نص الشريط
الدرس 25
المؤلف: سماحة السيد منير الخباز
التاريخ: 23/4/1435 هـ
تعريف: قاعدة التسامح في أدلة السنن 25
مرات العرض: 2725
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (465)
تشغيل:


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

ذكرنا فيما سبق ان السيد الشهيد قده اشكل على الامر الترتبي بالفعل العبادي، عند التزاحم بين الفعل والترك، كما لو وقع التزاحم بين صوم عاشوراء، وترك صومه فانه لا يمكن ان يقول المولى اترك صوم عاشوراء فان تركت الترك فصمه، فان ذلك لازمه طلب الحاصل وهو محال، ولكن يلاحظ على ما افاده المانع من الامر الترتبي في المقام احد وجوه 3:

الاول ان يقال بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام، فعندما يأمر المولى بترك صوم عاشوراء فان الامر بترك صوم عاشوراء مستلزم للنهي عن صوم عاشوراء فالامر بالترك يستلزم النهي عن ضده وضده الفعل فصوم عاشوراء منهي عنه، ولازم ذلك اجتماع الامر والنهي في صوم عاشوراء.

او فقل بعبارة السيد الشهيد في بحث اجتماع الامر والنهي ان لازم ذلك اجتماع المبغوضية الضمنية مع المحبوبية الاستقلالية، لأنّه اذا امر بترك صوم عاشوراء فقد نهى عن فعل صوم عاشوراء، فاصبح صوم عاشوراء مبغوضا لأجل النهي، وبما ان المولى يحب الصوم القربي لعاشوراء اذا فهناك محبوبية استقلالية تعلقت بالمقيد، وهو الصوم القربي، وهناك مبغوضية ضمنية تعلقت بذات الصوم، لا الصوم القربي فهل يمكن الاجتماع حيث ان السيد الصدر ذهب الى عدم امكان الاجتماع انه لا يمكن ان تنصب المحبوبية على المقيد مع مبغوضية احد جزئيه وهو ذات المقيد، وان لم تنصب مبغوضية على القيد.

والنتيجة انه المانع في المقام من الامر بالصوم القربي لعاشوراء اجتماع الامر والنهي فالصوم القربي مأمور به ومنهي عنه لان الامر بترك صوم عاشوراء يستلزم النهي عن ضده فيكون فعله منهيا عنه او فقل تجتمع المبغوضية الضمنية لذات الصوم، مع المحبوبية للمقيد وهو الصوم القربي وهذا ممتنع، فهذا هو الوجه الاول المانع من الصوم القربي لعاشوراء ويستفاد من كلامه في بحث اجتماع الامر والنهي.

الا ان هذا الوجه مدفوع اولا بعدم تسليم المبنى وهو ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده العام بلحاظ ان الامر والنهي فعلان اختياريان للمولى فاحد الفعلين لا يستلزم الآخر بالضرورة بحيث يكون المولى مضطرا لصدور الآخر منه، فما دام الامر والنهي فعلين اختياريين مختلفين، موضوعا، حيث ان موضوع الامر الفعل مثلاً وموضوع النهي ضده او بالعكس اذا مع اختلافهما موضوعا وكونهما جعلين اختيارين فدعوى التلازم التكويني العقلي غير معقولة.

وثانيا على فرض تسليم المبنى او كما ذكر السيد الشهيد في بحث النواهي انه نسلم بالمبنى على مستوى المبادي على مستوى الجعل، فصحيح ان جعل الامر لا يستلزم جعل النهي عن ضده، ولكن على مستوى المبادي الوجدان شاهد على ان من احب شيء بغض ضده العام، من احب الفعل بغض الترك، ومن احب الترك بغض الفعل.

على مستوى المبادي نسلم بهذه الملازمة وان لم تكن مسلمة بين الجعلين، مع هذا لا مانع من اجتماع الامر بالفعل مع النهي عن جزء منه هذا امر لا مانع من او فقل لا مانع محبوبية المقيد مع مبغوضية لاحد جزئيه وهو ذات الفعل مثلاً.

، والسر في ذلك ان هذه المبغوضية تبعية لا نفسيه فالمولى لو امرنا بترك صوم عاشوراء أي اذا حب منا ترك صوم عاشوراء فهو بغض الصوم لا في نفسه، وانما يبغض الصوم مقدمة لحصول الترك، فمبغوضية الفعل مبغوضية تبعية مقدمية نظير ما لو قلنا بالعكس.

مثلاً المولى لو احب منا صلاة الليل فهو يبغض تركها لكن ليس مبغوضية نفسيه بمعنى ان في الترك حزازة وانما تبعية يعني مقدمة لحصول الفعل وهو صلاة الليل فبما ان المبغوضية تبعية ومقدمية فلا مانع وجدانا من اجتماع المحبوبية والمبغوضية الضمنية اذا كانت مبغوضية تبعية، فالمولى يقول: احب الصوم القربي لعاشوراء وان كنت ابعض ذات الصوم لا لنفسه بل مقدمة وتبعا لمحبوبية ترك صوم عاشوراء فلا مانع من اجتماعهما وجدانا، والنتيجة ان هذا المانع من الامر الترتبي بصوم عاشوراء صوما قربيا غير تام.

المانع الآخر.

ما ذكره في المقام حيث قال ان الامر بالصوم القربي لعاشوراء على نحو الترتب طلب للحاصل، لان المولى يقول للعبد اترك صوم عاشوراء فان لم تمتثل امري هذا وهو الامر بالترك بان تركت الترك فصم عاشوراء صوما قربيا

فيقول السيد ان المكلف على فرض ترك الترك فهو فاعل فمن ترك ترك صوم عاشوراء فقد اتى بصومه، واذا اتى بصومه فكيف يؤمر بان يحدث الصوم قربيا والمفروض انه صائم فمن فرض فيه انه تارك للترك فهو صائم ومع افتراض انه صائم فلا وجه للامر بالصوم القربي فان هذا من قبيل طلب الحاصل.

ولكن يلاحظ على هذا الوجه ما يبتني على امور 3:

الاول: هل ان الفعل والترك هنا اختياريان، ام لا، صحيح ان العبد لا يخلو حاله اما فاعل او تارك، ولكن عدم خلوه من احدهما هل يعني انهما اضطراريان ام انهما ما زال اختياريين، الصحيح انهما اختياريان.

وان كان العبد مضطرار اما للترك او للفعل، الا انه يستطيع ان يتلبس بالترك دائما ويتلبس بالفعل دائما وهذا كاف لكل من الفعل وال ترك اختياريا في حد ذاته، فالصوم وتركه كلاهما اختياري له، وان كان مضطرارا خارجا لاحدهما، الا ان كل منهما فعل اختياري.

الامر الثاني ان المناط في صحة الامر بشيء كونه فعلا اختياريا فما دام كونه اختياريا هذا كاف في صحة الامر به، اذ لا امع من الامر به الا الالجاء واما ان كان مختارا في احداثه فهذا كاف في صحة الامر به.

الامر ال 2 بعد ان ان فرضنا ان المولى يمكنه توجيه بالصوم، باعتبار ان الصوم في حد ذاته اختياري فالاشكال الوارد انه اذا فرض انه صائم فكيف يقول له المولى ثم صوما قربيا وقد افترض انه صائم، نقول يكفي في صحة هذا الامر الترتبي ان العبد يمكنه ان يتخلف عن القيد وهو قيد القربية فما دام يمكن للعبد ان يأتي بالصوم لا اعن قربة وعن قربة، وعليه هذا كاف للامر بالصوم صوما قريبا

نقول بيانه حتّى عن العرف يصح ان يقال ان كانت سوف تقوم لزيد على كل حال اما من باب السخرية او الاحترام، بما انك ستقوم فقم تعظيما، فان هذا الامر صحيح لدى العرف مع انه فرضه قائما امره ان يحدث القيام تعظيما.

كذلك الامر في المقام، يقول المولى اترك صوم عاشوراء فان اخترت ان لا تترك فان بنيت على ان لا تترك وقلت انا على كل حال صائم، فليكون صومك بقصد القربة من اول اناته فما ادام ايقاع الصوم في اول اناته قربيا ممكنا فاذا لا مانع من تعلق الامر الترتبي به ولا يلزم طلب الحاصل، هذا هو المانع ال 2 الذي طرحه في المقام.

المانع ال 3 ما يستفاد من احد تقريره حيث ذكر فيه ان الامر بالصوم القربي على فرض ترك الترك هذا الامر لغو لا ثمرة له، فهو اما ان تارك او صائم، والجواب اتضح انه يكفي في دفع اللغوية صرفه عن الصوم غير القربي اذ ما دام يمكنه على فرض ترك الترك ان يصوم لا عن قربة وان يصوم عن قربية فيكفي في عدم لغوية الصوم القربي ان يصرفه عن الفرد الآخر وهو الصوم غير القربي.

فتحصل من كل ذلك ان لا مانع من الامر الترتبي من الصوم القربي على فرض ترك الترك فلا يرد الاشكال على السيد الخوئي وهو ان لا يتصور الترتب في المقام ولا يتصور التزاحم فتكون المسالة من باب التعارض.

المطلب الاخير من كلامه قال في اشكاله على السيد الخوئي انه لو فرضنا ان لا تزاحم في المستحبات كما هو مبنى السيد الخوئي بمعنى ان الخطابات الندبية كلها فعلية، وان قصرت القدرة عن الجمع بينها، مع ذلك لا يمكن فعلية الامر بالفعل، والامر بالترك، سلمنا ان جميع المستحبات فعلية ولكن لا يعقل يتوجه امرين امر بالفعل وامر بتركه، سواء كانا توصليين او تعبديين، او كانا مختلفين، لا لأجل ما افاد هو من انه يلغو جعل المحركية نحو الفعل والترك، فان ما افاده ناظر للتوصليين فقط وهو خص هذا الكلام بالتوصليين فقال لو قال الولى يستحب لك ازالة الحجر عن الطريق من اجل ان لا يعثر احد ويستحب لك ان تبقي الحجر في الطريق فالفعل والترك كلاهما مستحب، فهنا افاد السيد الخوئي هذا لغو لا يمكن التحريك نحو الفعل أو لترك في ان واحد مع اضطرار المكلف لترك احدهما.

يقول السيد الصدر باننا لا نبني على هذا الوجه لأننا نقول هناك علة تمنع من فعلية الخطاب بالفعل والترك سواء كانا توصليين او تعبديين، مختلفين، وتلك العلة انه اذا كان عندنا استحباب للفعل وعندنا كراهة للفعل، يعني يتسحب صوم عاشوراء ويكره فان المانع من اجتماعهما ان لازم ذلك اجتماع الامر والنهي في مركز واحد لو كان الخطابان عبارة عن الامر بالصوم والنهي عنه، الامر الاستحبابي بالصوم والنهي عنه، فمن الواضح دخول المسالة في باب التعارض لورود الامر والنهي على مركز واحد وهو الفعل.

ولو فرضنا ان هناك امرين امر بالفعل وامر بالترك لا انه امر بالفعل ونهي عن الفعل، لو فرضنا امر اخر لدينا امر بصوم عاشوراء وامر بتركه مع ذلك تدخل المسالة في باب التعارض.

والسر في ذلك انه وهو ميزان عام في مبنى العبادي والسر في ذلك انه لا يمكن التقرب للمولى الا اذا كانت له ميزة فاي فعل لم تكن له ميزة على الترك لا يمكن التقرب به الى المولى لان التقرب الى المولى معناه احداث القرب منه وانما يحصل القرب منه لو اتيت بشيء له ميزة حتّى يكون الاتيان به موجبا للقرب منه، اما ان كانا على حد سواء لا يعقل التقرب لا بالفعل والترك، واذا افترضنا ان صوم عاشوراء راجح وتركه راجح وكلاهما متساويان احتمالا ومحتملا حتّى لو كان كل منهما تعبدياً، مع ذلك لا يمكن الامر القربي لا بكل منهما ولا بالجامع بينهما، فلا يمكن الامر القربي لكل منهما اذ لا ميزة لها

ولا يمكن الامر بالجامع بينهما، بان يقول المولى انا امرك باحد الصوم والترك، وهذا غير ممكن لان الجامع حاصل بالضرورة، لان المكلف اما فاعل او تارك، فكيف يأمره امرا قربيا بالجامع وهو حاصل منه، اذا توجه الامر القربي للجامع باطل والامر القربي لكل منهما ترجيح بلا مرجح لانهما متساويان احتمالان ومحتملا فلا يصح للتقرب بهما.

الدرس 24
الدرس 26