ندعي ان اخبار من بلغ لا تشمل الا الخبر الدال على الاستحباب اذا فالخبر الدال على الاستحباب بلا معارض،

ثم اتى بشق اخر وهي ان اخبار من بلغ لو قلنا انها تشمل ما دل على الاتسحباب والكراهة، فبناءً على الشمول يأتي هذا التفصيل بين التوصلي والتعبدي.

فكيف يشكل عليه بانه لا تشمل، والحال انه يفترض انها تشمل.

فمحذور اللغوية والتكاذب بعد المفروغية عن الشمول هذا خروج عن محل البحث.

اذا بالنتيجة الاشكال الفني على هذا الايراد بانه وضع في موضع فرغ السيد الخوئي عنه في كلامه.

ثانيا: الخبر الدال على الاستحباب المعارض بما دل على الكراهة هل فقد المقتضي للمحركية او انه وجد المانع فاذاىكان السيد الشهيد يقول فقد المقتضي للمحركية كلامه تام ولكن هذا ليس صحيحا اذ مجرد معارضة خبر يدل على استحباب فعل بخبر يدل على الكراهة لا يدل على فقان الاول للمقتضي وانما هو اجد للمانع، واما اذا قلنا بان المنتفي المحركية الفعلية لأجل وجدان المانع لا لانفتاء المحركية الاقتضائيو اذا هو قابل للتميم والتكميل اذ ما دام واجدا للمحركية الاقتضائية فهو قابل لتكميل محركيته ببركة اخبار من بلغ وقابل للداعوية نحو العمل، فكلا النكتتين الذين ذكرهما السيد الخوئي غير تامتين.

اذا نحتاج الى نكتة اخرى غير هذه النكاة لمنع شمول اخبار من بلغ للخبر الدال على الاستحباب المعارض بما دل على الكراهة وتلك النكتة اما اللغوي التي ذكرها السيد الخوئي او التكاذب.

الدرس 19
الدرس 21