نص الشريط
الدرس 99
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 8/6/1435 هـ
مرات العرض: 2616

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق في بحث أنّ النية هل هي جزء أم شرط، أنّ سيدنا «قده» أجاب عن الاشكال على الشرطية بأنّ الارادة اختيارية، وعلى فرض عدم اختياريتها فإنّ التقيد بها اختياري وهذا كاف في صحة كونها شرطاً.

والمقرر أشكل عليه بمنافاة كلامه لما ذكره «قده» بنفسه في اللباس المشكوك، يعني في الجزء الثاني عشر من الموسوعة صفحة 216، حيث أفاد هناك بأنّ الفرق بين الجزء والشرط أنّ الجزء لما كان هو عين المركب؛ إذ لا فرق بين المركب والاجزاء إلّا بالاعتبار، فحيث إنّ الجزء عين المركب كان الجزء داخلا تحت الأمر قيدا وتقيّداً، ومقتضى دخوله تحت الأمر قيدا وتقيّدا أنّه لابد أن يكون الجزء اختيارياً، مثلاً: بما أنّ الركوع جزء من الصلاة، فمقتضى كون الركوع جزءا من الصلاة أن يكون تحت الأمر قيدا وتقيّداً، أي نفس الركوع تحت الأمر وقيود الركوع أيضا تحت الأمر، فهو داخل تحت الامر، قيدا وتقيدا، فإذا كان داخلاً تحت الأمر قيدا وتقيدا فلابد أن يكون أمرا اختياريا؛ إذ لا يعقل انبساط الامر على ما ليس اختياريا، هذا بالنسبة إلى الجزء.

وأمّا بالنسبة إلى الشرط كشرط الطهارة، كشرط الاستقبال، فهو وإن كان خارجا عن حريم المركب؛ لأنّه ليس من اجزاءه، فهو وإن كان خارجا عن حريم المركب قيدا؛ إذ الطهارة نفسها ليست من المركب؛ إلّا أنّه داخل في المركب تقيدا، بمعنى أنّ تقيّد الصلاة بالطهارة مطلوب، وأنّ تقيّد الصلاة بالوقت مطلوب فالتقيّد داخل في المركب وإن كان القيد خارجا عنه.

وهنا أفاد - الشاهد هنا حيث إن كلامه ينافي ما ذكره جزء 14 - فبما أنّ الشرط داخلٌ تحت الأمر تقيّداً فلابد أن يكون التقيّد أمرا اختياريا وإلّا لا يُعقل انبساط الأمر عليه، وإذا كان التقيّد اختياريا لابد أن يكون القيد أيضا اختياريا.

والسرّ في هذه الملازمة؛ أنّه إذا لم يكن القيد اختياريا فلا ينبسط عليه الأمر، وإذا لم ينبسط عليه الأمر فلابد أن يؤخذ مفروض الوجود في رتبة سابقة، على الأمر، بأن يقول المولى «إن حصل وقت الصلاة فصلِّ» إذ ما دام الزوال نفسه غير اختياري فلا يعقل دخوله تحت الأمر فلا محالة مقتضى استحالة دخوله تحت الأمر أن يأخذه المولى مفروض الوجود في رتبة سابقة على الأمر، وإذا اخذه المولى مفروض الوجود في رتبة سابقة على الأمر صار من قيود الوجوب لا من قيود الواجب وهو خُلف الفرض.

إذاً لا يُعقل الجمع - بنظر السيّد الخوئي - بين أن يكون التقيّد مطلوبا لكونه اختياريا وبين كون القيد خارج عن الطلب لكونه غير اختياري، فإنّ مقتضى كون التقيد مطلوبا أنّه اختياري، وإذا كان كذلك لابد أن يكون قيده أيضا داخلا تحت الطلب، أمّا إذا كان القيد ممّا لا يقبل الدخول تحت الطلب لكونه غير اختياري فلابد من اخذه مفروض الوجود في رتبة سابقة على الأمر، وهذا خُلف الفرض فلا يجتمع الأمران.

فمن هنا ذهب «قده» كما في هذا البحث إلى أنّ الشرط أيضاً يجب أن يكون اختياريا قيدا وتقيدا، ولا فرق بينه وبين الجزء من هذه الناحية، وإنّما الفرق بينه وبين الجزء في مسألة اجتماع الأمر والنهي فقط، حيث يُتصوّر الاجتماع بناء على الجزئية ولا يتصور الاجتماع بناء على الشرطية.

مثلا: إذا افترضنا أنّ نفس الماء المتوضأ به مغصوب، فإذا كان نفس الماء المتوضأ به مغصوبا كان غسل الوجه بهذا الماء الذي هو جزءٌ من الوضوء، كان نفس الغسل مجمعا للأمر والنهي، حيث إنّ غسل الوجه مأمور به لكونه وضوءا، وغسل الوجه منهيا عنه لكونه غصبا، ولذلك نتيجة اجتماع الأمر والنهي وتقديم النهي على الأمر أن يكون الوضوء فاسدا علم المكلف او جهل حسب مبنى السيّد الخوئي، وأمّا إذا افترضنا أنّ الإشكالية في الشرط لا في الجزء، يعني ليس في غسل الوجه، كما لو افترضنا أنّ المكان مغصوب وليس الماء نفسه مغصوباً، وبمثال أوضح:

مسألة الستر في الصلاة، أو الستر في الطواف، يقال: بأنّ ستر العورة ليس جزءاً من الطواف ولا جزءاً من الصلاة، وإنما هو شرط، فلو كان الساتر مغصوبا فلا يلزم اجتماع الأمر والنهي؛ لأنّ متعلّق الأمر ليس هو الستر وإنّما متعلّق الأمر تقيّد الصلاة أو الطواف بالستر، فما هو متعلّق الأمر هو التقيّد، وما هو متعلّق النهي هو القيد، فلم يجتمع الأمر والنهي في متعلّق؟؟؟؟

إذاً على مبنى السيّد الخوئي لا فرق بين الجزء والشرط في أنّه يُعتبر أن يكون كل منهما اختياريا؛ لما بيّناه من مطلبه، لكن يوجد فرق بينهما في آثار آخرى، وهو أنّه في مسألة اجتماع الأمر والنهي لو كان مورد النهي جزءا لاجتمع الأمر والنهي، أما لو كان مورد النهي شرطا لم يجتمع الأمر والنهي، فإنّ محط النهي القيد، بينما محط الأمر التقيّد.

فهل هذا المبنى الذي ذهب له سيّدنا «قده» من أنّه يُعتبر في الشرط أن يكون اختياريا كما يُعتبر في الجزء أن يكون اختياريا هل هذا المبنى صحيح أم لا؟ فالمنافاة بينما ما ذكره في جزء 12 في اللباس المشكوك وبينما ما ذكره في المقام، مسلّم متنافيان؛ لأنّه في المقام ذكر أنّه لا يُعتبر في الشرط أن يكون اختياريا، يكفي أن يكون التقيد به اختياريا، بينما هناك في جزء 12 قال: لابد عقلاً أن يكون الشرط اختياريا كما في الجزء، المنافاة حاصلة، إنما الكلام أيهما الصحيح الموافق للصناعة، هو هذا محل البحث.

فهنا نذكر أمرين:

الأمر الأوّل: ما ذكرناه في بحث الواجب المشروط من أنّ المولى إذا التفت إلى عمل فإمّا أن لا يكون العمل موردا لملاكه أو يكون موردا لملاكه، أمّا الأول فهو خارج عن محل كلامنا.

وأمّا إذا كان الثاني: وهو ما إذا كان العمل موطنا للملاك، فإمّا أن يكون موطنا للملاك على نحو اللابشرط من دون دخل أي قيد في الملاك، كما لو كان طبيعي الصدقة موطنا للملاك، فمقتضى ذلك أن يكون الطبيعي على نحو اللابشرط مأمورا به، وإمّا أن يكون موطن الملاك المقيد وليس الطبيعي على نحو اللابشرط، فإذا كان موطن الملاك هو المقيد، فالقيد إمّا أن يكون اختياريا أو غير اختياري.

فإن كان القيد اختياريا، فتارة يكون دخل القيد في الملاك إذا كان القيد تحت الأمر فهو داخل في الملاك وِإلّا فلا، كما في الوضوء مثلاً، فإنّ الوضوء قيد في الصلاة، حيث إنّ المولى ليس موطن ملاكه الصلاة بما هي، بل الصلاة المقيدة في الوضوء، والوضوء داخل في الملاك إذا كان تحت الأمر، يعني الوضوء المأمور به داخلاً في الملاك، فمقتضى ذلك إذا كان هذا القيد داخلا في الملاك بما هو تحت الأمر فلابد أن ينبسط الأمر على المقيد وقيده، فيكون كلاهما مطلوبا، المقيد والقيد؛ لأنّ المفروض أن القيد مطلوب لدخله في الملاك، ونحو دخله في الملاك إنما هو إذا كان تحت الأمر، إذاً مقتضى ذلك أن ينبسط الأمر المقَيّد وعلى قيده.

وأمّا إذا قلنا بأنّ القيد داخل في الملاك لكن لا مطلقاً، مع انه قيد اختياري لكن ليس داخل في الملاك مطلقا، بل إنّما هو داخل في الملاك بوجوده الاتفاقي لا بوجوده تحت الأمر، نحو دخله في الملاك بهذا الاطار، إنّما يكون دخيلا في استفياء الملاك لو وُجد اتفاقا، لا ما إذا وُجد بامر، فإذا كان نحو دخله في الملاك لو وُجد اتفاقا لا ما إذا وُجد تحت الأمر، مقتضى ذلك أن لا ينسبط الأمر على المقيد والقيد، وإن كان القيد قيدا اختياريا، فالفرق بين هذا النحو - هنا نقطة النقاش مع السيّد الخوئي - والنحو السابق، هو أنّه في النحو السابق تتعلّق ارادة المولى بالمقيَد، بينما في النحو الثاني تتعلّق ارادة المولى بمفاد الجملة الشرطية، لا بالمقيد.

بيان ذلك: في النحو الأوّل، حيث إن القيد داخل في الملاك إذا كان تحت الأمر فلا محالة متعلّق ارادة المولى المقيد بما هو مقيد، والمقيد بما هو مقيد يقتضي انبساط الأمر على القيد نفسه، فلابد أن يكون القيد قيدا اختياريا، أمّا في النحو الثاني المولى يقول: هذا المتعلّق مورد لملاكي لو وُجد القيد اتفاقا، إذاً مطلوبي ليس المقيد بما هو مقيد وإلّا لطلبت القيد، بل مطلوبي مفاد الجملة الشرطية، ومفاد الجملة الشرطية هو الجزاء على فرض حصول الشرط، فالمولى مثلاً يريد أن يقول: إذا سافرت فتصدّق، أنا مرادي هكذا، اطلب منك الصدقة في فرض السفر، اطلب منك الصدقة في فرض السفر، يعني في فرض وجود السفر اتفاقا.

ولذلك ذهبنا في بحث مفهوم الشرط إلى إنكار المفهوم لنفس النكتة، فإنّه في بحث مفهوم الشرط، قلنا هل أنّ مفاد الجملة الشرطية الملازمة بين الجزاء والشرط، فإذا قال: «إن جاءك زيد فاكرمه» فإنّ مفادها الملازمة بين الأمر بالإكرام والمجي، إذاً مقتضى هذا المفاد إذا انتفى المجيء ينتفي الامر بالاكرام، وهذا عبارة عن مفهوم الشرط، إمّا إذا قلنا وفاقا للمحقق المدقق اعلى الله في الخلد مقامه، أنّ مفاد الجملة الشرطية الجزاء في حصول الشرط لا الملازمة بينهما، الجزاء في فرض حصول الشرط، فهذا لا يقتضي أنّه إذا انتفى الشرط ينتفي طبيعي الجزاء، فإذا قال المولى «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح» فهل معناه إذا لم يات نصر الله لا تسبح؟ فأنت ليس مأمورا بالتسبيح ولا بالاستغفار، هذا ممّا لا معنى له، المقصود من هذه الجملة الشرطية يعني أنّك مأمور بالتسبيح في هذا الفرض ولا ينافي أن يكون مأمورا بالتسبيح في فرض آخر، فليس مفاد الجملة الشرطية الملازمة وإنّما مفاد الجملة الشرطية الجزاء في فرض حصول الشرط، فلا ينعقد لها المفهوم.

وبالتالي في المقام أيضا نقول ذلك: القيد الملحوظ وإن كان قيدا اختياريا، وهذا القيد الملحوظ الذي هو قيد اختياري؛ لنفترض أنّه ليس دخيلا في الاتصاف بالملاك، كي يُشكل علينا بأنّ القيود الدخيلة في الاتصاف بالملاك تكون من قيود الوجوب لا من قيود الواجب، بل نقول: لا، هذا القيد الاختياري دخيل في استفياء الملاك لا في اصل الاتصاف بالملاك، فهو بحسب المقتضي من قيود الواجب لأنّه دخيل في الاستفياء لا في اصل الاتصاف، إلّا أن دخله في الاستفياء على نحوين، إذ تارة يكون دخيلا في الاستيفاء بما هو تحت الأمر، فلازم ذلك أن تتعلق الارادة بالمقيد بما هو مقيّد، وتارة يكون دخله في الاستيفاء على نحو الوجود الاتفاقي، فإذا كان دخله في استفياء الملاك على نحو الوجود الاتفاقي، فالمولى اراد المتعلق في فرضه، لا أنّه أراد المقيد بما هو مقيد؛ إذاً لازم القيد ياتي به، المولى يقول له اريد منك الصدقة في فرض السفر، إذا كان مراد المولى المقيد بما هو مقيد لابد أن يسافر، بينما المولى يقول أنا لا اريد المقيد بما هو مقيد، إذاً: هل تريد منّي الصدقة إن سافرت، بمعنى أنّ وجوب الصدقة معلّق على السفر، فيكون السفر من قيود الوجوب؟ يقول: لا، أنا لا اعلق وجوب الصدقة على السفر أنا اطلب منك الصدقة لكن أطلبها منك في هذا الفرض، اطلبها منك في فرض السفر.

فتلخص من ذلك: أنّ هل كل ما لا ينبسط عليه الأمر فهو من قيود الوجوب، هل هناك ملازمة، السيّد الخوئي هكذا يدعي الملازمة، كل ما لا ينبسط عليه الطلب قيد في الطلب، كل ما لا ينسبط عليه الأمر لابد أن يؤخذ في رتبة سابقة على الأمر، نقول: لا ملازمة ليس كل ما لا ينسبط عليه الأمر فلابد أن يؤخذ في رتبة سابقة على الامر، قد لا ينبسط عليه الأمر لِأنّ الملاك لا يقتضي ذلك، نحو دخله في الملاك لا يقتضي انبساط الأمر عليه، لا أنّه يقتضي اخذه في رتبة سابقة على الأمر، فهذه مؤونة تحتاج إلى مصحح، ليس كل ما لا ينسبط عليه الأمر فهو مأخوذ في رتبة سابقة على الأمر كي يكون من قيود الوجوب، بل قد لا ينبسط عليه الأمر لأنّه دخله في الملاك لا يقتضي انبساط الأمر عليه، بلحاظ أنّ نحو دخله في الملاك من باب الوجود الاتفاقي، فهذا لا يستلزم أن يؤخذ في رتبة سابقة على الأمر.

هذا إذا كان القيد اختياريا، وأمّا إذا افترضنا أنّ القيد غير اختياري، مثل طلوع الفجر إلى بالنسبة إلى الصوم، مثل دخول الزوال بالنسبة إلى وجوب صلاة الظهر، واشباه ذلك من القيود الاختيارية، فالكلام الكلام.

وهو أنّه إذا كان القيد دخيلا في استفياء الملاك لا في اصل الاتصاف، بمعنى أنّ الصوم ذو ملاك على اية حال، غاية ما في الأمر طلوع الفجر دخيل في فعلية الملاك لا أنّه في اصل الاتصاف بالملاك، فلا موجب لأن يكون طلوع الفجر قيدا بالوجوب؛ لأنّه ليس دخيلا في اصل الاتصاف، وإنما هو دخيل في فعلية الملاك، فمقتضى ذلك أن لا يؤخذ قيدا في الوجوب، بل يؤخذ قيدا في الواجب، والمفروض أنّه قيد غير اختياري، لا ينبسط عليه الامر، إذاً فنقول: كون الأمر لا ينبسط عليه لأنه غير اختياري لا يعني أنّه أُخذ مفروض الوجود في رتبة سابقة على الأمر، فإنّ هذا يحتاج إلى مصحح ولا مصحح لذلك مع كون القيد دخيلا في الاستيفاء لا في اصل الاتصاف، فلا محالة هو قيد لا ينبسط عليه الأمر، ولكنه مع ذلك ليس قيدا في الوجوب، وإنما لم ينبسط عليه لكونه غير اختياري، ففي هذا الفرض المولى لم يُرد المقيد بما هو مقيد، وإنما اراد على نحو مفاد الجملة الشرطية، يعني أنا اريد منك الصوم في فرض طلوع الفجر، لا اريد منك الصوم بما هو مقيد بطلوع الفجر، بحيث يجب عليك أن تحقق القيد، انت لست قادرا على تحقق القيد، ولا أنّ مطلوبيتي للصوم معلّقة على طلوع الفجر، اريد الصوم ليس معلقا على طلوع الفجر، وإنما اريد الصوم في هذا الفرض على نحو القضية الحينية لا على نحو القضية المشروطة، هذا ما في ما يتعلق بالأمر الأول.

الأمر الثاني: - الذي يزيد المقام تأكيدا - من اوضح الشواهد الذي يُسلّم به السيد الخوئي على ان القيد غير الاختياري قد يكون قيدا في الواجب لا في الوجوب، الواجب المعلّق، فإن سيدنا «قده» يلتزم بامكانه بل بوقوعه، فوجوب الصوم من الليل، «فمن شهد منكم الشهر فليصمه» فوجوب صوم غد من الليل لكن الواجب مقيد بطلوع الفجر، مع أنّ طلوع الفجر قيد غير اختياري إلّا أنّه من قيود الواجب لا من قيود الوجوب، وهذا هو الفرق بين الواجب المشروط والواجب المعلّق، فإنه في الواجب المشروط اصل الوجوب معلّق على طلوع الفجر من باب الشرط المتأخر، أي وجوب الصوم عند رؤية الهلال مشروط بطلوع الفجر على نحو الشرط المتأخر، بينما على الواجب المعلّق وجوب الصوم عند رؤية الهلال فعلي تنجيزي وإن كان طلوع الفجر قيدا في الواجب، والثمرة تظهر في المقدمات المفوتة، فإنّه بناء على أنّ الوجوب فعلي قبل فعلية القيد غير الاختياري، يجب تهيئة المقدمات التي تكون دخيلة في صحة الصوم بخلافه على الواجب المشروط.

ولكنّ السيّد الصدر «قده» ذكر قيدين، وقال: لا يمكن أن يكون كل مورد من قبيل الواجب المعلّق إذا كان القيد غير اختياري إلّا بشرطين:

الشرط الأوّل: أن يكون القيد دخيلا في استفياء الملاك، وإلا لو كان القيد دخيلا في الاتصاف لا محالة سيكون من قيود الوجوب فلابد أن نفترضه دخيلا في الاستيفاء لا في الاتصاف، هذا واضح.

القيد الثاني: ان يكون مضمون التحقق مثل: «طلوع الفجر»، فتارة يكون القيد غير الاختياري مضمون التحقق مثل طلوع الفجر، وتارة يكون القيد غير الاختياري مشكوك التحقق مثل حصول الزلزلة مثلا، فإذا كان القيد مضمون التحقق وفي نفس الوقت هو دخيل في استيفاء الملاك لا في اصل الاتصاف يكون من قيود الواجب لا من قيود الوجوب، وتصير المسألة من باب الواجب المعلّق، لِمَ؟

السيّد الصدر يقول: إذا كان مضمون التحقق يكون تعليق الوجوب عليه لغوا، بأن يقول المولى يجب عليك الصوم إذا طلع عليك الفجر، فالفجر يطلع على أية حال، إذا كان القيد مضمون التحقق فلا معنى لتعليق الأمر عليه فإن التعليق يبقى ليس تعليقا مولويا لأن هذا تعليق عقلي اصلاً، لا معنى للتعليق المولوي حينئذ بل يكون التعليق المولوي لغوا، فإذا كان القيد على كل حال سيحصل فلا وجه لتعليق الوجوب عليه فهو من جهة دخيل في استيفاء الملاك، ومن جهة أخرى لا معنى لتعليق الوجوب عليه، فلا محالة يكون من قيود الواجب ويصير من باب الواجب المعلّق.

أمّا على إذا افترضنا أنّه مع دخله في الاستفياء لا في أصل الاتصاف إلّا أنّه ليس مضمون التحقق مثل حدوث الزلزلة، لا ندري أن الزلزلة تحدث أو لا تحدث، وإن كان حدوثها دخيلا في استيفاء الملاك، وليس في اصل الاتصاف، هنا يصح التعليق بأن يقول المولى إن حدثت الزلزلة فتصدق، أو إن حدثت الزلزلة فصلِّ، فحينئذ حيث يُعقل تعليق الوجوب عليه، هنا وافق السيّد الصدر السيّد الخوئي رجع إلى كلام استاذه في هذا الفرض، مع أنّ القيد دخيل في استيفاء الملاك لا في اصل الاتصاف، لكنه قال: بما أنّه قيد غير اختياري لا ينبسط الأمر عليه وفي نفس الوقت غير مضمون التحقق، يعني تعليّق الأمر عليه ليس مستبشعا ولا لغوا، فلا محالة لابد من أخذه مفروض الوجود في رتبة سابقة على الطلب فيكون من قيود الوجوب لا من قيود الواجب، ويخرج المورد عن الواجب المعلّق، فهل هذا الكلام صحيح أم لا؟

والحمد لله رب العالمين

الدرس 98
الدرس 100